الإعلان عن بلوغ عدد ساكنة المعمور ثمانية ملايير نسمة صاحبه تحذير منظمات وهيئات من قلة الموارد

تناقلت وسائل الإعلام العالمية نبأ بلوغ عدد ساكنة المعمور ثمانية ملايير نسمة ، وأجمعت منظمات وهيئات عالمية على أن هذه الزيادة في عدد البشر بالرغم من كونها مؤشرا على تحسن ظروفهم الصحية والمعيشية ، فإنها مؤشر أيضا على قلق بخصوص الموارد  المعيشية التي وصفت بأنها في تناقص مستمر بسبب عدة عوامل وعلى رأسها العامل البيئي حيث يعزى ضعف الموارد المائية إلى الظروف المناخية السائد اليوم بسبب الاحتباس الحراري  الناتج عن التنافس الصناعي بين البلدان الصناعية الكبرى  وأشارت بعض تلك المنظمات والهيئات إلى أن القلق بخصوص الموارد  يعزى إلى سوء توزيعها بين دول غنية وأخرى فقيرة .

والمثير للانتباه والاستغراب  في قلق  تلك الجهات هو التغييب الكلي لمالك الملك سبحانه وتعالى الذي حسم أمر الموارد في بعض الآيات المسطرة في الرسالة الخاتمة العالمية الموجهة للبشرية  إلى قيام الساعة ، نذكر منها تمثيلا لا حصرا  قوله جل في علاه : ((  قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )) ، كما نذكر قوله أيضا : (( ولله خزائن السماوات والأرض ))  ، ونذكر كذلك قوله : (( ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير ))، ونذكر أيضا قوله : (( قل من يرزقكم من السماء والأرض )) ، كما نذكر أيضا قوله : (( وفي السماء رزقكم وما توعدون فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )).

وعندما نتدبر هذه الآيات الكريمة من الذكر الحكيم، نجد حسما إلهيا واضحا في قضية الموارد التي  تعبّر اليوم منظمات وهيئات عن قلق بخصوص تناقصها مع بلوغ عدد البشر ثمانية ملايير نسمة ، ذلك أن خالق الأرض سبحانه وتعالى  قد قدّر فيها أقواتها  قدرا معينا لم يربطه بعدد البشر ، كما أنه ذكر ما  أودع  في السماوات والأرض من خزائن لتلك الأقوات ، وذكر أنه لا يبسط الرزق بسطا يجعل البشر يبغي في الأرض بل ينزل بقدر معلوم  لخبرته بسوء تصرف البشر في الرزق ، وذكر أنه جل وعلا الرازق الوحيد للبشر  ، وأنه جعل مصدر هذا الرزق في السماء ، وأقسم  باسمه عز وجل على ذلك قسما عظيما .

وتكفي هذه الآيات البيّنات دليلا على أن قلق تلك المنظمات والهيئات ، وكل من يجاريها في قلقها سببه تغييب حقيقة مصدر الموارد ، ومن يملكها ، ويملك التصرف فيها سبحانه وتعالى  علوا كبيرا عما يصفون  ويقولون .

ولا غرابة أن يصدر ذلك عن تلك المنظمات والهيئات التي يحكمها المنطق اللاديني أو بالتعبير الشرعي منطق الكفر كما جاء في قوله تعالى : (( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين  وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )) .

ومعلوم أن ما يجب أن يقلق في قضية الموارد  اليوم هو سوء تصرف البشر فيها كما أخبر بذلك الخالق سبحانه وتعالى ، وسمّى ذلك بغيا ناتجا عن بسط الرزق لهم . ولننطلق من الوضع الحالي في المعمور الذي بلغت ساكنته ثمانية ملايير نسمة ، وهو عدد لا يتحكم فيه إلا الخالق سبحانه وتعالى ، وما لغيره دخل فيه وهو القائل : (( إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمان عبدا لقد أحصاهم وعدّهم عدا )) والقائل أيضا : (( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير )) ومن الذي من أسمائه الحسنى سبحانه المحصي .

وأما بغي البشر اليوم  فيتجلّى في إتلاف الموارد بشكل واضح  وغير مسبوق حيث تهدر أموال  طائلة في اللهو واللعب ، وفي الحروب  وما شابه ، وهي أموال كان من المفروض أن ترصد لتوفير الرزق لملايين لجياع  في هذا العالم، ولنذكر على سبيل المثال لا الحصر المبلغ المذهل الذي أنفق على تنظيم كأس العالم  ، والذي لم يسبق أن بلغته المبالغ السابقة المرصودة لتنظيمه  ، وواقع الحال أن العالم فيه ما لا يعلم عددهم إلا المحصي سبحانه وتعالى من جياع  وذلك  في ظرف حرب عبثية في أوكرانيا يستعمل فيها كسلاح بين الطرفين المتحاربين منع  وصول  الوقود والقوت إلى فقراء المعمور ، وهي حرب تتلف أموالا طائلة كفيلة بتوفير الطعام لكل جياع وفقراء العالم .

وإلى جانب الانفاق العابث على اللهو واللعب ، و على الحروب ،هناك سوء توزيع الموارد ذلك أن بلدانا أطغها الغنى تستأثر ساكنتها  بنصيب الأسد من تلك الموارد، بينما تعاني ساكنة البلدان الفقيرة المستضعفة من فقر مدقع  ومواردها تسطو عليها البلدان الغنية الطاغية .

إن المنظمات والهيئات المعبرة عن قلقها من نقص الموارد  مع بلوغ  عدد البشر ثمانية ملايير قد أخطأت الهدف  والتقدير ، وغيّبت عن عمد سبب ذلك ، ولو أنها كانت بالفعل قلقة لتحدثت عن  تبذير الأموال والثروات من طرف طغاة هذا العالم الذين يعلم الله وحده ما الذي يخططون له من كيد ومن مؤامرات للمستضعفين من ساكنة هذا المعمور خصوصا وهم من كانوا يتحدثون عما سموه نظرية الخمس التي تهدف إلى تقليص عدد البشر الفقير ليعيش البشر الموسر حياة البذخ والتبذير . ومن يدري ربما اتخذ هؤلاء المتآمرون من الجوائح ومن الحروب  وغيرهما  وسائل لإهلاك البشر الفقير كي ينفردوا وحدهم  بما أودع الله عز وجل من خزائن في الأرض، وما ينزل من السماء ، وإنهم ليكيدون كيدا  وهو سبحانه أعلم بكيدهم ، ويواجهه بكيده المتين مصداقا لقوله تعالى : (( والذين كذّبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون وأملي لهم إن كيدي متين )).

وسوم: العدد 1006