الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرد على الرئيس الفرنسي

الأمين العام للاتحاد

رد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على الرئيس الفرنسي ماكرون و“تهجماته” ضد الإسلام، قائلا إن الإسلام دين الرحمة ولا يمر بأي أزمات.

وجاء في بيان للاتحاد: “إن الإسلام دين الله الخالد، ودين الرحمة يزداد المقتنعون به كل يوم، فهو ليس في أزمة، وإنما الأزمة في الجهل بمبادئه وحقائقه والحقد عليه وعلى أمته فهي أزمة فهم وأزمة أخلاق، وهي مشكلة الازدواجية في المعايير، والإسلاموفوبيا، وفي حفنة ممن صنعهم المحتلون والمستعمرون يحكمون بلاد المسلمين”.

وأكد الاتحاد في بيان أصدره أن “مثل هذه التهجمات غير المبررة، والسماح بالاعتداء على مقدسات الإسلام وقرآنه العظيم ونبيه المبعوث رحمة للعالمين، تحت غطاء الحرية التي لا تستعمل إلا ضد الإسلام والمسلمين فقط… هي التي تصنع الإرهاب والعنصرية الدينية، وتحول دون التعايش السلمي القائم على احترام جميع الأديان وخصوصياتها”.

وتساءل الاتحاد عن “مصير الحرية في بلد النور، إذا كانت اللادينية تفرض على المسلمين، بأن يوقعوا على ميثاق العلمانية ويرغمون عليه!”.

واعتبر البيان أن “الانسجام لا يصنع بالقوة، والاندماج لا يتحقق بالإرغام، والتعايش لن يتكون بالإكراه والتهميش والتضييق على حريات الآخرين وحقوقهم، وإنما يتحقق بالعدالة والمساواة والحريات المسؤولة وتوفير المساواة للجميع دون أي تمييز على أساس العرق أو الدين”.

وتابع: “إن المسلمين -ما عدا حفنة صنعتها المخابرات الدولية والإقليمية- يؤمنون باحترام القوانين والالتزام بالعقود والعهود والمواثيق، وذلك من منطلق دينهم الذي يوجب عليهم ذلك فقال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) المائدة: 1، وقال تعالى (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ ۖ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا) الإسراء: 34، كما أن المسلمين يؤمنون بجميع المبادئ الإنسانية المشتركة وقواعد التعايش السلمي ما دامت تحترم حريات الجميع ، لأن دينهم هو دين الرحمة والعزة للجميع، وأن خطاباته موجهة إلى الإنسان فقال تعالى (أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات: 13”.

وفي الختام -يقول البيان- فإن “هذه الهجمات المتكررة على الإسلام، التي تؤذي مشاعر مليار و700 مليون مسلم، لا تتناسب إلا مع فكر القرون الوسطى الذي دفع بأوربا إلى حرب دينية صليبية (سماها السلطان صلاح الدين بحرب الفرنجة: وقال ليست حرب الصليب وإنما هي حرب اقتصادية واستغلالية، وسيدنا المسيح عليه السلام بريء منها، لأنه قائد التسامح والمحبة) حيث كانت النتيجة الدماء والخراب”.

ودعا الاتحاد إلى “التسامي فوق هذه النزاعات العنصرية.. ندعوكم إلى المبادئ المشتركة إلى التعايش السلمي، إلى الحريات للجميع، إلى الاندماج الإيجابي القائم على احترام خصوصية كل قوم ودين ولون فقال تعالى (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وبينكم…) آل عمران: 64، فالمشتركات أكثر، وإن ما هو محل خلاف يكون مناطاً للحوار البناء، وليس بالفرض والإرغام على التوقيع”.

وختم البيان قائلا إن “المسلمين يحسون بالظلم والقهر من الاحتلال القديم الذي كانت لفرنسا حصة الأسد منه، وما زالت جيوشها في أفريقيا تحرس نهب الثروات، وتدعم الأنظمة المستبدة الفاسدة، وهم يعانون اليوم من الهيمنة والغطرسة، ومحاربة الإسلام المعتدل المسالم”.

ودعا البيان “الجميع -من منطلق ديننا الذي هو دين السلام والأمن والأمان- إلى السعي الجاد لتحقيق السلام العادل، وتوفير الأمن والأمان للجميع بدل الحرب وإثارة الصراعات والنزعات والعنصريات التي هي زيت على نيران الفتنة والمشاكل والمصائب.. فقد دعا الإسلام الإنسانية إلى الدخول في هذا السلم الشامل، لأنه الأنفع والأصلح للجميع، وأن ما عداه اتباع لخطوات الشر والشياطين فقال تعالى موجهاً كلامه إلى جميع المؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) البقرة: 208 صدق الله العظيم”.

وختم البيان بتوقيع كل من أ.د علي القره داغي الأمين العام للاتحاد، وأ. د أحمد الريسوني رئيس الاتحاد.

والجمعة، قال علي محيي الدين القرة داغي، للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إن الإسلام “لا يتحمل وزر قيادات كرتونية مزيفة من صناعتكم”، مؤكدا أن “الدين الإسلامي لا يمر بأي أزمات”.

جاء ذلك في تغريدة عبر حسابه على “فيسبوك”، ردًا على تصريحات لماكرون زعم فيها أن “الدين الإسلامي يمر اليوم بأزمة في كل أنحاء العالم”.

ووجه القرة داغي حديثه لماكرون قائلا: “السيد الرئيس لا تقلق على ديننا فهو لم يعتمد في يوم من الأيام على دعم سلطة ولا رفع سيفا في وجه من عارضه ليفرض رايته”.

وأضاف أن “الإسلام حقائق وجودية خالدة تملك حلا للمشاكل المستعصية على السلطات (..) هو دين الله وليس نظام حكم يعتمد على مزاج الناخبين ولا تزييف الوعي (..) الإسلام هو الحضور المستمر للعقل والبرهان وحماية الإنسان”.

وتابع: “الإسلام حيث تكون الحرية تجده في خير، وحيث يكون الاضطهاد ينبت رغم أنف المستبدين”.

وأكمل: “لا يمر ديننا بأزمة ولن يمر فليس الإسلام صناعة بشرية كي نخاف الضمور والكساد، هو إسلام وكفى يتنفس رغم مكائد الآخرين، ورغم الإسلاموفوبيا (..) لسنا في خوف على ديننا ولا نحتاج يا سيادة الرئيس لمن يبصرنا بوجود أزمة”.

وأردف: “بل إننا نقول لك: المستقبل لدين الإسلام، ونحن في خوف على مستقبل المجتمعات التي تجعل من أديان الآخرين ومقدساتهم أهدافا مشروعة، نحن في خوف على مجتمعات من سلطات تدمن صناعة أعداء لها”.

وقال: “نحن نشفق على حاكم ما زال يعيش أزمة وشبح حروب دينية، يعيش في قرونها الوسطى ونحن في القرن الحادي والعشرين”.

وأوضح: “إذا (كان) هناك أزمة حقيقية فهي تعود لازدواجية معايير بعض الساسة الغرب، ونفيدكم علما أن من يقود زمام الحكم في العالم العربي والإسلامي في غالب الدول هم ممن أنتم صنعتموه أو كان انقلابيا باركتم بوصوله الحكم على جماجم الأبرياء”.

وواصل حديثه قائلا: “السيد الرئيس ماكرون: أنتم في أزمة، أزمة انتكاس أخلاقي وإنساني وسياسي ولا يتحمل الإسلام وزر قيادات كرتونية مزيفة صنعت الأزمات برعاية منكم”.

وسوم: العدد 897