الاصطلاح عِملةٌ : تزييفُها ، واختلافُ الفُهوم حولها ، من أخطر الأمور!

الاصطلاح : من تعريفاته ، أنه الأداة الفكرية ، التي تُبنى عليها المواقف والعلاقات ، بين البشر!

تزييف الاصطلاح : أخطر من تزييف أيّة عملة ، يتداولها الناس !

اختلاف الفهوم ، حول الاصطلاح : أخطر من اختلاف الفهوم ، حول أيّة عملة ، متداولة بين الناس !

ثمّة مئات الاصطلاحات ، في سائر مجالات الحياة : الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ، والفكرية والعَقَدية ، والصحّية والعلمية !

نماذج من الاصطلاحات :

السياسية :

أولاً : الأمم المتّحدة ،  متى اتّحدت الأمم ، ومَن وحّدها ، وما مظاهر وحدتها ؟ ومتى اتّحدت فرنسا والصومال ، أو بريطانيا والسنغال ، أو أمريكا واليمن ..!؟

ثانياً : مجلس الأمن الدولي ، ماهو ، ومَن يتحكّم بقراراته ؛ مادام لخَمس دول فيه ، حقّ نقض أيّ قراريتّخذه .. وبالتالي ؛ أيَّ أمن يَحفظ ، من أمن الدول ، التي لا قوّة لديها ، تحفظ أمنها ؟

ثالثاً : حركة عدم الانحياز ، التي أنشئت ، في خمسينات القرن العشرين ، لتدلّ ، على أن ثمّة مجموعة من الدول ، غير خاضعة ، لحلف الناتو ، أوحلف وارسو ، حين كان حلف وارسو قائماً ! مع أن أكثر الدول المشاركة ،  في حركة عدم الانحياز، منحازة للنيتو ، سرّاً أو جهراً !

العسكرية  :

 ثمّة مصطلحات عسكرية ، ذات طابع سياسي ، وهي مصطلحات مستحدثة ؛  بسبب الأحداث ، التي تجري في بعض الدول ، مثل الشام وغيرها ! ومن أبرز هذه المصطلحات : مصطلح (خفض التصعيد) ، الذي يحمل تناقضَه في ذاته ، ولا يمكن ضبطه ! فالتصعيد مصطلح عامّ ، لاسقوفَ له، وخفضُه مصطلح عامّ ، لانهاية له ، إلاّ نقطة الصفر ؛ أيْ : وقف القتال ، تماماً ! وأيّ طرف ، ضمن المصطلح الحالي ، يمكن أن يرفع سقف عمله العسكري ، كما يشاء ، ثمّ يخفضه ، قليلاً ، تحت عنوان خفض التصعيد ! ولو كان المصطلح : خفض السقف المرتفع الراهن ، لكان أقرب إلى الفهم ؛ لأن العقول تتعامل ، مع أمور واضحة ، محدّدة ملموسة !

الاجتماعية :  

مصطلحات : صديق .. عدوّ .. حليف .. محايد .. مصطلحات غائمة فضفاضة ، لأنها تعبّر، عن أمور نسبية ، تخدع الناس ، في كثير من الأحيان ! فالصداقة نسبية ، متدرّجة ، بين السطحية والوثيقة والعميقة .. وتلك التي يضحّي فيها الصديق ، بنفسه ، لينقذ صديقه ، من مأزق ! وقد يسمّى الصديق أخاً ! وقد نُسب ، إلى الإمام عليّ بن أبي طالب ، قوله :

إِنَّ اَخاكَ الحَقّ مَن كانَ مَعَكْ     وَمَن يَضِرُّ نَفسَهُ لِيَنفَعَكْ

وَمَن إِذا ريبُ الزَمانُ صَدَعَكْ     شَتَّتَ فيكَ شَمْلَهُ، لِيَجمَعَكْ

وَإِنْ غَدَوتَ ظالِماً ، غَدا مَعَكْ!

كما أن مصطلحات : عدوّ .. وحليف .. ومحايد .. نسبية ، كذلك ؛ فالعدو: قديكون شديد العداوة ، وقد يكون خفيفها ، وقد تكون عداوته مرحلية، أو مصلحية.. تزول بزوال المرحلة، أو انتهاء المصلحة! وكذلك ، محالفة الحليف ، قد تكون قويّة ، يبنى عليها موقف مهمّ ، وقد تكون سطحية، أو مؤقّتة، أو مبنية على مصلحة عابرة! أمّا كلمة محايد، فتعبّر، عن معنى سلبي غامض ؛ فقلّما يكون إنسان عاقل ، نقيّ الضمير، سويّ التفكير، محايداً بين حق واضح ، وباطل واضح ! أمّا اختلاط الحقّ بالباطل ، فيجعل المحايد الحقيقي ، رقماً مهملاً  ليس مع أحد ، ولا ضدّ أحد ، وبالتالي ؛ فلا يدخل في حساب أحد، في أية خصومة ، أو أنه ، يدخل في حساب الجميع ؛ إذ يرغب كلّ طرف ، في استمالته، بالترغيب ، أو الترهيب ! وكثيراً ماتدخل ، هذه المصطلحات الاجتماعية ، في الأمور السياسية !

الاقتصادية :

 أمّا المصطلحات الاقتصادية ، فيُنظر إليها ، من خلال طرائق التعامل ، بين متداوليها ! وقد يصعب فيها التزييف ، أو اختلاف الفهوم ،إلاّ في حالات معيّنة ، مثل : مكر أحد الأطراف ، وسذاجة أحدها! وتَضبط القوانين ، في العادة ، مايجري فيها ، من عمليات غشّ وتدليس !

الدينية :

 أمّا المصطلحات الدينية ، فالأمور فيها ، معقّدة ، نسبياً ؛ لأنها كثيرة ، من ناحية .. ولأن الفهوم حولها ، تختلف كثيراً، بطبيعة الحال ! ومنها مصطلحات :المؤمن، والمسلم ، والمنافق ، والزنديق، والكافر..وكذلك ، مصطلح: الجهاد ، وأنواعه ، وشروطه .. وغير ذلك ، ممّا يحتاج ضبط علماء ثقات !

وسوم: العدد 865