أحدثكم عن العلاّمة عدنــان النحـوي!

zcgnfmfhkm945.jpg

كثير هم الكُتّاب والمؤلّفين، لكن ليس فيهم أحد مثل (عدنان النحوي)!

وكثير جداً هم الشعراء، لكن ليس فيهم نظير لـ "عدنان النحوي"!

وكثير جداً جداً هم الأدباء، لكن لا يُشبهونَ "عدنان النحوي"!

بعدما أجريتُ معه حواراً أدبياً، وهممتُ بالانصراف؛ أمسك بيدي، وقال: اكتُب لكيْ تكونَ كلمة الذين كفروا السفلى، وكلمة الله هيَ العليا ... وقد ظلت تلك الوصيّة الغالية ناقوساً يرنّ في أُذُني كلما أمسكتُ بالقلم!

وفي أواخر التسعينيات؛ انعقد بالقاهرة "مؤتمر الأديبات الإسلاميات"، وقد طلبتْ مني إحدى الإعلاميّات أنْ أدلَّها على أحد الأدباء الكبار المشاركين في المؤتمر لمحاورته ... فأشرتُ لها على الدكتور/ عدنان النحوي.

وقبل أنْ تذهبَ إليه طلبتْ مني أنْ أحضر اللقاء، عسى أنْ أطرح سؤالاً قد يثري الحوار .. فترددتُ قليلاً؛ لعدم ارتدائها "الزيّ" المناسب!

لكني راجعتُ نفسي، ورأيتُ أنَّ "السلبيّة" ليست حلاًّ، وأنه من الأفضل المشاركة، سيّما أنني من أشدّ المعجبين بالأديب الموسوعي/ عدنان النحوي.

بمجرد أنْ أقبلنا نحوه؛ تهلَّل وجهه بالسرور، ورحَّبَ بنا حفاوةٍ بالغة، واستهلَّ حديثه معنا عن حال الشعوب، والأوطان، ودور المسلمين الغائب في هذا الزمان ... وألقى علينا محاضرةً عصماء فيما ينبغي عمله لانتشال الأمة ممَّا حلَّ بها !

في تلك الأثناء؛ كانت (الإعلامية) مشدوهة بما تسمع، وكأنها انتبهتْ إلى أمر جلل، ووضعتْ يدها على جرحٍ نازف، وفتحتْ عينها على جرحٍ آخَر!

لــــذا؛ غيَّرتْ الأسئلةَ التي كانت معدَّة لطرحها للحوار الإذاعي، وراحت تسأل: كيف نصنع أدباً راقياً يتوافق وهويتنا الحضارية، وكيف ننشئ جيلاً من الأدباء يحملون رسالة الأمة، وينافحون عن قضاياها .... إلخ!

المهـــم؛ أنها صارت منذ ذلك اليوم؛ أديبة، وكاتبة إسلامية، بلْ ومن تلامذة الدكتور النحوي .. وظلتْ تترقّب مجيئه إلى القاهرة لمحاورته، ومعرفة آخر ابداعاته، ونتاجه الأدبي!

*   *   *

نعـــــم! إنه الكاتب الأديب، والشاعر الناقد، والمؤلّف العبقري، والداعية الفذّ، المهندس الدكتور (عدنان النحوي) محامـــي لغـــة الضـــاد، ابن فلسطين الحبيبة، ومُخطّط مدينة الرياض بالمملكة السعودية!

وقد ترك للأجيال وديعةً فكرية ذات قيمة كبيرة من الإبداع الشعري والنقدي، والكُتُب الإسلامية الرفيعة المستوى ... كان آخرها كتابه (العربية بين مكر الأعداء وجفاء الأبناء) الذي يعدُّ من أوفى الكتب في موضوعه، فعنوانه دالٌّ على محتواه؛ إذْ يتناول حجم المؤامرة على لغة القرآن المجيد من جانب، وعقوق أبنائها، وجفاءهم من جانبٍ آخر.

يقول –النحوي- في مقدّمة الكتاب: اختارها الله لتكون لسان دينه ورسالاته، وقد تميزت بنموها السريع وتطورها العجيب، وحملت معها بركة النبع الأول للإنسان، برعاية ربّانية حتى بلغت ذروة كمالها بنزول الوحي بها على النبيّ العربي الخاتم، وكأنَّ الوحي الكريم يشير إلى بركة التاريخ وبركة المصدر، وبركة النبع الأول، ليرتبط ذلك كله ارتباطاً يقف دليلاً وشاهداً على عظمة هذه اللغة وقداستها.

ويقول –رحمه الله- تميّزت (العربية) بخصائص الاستقرار والصفاء، حتى يظلّ "القرآن" يحمل خصائص إعجازه، وخصائص بلاغته، وقوّة حجّته. كما عرفت قواعدها صافية منذ بكور نشأتها، وعرفت نحوها وصرفها -كذلك- في أجوائها النقية .. فعرفت المفرد والمثنى والجمع، والمذكر والمؤنث، وضمائر الغائب والمتكلم والمخاطب، واسم الإشارة والاسم الموصول، والاسم المعرَّف بالألف واللام، والضمير المتصل والضمير المنفصل وأنواعهما، واسم الزمان واسم المكان، والنعت، والأعداد، والمجرّد من الأفعال والمزيد، إلى غير ذلك ... وأبصرهـم فسوف يبصـرون!

رضيَ اللهُ عن أستاذنا وأديبنا (عدنان النحوي) شاعر الملاحم، وفارس الأدب الإسلامي، ومحامـــي العربيــــــة، وجزاه خيراً عن دينه، وعن أمته ولغتها ... وسلام عليه في دار الخلود!!

وسوم: العدد 945