التبرير الواهي لإشاعة الفاحشة في الشعب المغربي الواعي

مرة أخرى يطلع المدعو أحمد عصيد على المغاربة بمقال تحت عنوان : " حكومة في حالة شرود "، وهو كعادته في كل مقالاته يرمي دائما عصفوين بحجر ،عصفور الدعاية  لعلمانيته الافتراضية  في مجتمع مسلم  يلفظها ، وعصفور حملة انتخابية قبل الأوان ، وبين  رمي العصفورين صلة .

وفي هذا المقال يعرض عصيد بالشعب المغربي و بالحكومة معا ، أما الشعب فقد قال عنها ما يلي :

"معظم المغاربة لا يميزون في الفصل 490 بين المشكل الأخلاقي والجنائي، فهم متمسكون بالتجريم والعقوبة الجنائية، في موضوع لا يعدّ جريمة، ولا يكترثون بالجرائم الحقيقية كالرشوة والفساد والإرهاب وتعنيف النساء واغتصاب الأطفال، إنهم يتمسكون بالتقاليد في وضع غارق في الفساد العام، بينما يتناقضون في سلوكهم مع مواقفهم المعلنة، حيث عندما تسنح لأي واحد منهم أول فرصة لممارسة علاقة جنسية رضائية لا يُضيعها، بل يستغلها دون تفكير في العواقب التي ينص عليها القانون".

وأما الحكومة فقد قال عنها ما يلي :

"من جهة أخرى يكشف هذا النقاش حول موضوع الحريات الفردية عن وجود الحكومة والسلطة في حالة شرود، ففيما يطرح المجتمع بإلحاح وبشكل مستمر هذا الموضوع، عمدت الحكومة إلى استثنائه من التعديلات المرتقبة في المشروع المحال على البرلمان، وهذا في حدّ ذاته يعكس مقدار تخلف السياسات عن تحولات المجتمع المغربي"

ويتجاهل عصيد في مقاله إسلام المجتمع المغربي وكأنه مجتمع بلا ملة ولا دين، فيرجع تحريم هذا المجتمع لجريمة الزنا ،وهي كبيرة من الكبائر المحرمة شرعا إلى الفصل 490 من القانون المجرم لها والصادر سنة 1962، وكأن هذا القانون لم يكن مسبوقا بشرع الله عز وجل قبل 14 قرنا من الزمان، وهو يقول في هذا ما يلي :

"من جانب آخر لا ينتبه كثيرون إلى أن النصّ الذي يتحدثون عنه تمت صياغته سنة 1962، في مجتمع لم يعُد موجودا اليوم، فلا علاقة بين المغرب الراهن ومغرب بداية الاستقلال فيما يخص العلاقات الاجتماعية ومكانة المرأة ودورها. ولا يوجد قانون يمكن أن يصمُد لستين سنة أمام تطورات الواقع، إلا إذا كنت السلطة والمجتمع يعانيان من تأخر يجعلهما يعيدان إنتاج القيم القديمة وسط تحولات لا يمكن إيقافها"

إن الرجل يتحدث بلهجة الواثق مما يقول حين يصرح بأن المغرب البلد المسلم الذي  صمد لقرون فيما يخص تجريم جريمة الزنا لا يمكن أن يصمد لستين سنة ،والسبب هو رغبة عصيد وأمثاله  في تحويله من بلد مسلم إلى بلد علماني ، ولا ندري  من أين للعلمانية بهذه العصا السحرية لتحويله عما كان عليه لقرون في ظرف ستة عقود ؟

إن عصيد يعيش في عالمه العلماني الافتراضي الغريب عن الواقع ،ويقيس جميع المغاربة على نفسه وكأنه الإسوة والقدوة أوالنموذج، ذلك أنه ما دام يدافع عما يسميه العلاقة الرضائية ، وهو زنى بالمصطلح الشرعي ، فمن المفروض عنده أن كل المغاربة يجب أن يكونوا على شاكلته شأنه في ذلك شأن حكاية الذئب الذي قطع راعي غنم ذيله، فعاد إلى مجتمع الذئاب ينصحهم بقطع ذيولهم اتقاء شر الرعاة ، وهذا ما يعكسه قوله في مقاله :

"وعندما تقول له لماذا لا نغير القانون لحماية حريتك؟ يفضل التستر على نزواته، فينحاز للتقاليد والنزعة المحافظة، إنه لا يستطيع التخلي عن ممارسة العلاقات الجنسية الرضائية، لكنه في نفس الوقت لا يريد مواجهة نفسه بالحقيقة، وينطبق هذا على عموما على التيار المحافظ الذي ما فتئ يحرض ضد الحريات الفردية دون أن يتوقف أعضاؤه عن ممارسة حرياتهم، وعندما يقعون في فضيحة يلجئون إلى حيلة “الزواج العرفي” التي لم تعد تنطلي لا على السلطات ولا على المجتمع ،والنتيجة مجتمع مضطرب من الناحية القيمية، يراقب فيه الناس بعضهم بعضا عوض أن يعيشوا حياتهم بعفوية وبشكل مطابق لتطلعاتهم الحقيقية"

وصدق من قال : " إنما يحكي الذئب عن فعاله " .

إن عصيد يختزل إسلام المغاربة قيادة وشعبا في ما سماه تيارا محافظا دونما اعتبار لإمارة المؤمنين المشرفة على مجلس علمي أعلى و على مجالسه العلمية  المحلية التابعة له ، وهو أعلى هيئة دينية منصوص عليها في الدستور، وهي المسؤولة عن حراسة الملة والدين من كل ما يمس بقدسيتهما من قول أو فعل انسجاما مع دستور البلاد الذي يعتبر الإسلام دينا رسميا للمغرب .

فكيف يجرؤ عصيد وأمثاله من العلمانيين على  الدعوة إلى إباحة ما حرم الله عز وجل ، وفي جرأتهم هذه جرأة على مشاعر الشعب المغربي المسلم الذي لا يقبل ولا يرضى  المساس بها .

وللتذكير فقط إن عصيد  قد  خالف جميع المغاربة حين طالبوا بحكم الإعدام في مغتصب وقاتل صبي مدينة طنجة بوحشية  مع أنه في مقاله هذا يعتبر اغتصاب الأطفال جريمة لكنها في نظره لا تستحق حكم الاعدام حتى وهي مقترنة بجريمة قتل ، فأي منطق هذا الذي يتحدث به عصيد ؟ وكيف تكون الرشوة والفساد والإرهاب وتعنيف النساء جرائم كما جاء في مقاله  ولا يكون الزنى جريمة وهو فساد  قد أقر بأنه جريمة ؟ إن عصيد لا يلقي بالا لما يكتب وينشر من تناقض مثير للسخرية .

وسوم: العدد 915