إلى زعيم الروم

إلى زعيم الروم

د.  محمد الجهني

ألا يا زعيم الروم هنئت بالنصـر   وهنئـت بالشهر الحرام وبالنحر

ولا زالت الأيام يلقـاك سـعدها    يقودك من نصر عظيم إلى نصر

تواترت الأخبـار عن بوش أنـه    يقوم من الليل الطويل إلى الفجر

يـركب أطراف الأسـنة والقنـا   وينصب منهـا للعظيم من الأمـر

ألا يا زعيم الروم تفديـك أمـة    تساق إلى الموت الزؤام وما تدري
ولولا ثيـاب ترتديهـا وعجمـة    لقلنا سري من قضاعـة أو بكـر
ليهن أبـاك الحـر أنـك نجلـه    وهل يلد الحر الكريم سوى الحـر
لقد مر شـهر يا دمسـتق  بيننا     ونحن على نـار  أحر من الجمر
فهذا هو السودان يدعـوك أهلـه    ويدعوك أبناء الكنانـة من مصر
وهاهي مصر اليوم تهدي عروسها    إليك وكانت قبل تهدى إلى النهر
ولا تنـس لبنانـاً وبغـداد إنهـا    تحييك  ما بين الرصافة والجسر
ألم ترهـا مـدت إليـك أكفهـا     وقد ملأتها بالـورود وبالزهـر
وترجوك أن تبقى لديها كأختهـا    وترفع عنها وطأة الظلم والقهـر
 نثرتهـم فـوق الجبـال كأنهـم    طيور ولكن لا توؤب إلى وكـر
وأثخنت في الأرض الجراح فأصبحت    دماؤهم في كل ناحية تجري
فـلا تـلقنـا إلا بكـل كـريهـة    ونلقـك إلا بالبشاشـة والبشر

ألم تر أنا جائعـون وأننـا    إلى الجهل أدنى من وحوش ومن حمر
ألا يازعيم الروم لو كنت كاهنا   ولو كنت تدري مايجيش به صدري
لأيقنت أن الأمـر يعـذب ورده    ويصدر عن أمر أمـر من المـر
فمن ركب الموج العباب ومادرى   عن البحر ظن الموج يعبث بالبحر
لعمرك ما رب الصوارم والقنـا    بأشـجع من رب  الشويهة والقفر
ولكنه عصـر الحديـد الذي بـه   تأخر قومي عن مواكبة العصـر
يؤرقني منهـم طويـل سباتهـم   وطول انتباه من بطارقـة الكفـر
وما بهم عجز ولكـن تقاعسـت    بهم همم لا تسـتجيب لذي حجر
تقاذفها الأهـواء جهـلاً كأنهـا    شراع طواه الموج بالمد والجزر
فلا رأيها حزم  ولا حكماؤها    متى عن أمور يستشارون في أمـر
وأودى بها التغريب ما بين جاهل    وبين غوي مستكين إلى غـر
أبيـت كـأن الدهر ألقى همومه    علـي ولم تبرح فؤادي قد شبر

لقد كان فيمن كان قوم , متى دعا    أخو حكم أصغوا إليه , بلا وقر
سلوا ذلك النسر الجريح إلى متى    يظـل مهينـاً والبغاثة في كـر
على أنـه لـو راعهـا بجناحـه   لطارت شعاعاً لا تفيق من الذعر

يصيد ويفري الغرب في كل ساحة    ونحن لأمر لا نصيد ولا نفري

ومـا ضرنا  لو أننـا كلنـا يـد    تصفق في يسر وتجمع في عسر
أقلـي همومـاً أيهـا النفس ربما    جرت سنحاً باليمن بارحة الزجر
ألا يا زعيـم الروم حسـبك إننا    إلى البدو أدنى من ليوث إلى خدر
فمـا زالت النوق الجياد تذودها    بنـو عمنـا  بين المنامة والحجر
وما زال فينا كـل أشـعث أغبر    يراقـب أنواء السحائب  والقطر
تـراه إذا ما لاح بـرق توقـدت   بـه همـم يحـدو بها كل مجتر
فلا الجن تطوي طيه كل شامخ    ولا الذئب يعدو عدوه وهو في فر
يضاحك أسباب المنايـا كأنـه     يقلبهـا ما بيـن أنملـه العشـر
يبيت كأن الليـل يعقـد جفنـه     بجرس ثوانيه وأنجمـه الزهـر
له قهوة ما لامست كف عاصـر    ولا قادها  الدهقان يوماً إلى أسر
إذا ما صلتها النار فاحت كأنمـا    ينـادي شذاها  كل طاو ومعتـر
مشعشعـة صهباء يطفو حبابهـا    على النار إلاً أن تدار على قَََََََََدر
هي الخمـر إلا أنهـا لا تغولـه   ولا في حمياها يرى سورة الخمر

وما ضرنا أن ضل منا زعانف    وهل  ضر من رد الزكاة أبا بكر
على أنني فيما جنـوه الومهـم    والقاهم بعـد الملامـة  بالعـذر
شباب رأوا أعراضهم ودماءهم    وأوطانهم نهب (الحمامة والصقر)
ينادون من لا يستجيب لهم ومن   يسـومهم خسـف المهانة والفقر

وإني أرى إصلاحهم خير خطـة     تقام وألا نـدفع الشـر بالشر

وهل تطلب النفس السوية ميتـة     تلذ بها إلاً لأسمى من العمـر
وهل يدفع الإنسان روحا إلى أذى   ومهلكة تودي به غير  مضطر
سلوهم فقد نلقى لديهم  مقالـة     ونعلم ما تخفي الضمائر من سر
فإن كان غياً نقـرع الغي بالقنا    وإن كان فكراً نقرع الفكر بالفكر

أرى كل صحاف يمج مـداده    بأسود من نشر المداد على السطر

يحـاول أسباب المعالي ودونها    مغالـق لا تنفـك إلا لذي قـدر
له حجـج لو قارعتها صغارنا     لكـان وإياهـا أخـف من الذر
قفوا نسأل التأريخ عنـا وعنكـم    فكم عنده مالا نحيط مـن الخبر
وماذا صنعنا عندما عرضت لنا جيوش نصارى الروم بالجحفل المجر
صبرنا وجدنـا بالنفـوس لأننـا    نرى أن  وعد الله يدرك بالصبر
لنا أسوة فيمن مضى من جدودنا    نروح إلى فخر ونغدو إلى فخـر
نحبهــم والله يشـهد أنهــم    أحـب إلينـا من تراب ومن تبر
نروح على الآداب والفضل والندى  ونغدو على الآي الكريمة والذكر
نفتق أبكـار المعانـي  كأننـا    إذا ما خطبنا الناس نقرأ من سـفر
نغيث على اللأواء سراً  وقلما     أغاث على السراء منكم  أخو وفر
نريش ونبري للمعالـي وأنتـم    على جعجعات لا تريش ولا تبري
وما قيمة الأوطان إن لم يكن بها    رجال  تؤدي حسبة النهي والأمر

وهل يمنع الأوطان إلا تقاتهـا   غداة احتدام الموت في ساعة الصفر
بـلاد حمتهـا بالدمـاء جدودنا   وبيض المواضـي والمثقفة السمر

فما ترفع الرايات من ثغر بلـدة    عطاشاً تريد النصر إلا إلى ثغـر
أإن أجلب الغرب الحقود بخيلـه   سطوتم على الإسلام بالناب والظفر

لكم ناشه من قبلكـم ذو غوايـة    وعاد على أعقابه وهو في خسر
وطـافت عليه الحادثات كأنهـا    تفتـق بحراَ أًو تحاول في صخر

فـدون الذي تبغـون مالا تنـاله   طـوال الردينيات بالحدق الحمر

تـأذن رب العالميـن بحفظـه    فليس لشانيه سوى العجز والوزر