الرهان الخاسر للطوابيرالخامسة العلمانية في البلاد الإسلامية

مثل من يراهنون على العلمانية في البلاد الإسلامية كمثل من يجلب نبتة أو شجرة لاستنباتها في أرض لا تنبتها أصلا . ومشكلة العلمانية في بلاد الإسلام  تتمثل في تعارض شرعه مع قوانينها الوضعية  التي تراها ضرورة سيادتها وهيمنتها لتعطيل شرع الإسلام . ومع أن العلمانية ترفع نظريا شعار حرية التدين ، فإنها عمليا تصادر هذه الحرية بالنسبة للمتدينين المسلمين لأن تدينهم يتعارض مع قوانينها، ويكفي أن نذّكر بما هو معروف من موقف العلمانية في بعض بلاد الغرب  من حرية تدين الجاليات المسلمة المقيمة  بها كما هو الشأن بالنسبة لفرنسا على سبيل المثال لا الحصر وهي التي تصادر حرية تدين الجاليات المسلمة الموجودة بها من خلال  ممارسة أسلوبي المنع أو التضييق ، منع ممارسة النساء المسلمات حرية تدينهن بارتداء اللباس الشرعي المنصوص عليه في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وتضييق على حرية تدين المسلمين بنحر أضاحي العيد أو برفع الأذان أو بالصلاة في أماكن عمومية في ظروف استثنائية كظرف شهر رمضان الأبرك .

إن العلمانية في فرنسا  قد ذهبت أشواطا بعيدة في مصادرة حرية العبادة عند الجاليات المسلمة المقيمة بها حتى ابتدعت ما سمته إسلاما فرنسيا متدخلة في شأن بيوت الله عز وجل وفيما يمارس فيها من عبادات . وتنهج العلمانية الفرنسية ومثيلاتها في الغرب بشطريه الأوروبي والأمريكي وغيرهما أسلوب التذرع بما تسميه تطرفا دينيا يتولد عنه العنف والإرهاب ، وهي ذريعة بها تسن قوانين وضعية تروم تعطيل شرع الإسلام كما مثلنا لذلك بلباس المرأة المسلمة وبأضاحي عيد النحر ، وبصلاة التراويح في شهر رمضان الأبرك ، علما بأن العنف والإرهاب لا علاقة للإسلام بهما  بل هما من ردود الأفعال على سياسات غربية تعتمد ازدواجية المكيال في بعض القضايا وعلى رأسها القضية الفلسطينية حيث يحظى المحتل الصهيوني بدعم لا حدود له مقابل تجاهل حق الشعب الفلسطيني في استرجاع ما اغتصب من أرضه .

وإذا كانت البلاد الغربية تفرض على من يقيمون بها من جاليات التقيّد بقوانين علمانيتها وتلزمهم بها ، فإن البلاد الإسلامية لا تفرض شيئا من ذلك على الجاليات غير المسلمة المقيمة بها احتراما لحرية تدينهم أو اعتقادهم، وما تكفله لهم هذه الحرية من ممارسة طقوسهم التعبدية دون تضييق عليهم .

ومن المؤسف أن تفرخ طوابير خامسة من العلمانيين في البلاد الإسلامية لتنوب عن العلمانية الغربية في العمل على نشر قوانينها وإن تعارضت مع الشريعة الإسلامية وكانت على حساب حرية تدين المسلمين في عقر دارهم . وهذه الطوابير الخامسة المستأجرة تحظى بدعم العلمانية الغربية ، وتستفيد من تمويلها لتمارس تشويشها على  حرية تدين المسلمين فوق أرضهم وفي أوطانهم . ولا تتدخر هذه الطوابير السرطانية جهدا في النيل من الإسلام من خلال عدة واجهات ، فهي تحارب اللغة التي نزل بها القرآن الكريم  بخبث غير خاف ، وتحارب ما شرعه مما يتعلق بالأحوال الشخصية من ميراث ، ونكاح مقترحة بدائل علمانية  تسد مسدها من خلال تعطيل تقسيم الميراث تحت ذرائع واهية هي عدم عدالته ، وإباحة ما حرمه الشرع الإسلامي من ممارسات جنسية محرمة كالعلاقة الجنسية الرضائية والمثلية ، ومن جرائم مهددة للحياة البشرية كإجهاض الحمل المترتب عن العلاقات الجنسية المحرمة . ومن أجل تحقيق هذه الأهداف التي يراد بها تعطيل شرع الإسلام، تقوم الطوابير العلمانية المستأجرة عبر مختلف وسائل الإعلام وعلى رأسها وسائل التواصل الاجتماعي بحملات إعلامية مسعورة لتمرير كل فكرة ترمي إلى التجاسر على الإسلام، وعلى رموزه ، وعلى من لهم صلة به . ولقد أصبحت بعض المواقع الإعلامية لا يمر عليها يوم دون أن تعرض بضاعة علمانية فجّة مستهدفة بشكل مفضوح الإسلام وتعاليمه  ، وتتناوب على ذلك الطوابير المستأجرة من شتى الفئات والشرائح  طمعا في استدراج الأغرار من الناشئة ،واستمالتهم إلى التطبيع مع التجاسر على القيم الدينية الإسلامية مقابل الإقبال والتهافت على قيم العلمانية المنحلة والمتهتكة . ومع ما تبذله الطوابير العلمانية المستأجرة من جهود للنيل من الإسلام عقيدة وشريعة، فإن  مصيررهانها إلى فشل ذريع لسبب بسيط هو أن النبتة العلمانية الخبيثة لا يمكن أن تنمو في التربة الإسلامية الطاهرة .

ومعلوم أن الطوابير العلمانية المستأجرة في البلاد الإسلامية تعاني من الإحباط ، وهي ترى إقبال الناس الكبير فيها على التدين من خلال  كل مظاهره، فشهر الصيام على سبيل المثل هو نكسة كبيرة بالنسبة لهذه الطوابيرالمتعلمنة ، وكذلك الشأن بالنسبة لعيدي الفطر والأضحى ، وبالنسبة للجمع ، والصلوات الخمس أيضا ، ذلك أنه بقدر إقبال الناس في البلاد الإسلامية على هذه الأمور بقدر ما تتجرع تلك الطوابير الغصص ، وتزيد من وتيرة تسريع  مظاهر حقدها على الإسلام في غياب ما يحمي قدسيته في كثير من البلاد الإسلامية التي يغض فيها البصر على تنامي التيار العلماني ، وهو ما يشجع تلك الطوابير على التمادي في استهدافه مع أن ذلك لا يزيد المسلمين إلا تشبثا والتزاما به وشعارهم بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي يقول فيها :

 " ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل ، عزا يعز به الله الإسلام ، وذلا يذل به الله الكفر " .

وسوم: العدد 988