الشيخ الاودن

الشيخ الاودن – عليه رحمة الله – عالم من علماء الأزهر المجاهدين وأب لجيل كامل من المجاهدين المخلصين في الأربعينات والخمسينات سواء كانوا من المدنيين أو من العسكريين . 

كان بيته مقصدا لكبار الضباط الوطنيين أمثال البطل أحمد عبد العزيز قائد المتطوعين في حرب فلسطين سنة 1948 . . ومعروف الحضري الذي أنقذ قوات الفالوجا من حصار اليهود ورشاد مهنا ومصطفى راغب الذين اشتركوا في الإعداد والتنفيذ لثورة يوليو 1952 . . كما كان يتردد على الشيخ الاودن جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر و كمال الدين حسين وغيرهم 

وأدرك رجال الثور أن الشيخ الأودن لم يعد في صفهم وأنه مكمن الخطر عليهم لأنهم يعلمون أنه مركز إشعاع إسلامي لا يمكن إخماده أو شراؤه بمال أو منصب . . فدسوا جواسيسهم بأجهزتهم عليه .

وكان الشيخ يهاجم رجال الثورة ويهاجم أساليبهم وتصرفاتهم مما اضطرهم أحيانا إلى تحديد إقامته حتى واتتهم الفرصة سنة 1965 أثناء مذبحة الإخوان المسلمين فقبضوا عليه هو وأولاده الأربعة وأودعوهم السجن الحربي . . وعمل شمس بدران جهده لتلفيق قضية للشيخ الأودن يستطيع بها أن يطيح برقبته .

وقال لي الأستاذ محمد شمس الدين الشناوي المحامي وأحد تلاميذ الشيخ الأودن .

_ كان الحقد والضغينة يملان قلب شمس بدران على الشيخ الأودن مما جعل شمس بدران يصمم على قتل الشيخ في جريمة كاملة لا تترك أي أثر للتعذيب على جسد الشيخ خاصة وأن الشيخ كان قد ناهز الثمانين من عمره وقتئذ فاتبع مع الشيخ الأودن أسلوبا فريدا في التعذيب لم ينفذ إلا معه ومع الأستاذ حسن الهضيبي المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين – رحمه الله – الذي كان في مثل سن الشيخ أو يزيد . .

لقد حبس مع الشيخ الأودن عددا من الكلاب لمدة شهرين تأكل وتنام وتتبرز وتتبول مع الشيخ في الزنزانة المغلقة عليه حتى أصبحت الرائحة الكريهة التي تنبعث من الزنزانة لا تطاق . . وقد أصيبت الكلاب بالشلل في أطرافها من شدة رطوبة الإسفلت وقسوة البرد وأصبحت لا تكف عن النباح والعواء ليلا أو نهارا بصوت مزعج لكل من في السجن فما بالك بالشيخ الذي يعيش معها ويتنفس في هذا الهواء الخانق الكريه الرائحة ! !

وكان للشيخ طقم أسنان فطلب من الزبانية في السجن أن يحضروه له من منزله حتى يستطيع أن يأكل فأحضروه ولكنهم بدلا من إعطائه له سحقوه وعاش الرجل بدون طقم أسنان وكان معنى ذلك الجوع حتى الموت .

لقد وضعوه في زنزانة في الدور الأرضي في سجن " 3 " ووضعوا معه عددا من الكلاب المتوحشة وكانوا يضعون له الأكل مع أكل الكلاب من تحت عقب الباب . . ولم يكن مع الشيخ إلا بطانية واحدة رغم برد الشتاء القارس الذي أصاب الكلاب بالمرض . . لقد كانت زنزانة الشيخ الأودن ذات رائحة كريهة نتنة جدا ولا ندري كيف كان ينام الشيخ ولا كيف كان يأكل ؟ ! .

وقال الأستاذ محمد شمس الدين الشناوي:

كان العساكر في ليالي الشتاء القارسة يخرجون الشيخ من زنزانته ويغرقونه في الماء البارد بإلقاء الماء عليه في الزنزانة ! !

لقد ساءت صحة الشيخ الأودن نتيجة الظروف القاسية التي أحاطوه بها كحبسه مع الكلاب , وبعد أن قضى في الزنزانة حوالي تسعة أشهر رأى طبيب السجن أنه قد أشرف على الموت فطلب من شمس بدران إخراج الشيخ من السجن ليموت في بيته . . وكان موت الشيخ الأودن أمنية شمس بدران فسمح بالإفراج عنه . . ولكنه لم يمت فقدموه للمحاكمة .

وانتهت المهزلة بالحكم على الشيخ الأودن بالسجن لمدة عام مع الشغل وكان قد مضى على إلقاء القبض عليه أكثر من عام . . فأعيد إلى المنزل وبقى رهينا فيه حتى طلبته الحكومة السعودية ليكون أستاذا بجامعة الملك عبد العزيز . . وبقى فيها حتى قضى نحبه . . ودفن في مدينة الرسول في أرض البقيع . .

رحم الله الشيخ الأودن . . وجمعه والشهيد سيد قطب مع النبيين والصديقين والشهداء . . اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم . . واغفر لنا ولهم . . آمين ! !.

عن كتاب مذابح الإخوان في سجون ناصر للأستاذ جابر رزق ( بتصرف ).

وسوم: العدد 754