بَيْنَ أَحْضَانِ القُضْبَانِ

محمد سمير أبو دلو

مناسبة :

في مسابقة سَجْنِ كلِّ مَنْ لقلمه صَعدة في سلالم الذوق ،  

و كُنتُ مُختاراً لأكونَ عانياً في ذلكم السجن ،  و لا كفالة للخروجِ حينئذ غير الكتابة .

..

خَانَتْنِي قَرِيحَتِي فِي غُرَّةِ المَقَالْ ..

فَرُغْمَ هَذَا الَّتقَال ْوجَدْتُ الضَّالْ ..

فَأَنَا شُمُوخُ الحَرْفِ المُتَلَأْلِئ للُّنورِ وَصّالْ ..

أقُولُ ..

مِنْ هُنَا مِنْ مُعَسْكَرِ السَّجَّانْ ..

أبُوحُ مُلَحَاً مِنْ عَظِيمِ بَيَانْ ..

مُسَجِّياً فِيها بِمِدادِ الفَخْرِ عَلَى قَرَاطِيسِ الجُدْرَانْ ..

فَأَنَا شَخْصِيَّتي أَدَبِيَّةٌ مِنْ نُورِ الفُرْقَانْ ..

فَأَنَا لِمُلَحِي إِشْعَاعْ ..

ولِحُرُوفِي إقْلَاعْ ..

ولِصَمْتِي إِبْدَاعْ ..

اِحْذَرْ أَيُّهَا السَّجَّانْ قَوْقَعَتِي فِي الأَصْفَادْ ..

وَ لَحْمُ شِعْرِي مِنْ بَغْدَادْ ..

وَدَمِي بَحْرٌ مِنَ المِدَادْ ..

وَعُيُونِي كَلِيمَةٌ بَرِيقَةٌ كَطَرْفِ الْجَوَادْ ..

وَلِسَانِي مَصْقُولٌ مِنْ أَقْلَامٍ حِدَادْ ..

فَإِنْ وَضَعْتَنِي فِي أَرْضِ سِجْنٍ خَلَاءْ ..

فَأَنَا وَحَنْبَلُ أَخِلَّاءْ ..

وَفي ليلة قمراء .

.يَأْتِينِي طَيْفُهُ كُلَّمَا هَبَّتْ الحَدْوَاءْ ..

فَيَرْوِي بِنَبْعِ كَلِمِهِ أَرْضِيَ الجَدْبَاءْ ..

فَأَتَلَوَّنُ بِأَلْوَانِ الكَلَامِ و أَصْدَحُ لَهُ بِالثَّنَاءْ ..

وَيَدُورُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَحَادِيثُ السُّعَدَاءْ ..

فَيَشْرَحُ صَدْرِي بِكَلَامِ رَبِّ السَّمَاءْ ..

وَ بِكَلَامِ سَيِّدِ الأَنْبِيَاءْ ،  أَتَنَفَّسُ الصَّعَدَاءَ ..

وَإِنْ جَاءَ الجَلَّادُ فِيْ فَرْحَةٍ بَيْنَنَاْ هَوْجَاءْ ..

أَرْفَعُ هَامَتِي فِي كِبْرِيَاءٍ وَإِبَاءْ ..

وَأَمْشِي مُتَبَخْتِبراً فِي خُيَلَاءْ ..

بَأَنِّي أَنَا وَحَنْبَلَ كَضَرْبِ الَبلَاءْ ..

وَإِنْ حَانَ المَسَاءْ ...

أَقُوْلُ أَنَا وَالجَاحِظُ نُدَمَاءْ ..

وَأَحْدُجُ نَظَرِي بالبُخَلَاءْ .

وَفِي لَيْلَةٍ صَرْصَرٍ عَصْفَاءْ ..

أدْعُوا وَلِحْيَتِي مُخْضَرَّةٌ مِنْ دَمْعِ البُكُاءْ ..

بِأَنْ يَأْتِيِنِي وَعْدَ الجلَاءْ ..

وَيَبْسُمُ أَهْلِي مِنَ الرِّجَالِ والنِّسَاءْ .

.فَاحْذَرْ أَيُّهَا السَّجّاَنْ ..

غَضَبِي وَالأَوْفِيَاءْ ..

فَأَنَا كَالُتنْفُلِ فِي مَكْرٍ وَ دَهَاءْ ..