آن لإيران ودول المنطقة أن تنعم بالأمن والأمان

لقد أيقظ إحراق صور الخميني والخامنئي في كل من سورية والعراق ولبنان حس الإيرانيين بالذنب تجاه ما فعلته عصابة العمائم السوداء في كل من سورية والعراق ولبنان، وجعلهم يشعرون بمسؤوليتهم الأدبية والإنسانية تجاه شعوب تلك الدول التي تجرعت على يدي مجرمي الحرب الإيرانيين الذين بعثت بهم أو جندتهم تلك العصابة المارقة عدوة الله والإنسانية، لتعمل فيهم الذبح والإحراق والسلخ تحت شعارات واهمة حاقدة لا تمت للإسلام ولا لقيم الإنسان وأخلاقه بأي صلة.

وصبرت الجماهير الإيرانية على مضض، حتى إذا ما أتت الفرصة، عندما رفعت الحكومة سعر البنزين 50% انتفضت في وجه أصحاب العمائم السوداء ونظام الولي الفقيه من سراديب الظلام والتخلف وكهوف الماضي السحيق، لتعلن بكل تحدي ثورتها على هذا النظام العفن، فتظاهرت في أكثر من خمسين مدينة إيرانية، وعندما حاول الأمن تفريق هذه المظاهرات بالقمع والعنف، ثارت الجماهير الغاضبة تحرق مخافر الشرطة، فقد تم حرق ما يزيد على 150 مركز شرطة، وتم كسر أبواب خمسة سجون فيها أكثر من 172 ألف سجين معظمهم سجناء سياسيين وسجناء رأي، وأحرقوا خمس مصارف تابعة للحرس الثوري، في حين فر من الجيش نحو 150 ألف جندي تركوا وحداتهم وفروا إلى جهة مجهولة، ورافق كل ذلك احراق أربعة تماثيل للخميني الدجال وثلاثة تماثيل لخامنئي، وتم تدمير وإحراق أكثر من 2700 سيارة تابعة للشرطة والحرس الثوري.

حكومة العمائم السوداء اتبعت نهج القمع في التعامل مع الاحتجاجات التي اندلعت ضد رفع أسعار البنزين، وقوبل المتظاهرون بعنف كبير من رجال الشرطة وعناصر الحرس الثوري وقوات الباسيج.

وأدت عملية القمع، التي أطلقتها السلطات الإيرانية، إلى سقوط قتلى، وإصابة عدة أشخاص، فيما قام المتظاهرون بمهاجمة مبان حكومية ومحطات التزود بالوقود.

وتأججت موجة الاحتجاجات وتدحرجت ككرة الثلج في أكثر المدن الإيران حيوية وكثافة، ففي طهران وشيراز وأصفهان وتبريز والأهواز، خرج آلاف المواطنين للتعبير عن غضبهم ضد القرار الأخير.

وترك بعض المحتجين سياراتهم في الشوارع حتى يشلوا حركة المرور في العاصمة طهران، فيما هاجم آخرون بعض المستودعات النفطية في مدينة سرجان، وسط إيران.

أما مدينة بهبهان، الواقعة جنوب غربي إيران، فشهدت أعنف موجة من التظاهر، حيث أضرمت النار في فرع “المصرف الوطني” بالمدينة، وأعقب ذلك إطلاق القوات الإيرانية النار على المتظاهرين لتفريق الاحتجاجات، حيث أفادت مصادر إيرانية معارضة بمقتل 4 متظاهرين.

وطالب المحتجون الغاضبون بتحسين أحوالهم المعيشية، كما استنكروا إنفاق النظام لعائدات البلاد على قوات “الباسيج” وفيلق القدس، والتدخلات في البلدان العربية، لكن السلطات الإيرانية لجأت إلى الإنكار وقطع شبكة الإنترنت للحد من التغطية الإعلامية للاحتجاجات.

وإذا ما استمرت المظاهرات بالدول التي دأبت إيران على التباهي بإخضاعها لنفوذ أصحاب العمائم السوداء مثل العراق ولبنان، فإن الاحتجاجات الحالية قد تسفر عن تغيير فعلي في إيران.

لقد ارتكبت السلطات الإيرانية خطأ كبيرا، في وقت ذي حساسية، حينما أقدمت على زيادة أسعار المحروقات، علما أن الانتخابات التشريعية باتت قريبة جدا، لأنها مرتقبة في شباط المقبل، بينما جرت العادة في البلاد أن يتم تقديم بعض الامتيازات للشارع في مثل هذه المحطات السياسية المهمة.

لكن النظام الإيراني كان مطراً على ما يبدو إلى إقرار هذه الزيادة، حتى يسد نسبة من العجز المتفاقم في الميزانية، لاسيما أن اقتصاد البلاد تلقى ضربات موجعة بسبب العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة عقب انسحابها من الاتفاق النووي في أيار 2018.

المواطن الإيراني يعرف أن الزيادة في أسعار البنزين سيقابله ارتفاع في معظم المواد التموينية والاستهلاكية وبالتالي إلى التهاب أسعار مواد أخرى استراتيجية مثل القمح والخبز.

المواطنون الإيرانيون الذين يحصلون على الفتات من المبالغ الهزيلة من نظام العمائم، في مقابل إغداق هذا النظام بسخاء على ميليشيات إرهابية مثل ميليشيا حزب اللات، الذي كان دائماً أمينه العام حسن نصر اللات يتفاخر في خطاباته بأن سلاح حزبه وتموينه ورواتب أفراده من إيران، إلى جانب ميليشيات أخرى جندتها طهران في عدد من البلدان مثل اليمن وسورية والعراق.

هذه الانتفاضة أثبتت أن الشعب الإيراني فطن، بشكل كبير، وعرف من ينهب موارده ويهدرها لأجل إذكاء الفوضى والفتن في الدول العربية، فيما كان النظام يصور تدخله بمثابة نصرة للقضية الفلسطينية، وهو أمر تبين زيفه وكذبه، بعدما صار المحتجون يخرجون في عدة دول عربية وهم يحرقون صور ولي الفقيه ورموز دولته.

لقد ظن كثيرون أن إيران عصية على اندلاع أي ثورة أو انتفاضة فيها، لما لحكامها من أصحاب العمائم من هيبة في نفوسهم، ولكن سرعان ما اكتشف الإيرانيون إلى أي مدى يخدعهم ملاليهم ويكذبون عليهم، حتى إذا ما عضتهم الحاجة والفاقة والجوع انتفضوا امتثالاً لقول علي رضي الله عنه: "أعجب لجائع لا يشهر سيفه"، وهذه الجماهير الإيرانية قد انتفضت وثارت وخرجت ولن تعود إن شاء الله إلا على أشلاء هذا النظام الأفاك المتغطرس المتجبر، لينهوا اسطورة الولي الفقيه وإلى الأبد، لتنعم إيران ودول المنطقة بالأمن والأمان والسلم والسلام والمحبة والوئام.

وسوم: العدد 851