الشاعر الإسلامي الكبير مصطفى عكرمة: حياته وشعره 1

(1943م – معاصر )

clip_image001_dfe05.jpg

هو الشاعر الإسلامي الكبير (مصطفى محمد عدنان عكرمة)، الذي حلّ ثانياً في مسابقة شاعر العرب، والذي حظي بالتكريم داخل سورية وخارجها، ناصر قضايا المسلمين في كلّ مكان في سورية وفلسطين وتركيا، وبرع في كتابة شعر الطفولة، وصاغ المسرحيات الشعرية، وله جهود أدبية ونثرية وفكرية ...فمن هو ؟ وما هي مسيرة حياته، وما هو الاتجاه الإسلامي، والسياسي في شعره ؟ كل هذه القضايا.. وغيرها نتناولها في شعره ...

المولد والنشأة :

clip_image002_0536f.jpg

 ولد مصطفى بن محمد عدنان بن عبد اللطيف بن مصطفى عكرمة في عام 1943 في قرية (بابنا) شمال شرقي الحفة في محافظة اللاذقية في الساحل السوري الجميل، ونشأ في ظل أسرة مسلمة ملتزمة، فجده (الحاج عبد اللطيف) حجّ ماشياً على الأقدام، وكان رجلاً صالحاً يدعو لحفيده بأن (لا يموت حتى يرى ذريته)، وقد كان ذلك فقد توفي عام 1965م، ورأى أحفاده، وأما والده ( محمد عدنان) فهو ممن قرأ القرآن في الكتاتيب، وكان يعرف مبادئ القراءة والحساب، وهذا القدر من المعرفة يكفيه للقيام بحساب دكان السمانة الذي يعمل به، توفي في 29 كانون الثاني 2003م، وأما أمه فهي السيدة ( صدّيقة بنت علي عابد ) التي كانت ربة بيت ناجحة، ومربية فاضلة، ولكن ( وحيدها مصطفى) لم يرها؛ لأنها توفيت عندما كان في المهد صبياً، وكانت العائلة من الأسر العريقة في ريف اللاذقية، وقد دخلت في مواجهات مع ( النصيرية) حيث هاجمهم النصيريون، واستباحوا النساء، وقتّلوا الرجال، فلجأت الأسرة إلى جسر الشغور، ولم يستطيعوا العودة إلى أوطانهم إلا بعد أن تدخل الوالي العثماني .

دراسته ومراحل تعليمه :

 التحق بالمدرسة الابتدائية، ثم الإعدادية بالحفة، وتخرج من الثانوية الصناعية باللاذقية 1962م .

 انتسب إلى الجامعة مرتين (كلية الحقوق في جامعة دمشق، وكلية الأدب العربي في جامعة بيروت العربية)، ولم يتمكن من متابعة التحصيل لظروف مادية.

 اتبع دورة تدريبية في بريطانيا 1965 م لمدة ستة أشهر، وأصبح خبيراً فنياً في الإرسال التلفزيوني

أعماله ومسؤولياته :

 وعمل لدى التلفزيون السوري 1962 - 1993 في دمشق، ومن ثم انتقل إلى دائرة برامج الأطفال 1993 - 1995 م.

 بدأ كتابة الشعر في المرحلة الإعدادية منذ عام 1958، وتم نشر شعره في العديد من الصحف والمجلات.

 كتب عدداً من المسلسلات الإذاعية الطويلة، كما كتب حوالي 500 حلقة من برنامج تمثيلي اذاعي (أولئك أبنائي) .

 وعلّم، وعمل لإذاعة جدة وحوالي 150 حلقة من (تسبيح ربي) لإذاعة الرياض.

 وكتب 30 حلقة من برنامج تلفزيوني للدعوة الإسلامية باسم (دروب النور) وفيه 72 نشيد وبث مرارا على كثير من المحطات العربية وترجم إلى عدة لغات وأيضا" كتب معظم أغنيات برنامج الأطفال التلفزيوني المشهور (افتح يا سمسم).، وبرنامجا تلفزيونيّاً لجمعية الدعوة الإسلامية العالمية في طرابلس مؤلفا من ثلاثين حلقة مستقلة، وفي كل حلقة قصيدتان.

عضويته ومشاركته :

- عضو اتحاد الكتاب العرب في دمشق - ومقرر جمعية أدب الأطفال فيه لدورتين.

- عضو عامل في رابطة الأدب الإسلامي العالمية.

-ينشر أشعاره في رابطة أدباء الشام التي يشرف عليها د. عبد الله الطنطاوي .

-عضو اتحاد كتاب سورية .

-وهو عضو جمعية الشعر، وعضو في اتحاد كتاب العرب .

أحواله العائلية:

 والشاعر مصطفى عكرمة متزوج من السيدة أم رفاعة، ولديه منها 3 ذكور، وهم:

رفاعة عكرمة: مهندس، ولديه براءة اكتشاف في القرآن.

مؤمَّل عكرمة: وعمره 45 سنة .

وعبد الرزاق عكرمة : /40 / سنة، وهو مجاز في الأدب الإنجليزي، وعلى قدر كبير من التربية الحسنة والأخلاق الفاضلة .

وللشاعر 4 بنات متزوجات، و5 أحفاد، و20 حفيدة .

مؤلفاته :

 منها من دفتر الحياة (مقالات ناقدة ساخرة) كما نشر العديد من المقالات الأدبية والدراسات في الكثير من الدوريات العربية عن القيم التربوية في شعر عدد من كبار الشعراء مثل المتنبي وأبو العتاهية ومارون عبود والشاعر القروي ودراسة عن الشاعر الكبير عمر أبو ريشة وغيرهم. كتب عشرات القصائد والأناشيد، وما زال يكتب لقناة المجد الفضائية للأطفال.

دواوينه الشعرية كثيرة منها:

 فتى الإسلام 1979

- حتى ترضى 1982

- يا بلدي 1997

- محمديات 2000

 وللأطفال مجموعة تضم اثنتي عشرة قصة شعرية مصورة 1978

- أجمل ما غنى الأطفال 1983

 ومسرحية شعرية بعنوان :

جند الكرامة طبعت عدة مرات.

أعماله الأخرى :

جذور وفروع (قصة للأطفال).

الجوائز التي حصل عليها :

 فاز بالجائزة الأولى ونصف الجائزة الثانية في مسابقة المسرح المدرسي بسورية بمسرحيتين، الأولى: جند الكرامة: تربوية شعرية للفتيان، والثانية: محاكمة الحساب: وهي تربوية هادفة (وقد عممتا نصا" مسرحيا" الزاميا" في جميع مدارس سوريا).

الإنجازات الشعرية:

1.     فاز بالجائزة الأولى ونصف الثانية في مسابقة المسرح المدرسي في وزارة التربية السورية بالمسرحيتين الشعريتين: "جند الكرامة" و"محاكمة الحساب" وهما مسرحيتان تربويتان للفتيان سنة 1972م .

2- كما فاز ثانياً في مسابقة شاعر العرب التي نظّمتها قناة المستقلّة 2009م، والتي تنافسَ فيها أكثر من 1280 شاعراً.

3.     فاز بالدورة السادسة لـ جائزة دولة قطر لأدب الطفل عن ديواني (تعالوا نتعلم من سيرة رسول الله الأعظم ).

4.     نظم سيرة رسول الله بقصيدة ناهزت الألف بيت، وله أكثر من مئتي قصيدة من أناشيد وملاحم عن الرسول، وله ديوان "حبُّ المصطفى قدري" الذي لم يُطبع بعد.

مؤلفاته وانتاجه الأدبي :

أهم ما طبع له من الكتب، وهي كثيرة بحمد الله:

 1) حتى ترضى – صدر عن دار الفكر 1982م .

2) أجمل ما غنّى الأطفال: أغنيات افتح يا سمسم – دار الفكر عام 1984م .

 3) معارج الأعمال الشعرية الكاملة.

 4) ديوان فتى الإسلام – ج1 – دار الفكر 1979م .ثم طبع في مجلد (فتى الإسلام) مكتبة العبيكان السعودية بتاريخ 2004م.

 5) أنـــــــــــــا وأبــــــــــــــــــــي. ديوان شعر ، اتحاد الكتاب العرب 1996م .

 6) وطني وطفلي. اتّحاد الكتّاب العرب.

 7) عذراً رســـــــــول الله.

 8) ديوان نجــــاوى. وزارة الأوقاف الكويتية.

9) أناشيد فتى التوحيد. دار القدس المصرية.

 10) أنا تلميذ الرســول.

 11) لأنها الشام. دار المكتبي السورية.

12-   عمر أبو ريشة: شاعر أمة إطلالة وقطوف. دراسة انطباعية. مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين.

13-   جند الكرامة – مسرحية شعرية فازت بالجائزة الأولى في مسابقة المسرح المدرسي في وزارة التربية في دمشق عام 1972م .

14-   يقظة – ديوان شعر وجداني ، 1981م .

15-   سلسلة مكتبة الطفل العربي – 12 قصة شعرية مصورة .

16-   من دفتر الحياة – مقالات ناقدة ساخرة 1986م .

17-   جذور وفروع – قصة تربوية للفتيان 1986م .

18-   أحباب الله – ديوان شعر للأطفال – الشرق الأوسط – جدة 1993م .

19-   صيحة – ديوان شعر .

12-   على منابر نصير الضاد – ديوان شعر ، دار عكرمة 1999م .

13-   محمديات – ديوان شعر ، دار عكرمة 2001م .

14-   مجد الحصى – ديوان دار عكرمة 2001م .

15-   عليكم بالشآم – ديوان دار عكرمة 2002م .

17-   معارج – الأعمال الشعرية الكاملة ، دار العبيكان 2004م .

18-   وطني وطفلي – شعر ، اتحاد الكتاب العرب 2006م .

4- آداب إسلامية

من الأعمال الأدبية:

1.     كتب حوالي /500/ حلقة من برنامج تمثيلي إذاعي "أولئك آبائي" و"علم وعمل" لإذاعة جدة، وحوالي /150/ حلقة شعرية لإذاعة الرياض بعنوان: "تسبيح شاعر".

2.     ساهم في كتابة العديد من برامج الأطفال، وكتب معظم أغنيات برنامج الأطفال الشهير "افتح يا سمسم".

3.     كتب /30/ حلقة من برنامج تلفزيوني للدعوة الإسلامية اسمهُ "دروب النُّور" وقد بُثَّ مراراً من قِبلِ كثير من المحطات العربية، وترجم إلى عدة لغات، وفيه اثنانِ وستّونَ نشيداً.

4-كتب زاوية شعرية ثابتة لجريدة المسلمون بعنوان "تراويح".

5.     كتبَ عدة مسلسلات تاريخية هادفة للإذاعات وكل واحد منها مؤلفٌ من /30/ حلقة.

6.     نشر العديد من المقالات الأدبية والدّراسات في كثيرٍ من الدّوريات العربية، منها العربي والعربية وروافد.

7.نظم بالعربيّة مختارات لعشرة شعراء فارسيين، ونظم 63 قصيدة لسعدي الشيرازي طُبعتا في كتابين وزِّعا في ملتقى سعدي الشيرازي في طهران سنة 2000م.

8.     كتب عشرات القصائد وشارات البرامج لقناة المجد الفضائيّة للأطفال، وحوالي 80 قصيدة عن مدن عربية وإسلامية.

من النشاطات الأدبية:

1.     حضر العديد من المهرجانات الشعرية في معظم عواصم الأقطار العربية.

2.     حضر مؤتمر الوحدة الإسلامية والتقريب بين المذاهب في طهران، وألقى قصيدة طويلة.

3.     حضر احتفالية الخرطوم بمناسبة مرور 14 قرناً على دخول الإسلام لإفريقيا 2006م، وكانت مشاركته فاعلة.

4.     زارَ الشارقة بدعوة من حاكِمها، وأقام أمسيات للأطفال وأخرى للكبار، وقدّم بعضَ الأعمال لتلفزيونها.

5.     له عشرات القصائد في المناهج التعليمية لكثير من البلاد العربية.

6.     اختيرت مجموعة من قصائد كتبها في حب قطر لتُخطَّ كأطول لوحة خطيَّة في العالم، وذلك بمناسبة اليوم الوطني لدولة قطر سنة 2017م، وقد أقيمت برعاية السفارة السورية في الدوحة، وخطَّها ولده مؤمَّل.

من كتاباته للأطفال:

o      كتب للأطفال الأغنيات المبسطة الهادفة، وبدأ بنشرها في مجلة أسامة منذ 1970 وبعدها في مجلات (سامر وأحمد وباسم والمعلم العربي)، كما كتب المسرحيات الشعرية العديدة للأطفال، والتي أنتجت تلفزيونياً في السعودية.

o      ديوان فتى الإسلام ، وهو من أهم ما كتبه للناشئة، طبع في دار الفكر عام 1979 وهو أناشيد دينية تربوية هادفة عممته وزارة المعارف السعودية على جميع مدارسها عام 1400هـ.

o      صدر عن مكتبة عبيكان مجموعة فتى الإسلام (5 أجزاء) في مجلد واحد اشتمل على 186 نشيداً عام 2004م.

o      كتب ديواناً للمرحلة الابتدائية الأولى بعنوان أحباب الله : صدرت طبعته الأولى عن المؤسسة العامة للأبحاث والتسويق في جدّة عام 1993م، وبعد ذلك عدة طبعات محلية في دمشق.

o      كُلِّف بكتابة 12 نشيداً للمرحلة الابتدائية في المملكة السعودية، وأصبح عضواً في لجنة تطوير المناهج التربوية.

-      كتب شعراً للصغار ، كما كتب للكبار .

-      وهو شاعر ليس مغموراً ، وحسبك أن تلقي نظرة على إنتاجه لتعلم عدد الدواوين التي دبجتها يراعه .

محطّات تكريمية:

1.     أقام له سعادة الشيخ الأديب عبد المقصود خوجة حفلاً تكريمياً في اثنينيّته بجدّة العامرة سنة 1418هـ.

2.     أقامت مؤسسة أندلسيّة في الإسكندرية حفلاً تكريمياً له في صيف 1998.

3. أقام اتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع جمعية أصدقاء دمشق حفلاً تكريمياً له (للإبداع في أدب الأطفال) سنة 2006م، وأقيم بالتوازي معه معرض فنِّي للخط العربي بعنوان (قطوفٌ وحروف) شارك به 41 خطَّاطاً قدموا 63 عملاً، وكانت كلُّ لوحات هذا المعرض من أشعاره، وقد خُطَّتْ خصيصاً لهذه المناسبة.

4.     بعد فوزه ثانياً في مسابقة شاعر العرب كرَّمني في عام 2009م كلٌّ من:

 أ- المركز الثّقافي العربي في منبج. - مديرية الثقـــــافة في حلب. - كليّة الشريعة في حلب. - النادي العربي بدمشق.

 ب- اتحاد الكتاب العرب بالاشتراك مع مكتبة الأسد الوطنية في دمشق ورافقــــه مجدداً معرض (قطوفٌ وحروف).

نشر قصائده في الصحف والمجلات السورية.

-        شارك في مسابقة شاعر العرب التي تنظمها قناة المستقلة ( لندن ) وأحرز موقعاً متقدماً فيها حيث حصل على الدرجة الثانية .

وكتب عن أعماله العديد من الدراسات

clip_image003_c3763.jpg

أمسية شعريّة للشاعر مصطفى عكرمة في ثقافي أبو رمانة

15 تموز 2010

الأمسية قد تكون الأخيرة حباً بإفساح المجال أمام جيل الشباب

أحيا الشاعر مصطفى عكرمة أمسية شعريّة في المركز الثقافي العربي (أبو رمانة)، مساء أمس الأربعاء 14 تموز 2010.

وكالة الأنباء سانا ذكرت أنّ عكرمة قد ألقى مجموعة من القصائد جاءت بعناوين: «يقظة»، «براءة»، «شقاء»، «حنانك يا شام»، «قصة وفاء»، «يا رب الجمال»، وأضافت سانا أنّ القصائد قد عكست الحس المرهف والخيال المبدع واللغة الواضحة السهلة الممزوجة بالموسيقى المؤثرة، إضافةً إلى بناء قصيدته المحكم وشعريته الفطرية.

هذا وقد ببيّن الشاعر عكرمة في حديثٍ له مع وكالة الأنباء سانا أنّ قصائده انطلقت من واقع الحياة اليومية، مشيراً إلى أنّ هذه الأمسية قد تكون الأمسية الأخيرة التي سيقدمها أمام الجمهور، وذلك حبّاً منه في إفساح المجال أمام الجيل الشاب.

تكريم الشاعر مصطفى عكرمة الفائز بالمركز الثاني في مسابقة شاعر العرب

كرّم اتحاد الكتاب العرب الشاعر السوري مصطفى عكرمة بمناسبة فوزه بالمركز الثاني في مسابقة شاعر العرب، بالتعاون مع مكتبة الأسد بدمشق.

ورافق الحفل شهادات مصوّرة لبعض النقاد الذين حكّموا جائزة شاعر العرب كمحمد خضر العريف، وعباس الجنابي الذي قال: «إنّ الأفعال التي تحرك النص الشعري عند الشاعر عكرمة ثنائية القيمة من حيث الأساس الواحد، ومبسوطة المعاني، وأنيقة الإيقاع».

وأكد الشاعر مصطفى عكرمة في كلمته أنّ هذا اللقاء فرحٌ وطنيٌّ كبير، وأنّه لم يصبح شاعراً إلا بمحبة الآخرين ودعمهم.

ومن ثمّ قرأ عكرمة بعض من قصائده للحاضرين كقصيدة حنانك يا شام، وأم الشهيد، وبيتين عن حادثة الحذاء للرئيس بوش.

وترافق الاحتفال بمعرض للخط العربي تحت عنوان «قطوف وحروف» لنخبة من الخطاطين السوريين والعرب الذين خطوا بعض من أشعار الشارع مصطفى عكرمة.

والجدير بالذكر أنّ مسابقة شاعر العرب أطلقتها قناة المستقلة اللندنية في شباط 2007، وشارك فيها 1280 شاعراً من الوطن العربي.

clip_image004_aaee0.jpg

حلب تكرم الشاعر مصطفى عكرمة

أحييت فرقة التراث الحلبية حفلاً فنياً بدعوة من مديرية الثقافة في حلب تكريماً للشاعر مصطفى عكرمة الفائز بالجائزة الثانية في مسابقة شاعر العرب، حيث أدت الفرقة أناشيد دينية من ألحان الكردي والبطش وبعض الألحان القديمة بإشراف الشيخ محمد مسعود خياطة.

وألقى الشاعر مصطفى عكرمة عدداً من قصائده منها هذا أنت، أنا وحفيدتاي، تسبيح الحجر، لو لحظة. ومن ثم قام مدير الثقافة بتكريم الشاعر ومنحه درع مديرية الثقافة.

دمشق تحتفي بالشاعر مصطفى عكرمة..

 تقرير عن تكريم النادي العربي بدمشق للشاعر مصطفى عكرمة، والأمسية التي أحياها الشاعر في رحاب النادي وخصّها بقصائد منه عن معشوقته "دمشق الفيحاء"..

تناول التقرير تجربة الشاعر مع الأدب ومع الشعر الكلاسيكي وبحوره، وكيف أن وهبه الله القدرة على التعامل العفوي مع بحور الشعر وتمكّنه منهم.. ورأي الشاعر بالحداثة وبالتجارب الشعرية المعاصرة.

 التقرير من إعداد الإعلامي القدير تفيد أبو خير، وبُثَّ في أواسط عام 2009م.

يعتبر الشاعر مصطفى عكرمة واحداً من الشعراء السوريين الذين أغنوا المكتبة العربية بمجموعة من الأعمال الإبداعية الشعرية والقصصية التي تناولت الهم الاجتماعي والإنساني من جهة.

 والتربية الفكرية والعقائدية للطفل العربي من جهة ثانية، الأمر الذي أدّى الى إقرار الكثير من قصائده الشعرية في المناهج الدراسية في عدد من الدول العربية، نظراً لأهميتها الفكرية بما تطرحه من مبادئ أخلاقية واجتماعية ووطنية سامية.

 وتكريماً له ولإنجازه الأدبي المتميز، أقامت جمعية أدب الأطفال في اتحاد الكتّاب العرب برعاية الدكتور حسين جمعة رئيس الاتحاد، وبالتعاون مع جمعية أصدقاء دمشق حفلاً تكريمياً للشاعر مصطفى عكرمة، شارك فيه عدد من الأدباء والإعلاميين ورجال الدين والسفراء العرب وأعضاء مجلس الشعب وأصدقاء الشاعر المحتفى به. ‏

 كلمة الافتتاح ألقاها الزميل صبحي سعيد مقرر جمعية أدب الأطفال، أشار فيها الى أن تكريم الشاعر في هذه المرحلة حيث يشهد الشعر هزات عنيفة، يؤكد مدى تقديرنا الكبير، لما يبذله هذا الشاعر من جهود، تعبّر عن قلب يحترق حباً وإخلاصاً للشعر، ويهيم عشقاً وإيماناً، بالكلمة النابعة من القلب التي تنير لنا الدرب، الى كل ما نصبو إليه في هذه الحياة، التي تشهد معارك طاحنة بين قوى الشر والطغيان، وبين قوى الخير، الذي لانشكّ بأن الشعر، يحمل أهم ألويته البارزة. وأضاف: إن تكريمنا اليوم لفارس من فرسان حركتنا الشعرية، هو تكريم لنا جميعاً، تكريم للحق، تكريم للإيمان بمستقبل عربي نفخر به ونعتز. وختم الأستاذ سعيد كلمته بأبيات شعرية أهداها الى الشاعر المكرم اعترافاً منه بما قدمه للحركة الشعرية العربية وخاصة فيما تناوله من موضوعات خاصة بالطفل. ‏

 ثم ألقى الأديب عبد القادر الحصني كلمة اتحاد الكتّاب العرب بادئاً إياها «إليه يصعد الكلم الطيب، والعمل الصالح يرفعه»، مشيراً الى تجربة الشاعر مصطفى عكرمة التي أغنت المكتبة العربية بأصفى ما كُتب للأطفال، فهي تجربة وارفة ظلالها، عابقة بعبير الإنسانية، حالمة برحيق الحبّ والإيمان. الشاعر مصطفى عكرمة غنى الطفولة بموسيقا ساحرة، ومعان جميلة، وقيم نبيلة، إضافة الى أصالتها اللغوية، ونضج موضوعاتها، وصفاء فطرتها، وهذا ما أدى الى تبنيها في المناهج الدراسية في معظم أقطار الوطن العربي، خاتماً كلمته بوصفه أنه صاحب رسالة إنسانية، وما خط كلمة في الإبداع إلا من قيم الحق والخير والجمال.

 وبكلمات إنسانية شفافة عبّر الدكتور راتب النابلسي عن أهمية التكريم، تكريم الإنسان بشكل عام، فكيف إذا كان الإنسان المكرّم صاحب رسالة إنسانية سامية، فالإنسان هو المخلوق الأول، وهو المكرم ûولقد كرّمنا بني آدم‎ وهو المخلوق المكلّف ûوما خلقنا الجن والإنس إلا ليعبدون‎ ولعل هذا التكريم ينطلق من قوله تعالى: ûولا تنسوا الفضل بينكم‎ وهنا يتجلى التكريم بسلوك حضاري وإيماني وإنساني. وأشار الدكتور النابلسي إلى أن لدى الإنسان حاجات دنيا، وحاجات عليا، ومن الحاجات العليا طلب الحقيقة ومعرفة سر وجود الإنسان وغاية وجوده. ثم استشهد بقول لأحد المفكرين في أن الإنتاج العقلي والشعوري للبشرية لا يزيد عن علم وعن فلسفة وعن فن، فالعلم متعلّق بما هو كائن، وهو الوصف المطابق للحقيقة مع الدليل. ‏

 أما الفلسفة فهي متعلقة بما يجب أن يكون، والفن متعلق بما هو ممتع، ومن أرقى الفنون البشرية «الأدب» لأنه التعبير المثير عن حقائق الحياة، ولعل الشاعر مصطفى عكرمة في استخدامه للأدب دأب للتعبير عن حقائق الحياة، في أدب ملتزم، وكلنا يدرك أن الأدب الملتزم يحمل رسالة، يحمل همّ أمته، وهمّ من يعيش معه. من هنا تأتي قصائده صورة صادقة تحرّك المشاعر العليا في النفس الإنسانية.

 وأضاف الدكتور النابلسي: إن تكريم الشاعر في هذا الوقت العصيب والأمة متهمة بالتخلف، يأتي في إطار إعادة الاعتبار لهذه الأمة التي كانت قائدة للأمم في ردح من الزمن. والأمة بعلمائها وأدبائها، والنبي عليه الصلاة والسلام طلب النخبة، ونحن بأمسّ الحاجة الى أدباء ملتزمين يحملون هم أمتهم، وعلماء نستغني بعلمهم عما يأتينا من الخارج. ‏

 كما ألقت الكاتبة مريم خير بك كلمة تحدّثت فيها عن المخزون الفكري الذي يمتلكه الشاعر المكرم، هذا المخزون الذي كونته قصة الحياة، وبساطة الأيام وأوجاع الزمان، وحكايا الإنسان صغيراً وكبيراً. فجاء شعره على السجية متدفقاً، وقد تسربل بثوب الطفولة تارة، وعباءة الكبار تارة أخرى، امتدت أشعاره على مساحة مترامية الأطراف متجذرة في الأرض، تطول عنان السماء، تأخذ من الحياة والدين والقيم التي نادراً ما ابتعد عنها شاعرنا، فجابت قصائده على مدى ثلاثين عاماً الأرض العربية مرتكزة على تكريس القيم الدينية والرموز التاريخية. ‏

 كتب عن الله والأرض والوطن وصور أم الشهيد في أبهى صورة من العطاء والتضحية. ‏

 ثم تحدّث الدكتور أحمد علي كنعان عن العلاقة الأخوية التي تربطه بالشاعر الذي تعلّم منه بتواضعه كيف يحترمه ويتمثل قيمه. متحدثاً عن تجربته الشعرية التي بدأها في مرحلة عمرية مبكرة، وكان هاجسه منذ بداية حياته، الهم الاجتماعي والإنساني اللذين عبّر عنهما بشعر أصيل يكشف خبايا النفس، وقضايا الفرد بنماذج رصينة وغنية بالحرف والنبض، مشيراً الى مجموعاته الشعرية العديدة، وبرامجه الإذاعية التي كان لها تأثير كبير في التوعية الدينية والفكرية، بالإضافة الى مشاركته في البرنامج التعليمي «افتح يا سمسم». ‏

 ثم استعرض الدكتور كنعان نماذج شعرية تعكس تجربة الشاعر الإبداعية مستأثراً بقصيدة «عرس الوفاء» التي يؤكد من خلالها على ضرورة التلاحم العربي، وعلى الرابطة الدموية بين المشرق العربي ومغربه. ‏

 أما كلمة جمعية أصدقاء دمشق فقد ألقاها الأستاذ غسان كلاس الذي بدأها بالبيت الشعري: ‏

قم للمعلم وفه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا

 فقد رأى الأستاذ كلاس أن نتاجات الشاعر، بمعظمها، قد حفلت بالمنهج التربوي الذي يمتح من تاريخنا وتراثنا الصور المشرقة للبطولات والمواقف المشرفة التي تعكس عنفوان هذه الأمة وكبرياءها مصوغاً بلغة واضحة وأسلوب دافق مطواع يصيب المعنى، ويحقق الغاية، لأنه يصدر عن قريحة فياضة، ونفس شفافة تموج بالإنسانية، وتكرس الأخلاق قيماً سامية نسعى إليها لتكون السلاح الذي تقوى به الأجيال وتتماسك. ‏

 وعبّر الأستاذ كلاس عن الرسالة الشعرية التي حملها الشاعر، وهي رسالة الحق والحب والجمال، والتزم هذه الرسالة في نتاجه الإبداعي، فغنى بطولات حرب تشرين التحريرية في (هنا الأوائل) وعلّم من خلال (فتى الإسلام) الأطفال نبل الأخلاق والقيم، وخاطب الوجدان في (يقظة)، ولفت الى ضرورة الالتزام في (حتى ترضى)، غنى مع الأطفال وغنّوا له ومعه في (أحباب الله) وتغنّى ببلاده ودمشق التي نفحها طيب أشعاره وأطلقها (صيحة) مدوّية في سبيل الحقّ، ورسم الرسول القدوة في (محمدياته) ومجّد في (مجد الحصى) انتفاضة الشعب الفلسطيني، فهو بذلك قد غذّى القلوب والعقول متمنياً له الصحّة والعافية لإطلاق ما لديه من مخطوطات إبداعية. ‏

 في حين رأى الأديب نزار نجار أن الشاعر ماض في ركضه المتواصل الدؤوب، يرفع قصائده، ويترنّم بأشعاره كنهر صغير يتدفّق، نهر يفيض بهدوء، حباً وخصباً وحناناً.. فكان من الشعراء والعشاق والمحبين، مفتوناً بالكلمة، مشدوداً كوتر الى الأصالة والعروبة والإسلام، مردداً أشعار المتنبي، ويتغنّى بأبي فراس الحمداني، وبدوي الجبل، ونزار قباني، حالماً بالأشعار الجميلة والكلمات الأصيلة.. أخذته المنابر إليها، أخذته صفحات الجرائد، وظلّ اسمه يتصدّر واجهة مجلّة الثقافة الأسبوعية ردحاً من الزمن. يؤصّل في مشروعه الشعري فرحة الانتماء الى دوحة الثقافة العربية الأصيلة، يؤصل للطاقات الحبيسة أن تنفجر ضوءاً ونوراً أخضر، وهو فوق كل ذلك يصون قلبه الآمن ما استطاع عن الهوى في دعوة مخلصة للحب، وهو لغيره لا يتعصّب، لأنه ثروته الحقيقية، ويتماهى في رؤيته الشعرية الحق مع الحبّ والإيمان، ويختم نزار نجار كلمته بقوله:

«مصطفى عكرمة يدقّ بوابة الدنيا، يرفع راية الحبّ والتواصل والإخاء، داعياً الى الأصالة والشعر النبيل».

 أما الناقد نجيب كيالي فقد قدّم في ورقته دراسة نقدية لمجموعة قصصية للأطفال بعنوان «مكتبة الطفل العربي» تضم (12) قصة تراوحت موضوعاتها ما بين التربوي والأخلاقي والديني، وأشار كيالي الى أن هذه المجموعة كان لها حضور كبير في الأوساط الأدبية والتربوية العربية وتمتاز بعذوبة الشعر ورشاقته وسلامته اللغوية، إضافة الى عنصر التشويق الذي وظّفه الشاعر عكرمة بشكل إيجابي فحققت المجموعة كينونتها القصصية من خلاله، وأخيراً، مقاربة هذه القصص للحياة الاجتماعية لطفلنا المعاصر، وهذا ما أعطى تجربة الشاعر عكرمة ميزة على أن تكون في مقدمة التجارب الإبداعية ذات النسيج الخاص. ‏

 وفي محور آخر من شعر مصطفى عكرمة تحدّث الأستاذ محمد صياح معراوي عن شعره الملتزم في حمل قضية أمته وهمومها، ومهما كان الغرض الذي ينظم فيه فإنه لا يستطيع إلا أن يتحدّث عن قضية أمته، وهو يرى أن المخرج من هذه الهموم لن يتحقق إلا بمنهج الرشد والهداية الذي حمله النبي محمد ے الى البشرية، رسولاً من رب البشرية وخالق ما يصلحها وما يفسدها. فالشاعر عكرمة واحد من الشعراء الذين تتزاحم مفردات القوافي على أبياته، كلها تسعى لأن تكون الوعاء لمعانيه. وهو بارع في إسقاط التاريخ على الحاضر أروع إسقاط، ولم يتوانَ الأستاذ معراوي عن تقديم بعض النماذج الشعرية في مختلف الموضوعات التي تطرّق إليها الشاعر وربّما أكثرها إثارة بين الحضور تلك المقطوعات الغزلية التي كشفت جانباً مهماً من تجربة الشاعر الإبداعية. ‏

 ثم ألقى الشيخ محمد حبيب كلمة مجمع الشيخ أحمد كفتارو أشاد فيها بالمنهج التربوي والديني الذي ضمنه الشاعر أعماله الأدبية. ‏

 كما تحدث الشاعر والخطاط عبد الجليل عليان باسم الخطاطين المشاركين في المعرض الذي أقيم على هامش التكريم. ‏

 وفي ختام الحفل شكر الشاعر المكرم ثناء الأدباء على تجربته الأدبية، شاكراً أيضاً، الحضور الذي أبدى تفاعله وانسجامه مع الدراسات التي قدمت مختتماً قوله بقراءة بعض المقاطع الشعرية من قصائده. ‏

 ثم قام الأديب الشاعر عبد القادر الحصني والأديب غسان كامل ونوس عضوا المكتب التنفيذي لاتحاد الكتّاب العرب بتقديم شهادة تقدير ودرع الاتحاد للشاعر مصطفى عكرمة تقديراً لإبداعاته ومسيرته الأدبية. ‏

 وختم الحفل التكريمي بكلمة الدكتور محمد حبش عضو مجلس الشعب، تحدّث فيها بإيجاز عن تجربة الشاعر ومكانته، ودوره في الحركة الشعرية المعاصرة، والتزامه بالمبادئ والأخلاق التي ساهمت في بناء جيل جديد يلتزم بمبادئ أمته ودينه.

 وعلى هامش حفل التكريم تم افتتاح معرض الخط العربي بعنوان «قطوف وحروف» خطّت به نخبة من فنان القطر بحروفها قطوفاً من أشعار المحتفى به. ‏

تشرين ـ عزيزة السبيني

الشاعر مصطفى عكرمة مكرماً في مكتبة الأسد :

وفي 11 تموز 2009م كتبت ( عزيزة السبيني) تحت عنوان : ( أرض العرب تحتفي بشاعر العرب..)

قصائده الملتزمة هزت القلوب والعقول ، تفوقت الرواية على الأجناس الأدبية كلها بدءاً من النصف الثاني للقرن العشرين إلا أن هذا التفوق لم يجعلها تتبوأ عرش الأدب ولم تتمكن من مزاحمة الشعر على موقعه الريادي، باعتباره ديوان العرب ومع مطلع الألفية الثالثة عاد الشعر ليحتل صدارة الأنواع الأدبية فأقيمت الأماسي الشعرية والندوات النقدية.

وتبنى الإعلام في وسائله المكتوبة والمسموعة والمرئية الشعر والشعراء فأقيمت المسابقات الشعرية في مختلف الأنواع والمدارس والمذاهب الشعرية وتألق الشعراء السوريون في معظم هذه المسابقات وكان للشاعر السوري مصطفى عكرمة فرصة الفوز في مسابقة شاعر العرب التي أقامتها قناة المستقلة الفضائية والتي تنافس فيها حوالي (1280) شاعراً من مختلف الدول العربية فاحتل الشاعر عكرمة المركز الثاني عن جدارة واقتدار. ‏

 وتكريماً لهذا الفوز المشرف أقام اتحاد الكتاب العرب الثلاثاء الماضي حفلاً تكريمياً للشاعر في مكتبة الأسد حضره العديد من رجال الفكر والأدب ورجال الدين وبعض أعضاء لجنة التحكيم الخاصة بالمسابقة وأصدقاء المحتفى به. ‏

الشعر يحرك الوجدان والعقل ‏:

 بداية ألقى الدكتور حسين جمعة رئيس اتحاد الكتاب العرب كلمة تحدث فيها عن أهمية الشعر في حياة الأمم والشعوب وخاصة الشعوب العربية فهو ديوانها وسجل تاريخها وعطاؤها وأن الشعر له خصوصية في حياة العرب مشيراً إلى سوق عكاظ والمربد حيث كانت تجتمع العرب لتلتقي بشعرائها، كما أشار إلى أهم شعراء العربية وشعراء النقائض مشبهاً ليالي اليوم بليالي الأمس وإن اختلفت الأماكن. ‏

 ثم تحدث عن شاعرية المحتفى به الذي استحق الفوز نظراً لانتصاره للقصيدة التقليدية الغنائية مثبتاً من خلالها أن الشعر قادر على تحريك الوجدان والعقل ونراه وقد قاسمت روحه كل موضوع عالجته قصائده واختتم بقوله: «نحتفي اليوم في أرض العرب بشاعر العرب» فالفوز الذي استحقه هو فوز للوطن والشعب والقضية الفلسطينية التي لم تخل قصيدة من قصائده دون الإشارة إليها والإشارة إلى أطفالها، ومعاناتهم. ‏

قصائده الملتزمة هزت ‏القلوب والعقول :

ثم قدم الدكتور محمود السيد شهادة أشار فيها إلى منظومة القيم التي حملها الشاعر عكرمة والتي ورثها عن أجدادنا الذين غدوا في يوم من الأيام أسياد العالم متحدثاً عن شاعريته التي تهز القلوب والعقول وأسلوبه الذي يمتاز بالرشاقة واللغة السهلة الواضحة التي تنأى عن التعقيد والغرابة وهو جدير بلا ريب بالجائزة ويستحق كل تقدير. ‏

شاعر مَجّد حرية الإنسان ‏:

 في حين تحدث الدكتور أيمن الشوا بالنيابة عن الدكتور مازن المبارك الذي وجه إليه تحية خاصة لأنه شاعر غنى لأحباب الله، غنى للأطفال محلقاً معهم بالقيم الروحية وهو شاعر مجد حرية الإنسان ودافع عن لغة العرب وديوانها الأصيل وفي قصائده تتشكل بنية متعددة الأصوات بمعنى أنها تشمل في داخلها صوت الآخر، أما الخطاب الشعري لديه فهو يتدرج خفية في وعي ونسيج الشاعر بشكل محافظ والنص الشعري عنده يخلق تبادلية الحوار والآراء بين النص وحركة الصورة الشعرية فتبدو العلاقة تبادلية بينه وبين المتلقي. ‏

ينتمي لمدرسة الفن للفضيلة :

 وتناولت الدكتورة فاديا المليح الحلواني شاعرية المحتفى به منطلقة من تعريفها للشعر باعتباره فضاء الفكر المفتوح وتعبير الإحساس والعاطفة الممزوجين بسلطة الروح وهو الصوت المسموع الرافض للممنوع في فضاء الشعر ثم تحدثت عن الفضاء الدمشقي الذي ساهم في تنمية رهافة حسه فانطلق إلى سماء الشعر بحساسية ورقي وأصبح الشعر ساكناً لديه بوصفه جمالاً روحياً ولغة إبداعية متوهجة وحالة شعورية كامنة وخيالاً إبداعياً لايتوقف، فاستطاع أن يشكل بشعره وقصائده قدرة على التأثير وأثارت كلماته وإيقاعاته مناخات نفسية عكست مناخات البيئة الدمشقية فجاء شعره ممزوجاً بين التراث والمعاصرة وبين التقليد والحداثة فغدت قصائده ساحات للحلم والرؤية، كما أشارت إلى شاعريته المتدفقة تجاه المرأة فجاءت قصائده تعبيراً صادقاً عن واقع المرأة العربية والسورية على وجه الخصوص ناقلاً من خلالها تطور وضع المرأة من خلال تطور المجتمع السوري بكل تقلباته. ‏

الريح تستريح بين يديه ‏:

 القلق يسكن في عينيه، والريح تستريح بين يديه والشعر يقف على شفتيه، بهذه الكلمات الرقيقة الدافئة بدأت الأديبة جمانة طه شهادتها بالشاعر مصطفى عكرمة الذي ينساب الشعر منه بلا تكلف، وهو الشاعر المعلم والمرشد الذي كتب للأطفال شعراً تربوياً يصلح لأن يكون منهجاً تعليمياً وتحديداً في المرحلة الأولى، فأشارت إلى قصيدة بعنوان «طبيب الأسنان» يحث فيها الأطفال إلى زيارة طبيب الأسنان، وإلى قصيدة «الإشارة الضوئية» يعلم فيها الأطفال كيفية عبور الشارع بشكل حضاري وسليم كما أشارت إلى شعره في الغزل الذي ينساب عذوبة وروعة بكلمات جريئة وصادقة، وهو في كل ما كتب لم يغنِ أحلامه الشخصية لأنه تماهى مع أحلام أمته وتطلعاتها تغنى بوطنه لأن مجد الأمة وعزة الأوطان لا يتحققان إلا بالعودة إلى ينابيع الدين الأساسية.

 وفي شعره محطات عديدة تستحق التوقف عندها ويكفيه فخراً أنه استطاع أن يؤسس لشعره موقعاً متميزاً في مدونة الشعر العربي المعاصر وأن ينبت في خميلة الوطن شجرة أغصانها محبة وورقها خلق وإيمان. ‏

شاعر القضية القومي-الديني ‏أو« الداعية الشاعر» :‏

 بدأ الدكتور راتب النابلسي بالحديث عن ربط الأدب بالدعوة إلى الله وأن الانتاج العقلي للبشرية لا يزيد عن أن يكون علماً (يتعلق بما هو كائن) وفلسفة (تتعلق بما يجب أن يكون) وفناً يتعلق بما هو ممتع. ‏

 والله تعالى يقول في كتابه العزيز «الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان علمه البيان» هذا الترتيب هو ترتيب رتبي لا زمني وأن وجود الإنسان لامعنى له دون علم وبيان، والقرآن خاطب العقل والقلب معاً ثم تحدث عن الشاعر بوصفه شاعراً ملتزماً مثله كمثل الحمام الزاجل حامل الرسالة . ‏

 ومعظم قصائده تصلح لأن تكون إنشاداً لأنه يخاطب عقول الأمة وقلوبها مطلقاً عليه لقب «الداعية الشاعر». لأن الإنسان يحب الحقيقة ويطرب لها وهذه الحقيقة هي التي تجسد العلاقة بين الدعوة والشعر. ‏

أنت الطفولة والطفولة أنت ‏:

 تحدث الأستاذ ياسر المالح عن العلاقة التي تربطه بالشاعر أثناء عملهما معاً في برنامج «افتح يا سمسم» فكانت كلماته الأحلى وكان له عطاءات كثيرة في فضاء الطفولة شعراً وحكايات وحين يتدفق نهر الشعر لديه فإنه يتدفق من ينبوع الإبداع وكان خير المعبرين عن وجدان الأمة في أزماتها وتطلعاتها نحو الأعلى. ‏

ديوان شعر واضح الدلالات :

 وتساءل الإعلامي محمود الجمعات عن سبب فوز الشاعر مصطفى عكرمة مجيباً باختصار: لأنه ديوان شعر واضح الدلالات مفتوح لقراءته من الجميع، فهو نهر دفوق من الأغنيات يحمل بين يديه رسالة الأرض، فيه دفء الشواطئ، هو يقظة، صيحة في عالم الإبداع الشعري، ويختم شهادته بقصيدة مهاداة إلى الشاعر المكرم. ‏

تنهض الأمم بأبنائها ‏:

 في حين تناول الدكتور عبد السلام راجح العلاقة التي تربطه بالشاعر باعتبارهما إخوة في الإيمان أولاً وجيراناً في الحي الذي يقطنون، مشيراً إلى مكانة الشاعر في نفوس أبناء الحي وهو وإن كان قد حاز المرتبة الثانية في المسابقة إلا أنه الأول في قلوب الأهل والأصدقاء وتحدث الدكتور راجح عن بلاد الشام التي تزخر بالعلماء والأدباء والفقهاء من مختلف الأطياف وإن الشاعر أحب الله لذلك فإن الله قد أكرمه بمحبة الناس، والشعر إذ يجري على لسانه جدول رقراق من العطاء والحب والإيمان ‏

نقرأ في شعره ما تقرؤه ‏:

الأشواق وقت الغياب ‏:

 أشار الأديب حسن حميد في ورقته إلى ثلاثة أمور وسمت مدونة الشاعر مصطفى عكرمة أولها الشعرية الفطرية التي حباه الله بها فهي شعرية قادرة على القول الشعري حتى وإن ضاقت بها الأحياز والمكاره، وثانيها: قيميته، فلا شيء عنده، لا شعر ولا سلوك ولا كلام من دون معطيات القيم، القيم هي المعيار إليها يمضي وبها ينهض وعندها ينصب موازين الشعر، وثالثها: وطنيته فمصطفى عكرمة ذات جرّحتها الأزمنة الوطنية بمواقف أهلها النبيلة فكتب شعر الانتصار فشعره قصيدة جرحّتها الظروف العاطبة فواقفها عبر مشهديات الانتفاضة الفلسطينية المباركة قبل نحو عقدين، هذه المزايا هي التي تميز شعره وهي التي تميزه سلوكاً وتواضعاً وهدوءاً من الآخرين فتجربته الشعرية بعيدة الغور كثيرة الظل حانية على كتاب الأرض يقرأ المرء فيها ما تقرؤه الأشواق وقت الغياب. ‏

جماليات القصيدة العربية التقليدية ‏:

 وأخيراً قرأ الدكتور وليد قصاب، وهو أحد أعضاء لجنة التحكيم ملخصاً عن شهادة أعضاء لجنة التحكيم لشاعر العرب التي ضمت أعضاء من مختلف المذاهب والاتجاهات الشعرية والفكرية ورأت اللجنة في مصطفى عكرمة أنه شاعر يمتلك مشروعاً شعرياً ينطلق من رؤية واضحة للشعر وهو صاحب رسالة نيرة خيرة تنطلق من مفهوم اسلامي فضلاً عن كونه يجسد شخصية الأمة وهويتها الفكرية وهو ملتزم بهموم الشارع العربي وحامل أحلامه وتطلعاته. ‏

قطوف وحروف :

 ورافق الاحتفال افتتاح معرض الخط العربي «قطوف وحروف» بإشراف الفنان الخطاط عدنان الشيخ عثمان، ويضم المعرض روائع ما خطته أنامل كبار الخطاطين في سورية والبلاد العربية من قصائد الشاعر مصطفى عكرمة، ثم ألقى الشاعر مصطفى عكرمة قصيدة شعرية من وحي التكريم وفي نهاية الحفل قلّد الدكتور حسين جمعة المحتفى به درعاً تكريمياً باسم اتحاد الكتاب العرب. ‏

ت: هشام برازي ‏

clip_image005_e6617.jpg

الشاعر "مصطفى عكرمة" يلبس عباءة التكريم الثامنة في بلدة الشعراء... "منبج".

 كتب الأستاذ (محمد علو) تقريراً نشره يوم الأربعاء 18 آذار 2009م جاء فيه :

أقام المركز الثقافي العربي في "منبج" أمسية شعرية تكريميّة للشاعر الكبير "مصطفى عكرمة"، قدم فيها كل من: الدكتور "عيسى العاكوب"، الدكتور "عبد الرحمن عطية"، الدكتور "محمد ياسر الحسين"، الناقد "حسن النيفي"، الشاعر "محمود كلزي"، الشاعر "عبد الجليل عليان"، شهادات نقدية في شعر "مصطفى عكرمة" متناولين العديد من أشعاره وتجاربه..، تلى الأمسية افتتاح معرض للخط العربي من منتخبات قصائد الشاعر المحتفى به بعنوان (حروف وقطوف) لمجموعة من الخطاطين، وذلك مساء الاثنين (16/3/2008)م على مدرج المركز الثقافي..

حضر الأمسية التكريمية وفي نهايتها التقينا بالأستاذ الشاعر "مصطفى عكرمة الذي حدثنا عن معنى ودلالات التكريم قائلاً:

«أشعر أن التكريم وفاء من الناس لمبادئهم التي حاولت أن أعبر عنها، أنا لولا هؤلاء الناس ما كنت شيء، هبْ أنني كنت كل شيء ولم أجد من يستمع إليّ ولا يهتم لما أقول ماذا سأستفيد؟!، إن كان هناك شيء يميزني فهو أنني كنت صوت الناس؛ كنت مشاعر الناس؛ طموحات الناس، هذا باختصار ما حاولت أن أكونه وبفضل الله تحق شيء منه..، وهذا ثامن تكريم لي فقد كرمت في "الإسكندرية" مرتين، في "جدة"، "الشارقة"، وفي "دمشق"، وهذا التكريم غالي عليّ وذلك لهذه الحميمة التي شعرت بها اليوم..».

وعن المسؤولية التي يتركها التكريم على عاتقه أضاف:

«التكريم مسؤولية والتزام، وتقييد بأن أكون بهذا المستوى الذي وضعوني فيه الناس..».

وبدوره الأستاذ حسن النيفي

الناقد "حسن النيفي" فقد تحدث لنا عن الرؤية النقدية التي قدمها قائلاً: «قدمت اليوم شهادة نقدية في التجربة الشعرية للأستاذ "مصطفى عكرمة" ولما كان من المتعذر علي أن أحيط بكافة جوانب تجربته نظرا للحيز الزمني المتاح لي ونظرا للمقام الذي أنا فيه، فقد حاولت أن أقف عند بعض السمات، وقفت أولا عند الظاهرة الإيمانية في شعره وبينت أن الإيمان كركن من أركان العقيدة يتحول في شعر "مصطفى عكرمة" إلى فلسفة روحانية نستشف من خلالها متعة الفوز بالمغفرة بعد الشعور بالذنب، وكذلك وقفت عند ظاهرة أخرى هي ظاهرة المديح النبوي وبيّنت أن الأستاذ "مصطفى عكرمة" يعد مجددا في شعر المديح النبوي وله مداخل شعرية تختلف عما سواه من الشعراء، ثم وقفت بعد ذلك عند ظاهرة فنية أخرى هي ظاهرة التكثيف في اللغة والشفافية في المعنى حيث أن الأستاذ

الدكتور عيسى العاكوب

"مصطفى عكرمة" ببراعة يستطيع أن يقول الكثير من خلا عمق اللغة وشمولية الرؤية ».

أما الدكتور "عيسى العاكوب" فقد تحدث لنا عن الجانب الذي تناوله في شعر "مصطفى عكرمة"، فقال:

«مشاركتي كانت حول تناول الشاعر "مصطفى عكرمة" لشخصية النبي "محمد" صلى الله عليه وسلم، حيث أنه نظر إلى الهداية النبوية من أربعة زوايا، الزاوية الأولى هي زاوية الهداية بمعنى الرشاد والتسديد وسلوك الطريق الصحيح، والثانية زاوية الحضارة حيث يرى أن النبوة هي حضارة بالمعنى الصحيح وليس بالمعنى الزائف، وتناولت زاوية العالم كيف كان قبل النبوة وبعدها، أما الزاوية الأخيرة الازورار عن النبوة أو الهداية، واستشهدت في ذلك بكثير من الأبيات الشعرية لهذا الشاعر الكبير».

وفي سؤال عن رأيه بماذا برع "مصطفى عكرمة" أجاب الدكتور "العاكوب" قائلاً:

«استطيع القول أنه شاعر كبير، أولا من جهة الأغراض الشعرية التي

الشاعر المكرم مصطفى عكرمة

تناولها فلا تكاد تجد غرضا من الأغراض لم يقف عنده، ولقد قلت أن الفضاء الشعري عنده يمتد من الحياة الدنيا إلى الآخرة، يتناول النفس والحياة والكون والطبيعة والمجتمع والمصير فلم يترك زاوية من زوايا الوجود المشاهد والمعاين إلا وقف عندها، وقال فيها شعراً، ويتميز بقدرته على النظم، وكأنه يغرف من بحر..».

ثناء العلماء والأدباء عليه :

مصطفى عكرمة.. شاعراً معلماً جمانة طه

 الاثنين ٢٥ نيسان (أبريل) ٢٠١٦

من يتعرف إليه يدرك منذ الوهلة الأولى أنه شاعر، فالقلق يسكن في عينيه والريح تستريح بين يديه، والشعر يقف على شفتيه، هذا هو حال مصطفى عكرمة الشاعر المطبوع، الذي ينساب الشعر منه بلا تكلف، لطيفاً ناعماً مثل خد أسيل.

يقول الشاعر اليوناني هوراس الذي ولد عام 65 قبل الميلاد: «إن الشعراء قد اكتسبوا بين الناس مكانة الحكماء والنبيين، من جراء توسطهم في حل مشاكل الخلق»، فكرة هوراس هذه لم تكن جديدة، بل قديمة وشائعة، فالرومان القدماء نظروا إلى الشاعر والنبي وكأنهما واحد، ونحتوا من لغتهم لفظة (فاتيس)، التي تشير إلى الشاعر وإلى النبي، هذا اللقب السماوي جاد به ذلك الشعب، على ذلك الفن الذي يأسر القلب.

وإذا كان أفلاطون قد شن على الشعراء حملة لا هوادة فيها وأقصاهم عن جمهوريته، لأن الشعر على حلاوته وطراوته يحمل في موضوعاته ميوعة وفسوقاً تفسد الفتيان وتضلل النشء، فإن اليونانيين القدماء خالفوا رأيه وموقفه ورأوا أن للشعر وظيفة تعليمية، وجعلوا مقام الشاعر في المجتمع مقام المعلم الذي يهذب الناس ويرقى بهم، فكانوا يطلقون على شعرائهم الكبار صفة الشعراء المعلمين، والشاعر مصطفى عكرمة قد سيطرت عليه طبيعتان: طبيعة الشاعر المرهف الإحساس، وطبيعة المعلم والمرشد، قبض على هذا السر اليوناني ومارسه في كتاباته للأطفال، فقدم للنشء الصغير شعراً تربوياً، يصلح لأن يكون نواة لمنهج تعليمي تربوي في المرحلة التعليمية الأولى، فها هو يلفت النظر بلسان أحد الأطفال إلى ضرورة القيام بزيارة طبيب الأسنان، للحفاظ على الأسنان سليمة نظيفة: ‏

ربي أوجد لي أسناني كي تخدمني لا تنساني ‏

فيها أمضغ كل طعامي حتى ‏

يسهل هضم طعامي ‏

أذهب كي أحمي أسناني عند ‏

طبيبٍ للأسنان ‏

كي يحفظها ويداويها ويعلمني ما يحميها ‏

وينبه في قصيدة أخرى إلى دور الإشارة الضوئية، وأهمية ألوانها ودلالاتها، ليتعلم الأطفال منها كيف يعبرون الطريق بأسلوب حضاري، يؤمن لهم السلامة ويجنبهم المخاطر: ‏

الضوء الأحمر قد بانا ل ‏

ا تعبر يا طفل الآنا ‏

*** ‏

الضوء الأحمر إنذار قد تأتي منه الأخطار ‏

وثوان يتلوه الأخضر فيمر الناس من المعبر ‏

الفرق ثوان لا أكثر ‏

ما بين الأخضر والأحمر ‏

*** ‏

ستون عاماً ويزيد، ريعانها في مدينة الحفة التي تطل على اللاذقية من علٍ، وشبابها وشيبها في دمشق حاضرة التاريخ، فتغذت شاعريته من جمال الطبيعة في الحفة: ‏

ويا كروماً أنا في حضنها ولد هل تذكرين قليلاً شقوة الولد ‏

الشمس كانت بها ملكي وطوع يدي والبدر كالشمس ما أحلاه طوع يدي ‏

ونهلت، أي شاعريته، من ثقافة دمشق وجلال تاريخها: ‏

شآم المجد ظلمك مستطاب به ألهمت عن قومي الخطابا ‏

فأسلس واستطال وطاب شعري ولولا أنت لم يك مستطابا ‏

وخلال هذه الفسحة من الزمن التي عاشها بين الحفة ودمشق، عبر العصامي مصطفى عكرمة مفازات حياتية وشعرية عديدة بكثير من التعب والمجاهدة، لكنه خرج في كثير منها منتصراً حاصداً النجاح. ‏

وفي عودة إلى كتاب فن الشعر لهوراس، نجد أنه جعل غاية الشعراء من شعرهم هي الإفادة أو الإمتاع، ويرى أن شأن القصيدة كشأن الصورة، واحدة تعجب المرء لو وقف بالقرب منها، وأخرى تأخذه لو وقف بعيداً عنها، فهذه أرضت الناس مرة واحدة، والأخرى ترضيهم حتى لو عرضت عليهم عشر المرات، وينطبق الشق الأخير من قول هوراس على قصائد مصطفى عكرمة، التي كلما تكرر سماعنا لها أحببناها واكتشفنا فيها مواطن جمالية جديدة ومعاني إنسانية عالية، هذه الجمالية في الصورة والسمو في المغزى والتألق في الإلقاء والحرص على التوحيد بين الشعر والدين والأخلاق توحيداً بنائياً ووظيفياً، منح الشاعر وشعره حضوراً لافتاً في جميع ما عرض من موضوعات، سواء أكانت دينية أم وظيفية وحتى عاطفية، فهو لم يتجاهل مشاعره الإنسانية الخاصة، على الرغم مما يظهر من تحفظ في هذا المجال، ولأن أعذب الشعر أكذبه، لفتتني أشعاره في الغزل ووجدتها تفيض شفافية وتطرب النفس عذوبة. ‏

فالمرأة حين تتوهج سحراً في الكلمة، تمنح الحياة سناً والقلب ضوءاً والحلم فرصاً جديدة. ‏

لقد أبحر الشاعر عكرمة في فضاءات العشق بحرفية ومهارة، واستطاع أن يعوم في بحر من التجلي والإبداع من غير أن يغرق فيه، ومثالنا على ذلك أبيات من قصيدة يصف فيها مشاعره نحو امرأة لامست يدها يده، مع أنه في العادة يتحرج من مصافحة النساء: ‏

مددت له كفي.. فغاب وغيبا وأيقظ أحلام الحياة وطيبا ‏

وطاف بروحي في عوالم حبه وجاب بها الدنيا.. وأدنى وقربا ‏

مددت له كفي.. فروّته وارتوت فما كان أحلى ما سقينا وأعذبا ‏

فلا الكف كفي.. لا.. ولا الثغر ثغره ‏ ولكنما قلبان.. في الكف ذوِّبا ‏

ترى هل كانت الصورة تعبيراً عن حالة حقيقية، أو أنها من تخيلات الشاعر وأحلامه، لاسيما أن الفن يقع في الوسط بين الحلم والواقع. ‏

وفي مقطع من قصيدة أخرى يصف لحظة التقاء نظراتهما، يقول: ‏

سلمت بالطرف لما عبرت ويح نفسي.. أسرت أم سحرت ‏

رعشة منها سرت في أضلعي ليتها ما بين جنبيها سرت ‏

قد نسيت الأمس واضيعته وبدأت العمر لما نظرت ‏

*** ‏

وإذا كان الشعراء، كما يقول شيلي، هم الكهنة الذين يترجمون وحياً لا يدركون كنهه، وهم المرايا التي تعكس الظلال الماردة التي يرمي بها الغد على الحاضر، وهو الأبواق التي تنشد في المعركة، وهم الأثر الذي يحرك ولا يتحرك. ‏

فإن مصطفى عكرمة الذي جعل من شعره مرآة للشعب وقضاياه، اشتغل بقناعة وتصميم على مشروعه الشعري الديني والأخلاقي، فجاءت كلماته جريئة وصادقة، ولأنه أدرك أثر شعره وتأثيره، لم يغن أحلامه الشخصية بل تماهى فيها مع أحلام أمته وتطلعاتها، فمن كلماته يطل وجه الوطن، ومن حروفه يفوح عبق الرياحين: ‏

الحسن أنت وأنت المجد يا بلدي هل أنت من كبدي أم أنت لي كبدي ‏

صاغتك بالحسن كف الله منفرداً يا طيب فردٍ بزهو الحسن منفرد ‏

فاسلم، فديت، لحب أنت ناظمه أيا تراباً به أشفى من الرمد ‏

فمجد الأمة وعزة الأوطان، لا يتحققان إلا بالعودة إلى ينابيع الدين الإنسانية والأخلاقية: ‏

فلا الأوطان أوطان ‏

أذا ما ساد طغيان ‏

وبالإيمان كل الناس ‏

لي أهل وأعوان ‏

يشد عرى أخوتنا بدين الله إيمان ‏

ولا سبيل أمام العرب للتخلص من الظلمة والظلام، إلا بالاتحاد: ‏

فكم مرت بأمتنا خطوب وزادتها ثباتاً واحتداما ‏

شموس الحق نحن إذا اتحدنا فلن تلق الظلوم ولا الظلاما ‏

أما الإنسان الذي هو أحد المحاور المهمة في أشعار مصطفى، فيتوجه إليه طالباً منه أن يجعل من حياته مسيرة محبة وتراحم، فالموت يقف بالمرصاد مهما طالت السنوات: ‏

يا أيها الإنسان إنك ميت مهما تعش ستموت يوماً راغما ‏

لا.. لن يؤخر ساعة عنك الردى مال.. ولا مجد.. ولو بلغ السما ‏

فعلام لا تحيا الحياة محبة وتزيد فيها للأنام تراحما ‏

*** ‏

معالم كثيرة يمكن تلمسها في شعر مصطفى عكرمة، والإشارة إليها، ومحطات عديدة تستحق منا التوقف عندها، لكن المجال لا يسمح لي بأكثر مما توقفت عنده أو أشرت إليه، مع أن البحر لا يختصر بقطرة. ‏

ويكفي مصطفى عكرمة فخراً، أنه استطاع أن يؤسس لشعره موقعاً مميزاً في مدونة الشعر العربي المعاصر، وأن ينبت في خميلة الوطن شجرة، أغصانها محبة وورقها خلق وإيمان.

الشاعر الشامي الكبير.. مصطفى عكرمة.. ‏

 أرسل (بيت الشعر الفلسطيني) البرقية التالية إليه : ‏

ها هي ذي الشام الأبية، وكما عودتنا، تجالس الشعر في ردهة الوقت الآمنة.. ‏

 وها هي ذي الشام الجليلة تمشي فوق خطاها الملكية كي تبارك الشعر والشاعر في مساء نادر هو للشعر والشاعر معاً.. ‏

الصديق العزيز مصطفى عكرمة... ‏

هاهو ذا خبر تكريمك، وفوزك.. ونيافتك.. ‏

تعم بلاد سيدنا الجليل.. ‏

خبر كريم يطل مثل الصباح، من بلاد الصباح الشام العزيزة.. فيعم البيوت.. وأهل الديار.. ‏

بوركت الشام.. فلأهلها أعياد.. ‏

وبورك الشعر.. فلمدوناته أسياد تترى على الأيام.. ‏

وبورك عزمك أيها الشاعر، ووجهك... وندى يديك.. ‏

هانحن ذا.. أهل بيت الشعر الفلسطيني ‏

نهز يديك كي يتضوع حبق الشعر.. ‏

كي تزدهي المعاني وتعلو ‏

كي يظل الشعر بيتاً للنوابه.. أهل الحضور.. والخرائد الفائزات.. ‏

من هنا، من باب العمود، من جوار حائط البراق الشريف.. ‏

من فوق هذه الحجارة الوردية المقدسة.. ‏

من غيبال نابلس، من حارات أريحا، من منارة عكا، من كروم الخليل، من حقول جنين.. من مخيم جباليا، ومن معبر رفح، من سجون أهلنا الأباة، من دوحات رياض أطفالنا.. من حاراتنا.. وعبر بوابة دمشق الشام.. ‏

نهتف بملء الصوت، بوركت، بورك قصيدك، وبوركت يدك الندية.. وبوركت وقفتك مع جرحنا.. المهطال دماً ساحراً، وبوركت أنفاسك وهي تحوم حيرى مثل الطيور حول محمد الدرّة وأبيه.. وبورك نشيدك وأنت تمشي في جنازات شهدائنا.. وبورك قرعك المألوم على بوابات المقابر الفلسطينية.. أن كفى.. وبورك الخطو الثابت في درب العزة.. وقد ضاق.. إلا على الشعر.. والشهداء... ‏

من هنا.. من رام الله، من بيت الشعر الفلسطيني.. نمد يدنا الفلسطينية النازفة.. دماً وزيتاً وزعتراً كي نلامس غرتك أيها الشاعر، ياعكرمة.. ياسليل الحمام. ‏

د. محمد سعيد رمضان البوطي :

 ( كل ما أستطيع أن أقوله وقد استعرضت معظم قصائد ديوانه هذا : إن من أهم ما سرني فيه، استخدامه الشعر تعبيراً عن المعاني الإنسانية والقيم الأخلاقية والمبادئ الإسلامية .

 ومن المعلوم أن الشعر يغري صاحبه باللحاق وراء متعة النفس، والركون إلى أهوائها، وأنه يدفع إلى التعبير عما تكنّه ينابيع الشهوات في القلب، وتطمح إليه مشاعر الصبوة في النفس، ولذلك قلّ أن تجد شاعراً لا يستبيح لنفسه من أنواع الجنوح ما ينحرف إليه جلّ أنداده من الفئات الأخرى .

 ولكن الأستاذ مصطفى عكرمة لم يتبع شعره لحاقاً بتلك المنعطفات، بل أصر على شعره أن يكون هو التابع له إلى معالي الأفكار والمعاني بعيداً عن سفسافها ) .مقدمة فتى الإسلام : ص8 .

الشاعر الكبير حامد حسن :

كتب حامد حسن في مقدمة مسرحية جند الكرامة التي أصدرها الشاعر عكرمة عام 1972م : ( شاعرنا مصطفى عكرمة لصدق عاطفته وعمق معاناته وتوقد وجدانه ينقل القارئ يشده يغمسه في المأساة ، ثم لا يلبث أن ينتزعه من جحيمها ليضعه أمام عظمة الفداء، الإيثار، التضحية، الكبرياء .

فاقرأ إحساس شاعر الكرامة بما في لفظه من عذوبة وأسلوبه من سلاسة وفكره من توثب وثورة وانعتاق وتمرد ، وما في موسيقاه من نغم وانسياب . ) .

الأستاذ خالد مشعل: رئيس المكتب السياسي لحماس :

 وكتب خالد مشعل يقول في مقدمة ديوانه ( مجد الحصى) والذي غير اسمه إلى ( لبيك يا أيها الأقصى): ( شعره يمزج بين الدين والوطنية، والتدفق والجزالة، وبين دقة التصوير وصدق العاطفة يطلقها تسابيح تربطنا بالخالق سبحانه، فتبعث الحب والإيمان والثقة والطمأنينة ويطلقها أشعاراً تمجد أبطال الأمة وشهداءها ومجاهديها، وتسطر بطولات الانتفاضة والمقاومة، وتظلّ فلسطين والقدس حاضرة في أشعاره وقصائده يرسخها في القلوب والعقول، ويبعث الأمل بأن النصر قادم بإذن الله .. ) .

الشيخ كريم راجح: شيخ قراء دمشق:

 وكتب الشيخ كريم راجح في مقدمة ديوان محمديات الذي أصدره عام 1998م: ( إن لكل شاعر مزيته وللشاعر الكبير مصطفى عكرمة مزايا، من أهمها أنه الشاعر الإسلامي الذي ترى إسلامه في شعره، يصل إلى قلبك في كل بيت بقوله، فلا يكاد ينظم قصيدة إلا وترى فيها الهدف الإسلامي، والوحي الإلهي ينبض بها شعره، وتلك هبة الله سبحانه، ويحقّ لي أن أسميه ( شاعر الإسلام ).

 إن مصطفى عكرمة من هؤلاء الموهوبين، يصل ما انفصل من شعر رصين ولغة صحيحة، وأدب رفيع فيعيده إلى منبعه أيام الأمويين، والعباسيين، والنهضة الحديثة في أوجها.

 كما أثنى على شعره محمد نعيم عرقسوسي، والدكتور أحمد علي كنعان، وأحمد معاذ الخطيب، ومحمد أمين أبو الشامات، وعبد المقصود خوجة، ود. محمد عبده يماني، وعبد القادر الحصني وسعدي أبو جيب .

وبعد :

 وبعد الثورة السورية المباركة لم يكن أمام شاعرنا إلا أن ينحازَ للشعب السوري المظلوم، فوقف إلى جانب مطالبه العادلة، ثم هاجر إلى مصر، وتشرّد الأولاد في ديار الغربة وبلاد المهجر، ولكن شاعرنا لم ييأس بل بقي متسلحاً بالتفاؤل والأمل .. وما زال يعطي، ويكتب الشعر، ويحرض قومه على الجهاد والاستشهاد، ويرفع شعار البطل عمر المختار: نحن قوم لا نستسلم: ننتصر، أو نموت .

-        يتبع -

وسوم: العدد 795