القائد الصالح : هِبَة من الله ، لايصنعه الناس ، بإجماعهم ، ولا يختارونه !

يأتي الحكّام ، عادة : بالاختيار، أو بالوراثة ، أو بالتغلب .. بَيدَ أنّ ثمّة تفصيلات ، لا بدّ منها ، حول كلّ طريقة !

الاختيار : يتمّ عبر نظام شوري ، أو ديموقراطي .. ولكلّ منهما أساليبه ! فالنظام الشوري في الإسلام ، تاريخياً، له أساليب مختلفة ،عن أساليب النظام الديموقراطي:

الخلفاء الراشدون الأربعة ، كلّ منهم  تمّت له بيعة ، مختلفة عن بيعة الآخر!

وبعد الخلاف ، الذي نشب بين عليّ ومعاوية ، وبعد قتل عليّ ، انتقل الحكم إلى معاوية ، فولّى ابنه يزيداً ، خليفة من بعده ،  فصار الحكم وراثياً ، وانتقل ، بعدها ، إلى الأسرة المروانية ، فتوارثه الأبناء عن الآباء ، إلاّ فترة عمر بن عبد العزيز! واستمرّ كذلك ، متنقلاً من أسرة إلى أسرة ، حتى العصر الحديث !

أمّا النظام الديموقراطي : فظهر في اليونان ، ثمّ تطوّر، إلاّ أنّ عهود الملكيات المطلقة ، كانت هي السائدة ، وكان للملوك هيمنة تامّة ، على مفاصل الدول ، بشكل عامّ ، إلاّ ماندر! ولم تأخذ الدول بالأنظمة الديموقراطية ، حتى العصر الحديث !

 حُكم التغلّب ، ظهر في عهود مختلفة ، في كثير من الدول ، ولا يزال يظهر، في بعض الدول ، عبر الانقلابات العسكرية !

نقاط أساسية :

أوّلاً : نظراً للمنافسات الشديدة ، على السلطة ، بين قوى كثيرة ، من : قبائل ، وأحزاب ، وأفراد ، وكتل عسكرية .. يصعب أن يأتي نظام حكم ، يُرضي الناس جميعاً ؛ فما يرضي فريقاً ، يُغضب غيره ! واستناداً إلى هذه النقطة ، يُعَدّ فقه السياسة الشرعية ، في مجال اختيار الحكّام : فقه ضرورات ؛ لأن مَن يعمل بالسياسة مضطرّ، إلى التنازل  ، عن بعض اختياراته وتفضيلاته - في دوّامة التنافس والصراع - لتحصيل مايمكن تحصيله ، من حقوق أو مكاسب، ولو في الحدود الدنيا!  

ثانياً : ليس ثمّة نموذج ،  يقاس عليه ، في اختيار الحكّام ؛ فلكلّ شعب ظروفه ومعادلاته ، وطرائق اختياره لحكّامه !

ثالثاً : بعض الحكّام يأتون ، على شكل طفرات ، يصعب تعميمها ، مثل : عمر بن عبدالعزيز!

رابعاً : بالنظر إلى عهد عمر بن عبدالعزيز، الذي لم يسبقه ، ولم يعقبه ، مثله ، في العهود الملكية الوراثية .. يمكن القول ، ببساطة : إنّ الحاكم الصالح الكفء ، هو هبَة من الله ، لايأتي باختيار الناس ، ولا يمكن صناعته ؛ وإلاّ لصنّعت الدول حكّاماً صالحين أكفاء ! فالجامعات قد تخرّج أطبّاء أفذاذاً ، ومهندسين مميّزين ، وعلماء متفوّقين ، في علوم كثيرة ، لكنْ ، للحكم الصالح معادلاتُه الخاصّة ، وللحاكم المميّز الفذّ ، مؤهّلاتُه الخاصّة !

وسوم: العدد 881