تآمر الصهاينة وحلفائهم الغربيين لتقويض النسيج البشري العربي عن طريق النفخ في النعرات العرقية والطائفية

إن ما حدث وما يحدث بمنطقة  السويداء بالقطر السوري كان متوقعا  منذ سقوط نظام الأسد ،وإعلان النظام الذي تولى زمام الأمور بعده السعي من أجل لملمة ما مزعه ذلك النظام المنهار ، وتوحيد صف الشعب السوري الذي يضم أعراقا بشرية وطوائف دينية مختلفة منذ فجر التاريخ ،نظرا لكون منطقة الشام كانت دائما ملتقى الأعراق والحضارات المتنوعة .

 ومعلوم أن ما  يقض مضجع الكيان الصهيوني  المستنبت بالقوة في قلب منطق  الشرق الأوسط هو محافظة الأقطار العربية المحيطة بأرض فلسطين على وحدة أراضيها، ووحدة نسيجها البشري المتنوع عرقيا وطائفيا ، ولهذا لجأ إلى مؤامرة تقويض لحمة هذا النسيج من خلال النفخ في النعرات العرقية والطائفية، وإشعال فتيل الصراع الدامي بين أفراد الشعب الواحد خصوصا وأنه يروج لفكرة تحقيق  حلمه التلمودي بإنشاء وطنه الوهمي من النهر إلى البحر ثم  إلى أبعد من ذلك تدريجيا .

ومعلوم أيضا أن هذا الكيان السرطاني إنما زرع في قلب  الشام بأرض فلسطين من قبل الغرب الاستعماري كجزء من مؤامرة سياكس بيكو التي قسمت تركة الرجل العثماني المريض، واحتلتها لنهب خيراتها ومقدراتها ثم الاستمرار في هذا النهب بعد جلاء جيوشها ، وبقاء العصابات الصهيونية في المنطقة لتصير فيما بعد جيشا  مكونا  من مرتزقة  دروز، وأحباش من الفلاشة ، ومستعربين وهم في الأصل صهاينة تخفوا تحت هذا المسمى ، وانضمت إليه فلول من خونة  فلسطينيين وعرب ،فضلا عن يهود شرقيين هاجروا إلى فلسطين من مختلف الأقطار العربية ، ويهود هاجروا من  شرق وغرب القارة العجوز، ومن القارة الأمريكية شملها وجنوبها ،إلى جانب محترفي الارتزاق والإجرام  من كل أقطار العالم ، وهكذا بقيت فلسطين وحدها تحت الاحتلال الصهيوني الذي خاض بمرتزقته حروبا ضد الجيوش العربية بدعم من القوات الغربية بما فيها تلك التي كانت تحتل الأقطار العربية ، وبذلك توسع الكيان الصهيوني في المنطقة طامعا في تحقيق حلم الوطن التلمودي المزعوم ، وهو ما يعني أن سايكس بيكو ظلت واقعا مفروضا على الوطن العربي الذي صار مسرحا لصراعات داخلية وانقلابات عسكرية  من تدبير الغرب الحريص على وجود أنظمة تتعايش مع عرّابها الكيان الصهيوني وذلك من أجل ضمان استمرار استنزافها لخيرات ومقدرات  منطقة الشرق الأوسط، وغيرها من الأقطار العربية.

ولقد استغل الغرب حراك الربيع العربي الذي فاجأه ، وأقلقه ، وأثار مخاوفه على مصالحه التي  يجسدها النهب والسلب ، والسرقة الموصوفة حين بدأت الأنظمة الموالية له في السقوط  ، ولجأ إلى خطة إضرام نيران الحروب الأهلية  في  معظم الأقطار العربية المنهارة أنظمتها من خلال النفخ في النعرات الطائفية والعرقية كما هو الحال في العراق، وسوريا، واليمن ، وليبيا ، والسودان مع التخطيط الماكر الخبيث لنقل هذا الوباء الخطير إلى باقي الأقطار العربية  عن طريق استغلال الخلافات السياسية بين أنظمتها الغافلة أو المتغافلة عما يراد من  شر بأقطارها وشعوبها .

وإن أحداث السويداء التي ركبها الكيان الصهيوني متذرعا بها للتدخل المباشر في سوريا بغرض تقسيمها إلى دويلات عرقية وطائفية تعتبر مؤشرا على خطر استغلال النعرات العرقية والطائفية لتفجير النسيج البشري الفسيفسائي  من الداخل . والمؤسف  والمصيبة الكبرى هو وجود استعداد لدى بعض الطوائف العرقية  لخدمة مشروع المحتل الصهيوني التوسعي، والذي يتذرع بحمايتها من أبناء وطنها. و كشاهد على هذا الاستعداد تناقلت  وسائل الإعلام ، ووسائل التواصل الاجتماعي فيديو لشيخ درزي بشارب ولحية كثين  يحمل في يديه بندقيتين ، ويحرض على قتال من سماهم البدو ، ويقسم ألا يدخلوا جبل الدروز ، وتخلل وعيده وتهديده لهم ثناء على الكيان الصهيوني الذي يحرضه ، وينفخ في نعرته العرقية  الدرزية ، ويستغل عناصره للخدمة العسكرية في صفوف عصاباته الإجرامية  كي يشاركوا في الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في قطاع غزة .

متى يا ترى ستفيق شعوب الوطن العربي خصوصا ذات التركيبة العرقية والطائفية الفسيفسائية من سباتها، وتنتبه إلى مكر الغرب والصهاينة الخبيث بها لتفتيت أوطانها ، وتمزيق لحمتها من أجل الوصول السهل وغير المكلف إلى خيراتها ومقدراتها التي تسيل لعابهم ؟؟؟ ويكفي أن تعتبر هذه الشعوب من زيارة الرئيس الأمريكي إلى منطقة الخليج وقد جبى  منها الترليونات من أجل رفاهية بلاده  وشعبه على حساب بؤس شعوب الوطن العربي التي يموت بعضها جوعا ومرضا وفي جهل مطبق ، وتخلف مريع  . ألا يحرك هذا الحدث  شيئا من وعي هذه لشعوب العربية  الغافلة واللاهية ، فيجعلها تنتبه إلى مكر خبيث يتهددها ، فتسارع إلى طي صفحة الصراعات الطائفية والعرقية إلى الأبد ، وتفويت الفرصة على الماكرين بها لضمان وحدة أوطانها التي مزقتها سايكس بيكو ، ولا زالت تريد تمزيقها من جديد  مرة أخرى عن طريق عرابها الصهيوني الذي تتذرع بحمايته دول الغرب تمويها على طمعها وجشعها المكشوفين في خيرات ومقدرات أوطانها ما فضح ذلك سلوك الرئيس ترامب   ؟؟؟

وعلى الأقطار العربية التي لم تنفخ  فيها النعرات العرقية والطائفية لحد الآن أن تأخذ على محمل الجد  خطر تفكيكها ، وتمزيق نسيجها البشري، علما أن الكيان الصهيوني والغرب الداعم له يحثون الخطى لاستكمال خطة إشاعة الفوضى  العارمة من المحيط إلى الخليج  من أجل ما بات يسمى شرقا أوسطا جديدا ووطنا عربيا جديدا محتضنا للسرطان الصهيوني الخبيث عرّاب الغرب الامبريالي الرأسمالي الجشع . وإنه لا نجاة من هذا التهديد الخطير إلا بوعي من قادة  وشعوب هذه الأقطار على حد سواء من خلال القطيعة التامة مع المناكفات   والخلافات  الموقعة في  نيران الحروب المدمرة  ـ لا قدر الله ، والتي تأتي على الأخضر واليابس ، ويتبعها ندم شديد ، ولات حين مندم .

وسوم: العدد 1129