عندما يختلف الكبار

يذكر الدكتور القرضاوي في مذكراته أنه تلقى رسالة من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، خلاصتها: أن وزارة الإعلام طلبت رأيه في كتابي "الحلال والحرام في الإسلام"؛ لأن بعض الناشرين طلبوا من الوزارة ترخيص بنشر الكتاب، ولكن المشايخ في المملكة لهم تحفظات علي ثماني مسائل. وسرد الشيخ -رحمه الله- هذه المسائل الثماني، ثم يختم الشيخ ابن باز رسالته، فيقول: (إن كتبك لها وزنها وثقلها في العالم الإسلامي، وقبولها العام عند الناس، ولذا نتمنى لو تراجع هذه المسائل لتحظى بالقبول الإجماعي عند المسلمين)

فيرسل الدكتور القرضاوي رسالة للشيخ ابن باز، يقول لها فيها :(لو كان من حق الإنسان أن يدين الله بغير ما أداه إليه اجتهاده، ويتنازل عنه لخاطر من يحب، لكان سماحتكم أول من أتنازل له عن رأيي؛ لما أكن لكم من حب وإعزاز واحترام، ولكن جرت سنة الله في الناس أن يختلفوا، وأوسع الله لنا أن نختلف في فروع الدين، ما دام اختلافاً في إطار الأصول الشرعية، والقواعد المرعية، وقد اختلف الصحابة والتابعون والأئمة الكبار؛ فما ضرهم ذلك شيئاً؛ اختلفت آراؤهم، ولم تختلف قلوبهم، وصلّى بعضهم وراء بعض.

والمسائل التي ذكرتموها سماحتكم، منها ما كان الخلاف فيها قديماً، وسيظل الناس يختلفون فيها، ومحاولة رفع الخلاف في هذه القضايا غير ممكن، وقد بين العلماء أسباب الاختلاف وألفوا فيها كتباً، لعل من أشهرها كتاب شيخ الإسلام "رفع الملام عن الأئمة الأعلام"، ومن هذه المسائل ما لم يفهم موقفي فيها جيداً)

فأرسل الشيخ ابن باز للدكتور القرضاوي دعوة للحج في نفس العام، فلاقى الدكتور القرضاوي لما لبى الدعوة ترحيبا كبيرا وحفاوة بالغة من الشيخ ابن باز، يقول الدكتور القرضاوي : (والغريب أني لما زرت المملكة للحج وجدت الكتاب مطبوعا بموافقة الشيخ ابن باز)

وسوم: العدد 980