الشعب الليبي أمين الأمة العربية الأمين

في الوقت الذي يتسارع فيه كثيرون من العرب للتخلي عن عروبتهم ، وأشدهم تسارعا من يصرون على احتكار الانتماء للعروبة ،  ومن مشاهد هذا التدافعِ التساقطُ في حجر إسرائيل ، والإقذاع في ذم الفلسطينيين ، واعتبار إسرائيل دولة شرعية وضحية ، واعتبار الفلسطينيين ظالمين لها معتدين عليها ؛ في هذا الوقت الذي لم نتخيل في أسوأ تخيلاتنا قتامة ويأسا أننا سنحياه ؛ أشرق علينا أحرار الشعب الليبي العظيم وشرفاؤه بموقف عروبي فجر في نفوسنا لحظة شعور عربي نقي زاهٍ من زمن العروبة الذي يتسارع كثيرون من جهال العرب وسفائهم إلى وأده . الموقف أشرق متدفقا فوارا حين سأل مذيع محلي ضمن برنامج الكاميرا الخفية بعض الشبان الليبيين عن رأيهم في إمكانية تصدير النفط الليبي إلى إسرائيل ،  وظهر لاقط الصوت مؤطرا بلون العلم الإسرائيلي ! استهجن أول شاب جالس خلف منضدة في محل السؤالَ نوعيةً وتوقيتا . كانت الساعة الثانية عشرة ليلا ، وهيج غضبه واستهجانه لون العلم الإسرائيلي ، فشك في هوية المذيع الذي بادر إلى القول إنه يعمل لقناة عربية . وفي ثوانٍ اندفع من خلف الشاب فتى في حوالى السادسة عشرة ، وأحاط بذراعه عنق المذيع محاولا إسقاطه أرضا . تعارك الاثنان دقائق ، وطرد المذيع من المحل . الفتى في السادسة عشرة تقريبا ، ومدلول عمره أنه لم يعش في جو المد العروبي المتوهج زمن الشهيد معمر القذافي سوى سبع سنوات ، وهي لا تكفي لصياغة وعيه العروبي في ذلك الجو بحكم صغره . إذن هو وعي فطري عفوي تلقى إشعاعات عروبية من هذه الجهة ، ومن هذا المصدر . يستحيل أن تبارح ذهني ونفسي ضراوة الإصرار والحنق التي شاعت في ملامحه . بدا كأن بينه وبين المذيع ثأرا عتيقا ، وسنحت لحظة الأخذ به . الغريب أن المذيع خلع فانلته ذات اللون الليموني المخضر ، ولبس فانلة حمراء ، واستأنف تنفيذ حلقته ، فضربه الذين سألهم ضربا عنيفا ، وطرحوه أرضا . وبعد وقت قصير نزع إطار لاقط الصوت ، وأخذ يسأل من يلاقيهم من الشبان عن شعورهم نحو الفلسطينيين ، وهنا بدا الليبيون الشرفاء الأصلاء فلسطينيين حقيقيين . قال شاب : " نحن والفلسطينيون خوت ( إخوان ) ، ربي يرفع الحصار عنهم ." . هذا هو الشعب الليبي العربي النقي العروبة . لم تطفىء تسعة أعوام من الآلام والقتلى والتشريد الداخلي والخارجي والمؤامرات العربية والغربية والإسرائيلية نار شعوره العربي ، والذين لم يقدموا لفلسطين يوما شيئا ذا قيمة ، وتآمروا عليها وطنا وشعبا ومسجدا أقصى مع الغرب والصهيونية ؛ ينسلخون من العروبة انسلاخ الأفاعي من جلودها صيفا ، ويبتهلون إلى نتنياهو أن يحرق الفلسطينيين ، ويريح العالم من شرورهم التي تتخيلها عقولهم  المتخلفة المتكلسة ونفوسهم الملوثة الوبِئة . مقامات الأفراد والشعوب لا تصنعها الكلمات التي يمجدون بها ذواتهم . تصنعها الأفعال والمواقف الصادقة المتفجرة من القلب والروح في سلاسة انهمار المطر من السحاب ، وانبثاث العطر من الأزهار ، وانبعاث الضوء والحرارة من النار . نحترق لما حدث ويحدث من مآسٍ لأهلنا في ليبيا الحبيبة ، ليبيا التي كانت من " المختارات " الأولى للمشروع الصهيوني في بلاد العرب ، ونُحِي النظر عنها إلى فلسطين للمزايا   المعروفة التي تختص بها . إلا أن إسرائيل الصهيونية المعادية لكل العرب والمسلمين لم تعفِ ليبيا من شرور مؤامراتها لا قبل الأحداث الحالية ولا أثناءها . في 2017 قبضت السلطات الليبية على جاسوس إسرائيلي هو بنيامين إفرايم الذي يعمل في فرقة المستعربين بعد أن دخل بنغازي مع عناصر داعش ، وتكنى أبا حفص ، وصار إمام مسجد يؤم المصلين ويخطب في الجمع . وقبضت الأجهزة الأمنية المصرية في القاهرة في 13 20على الجاسوس الإسرائيلي إيلان تشايم جرابيل الذي اعترف بأنه كان ينوي السفر إلى ليبيا بعد ما قام به في مصر من نشاطات تجسسية . وإسرائيل تعزز حفتر الأميركي تجنسا وتصرفا بالمعلومات والتدريب والسلاح مشتركة في تعزيزه مع الإمارات والنظام السعودي . وما أكثر ما يمكن أن يقال عن ليبيا ، وأهمه أنها لا يجب أن تترك وحيدة في عنفوان مؤامرات أعداء الأمة ، ومناصرتها حق شرعي وقومي على كل عربي شريف ، ومسلم مؤمن . وصف عبد الناصر معمر القذافي بأنه أمين الأمة العربية ، والوصف أيضا من حق الشعب  الليبي العروبي الشريف . إنه أمين الأمة العربية الأمين .

وسوم: العدد 875