خرافة تعويض يهود الدول العربية ! اللص حين يبتز

تتفنن إسرائيل ، وتأخذ راحتها كاملة في العربدة على العرب عدوانا مسلحا ، واستهزاء بدينهم وحضارتهم ، وابتزازا لأموالهم . وما كان لها أن تتفنن هذا التفنن ، وتأخذ راحتها كاملة في هذه العربدة لو لم يكن العرب على هذه الحالة من التناحر والتمزق والتحارب وتهافت كثيرين منهم على التقرب من إسرائيل والتنسيق معها ضد بقية أشقائهم عربا ومسلمين . وفوق الحالة العربية المهترئة المزرية المسعفة لإسرائيل ؛ يأتي الإسناد الأميركي والأوروبي الهائل لها في ما تريد وتفعل . وانفجر الحديث وسيل الآراء منذ أيام حول قضية ما يسمى تعويض أملاك يهود الدول العربية الذين هاجروا إلى إسرائيل . ونشطت هذه القضية منذ أن سنت الكنيست في 2010 قانونا يلزم الحكومة الإسرائيلية بجعلها جزءا من محادثات السلام مع الدول العربية في موازنة مضادة لقضية اللاجئين الفلسطينيين وما قد يتصل بها من تعويضات . وأبعد من هذا نقول إن قرار مجلس الأمن 242 في نوفمبر 1967 والخاص بإزالة آثار عدوان 5 يونيو في ذات العام على مصر وسوريا والأردن ؛ احتوى بصيغة مبهمة مفتوحة للجدل على قضية تعويض يهود الدول العربية حين نص على حل مشكل اللاجئين من جميع جوانبها دون تحديد هوية هؤلاء اللاجئين ، وتوهم الفلسطينيون والعرب أن " اللاجئين " تخص تحديدا اللاجئين الفلسطينيين ، وأن " من جميع جوانبها " بشارة عدل وإنصاف لهم . ولم يكن ذلك إلا توهما فلسطينيا وعربيا ، فالإبهام مقصود لتشمل الكلمة يهود الدول العربية التي تزعم إسرائيل أنهم طردوا من هذه الدول ، ووقع الاستيلاء على أملاكهم ؛ منكرة في سوء نية أنها قبل قيامها وبعده كانت العامل الأكبر والأوحد في هجرتهم إليها ترغيبا وترهيبا . ومن خصائص إسرائيل السلوكية أنها تعد للمستقبل القريب والبعيد خطط ما تريده فيهما من أهداف ، وتخرج كل خطة في الحين الملائم لتنفيذها بنجاح . ورأت في السنوات الأخيرة أن الحين يلائم إخراج هذه القضية لوضعها على طاولة المحادثات والابتزازات مع الفلسطينيين والعرب . والقضية خطيرة بحق ، ومن جوانب خطورتها أنها (إسرائيل) لا ترى في استيلائها واستيلاء يهودها العرب على أملاك الفلسطينيين مقابلا كافيا يسكتها على ما تسميه أملاك هؤلاء اليهود . لماذا ؟ّ! لأنها لا تعد نفسها محتلة لفلسطين احتلالا استيطانيا مغتصبا . هي ترى فلسطين أرضا يهودية تاريخيا ، وكل الدول التي تعاقبت عليها كانت محتلة لهذه الأرض اليهودية ، وأن تحريرها واستقلال "الشعب اليهودي" فيها تحقق بقيامها في 1948 . إذن لا شيء للفلسطينيين وللعرب في ذمتها ، وإذن يهودها الذين قدموا إليها مطرودين من الدول العربية مثلما تزعم لهم الحق في التعويض عما خلفوا من أملاك قدرها مكتب حسابات دولي بتكليف منها ب 250 مليار ، وورد أن نصيب ، أو عبء تونس وليبيا منها 50 مليارا ، وأن ال200 مليار الباقية ستطلب من ثماني دول عربية بينها مصر ، ومن إيران . فعلا الحائط الواطىء يغوي بتسلقه وتجاوزه إل ما وراءه مهما كانت عصمته وحرمته . إسرائيل المعتدية المغتصبة تستوطىء الحائط العربي منتهزة التمزق العربي والانحطاط العربي في الشعور القومي الذي لم يعد يميز بين رعد الخطر وبريق البشارة ، ومنتهزة قوة المساندة الأميركية والأوروبية الهائلة التي ما عادت تحسب للعرب والمسلمين أصغر حساب . ومحظور أن نستهين بابتزاز إسرائيل الصفيق في هذه القضية ، وأقول ضابطا  لحدود ما أقول إنها ما كانت لتقدم عليها دراسة وإعدادا وطرحا لو لم تكن مطمئنة إلى نجاحها فيها أو في نسبة كبيرة منها . وفتحها الآن يؤكد ما أقول ، ويكفي أن نربط بين الإشارة المبهمة إليها في قرار 242 وبين فتحها  الآن إعلاميا تمهيدا لتحريكها عمليا ، أي بعد 53عاما . هذا الزمن الفسيح يدل على الجدية فيها ، ولو كانت إسرائيل تخشى مواجهتها بجبهة عربية موحدة  متصلبة ما نظرت فيها أصلا  . إنها تحسن طرق الحديد ساخنا ، وتعرف متى يسخن ويلين ، ويبدو أنها ترى حديد التعويضات المزعومة سخن ، فشرعت في طرقه . فكيف نواجهها فلسطينيا وعربيا  ؟! وعلى ما نحن فيه من سوء حال نرى ، تحريكا للقوى الهائلة الكامنة فينا ، أن نسارع إلى الهجوم المضاد ، وذلك وفق ما يلي :  

أولا : يميز الفلسطينيون بين حقهم القانوني في العودة إلى وطنهم بصفته حقا جماعيا وفرديا وبين حقهم في التعويض الكبير عن سرقة إسرائيل لثروات وطنهم منذ قيامها ، وتدميرها ل 400 قرية فلسطينية عامرة مزدهرة ، وقتلها لعشرات الآلاف منهم ، واعتقالها وتعذيبها لأكثر من مليون فلسطيني في سجونها منذ احتلالها للضفة وغزة ، وغريب مستنكر أن نسمع أن " جهة " فلسطينية اقترحت على أميركا تعويض الفلسطينيين ب 100 مليار دولار  للتنازل عن حق العودة إلى  وطنهم ! 

ثانيا : ترفض الدول العربية وإيران دفع أي قرش لأي يهودي هاجر منها ، بل تطالب ولو معنويا ونظريا بمعاقبتهم على مشاركتهم في العدوان عليها بعد أن هاجروا إلى فلسطين ، وعملوا في جيشها ومخابراتها وسجونها خائنين للأوطان التي آوتهم وأطعمتهم وسقتهم وحمتهم قرونا ، وعرفوا بالقسوة على الفلسطينيين ، وهنا يجب أن تتدبر هذه الدول كيفية مواجهة الضغط الأميركي الذي سيقف مع إسرائيل في قضية التعويض ، وإسرائيل وحدها لن تستطيع إجبار أي دولة عربية على دفع أي مبلغ لو رفضت بقوة وحزم .   

ثالثا  : الدول العربية التي اعتدت عليها إسرائيل كثيرا مثل مصر وسوريا ولبنان ؛ لها أن تطالب بتعويضات عما نهبته إسرائيل من ثروات أراضيها المحتلة ، ومن قتلته وجرحته من مواطنيها . ونقف عند مصر وسوريا . احتلت إسرائيل سيناء 15 عاما نهبت فيها الكثير من بترولها ومائها ، وقرأنا وكتبنا سابقا عما قرأناه أنها ما فتئت تسرق بترول سيناء وماءها ، كيف ؟! تحفر آبارا في الأرض الفلسطينية المتاخمة لسيناء ، وتتجه بها أفقيا في هيئة أنفاق إلى سيناء . ولمصر أن تطالب بتعويض عما نهبته إسرائيل من بترولها ومائها ، وهو نهب يحظره القانون الدولي على الدولة المحتلة لأرض دولة أخرى . واعتدت إسرائيل على مصر في 1956 وفي 1967 ، وقتلت وجرحت في العدوانين  عشرات الآلاف من المواطنين المصريين جنودا ومدنيين ، ولهؤلاء تعويض واجب . وتحتل إسرائيل 1200 كم من الجولان السوري منذ 1967 ، وتستغل ثروتها الزراعية والمائية ، وقتلت وجرحت آلافا من السوريين ، وما فتئت تعتدي على سوريا ، ولسوريا أن تطالبها بتعويض عما سرقت من ثروتها ومن قتلت وجرحت من مواطنيها . 

رابعا : تفعيل حملات توعية في العالم العربي والإسلامي تبين ما في قضية تعويض يهود الدول العربية والإسلامية ممثلة في إيران من كذب وابتزاز ، ويوضح هذا الابتزاز أن 5000 يهودي يعيشون الآن في إيران التي تحاربها إسرائيل في سوريا ولبنان وتحرض عليها أميركا وأوروبا وبعض العرب من أتباعها وأتباع أميركا . ومن مهمة الحملات بيان أن إسرائيل في هذه القضية تشبه اللص الذي يسطو على البيت ، ويطلب من أهله مكافأته على جريمة سطوه  . علينا أن نواجه إسرائيل في قضية النصب والابتزاز هذه بما يعزز كرامتنا وحقوقنا ، ونقول لها ساخرين واثقين من باطلها ومن عدالة موقفنا : " تريدين تعويضا لمن هجرتهم بنفسك ؟! نريد منك تعويضات أكثر مما تريدين منا ، وتعويضاتك باطلة مختلقة ، وتعويضاتنا حقيقية بالدماء والأرقام ، والتعويض الأكبر والنهائي هو محوك من خريطة المنطقة العربية الإسلامية " . 

   خامسا : تنبيه الذين طبعوا أخيرا مع إسرائيل مثل الإمارات والبحرين ، ومن تضغط عليهم أميركا أو يتحمسون ذاتيا للتطبيع بإغراءات وهمية مزيفة ؛إلى أنهم ماضون  عبر هذا التطبيع إلى كل صنوف المصائب التي لا تخطر لهم الآن في بال ، وأنهم سيندمون على تطبيعهم حين يصعب التراجع عنه ، وأن صالحهم وصالح وطنهم أن يستجيبوا لضمير شعبهم الرافض بقوة ووعي لهذا التطبيع مع إسرائيل عدو العرب والمسلمين الذي كلما فاز بشيء منهم فاجأهم بطلب ما هو أخطر كأنه حق قدري له . أميركا وإسرائيل فاجأتا السودان ب 47 شرطا لتطبيعه مع إسرائيل ! بدل أن يشترط هو تشترطان هما . عار وبوار أن يخضع العرب والمسلمون لهذا الابتزاز من شراذم مهاجرين غاصبين ولو احتموا بأكبر دولة عرفها  التاريخ ، أميركا ، قوة مادية وهمجية أخلاقية ، فنحن نملك قوة مادية وأخلاقية عظمى هي قوة الإسلام الذي يجعل وفق نص قرآنه الكريم قرابة ملياري مسلم الآن إخوة " إنما المؤمنون إخوة " ، ولا ينقصنا سوى توحيد هذه القوة وتحريكها تحريكا فعالا منظما لحماية وجودنا وحقوقنا ومصيرنا بالانتصار على عواصف قوى الشر والعدوان التي يفجرها الغرب ورأس حربته الصغيرة إسرائيل والذين تقزموا  وخانوا من الأعراب ، وصدق   الله _ جل وعز_  إذ يقول : " وكان حقا علينا نصر المؤمنين ".