حماة

حماة

سارية الرفاعي

مديْنةُ حماةَ التي نامَتْ في الثمانين مكلومةً صريعة ً على عتبة النسيان، ولم يعلمْ بمصابها حتى  جيرانها، إلا بعد أن طعنَها في صدرها، المجرمُ، وحوّلها إلى ركامٍ، وأثرٍ بعد عين...كُنَّا ننتظرُ في الثمانينيات  انتفاضةً تعمُّ سوريّةَ كلّها ثأراً لتلك المدينة، ولكنْ نامَتْ تلك الأرواحُ المهاجرةُ إلى السماء، وهي تنتظرُ القصاصَ، وتستنهضُ الهمم، ولا مجيب! 

ثلاثون ألف شهيدٍ، ثلاثون ألفَ معتقل، أعداد قريبةٌ من ذلك من المهجّرين، والمشردين، والمفقودين، ودَّعتهم حماةُ وحدها، لم يشاركها في الألم أحد...وفي قلوبِ الثكالى أملٌ بلقاءِ الأسارى الذين نالوا من العذابِ قسطاً تعجزُ الأقلامُ عن وصفه ! 

حماةُ التي أجرمَ فيها الأسدُ الأبُ، إجراماً لم يعرفه المغول ولا التتارُ، لم تنسَ جرحها، فذكّرتَ سورية كلَّها يوم خلّف المجرمُ الأسديُّ مجرماً أشدَّ غباءً، وقالت وفي عينها دمعةٌ: لقدْ قُلْتُ لكم : لا تسكتوا على إجرامِ الظالم، فسيبتلعنا نفراً نفراً...بلداً بلداً...محافظة  محافظة...وسنكون كلنا حماة! 

الشيخ سارية الرفاعي

حماة 2

أكثر من ثلاثين ألف شهيد قُتلوا على يد الأسد الأب و انتظرت أرواحهم القصاص من قاتلهم ظلماً وعدواناً

أكثر من ثلاثين ألف معتقل مظلوم مات في سجن تدمر و هو ينتظر أن نصرخ من أجله صرخةَ حقٍ في وجه سجَّانٍ ظالم 

كمْ من أمٍّ و أبٍ ماتوا وفي قلبهم شوق لابنهم الذي هجَّره ظلمُ النظام و لم يستطعوا أن يروا ابنهم 

كم من ابن مهجر في قلبه حرقةٌ إلى الآن لأنه لم يستطع أن يضم والديه إلى صدره عند موتهما و لم يوسد لهم تراب قبرهما بدموعه. 

ما نحن فيه الآن هي دعوة مظلوم و دمعة أم و آهات سجين يعذب و حنين شاب صار كهلاً في المهجر و حرقة يتيم و دم شهيد .

حماة... ينساكِ الناسُ  فإن لك رباً لن ينساكي، (وما كان ربُّك نسيّاً).