معضلة في التربية على المطلقات في الحياة السياسية

التحالفات والعلاقات السياسية تختلف عن الصداقات والعلاقات الأخوية.

حتى الذين كانوا يسهرون في بيت المختار، أو في أوضة العيلة، يعلمون هذا، يعلمون أن بعض الذين كانوا يتبادلون المجاملات هناك، كثيرا ما تكون مجاملاتهم مفخخة بمعان، تشفي ما في نفوسهم، وتصل إلى من يريدون..

علاقة: مع أو ضد..صعبة في السياسة.

وعشنا في جوار العديد من الدول على مدى أربعين عاما- آمنين مطمئنين مرحبا بنا، مسهلة ظروف إقامتنا، وعملنا ونشاطنا أيضا…

وكان حافظ الاسد ثم بشار الاسد يغدو ويروح وكانت العلاقات تبدو في أبهى حللها..

تحن حريصون على آخر شعرة تربطنا بأبعد صديق.

لسنا نحن الذين نقطع، وندعو الله أن يلهم الآخرين الحكمة فلا يقطعوا…

لنا خياراتنا، وللدول ضروراتها، وعلينا أن نتفهم هذا، وإن لم نتفهمه علينا أن نسلّم به، وعلينا أن نتمسك بمساحة الود ولو ضاقت فيمن يبذلها لنا..

لسنا في وضع من القوة أو من الترف يسمح لنا أن نطالب بحليف أو صديق على مقاسنا..

قال المتنبي:

 ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى

عدوا له ما من صداقته بدُ

نحن في المقام الذي نتحدث عنه لا نتحدث عن عدو ، وإنما نتحدث بعض صديق..

ويؤثر الشقيق نفسه على شقيقه في حياتنا اليومية!! وفي ضرورات العيش لا في مادة رفاهها.

وإذا كنت في كل الأمور معاتبا صديقك

لم تلق الذي لا تعاتبه

هذا كله في كفة وفي الكفة الأخرى إنما تقع مسئولية ما نحن فيه، من اضطراب، وضعضعة وحيرة وشعور بالخذلان والانكسار، على ظهور الذين تولوا أمر هذه الثورة، بكل عنفوانها وعُرامها؛ ثم حولونا جميعا إلى مدرسة أيتام، تتعلق بأعناق المحسنين إليها..

أيسر كلمة قد يقولها محسن إلى يتيم: "أنا ما خلفتك ونسيتك."

الكلمة التي شكلت لشخصي الضعيف رهابا في حياتي المدرسية، كانت خوفي من كلمة كان يقولها مدير المدرسة لبعض زملائي: أحضر ولي أمرك!!!! من الضروري أن يدرك اليتيم أبعاد يتمه. وترد عليً لسنا أيتاما، فأجيب: الله أكبر علينا أن نثبت ذلك فننشد

ما حك جلدك مثلُ ظفرك

فتولّ أنت جميع أمرك

أيها السوريون نصيحة حكيمكم الأول

وقلدوا أمركم لله دركم

رحب الذراع بأمر الحرب مطلعا

لا مترفا إن رخاء العيش ساعده

ولا إذا عض مكروه به خشعا

وبدلا من العتب على فلان وفلان ليكن لنا فلاننا الذي نريد…

لا أدافع عن غير هذه الثورة.

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 996