الخيرية

د. حامد بن أحمد الرفاعي

د. حامد بن أحمد الرفاعي

يقول الله تعالى:"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ"آل عمران/110

جاءَ في أسبابِ النزولِ:أنَّ هذه الآيةُ نَزلَت في ابن مسعود،وأبيّ بن كعب،ومعاذ بن جبل،وسالم مولى أبي حذيفة؛وذلك أنَّ مالكَ ابن الضَّيف،ووهبَ بن يهوذا اليهوديين قالا لهم:"إنَّ دينَنَا خيرٌ مما تَدعونَنَا إليه،ونحنُ خيرٌ وأفضلُ منْكُم"فأنزلَ اللهُ تعالى:"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ"تُبيِّنُ هذه الآيةُ أنَّ الخيْريِّةَ موجودةٌ فيما سبقَ من الأممِ..إلا أنَّ الأمةَ الإسلاميَّةَ هي خيرُ الأممِ وأنفعُ النَّاسِ للنَّاسِ لقولِه صلى الله عليه وسلم:"أنتم تُوفون سَبعين أمة أنتم خيرُها وأكرمُها على اللّهِ عزّ وجلّ"لاشك أنَّ أمةَ الإسلامِ هي خيرُ أمةٍ أُخرِجت للنَّاسِ..ولكنْ علينا أنْ نَفهمِ بجديِّةٍ ووضوحٍ أنَّ هذه الخيْريَّةُ..ليست خيْريَّةَ عرقٍ أو قومٍ أو أرض فحسب..بل هي خيْريِّةُ إيمانٍ،وعدلٍ،وقيمٍ،وسلوكٍ..إنها خيْريِّةُ حُضورٍ وأداءٍ فاعلٍ بين الأممِ لقوله تعالى:"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً"وهي خيْريِّةُ عَملٍ وبِناءٍ وتَنميةٍ وإبداعٍ في ميادينِ الحياةِ..إنها خيْريِّةُ التكامُلِ والتلازُمِ بين القيمِ والمبادئ والأخلاقِ والسلوكياتِ..وبين الكفاءاتِ والخبراتِ والمهاراتِ والوسائلِ والمادياتِ..فإن لم تكن الأمةُ على مثلِ هذا التكاملِ.. فلنْ تَبلغَ شرفَ هذه الخيْريِّةِ وفضائلِها..وستُحْرَمُ من مَكرُومةِ تَبَوُّء مواقعِ الوسطيِّةِ بينَ الأُمَمِ.