النظام السوري يستعد لاقتحام اليرموك والجميع يتفرج!

النظام السوري يستعد

لاقتحام اليرموك والجميع يتفرج!

هشام منوّر

بعد أقل من 48 ساعة من مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بوقف فوري للهجمات على مخيم اليرموك، عاود النظام في سورية قصف المخيم مستخدماً مختلف أنواع الأسلحة، مما تسبب بسقوط عدد من القتلى والجرحى المدنيين، رغم ادعاء النظام في سوريا وحلفائه من الفصائل الفلسطينية أن المخيم أضحى خالياً من قاطنيه.

قوات النظام السوري تقصف بمختلف أنواع الأسلحة مخيم اليرموك؛ منها البراميل المتفجرة وصواريخ الفيل شديدة الانفجار وقذائف الهاون من العيار الثقيل، وتتبع سياسة الأرض المحروقة، في ظل تردي الأوضاع الإنسانية، مما ينذر بكارثة كبرى لـ 13 ألف مدني ما يزالون محاصرين داخل اليرموك.

حتى الآن تم إحصاء نحو ثمانية براميل متفجرة وخمسة صواريخ أرض أرض، إضافة إلى عشرات القذائف، خلال 24 ساعة في حين يتواصل القصف الكثيف من دون توقف. وتشير مصادر مطلعة أن النظام استنفر ميليشيات ما يسمى «قوات الدفاع الوطني» على الجبهة الجنوبية على خط التضامن مخيم اليرموك، وقد تم إبلاغ العناصر أن ينتظروا ساعة الصفر، وأن هناك قراراً باقتحام المنطقتين.

تأتي هذه الضربات بعد أقل من 24 ساعة على دعوة بان كي، في بيان له، الحكومة السورية لوقف أي عملية عسكرية، بشكل فوري، من شأنها تعريض المدنيين للخطر في مخيم اليرموك، كما يجب عليها الالتزام بواجباتها حيال حماية المدنيين في منطقة القتال كما تقتضي قواعد القانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.

والحال أن هناك تخبطاً في القرارات جنوب دمشق، مما أثار الرعب بين أهالي المخيم، كتعليق يافطة على حاجز ببيلا باتجاه المخيم الأسبوع الماضي، يعطي الأهالي 48 ساعة لإخلاء المخيم، وأنه بعد انتهاء المدة سيمنع دخول أو خروج أي شخص، قبل أن يسحب الإنذار مساء اليوم ذاته، وسط استمرار المضايقات والتفتيش الدقيق للداخلين والخارجين في المخيم.

لم يعد هناك وجود لما يسمى تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) داخل المخيم، ومن يقول إن التضييق على إدخال المواد الطبية والغذائية إلى المخيم كي لا تصل إلى الإرهابيين التكفيريين هو شريك النظام في قتل أهالي المخيم، وهدفه الحقيقي مكاسب إعلامية ومادية على أنه مستضيف لأهل المخيم.

ويؤكد الناشطون من قلب مخيم اليرموك أن لا معارك حقيقية تجري مع «داعش»، وكل ما يسوق له هي أخبار بعيدة عن الواقع، ففي وقت يقول البعض إنهم قتلوا أكثر من 50 داعشياً، فإن مجموع قتلى التنظيم منذ دخولهم إلى المخيم حتى اليوم بحدود 20 مقاتلاً على الأكثر.

الفصائل المسيطرة على المخيم اليوم هي جبهة النصرة وحركة أحرار الشام الإسلامية، إضافة إلى فصائل فلسطينية صغيرة كـ(الكراعين والزعاطيط)، وهي تكنى بأسماء عائلات أو مناطق وترابط بوجه النظام، في حين تنأى بنفسها عن الصراع الداخلي، حيث تحدث بعض المناوشات وعمليات القنص المتبادلة مع فصائل غرفة نصرة أهل المخيم، في وقت استطاع النظام أن يحقق تقدماً في عدة أبنية باتجاه ساحة الريجة.

دخول «داعش» الشهر الماضي أعاد قضية مخيم اليرموك من جديد إلى المنصات الإعلامية وأصبح حديث العديد من الساسة والمنظمات الإنسانية والحقوقية، حتى مجلس الأمن تحدث عن المخيم وأعرب عن قلقه، ودعا إلى إدخال المساعدات الإنسانية.

وبينما يدعي النظام خلو المخيم من سكانه وأن عملياته العسكرية تستهدف المسلحين ومقاتلي المعارضة، يؤكد الناشطون من قلب مخيم اليرموك أنه يوجد في المخيم أكثر من 13 ألف مدني بينهم ثلاثة آلاف طفل، يعانون من وضع مزر، بسبب الحصار منذ نحو عامين ونصف، والذي أودى بحياة 2000 شهيد.

وبينما يستعد النظام وحلفاؤه من ميليشيات طائفية وعنصرية لاقتحام المخيم والتنكيل بأهله كما فعل في مناطق أخرى من سوريا، تقف منظمة التحرير الفلسطينية عاجزة عن التدخل أو التحرك لإنقاذ المخيم من مصير المخيمات الفلسطينية الأخرى في سوريا، بعد أن رفض نظام دمشق استقبال وفد المنظمة بحجة عدم ترؤس المجدلاني لذلك الوفد، فهل بات القرار الفلسطيني والمصلحة الوطنية منوطة بوجود أشخاص بعينهم لقبول التفاوض على مصير آلاف المدنيين العزل في مخيم محاصر منذ أكثر من عامين ونصف العام لم يتبق من سكانه الذين كانوا يعدون بمئات الآلاف سوى بضعة آلاف صامدين في بيوتهم وأزقة مخيمهم؟ وهل يوكل أمر من تبقى من فلسطينيي سوريا إلى نظام الأسد ليفعل بهم كما فعل بشعبه، فهل سيكون أكثر رحمة بهم من شعبه الذين تجاوز عدد شهدائهم نحو 300 الف سوري خلال أعوام الثورة السورية الأربع؟

٭ كاتب وباحث فلسطيني