أمور صدقنا فيها الكذابون

أمور عديدة لم يكذب بها الروس وبشار الأسد علينا، وهم كذابون دجالون ..

وأول قولي إن الروس اليوم بما فوّض إليهم من قوى الشر العالمي، وبما يملكون من أوراق هم أقوى اللاعبين المباشرين للواقع السوري، وقولي هذا ليس تصغيرا لأحد، ولا تقليلا من شأن أحد ؛بل هو الواقع الذي تشهد به كل الوقائع وتؤيده كل المسارات.

وأن يقول لي قائل على سبيل المراء لا الحقيقة، بل الشعب السوري الثائر بعزيمته، وهمته وتضحيته هو الأقوى!! أو أن يقول لي آخر : بل الله فوق الجميع هو القادر وهو القاهر فوق عباده أجمعين، فسأرفع كلامهما في سياقاته فوق رأسي، وأعود لسياقي، فأقول: إن المحتل الروسي اليوم على الساحة السورية، بما فُوّض إليه من شركائه المتشاكسين، ومما بين يديه من قوة خشنة وناعمة، ووسائل تأثير دولية وإقليمية هو الأقوى ..

ولقد كذب هذا المحتل الروسي علينا كثيرا، ودجّل كثيرا، واتهمنا كثيرا ، ورواغ وافترى علينا كثيرا ، ومع ذلك فقد صدرت عن قادته في هنيهات سكر وغفلة، بعض نجوم الصدق التي ينبغي علينا أن نهتدي بها ولا ننساها أبدا، والذين ينسونها أو يتناسونها هم جزء من مشكلتنا الحقيقة المعقدة، وهم واحدة من أخطر عقدها ..

وليفصح بوتين عن طبيعة حربه على وطننا وشعبنا،  وعن تبجحه في هذه الحرب - كما بوش الصغير يوم أعلن حربه لاستباحة العراق -  عمدوهو خريج المدرسة السوفيتية " الكافرة " بالله والأديان والمسيحية والإسلام ، عمد قبل الانطلاق إلى معركة تدمير سورية وتغيير هويتها وإبادة أهلها ، إلى " تعميد" حربه هذه ضد السوريين، فطلب الصلاة والبركة والتأييد من البطريرك "كيريل" بطريرك كنيسته الأرثوذكسية، ليقع الشعب السوري حقيقة بين فكي كماشة الأرثوذكس والكاثوليك معا، ومن أحب أن يتأكد فليراجع ..

عمد بوتين إلى بطريرك كنيسته ليعمد حربه، ويبارك عملية قتل السوريين، فمنحه البطريرك ما شاء وزاد عليه فعمّد كل طلقة وكل صاروخ روسي، وكل سلاح استراتيجي فتاك استخدم  ضد الرجال والنساء والأطفال" ضد المسلمين الملاعين " وهذا الوصف جزء من قصيدة أحفظها وأوافيكم بها في غير هذا السياق. والسوري الذي ينسى هذا أو يتناساه أو يدعو إلى تناسيه اليوم  " لا أم له إن كان ذاك ولا أب "

والحقيقة الثانية، التي صدق فيها الروس، والتي لا يجوز أن ننساها، ولا أن نتناساها، ولا أن نتسامح في نسيانها، والتي تعتبر المؤشر الضابط لكل تحركات الروس، في سورية، وفي المنطقة؛ فهي تصريح لافروف وزير الخارجية الروسي" لن نسمح لأهل السنة أن يحكموا سورية لأن في ذلك خطرا علينا على العالم " وفي تصريحه هذا صدق هذا الكذوب.. وما زال كل صغير وكبير يقع على الأرض السورية بإرادة الروس إنما يخدم هذا السياق. "وأنتم تبصرون" و...!! علينا أن نقرأ كل الأحداث التي يكون الروس طرفا فيها في سورية على ضوء هاتين الحقيقتين المشعتين والمضيأتين..

وصدق بشار الأسد الكذوب الآخر ...

صدق عندما تحدث عن المجتمع المتجانس، وعن التقتيل والتهجير، وأنه سيستمر في الحرب على كل إنسان حر، وعلى كل شبر في المحرر ...لم يكذب علينا في هذا؛ ولكن بعضنا يستمرئ الكذب ويحبه ويعجبه وباتوا يبنون تحليلاتهم على "جيب" أو "تجيب" كيان في الشمال ، ويجعلونه الساحة والميدان!!

واليوم الجمعة الفاتح من تشرين الأول القصف المدفعي على مدينة جسر الشغور وأنجمها في قراها  ...

وأستعير من الصنوبري:

حلب شمس ضحا .. أنجمها الزهر قراها.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 949