في تعريف الحرب.. ومعنى حرب الإبادة
لحظ أكثر العلماء والمفكرين الذين كتبوا في علم الحرب، معنى التكافؤ بين أي كيانين متحاربين.
بعضهم قصر الحرب على ما يكون بين دول، متقاربة في إمكاناتها، تحاول أن تحسم خلافاتها بالدبلوماسية العنيفة، التي يكون من أولوياتها الأساسية "كسر إرادة عسكرية لطرف مواز" وبعضهم أضاف إلى الكيان الدولي للأطراف المتنازعة الكيان المتمثل في الجماعات المنظمة القوية، التي ترقى بشكل ما إلى مكانة دولة…
إن الحرب التي شنها الروس على أوكرانيا مثلا ما كانت لتوصف أنها حرب بالمعنى الاصطلاحي، لو تدخل الناتو في المعركة إلى حد كبير..
وإلا فإنها ستكون حربا من طرف واحد، حربا تشنها دولة كبرى مسيطرة على دولة جارة للروس لا تملك بعض إمكاناتهم..كذلك كان غزو الروس لجزيرة القرم وابتلاعها، على مرأى من العالم. الحوت يبتلع السمك..
وكذا فإن الحرب التي شنها بشار الأسد مدعوما من الأمريكيين وتحالفهم الدولي، والروس والإيرانيين ضد الشعب السوري، لا يمكن أن توصف بأنها حرب بالمعنى الميداني والاصطلاحي، ولا توصف بأنها حرب، إلا بمعنى أنها حرب إبادة، تشنها أطراف مدججة بأنواع الأسلحة ضد جماهير من المدنيين العزل، فتقتلهم وتدمر ديارهم وتشردهم منها، كل هذا وكان الهدف كسر إرادة هؤلاء المدنيين، وإخضاعهم لإرادة الظالم المستبد. إن عدد الشهداء والمصابين والمفقودين والبيوت السكنية والأوابد المدمرة كل ذلك يؤكد أن الحرب لم تكن إلا من طرف واحد ضد شعب من المدنيين العزل!!
وبالطريقة نفسها بل الأبلغ منها ما يشنه الكيان الصهيوني على أهلنا في غزة منذ ما يقرب من عشرين شهرا..
ما يجري في غزة ليس حربا.. إلا بمعنى أنها حرب إبادة يخوضها قوي متغطرس مدعوم، كما بشار الأسد، من كل قوى الشر في العالم ضد كتلة سكانية مدنية لا تملك إلا الإرادة الصلبة التي لا نلين.. في الوقت الذي لا تجد فيه أحدا من قوى الشر في هذا العالم يحاول أن يتدخل للجم الشره إلى القتل المتمكن من نفوس الصهاينة وحكومتهم التي يتحكم بها سعار الدم..
ليس حربا ما يجري ضد أهلنا في غزة، إلا أن توصف بأنها "جرائم حرب" أو أنها "حرب إبادة" وكل الصامتين عليها شركاء فيها..
بمن فيهم الشعوب التي يمكن لقرارها أن يصنع فرقا…
من موسكو إلى واشنطن إلى باريس إلى لندن وبرلين.. يمكن أن يحدث شعار الجموا شهوة القتل في نفوس القتلة، فرقا في الموقف الدولي.. حتى حكومات عالمنا الضعيفة المستضعفة يمكنها لو حاولت أن تحدث فروقا وليس فرقا واحدا..
أنا لا أطالب بتوسيع رقعة الحرب، بقدر ما أطالب بفعل شيء للجم شهوة القتل في نفوس القتلة المجرمين..
وأعتقد أننا يمكننا، ويمكننا، ويمكننا… أن نفعل الكثير وما هو أكثر من الكثير..
حسب نظريات الإنجاز الإنساني: لا تنقص المتعللين بالعجز القدرة.. بل تنقصهم الإرادة.. (وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً)...
وسوم: العدد 1127