في اليوم العالمي للاجئين .. المسلمون السهم الأكبر ..

وعظم المأساة على أرض سورية وفلسطين

تعتمد الأمم المتحدة العشرين من حزيران ، الذي يصادف اليوم ، يوما عالميا للانتصار أو للتعاطف مع قضايا اللاجئين ..

تنشأ أكثر عمليات اللجوء المومى إليها في التقارير الدولية ، عن عمليات الظلم والقسوة والإرهاب التي تمارسها الحكومات ، أو الفئات المتسلطة بفعل قوتها أو بفعل ما يوضع في يدها من أدوات القتل والتهديد ..

حسب إحصاءات الأمم المتحدة فإن أعداد اللاجئين حول العالم في تضخم وازدياد . وآخر إحصاء صدر عن المنظمة الدولية يشير إلى أن عدد اللاجئين حول العالم بلغ 1% من كلي سكان المعمورة .

إن الذي نحب أن نؤكد عليه أن الرقم الذي يشير إليه الإحصاء لا يشمل الأعداد الضخمة من الخائفين والمشردين ، ولا يعترف بلجوئهم أحد ، ويبدو أنهم الأكثر عددا في ثنايا المجتمعات الإنسانية ، و الأكثر عرضة للظلم والحيف والقهر والاستغلال ..عنوانهم " بشر بلا حقوق " والكل يعلم والجميع يتجاهلون .

إن تضخم عدد اللاجئين في العالم ، وحسب اعتراف المنظمة الدولية نفسها ، يؤشر بشكل مباشر إلى إخفاق مجلس الأمن الدولي في مهمته الأساسية ، حفظ الأمن في العالم ، ومنع الحروب ، وحماية المدنيين . فماذا نقول حين تكون دول مجلس الأمن دائمة العضوية فيه ، على مدى أكثر من سبعة عقود من قيامه ، طرفا في جميع الحروب ، تؤزها وتغذيها ، وتستثمر فيها ،وتقف غالبا إلى جانب المستكبرين والطغاة ضد المستضعفين والمظلومين ..لا تلوموني إن لهجت دائما بضرب المثل بسورية والعراق وفلسطين ..

نتابع في العالم في القرن الحادي والعشرين حركات نزوح ولجوء يحركها الجفاف والمجاعة ونقص الثمرات من بلاد وينهب خيراتها الجشعون ..

كما نتابع حركات تهجير وتشريد من أوطان تصر قوى الهيمنة والنفوذ على تغيير هويتها وهوية سكانها ، تحت عنوان كان بشار الأسد أوقح من عبر عنه ، للوصول إلى ما تريده قوى الاستكبار العالمي ، وسبق بشار الأسد إلى براءة اختراعه حين سماه "المجتمع المتجانس " متجانس مع من ؟ ! ولمصلحة من ؟! هذا سؤال كبير !!

والمسلمون في كل العالم هم السهم الأعلى في رقم اللجوء ...أو تعجبون ؟! وفي تعداد المقتولين ؟! وما أظنكم لا تعلمون . جل القتل السياسي بعد الحرب العالمية الثانية وقع في أديم المسلمين لعلكم تذكرون ..

من بلاد الإيغور وتركستان شرقية وغربية ، الى أراكان إلى الهند وكشمير إلى العراق إلى سورية إلى فلسطين إلى الصومال وأريتريا وشرق أفريقيا ...

وما زلنا نردد : مسلمون ...مسلمون ..مسلمون

وهذه الحقيقة الرقمية الصارخة هي التي تتجاهلها الأمم المتحدة ، ويتجاهلها صناعها، ويتجاهلها أيضا المسلمون ، وهي التي يجب أن نؤكد عليها في مثل هذا اليوم العالمي الجميل أو الكئيب ..!!

كان اللجوء الفلسطيني ، بكل أدواته القاسية ، وصوره الرعيبة ، ونتائجه الكارثية ؛ هو الأبشع والأقسى في النصف الأول من القرن العشرين . وتحت سطوة المذابح يشرد الأبرياء من أرضهم وديارهم ، ثم تحت شرعة الإثم الدولية ، يشرعن لجوؤهم وتشريدهم ، ويغرس في ديارهم غرباء آخرون ..

ثم تابعنا ما جرى بعد سقوط الدولة في العراق، في مطلع القرن الحادي و العشرين على يد "المحرر الأمريكي" الذي أوكل مهمة التخويف والتشريد للميليشيات الطائفية الشيعية بكل قيحها وصديدها فأدت المهمة لكي لا يبقى في العراق من المسمى البريمري " العرب السنة " إلا القليل.سقطت الدولة في العراق ولم تقم بعد الدولة في العراق ولم يتوقف بعد التهجير والتشريد

و بنهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين وصل "بلدوزر " التجريف والتهجير إلى سورية ...فاقتلع نصف سكانها ، وعلى التصنيف البريمري نفسه ، في كل مكان على الساحة الإسلامية والعربية ، تعامل المجتمعات على التصنيف " البريمري " نفسه ، تلك الشريحة من البشر " المنبوذين "

القاسم المشرك الأعظم في سورية اليوم ، بين الروسي والأمريكي والرافضي الشيعي الشعوبي ؛ هو تهجير هؤلاء السوريين المنبوذين ، وتلبية رغبة بشار الأسد ، ورغبة حلفائه في تمكين " المجتمع المتجانس " وعلى ذلك جميعا يعملون . في الغرب والشرق والشمال والجنوب ..وممثلو المجتمع المتجانس هؤلاء اليوم يملؤون كراسي السلطة وكراسي هيئات المعارضة سعيا للحكم المتجانس الرشيد !!

هذه حقائق يعيها من وعى ويتجاهلها ويتغافل عنها من ادعى ..

في اليوم العالمي للاجئين نحب أن ننهي إلى كل الطغاة والمستكبرين ..

إن أهرامات المجتمعات لا تستقر على رؤوسها ..

وأن هؤلاء اللاجئين المهجرين مهما امتد بهم الزمان سيعودون ..سيعود الفلسطيني والسوري والعراقي والأركاني والتركستاني والأفغاني والصومالي وسوف تعلمون ..

وسنبقى دائما ..

ندعو جميع اللاجئين من كل الجنسيات إلى تنظيم أنفسهم ، والتمسك بحقوقهم ، ومع إقرارنا بحقيقة ما يعانونه من شظف ومن ضيق فإن تحمل الأمانات وأدائها ليس بالتكليف اليسير ..

 على اللاجئين السوريين خاصة أن يعيدوا تنظيم أنفسهم ، وأن يرفضوا أن يمثلهم هؤلاء الذين اختارهم ومكنهم الذين هجرونا وشردونا وهم يعلمون ..وهل هجرنا من ديارنا وحولنا إلى لاجئين إلا أمريكي وروسي وإيراني وأسدي ..!!

ولنبق دائما مع كل مرارات الهجرة والاغتراب شاكرين لكل من آوى وأعان ولو بكلمة طيبة ، متحالفين مع الحق ضد الباطل - مع العدل ضد الظلم - مع الحب ضد الكراهية ..

وإننا - بإذن الله - لعائدون ..عائدون إلى حياة العزة والكرام والعدل والحرية ..

ولئن نورث أبناءنا وصف لاجئين خير من أن نورثهم وصف عبيد وأقنان مستذلين .

ولسوف تعلمون ..

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وسوم: العدد 882