نظرة في رواية وجه آخر

clip_image002_bba6f.jpg

clip_image004_5e7e8.jpg

رواية وجه آخر، للكاتبة بدريّة رجبي، الصّادرة عن دار إلياحور في أبو ديس، وتقع في أكثر من ثلاثمائة صفحة من القطع المتوسط. تعدّ من الرّوايات البوليسيّة المغرقة في الخيال. والحقّ أنّها وجه آخر، للأدب الشّبابيّ الذي أخذ يتنامى ممتازا بسمتين تتعلّقان بالموضوع واللّغة، فمن حيث الموضوع أخذ يعبّر عن الهموم الشّخصيّة والقضايا الذّاتيّة، ويميل أيضا إلى الجانب الخياليّ في مثل هذه الرّواية، ومن حيث اللّغة التي هي وعاء الفكر والأدب، والإبداع يكون في التعبير عن المعنى المراد بلغة سامية، ولكنّ هذا الاتجاه الجديد أخذ يميل إلى خلط الفصيحة بالمحكيّة العامّيّة، ويتفلّت من أحكام النّحو والصّرف والتّركيب والإملاء. وعلى أيّة حال تجدنا في هذه الرّواية نقف أمام عمل اقتضى جهدا كبيرا، وخيالا واسعا، فلا يستبعد أن يكون المقصود بالتاريح الذي ذيلّت به الرّواية (2015/2018) المدّة الزمنيّة التي استغرقها سبك هذه الرّواية. وقد نجحت الكاتبة في توصيف شخصيّات الرّواية التّوصيف النّفسيّ والعقليّ الدّقيق وذلك من خلال الحوار سواء الدّاخليّ أو الخارجيّ، الذي كان السّمة الغالبة على الرّواية، والذي قلّ أمامه الأسلوب السّرديّ. وممّا امتازت به الكاتبة أيضا القدرة على جذب القارئ بالأحداث المفاجئة، ودفعه للسّعي بشوق وراء معرفة نهايات الأحداث ومآلاتها، بل دفعت القارئ لاستخدام خياله في تصوّر نهايات الأحداث. وممّا يلاحظ على الرّواية أيضا أنّ اللّغة التّصويريّة أو التّصوير الفنّي قليل إن لم يكن نادرا، وربّما يكون الموضوع نفسه لا يقتضي مثل هذه اللّغة، أو أنّ الحوار الكثيف لا يقتضيها. وأخيرا نحن أمام كاتبة ذات نفس طويل في الكتابة وخيال واسع في صنع أحداث وربطها والوصول بها إلى نهايات مقبولة فنّيّا، ولا يفوتنا أنّ هذا هو العمل الأول لها. وأظنّ أنّه سيكون بعده أعمال أخرى، فإذا ما كان ذلك فنرجو أن تلقى اللّغة اهتماما أكبر.

وسوم: العدد 864