حِِوارٌ مَعَ وَفْدٍ أمريِكيٍّ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

 

clip_image002_0c2aa.jpg

في حوار مع وفد أمريكي برئاسة المستر ورن كرنير نائب وزير خارجية أمريكا الأسبق المستر كولن باول عام 2003م سألني كرنير : ما هي مَساحةُ المُشتَركِ بين مقاصد العقد الاجتماعي (البيّعةُ ) في الإسلام ومقاصد الديموقراطيَّة ..؟ قلت :80% فنهض قائلاً : أحقاً ما تقول ..؟ قلت هذا ما أحسبه وليس كرماً عربيَّاً .. قال: وماذا عن ال20% الباقية ..؟ قلت : فَقدتموهَا مع تَجاهُلِكم للقيمِ الدينيَّةِ وَالأخلاقيَّة .. قال : حقاً فإنَّ المسألة الأخلاقيَّة تُقلقنا .. قلت : يَومَ تُعالِجون هذا القلق .. فسنكون معاً في ميادين التعاون والتنافس لبناء حياة أفضل للشعوب والمجتمعات.


حِوَارٌ َمَع وَفدً أمريكيٍّ - 2

في حوار مع فد أمريكي برئاسة مستر ورن كرنير نائب وزير خارجية أمريكا مستر كولن باول عام 2003م .. تداخلت مدام يازبت دوقان قائلة : لِمَاذا تُصِّرون على استمرار العلاقة بين الدين والدولة .. ؟ أليس هذا ممَّا يُقيِّدُ حركة تطوركم ويعزلكم عن الآخر .. ؟ قلت : إنَّني أتفهم خلّفية سؤالك يا سيدتي , لقد كانت لكم مشكلة كبرى ومعقدة مع تعاليم الكنيسة .. لأنَّها تتصادم مع طبيعة الأشياء و حوافز الإبداع والتجديد والتطور والارتقاء .. وهذا ما وَلَّد حالة صراع بين طموحاتكم في الحياة وبين تعاليم الكنيسة .. الأمر الذي برر لكم ثورة التمرد على الكنيسة وفصل الدين عن الدولة .. أمَّا نَحْنُ فَلنا مع الإسلام مشكلة من نوع آخر.. قالت وبلهفة : وما هي ..؟ قلت : إنَّنا - للأسف - دون مستوى تعاليم الإسلام وحوافزه في تفعيل ميادين الحياة .. إنَّ تعاليم الإسلام تُلِّحُ باستمرار على العلم , والابتكار ، والإبداع , والتطوير, والارتقاء في كافة ميادين الحياة بل وجعل ذلك من أجلّ العبادات وأقرب القربات إلى الله تعالى.


حوار مع وفد أمريكي – 3

لقاء عُقد في منزلي بجدة يوم الاثنين 21 جمادى الأولى 1424 هـ الموافق 21 تموز 2003 م.

clip_image004_6279c.jpg

في سياق الحوار حول البيَّعةِ والديمقراطيَّةِ قلت لرئيس الوفد مستر لورن : ولكن ماذا عن التجديد والتطوير عندكم .. قال : وماذا تقصد ؟ قلت : أما آن الأوان لمراجعة الفلسفة الليبرالية بحد ذاتها ..؟ أما آن الأوان لمراجعة الديمقراطيَّة والبرلمانيَّة ووسائلهما ..؟ قال : لا شك أنها تساؤلات موضوعية وعلمية وجريئة , ونحن بحاجة إلى التعامل معها .. واستطرد قائلاً : لا أخفي عليك أنَّ هناك أصواتاً من داخل أمريكا تقول بما تقول .. بل بعضهم يطالب باستبدال الديمقراطيَّة بما هو أنسب وأصلح . ثم قال : وهل لديك ملاحظات محددة ..؟ قلت مداعباً : الفاتورة طويلة وتحتاج لمتسع من الوقت . قال : من حيث الوقت فأنت محق , لقد ألغينا بعضاً من مواعيدنا الأخرى لما لمسناه من فائدة في الحوار معكم قلت : شكراً لمعاليكم فهذه شهادة أعتز بها, قال : أرجو أن تذكر باختصار مثالين من ملاحظاتكم.. قلت : أنكم تُسرفون في الدعاية الانتخابيَّة إسرافاً ينتهك مبدأ حرية الاختيار, في التأثير على حريَّة الاختيار عبر حملات الانتخاب المطولة , وما يرافقها من أُعطيات ماليَّة توجه إرادة اختياره لصالح جهة ما.. ومن جهة أخرى :أنكم تعتمدون المساواة المطلقة بين أصوات الناخبين.. قال : ماذا تقصد بالمساواة المطلقة ..؟  قلت : هل يُعقل أن يكون صوت معاليكم - ليس كإنسان - بل ككفاءة وخبرة مرموقة, متساوٍ على الإطلاق مع صوت رجل عادي بكفاءة متواضعة , في تقرير وحسم مسائل مصيريَّة للأمة  ..؟ قال : هل تريدنا أن نأخذ بمبدأ أهل الحل والعقد ..؟  قلت : هذا خياركم.. ربَّما تجدون ما هو أفضل , فالمهم هو إعادة النظر لإيجاد الأفضل .. قال: أشكركم على ملاحظاتكم الجريئة الشفافة , وصدقني أنها ستكون موضع عناية واهتمام.

وسوم: العدد 785