إرهاب دولة بعصا المستوطنين.. هذا ما كشف عنه موسم الزيتون في الضفة الغربية

 1

في موسم قطف الزيتون تتدفق ينابيع الشر وعنف ووقاحة إسرائيل بصورة مركزة. إن مصدر العنف المذهل لا يميز بين الكبار والصغار، بين الإنسان والشجر، بين الفساد والتخريب وسرقة المحصول. هذا عنف يعرف روح حكومته. في نهاية المطاف، الضفة الغربية مليئة بكاميرات الحماية ونقاط الحراسة ومراقبة للجيش الإسرائيلي والدوريات العسكرية والشرطية المسلحة. مع ذلك، قواتنا التي تخرب الكروم دائماً تعود إلى البيت بسلام. من تلك الساحات إلى تلك القواعد الأصلية.

خلال أسبوعين، بين 3 تشرين الأول و16 تشرين الأول، نفذ 18 هجوماً إسرائيلياً على الأقل ضد من يقطفون الزيتون وضد أشجارهم. قائمة “يوجد حكم” تصعب قراءتها. في 3 تشرين الأول ضربت قواتنا خمس مرات. فقد هاجمت مزارع، وقطعت الأشجار، ومنعت قطف الزيتون، وسرقت الزيتون مرتين. في 11 تشرين الأول سجلت أربعة أحداث مشابهة من تخريب الأشجار وتعويق قطف الزيتون. كل ذلك تم تنفيذه قرب مستوطنات وبؤر استيطانية معروفة باحتكاكها مثل “يتسهار”، و”معون”، و”بيت إيل”، و”شيلو”، و”أريئيل”، و”حفات جلعاد”، و”افيغيل”. منذ بداية السنة، قام مجهولون بتخريب 8 آلاف شجرة للفلسطينيين، حسب بيانات الأمم المتحدة.

يمكن القول بأن هؤلاء تفاح متعفن، فتيان هامشيون، أعشاب غريبة، مسطولون ومتسربون من مؤسسات التعليم. لقد سمعنا في السابق هذه المتلازمة منذ أن كان واضحاً أن الأمر يتعلق بظاهرة منظمة، مدروسة، في وقت ما في النصف الثاني من التسعينيات، قبل وبعد أن دعا شارون إلى الاستيطان فوق كل تلة في الضفة الغربية. في حينه مثلما الآن، من يقطعون الأشجار ومن يسرقون المحاصيل ويهاجمون هم مبعوثو هذه الطريقة وأبناؤها الأعزاء. هم أخوة الهدف المقدس الذي يتمثل بمصادرة الأراضي من أصحابها الفلسطينيين الأصليين.

المجتمع الذي يحتضن المهاجمين بشكل مباشر لا يتخلى عنهم، حاخاماته يؤيدون، وقادته يوافقون بصمت. الجنود يقومون بحمايتهم لأن مهمة الجيش الإسرائيلي هي الحفاظ على أمن المستوطنين، والشرطة تغلق ملفات التحقيق (عندما يتم فتحها) بذرائع كانت تثير حسد الشرطة البيضاء العنصرية في جنوب الولايات المتحدة في الخمسينيات. الطيبون في دولة تل أبيب يظهرون الاشمئزاز من التعليقات. ماذا في ذلك؟

هذا العنف المخصخص الذي استمر لعشرات السنين يحقق الهدف لأنه “من أجل منع الاحتكاك” مع سكان البؤر الاستيطانية التي تنبت مثل الفطر السام حول المستوطنات البرجوازية، يمنع الجيش الإسرائيلي الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم. المستوطنات نفسها بنيت على الأراضي الفلسطينية في إطار السطو الرسمي والمنظم الذي يسمى، من أجل إرضاء قضاة المحكمة العليا، “الإعلان عن أراضي دولة” و”أراضي مساحة” و”مصادرة وإغلاق لأغراض الأمن والجيش”.

في نسيج محكم من التشريع العسكري الذي يستخف بالقانون الدولي، وعنف الأعشاب الذكية جداً، تحولت أجزاء كبيرة في الضفة الغربية إلى “نقية” أو “شبه نقية” من العرب: “غوش شيلا” و”غوش عصيون” و”غوش تلمونيم” و”غوش اريئيل”، وكتلة الغور، وكتلة “نتاريم” وكتلة “ريحان” وكتلة اللطرون وكتلة “جفعات زئيف” وكتلة خط التماس، وكتلة “أدوميم”. الفلسطينيون الذين يسمح بدخولهم هم العمال. الجيش يسمح بسخائه لبعض المزارعين بالمجيء إلى أراضيهم مرتين أو ثلاث مرات في السنة من أجل إزالة الأعشاب الضارة والرش والحراثة والزراعة وقطف الزيتون أو الحصاد أو قطف العنب. أعطوني واحداً من أبناء “الكيبوتسات” [المستوطنات الزراعية] يوافق على أن يكون العمل في الفلاحة أو في الحقول لبضعة أيام فقط في السنة. هذا المنع للوصول إلى الحقول برعاية حراب الجيش الإسرائيلي وأوامر الإدارة المدنية أكثر عنفاً وأكثر نجاعة من أي هجوم جسدي.

مع ذلك، فإن السلطات تستغل عنف الأعشاب لتنوب عنها في هذه الأماكن، حيث فشل العنف الرسمي في إبعاد الفلسطيني كلياً عن أرضه. لهذا السبب، تغلق السلطات عيونها. وهذا هو السبب في بقاء مخربي ومقتلعي الأشجار وسارقي المحاصيل ومهاجمي الرعاة والحراثين محميين بعدم كشف هويتهم.

وسوم: العدد 951