بازار تطرف خطير في إسرائيل

بازار تطرف خطير في إسرائيل

د. هاني العقاد

[email protected]

ارتفعت وتيرة التصريحات المتطرفة في اسرائيل من قبل السياسيين اليمينين الاسرائيلية و اعضاء الكنيست اليمينيين الذين فازوا بمقاعد في الانتخابات , وكأن الساحة الاسرائيلية اليوم  تعيش بازار تصريحات متطرفة تستهدف الفلسطينيين و وجودهم و مستقبلهم السياسي على الارض الفلسطينية,  لم يبقي فيهم صاحب نظرية تهجير ولا نظرية استيطان ولا نظرية تهويد ولا نظرية تميز عنصري ولا نظرية قتل واعدام الا وادلى بدلوه اليوم بدأ من  راس اليمين المتطرف نتنياهو الذي اعلن انه على الفلسطينيين ان ينسوا ما يسمي بحل الدولتين ولا يمكن القبول بهذا الطريق لحل الصراع , هذا البازار من التطرف العنصري اصبح مقززا الى ابعد الحدود واعطي الفلسطينيين خلفية دموية عما هو قادم , و قد يعني هذا اكثر فقد يعني ان الإسرائيليين اليمينين على وشك عملية ترانسفير واسعة تهيئة ليس لفصل عنصري تام لانهم لا يؤمنوا بان الفلسطينيين يمكنهم البقاء في اراضيهم والعيش معهم سويا بل يؤمنوا بان على الفلسطينيين الرحيل الى عالم اخر .

نتنياهو كان قد افتتح هذا البازار الكبير طوال فترة الدعاية الانتخابية لحزبه اليميني ( الليكود) ولم يتوقف بل استمر الى يوم الانتخابات عندما لعب على عامل العنصرية واستخدم كافة عبارات الكراهية للعرب الفلسطينيين ليفوز بالانتخابات ويحول دون حصول  العربية الموحدة على المقاعد المتوقعة ,و بالفعل استطاع نتنياهو ان يستفز مشاعر اليهود ويستجلبهم الى  صناديق  الاقتراع تحت دعاية ان العرب الفلسطينيين يريدوا اسقاط كل الخيارات القومية اليهودية , و استمر هذا البازار حتى بعد فوز نتنياهو واصبح مؤكدا تكليفه بتشكيل ائتلاف حكومي , و في نشوة احتفاله بالفوز اكد على ان الرئيس ابو مازن سوف يدفع ثمن غالى لتدخله في الانتخابات الاسرائيلية لصالح هرتصوغ ليفني  ,وقال مكتب نتنياهو في بيان له ان على الفلسطينيين ان ينسوا اي حديث خلال المرحلة القادمة فيما يسمي بالدولة الفلسطينية حيث تمارس السلطة تحريض على الارض بحق الدولة العبرية و تحاول نزع شرعيتها في المحافل الدولية و محكمة الجنايات الدولية  , وعندما اعترضت واشنطن على هذا الحديث في اول اتصال بين اوباما و نتنياهو والطلب من نتنياهو توضيحات لهذا الامر , والا فإن اوباما اوضح ان واشنطن ستدرس الخيارات التي لديها فيما يتعلق بالصراع  بالمنطقة  , لم يؤثر هذا في توجه نتنياهو الذي اصر اكثر على  لاءاته الخبيثة لكنه حاول  ان يوهم الامريكان انه خفف منها عندما اعلن بانه يقبل  بإقامة دولة فلسطينية على اساس ثلاث شروط  لا يمكن لاحد من الفلسطينيين او غير الفلسطينيين ان يقبلها لأنها شروط تعجيزية  فقد طالب الفلسطينيين بالاعتراف بالدولة اليهودية وقطع السلطة الفلسطينية والقيادة الفلسطينية العلاقة تماما مع حركة حماس وكان حركة حماس جاءت من الكنغو وليست حركة فلسطينية , كل هذا يحدد لنا برنامج حكومة اليمين المتطرف القادمة والتي  لن تكون باي شكل من الاشكال حكومة سلام وامن واستقرارا بل ستكون حكومة استيطان و تهويد و تمييز عنصري على اساس ديني وقومي .

تتضح صورة التطرف الاسرائيلي يوما بعد يوم و خاصة في اول يوم لمشاورات رئيس اسرائيل رؤوفين ريفلين مع الاحزاب الاسرائيلية  و في اول مساعي نتنياهو لحشد تجمع يميني يوصي له بتشكيل ائتلاف حكومي يميني  ويتعدى الموقف المعادي للعرب مع هذا  كونه بازارا تطرف منها ما وصل الى حد تهديد الفلسطينيين بالقتل والابادة وما وصل الى حد ترحيل جماعي و اصبح شروط من شركاء نتنياهو ليشاركوه الحكومة فيأتي( نفتالى بينيت) زعيم حزب البيت اليهودي بوضع شرط هام امام نتنياهو يقوم على اساس التزام مكتوب من نتنياهو بمنع اقامة دولة فلسطينية وضم 60 % من اراضي الضفة الغربية لإسرائيل مقابل انضمامه الى الائتلاف الحكومي , و في المقابل يعلوا صوت النائب الصهيوني المتطرف (موشيه فيغلن) صاحب رؤية تقسيم المسجد الأقصى و فرض السيادة الاسرائيلية عليه  الى الطلب من نتنياهو اسكان اليهود مكان الفلسطينيين في قطاع غزة لحل مشكلة الاسكان اليهودي في اسرائيل وكان الإسرائيليين يناموا في الشوارع وفي بيوت من الصفيح وبيوت من البلاستك وليس امامهم الالاف من الوحدات السكنية فارغة بدون سكان بنيت فقط لوضع يد اسرائيل على الارض الفلسطينية بعد ان استولى عليها الجيش وسلمها لسلطة الاسكان الاستيطاني في اسلوب جديد للاستيلاء على اراضي الفلسطينيين .

عندما يتبارى الإسرائيليين في التطرف و ممارسة اساليبه بحق الفلسطينيين فان هذا ينذر العالم بضرورة مواجهة هذا الاسلوب الخطير  والموجة الخطيرة من التطرف التي تنطلق في اسرائيل على خلفية اختيار الشعب الإسرائيليين نتنياهو في الانتخابات الاخيرة  وبالتالي حصوله على الحصة الاكبر من مقاعد الكنيست, و ان تركت هذه الموجه تكبر في اسرائيل حتى تأخذ كل الآمال في طريقها  التي يتبناها العالم بتطبيق  حل الصراع بالطرق السلمية و على اساس حل الدولتين , و الا  هذه الموجة  ستدمر المنطقة باسرها  وتجلب تطرف مقابل وتحول المنطقة كلها الى كرة لهب كبيرة تحرق من يقف في وجهها , ومع هذا اصبح من غير المفهوم  توجهات الكتل المركزية لسادة السياسة بالعالم ومن يؤثروا بالقرار في المنطقة  الذين يلتزمون الصمت في الوقت الحالي ليروا ماهية الحكومة الاسرائيلية الجديدة ويروا السياسات الاسرائيلية القادمة وهذا ليس من العقلانية في شيء لان القطار لابد وان تحدد وجهته قبل الانطلاق ,فاذا انطلق القطار بحمولته  فانه يصعب ايقافه و وضع محددات لمسيرته  , قد يقول البعض ان اي تصريحات دولية مقابلة قد لا تأتي نفعا في الوقت الحالي ,و نحن نقول نعم لابد من فعل الان  لان الامر تعدي قضية التصريحات ,والفعل يجب ان يحدث لفرملة تطرف ساسة اسرائيل وفض بازار التطرف هناك  لقد اصبح واجبا افعال حقيقة تحدد مسبقا  و تضبط حالة الجنون اليميني الاسرائيلي  ليفهم نتنياهو و غيرة ان العالم لن يتعامل مع حكومة تمييز عنصري ولن يتعامل مع حكومة تطرف واستيطان ولن يتعامل مع حكومة ترانسفير , وهذا يعتبر بمثابة  الحدود  السليمة والمنطقية  للقطار الإسرائيلي  الذي يسير بالوقود الدولي .