'الأخوان' في ضيافة نجيب محفوظ:

'الأخوان' في ضيافة نجيب محفوظ:

هذا موقفنا من الأقباط والثقافة

عبدالمنعم أبوالفتوح: سيد قطب ليس شخصا واحدا وما كتبه بعد التعذيب نتاج حالة مرضية محمد شعير في الثامنة مساء الثلاثاء الماضي دخل الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح عضو مكتب الارشاد بجماعة الاخوان المسلمين إلي 'فرح بوت' حيث يلتقي الروائي الكبير نجيب محفوظ بأصدقائه كل أسبوع.

أبوالفتوح اصطحب في زيارته الدكتور هشام الحمامي وكيل نقابة الاطباء لتهنئة محفوظ بعيد ميلاده. واصطحب معه أيضا (قلما) فاخرا هدية 'الاخوان' للروائي الكبير ليؤكد به (كم نحن فرحون أن يدك عادت للكتابة مرة أخري بعد أن أراد الظلاميون أن يسكتوا هذه اليد وهذا الصوت).

من هنا لم يكن اللقاء عاديا، فالتوقيت تم اختياره بدقة: نجاح عدد كبير من الاخوان في مجلس الشعب، وتخوفات المثقفين من هذا النجاح وخاصة أن الدورة البرلمانية الماضية قدم الاخوان فيها عددا من الاستجوبات تخص الثقافة والفن والاعلام.

فهل كانت الزيارة 'محاولة' من الاخوان لطمأنة المثقفين عبر اختيار رمز من رموزهم هو نجيب محفوظ.

وهل تعبر الأراء التي ذكرها الدكتور أبوالفتوح عن نفسه فقط، أم تمتد لتشمل الاخوان كلهم، وخاصة أن كثيرا من قيادات الاخوان داخل مكتب الارشاد تري أن أبوالفتوح 'متطرف' في ارائه 'الانفتاحية' ويختلفون في كثير من هذه الأراء.

لكن سواء اكان الدكتور عبدالمنعم يعبر عن نفسه أو عن جماعة الاخوان كلها.. فالزيارة 'جيدة ولم تكن متوقعة' كما قال نجيب محفوظ. 'وتاريخية' كما أشار الروائي جمال الغيطاني الذي اعتبرها أيضا فرصة لطرح تساؤلات عديدة تدور في اذهان المثقفين حول موقف الاخوان من الثقافة والأدب.

الدكتور ابوالفتوح حمل رسالة من الاخوان إلي محفوظ: (تحمل لك الاعزار والتقدير، وتعتبر أن النجاح النسبي الذي حققوه في الانتخابات نتيجة لفضل محفوظ علي مصر كلها، بنشره الاستناره والاعتدال في كتاباته ورواياته).

أبدي المهندس عماد العبودي سعادته بخطاب الدكتور أبوالفتوح الذي يعبر عن اسلام مصر الخاص بها فأكد ابوالفتوح أن هناك روحا معينة للاسلام المصري تتمثل في السماحة والود والحب الذي لايعرف حدود.

وأضاف: عندما ذهبت أيام اعصار تسونامي إلي اندونسيا قابلت نائب رئيس جمهورية اندونسيا، وبعد أن استقبلني كأمين عام اتحاد الأطباء العرب، أخبره مدير مكتبه

أنني (مصري)، فقام الرجل واقفا ليحييني لأنني مصري وقال لي أن مصر علمت العالم كله الاسلام السمح المستنير الهين اللين الذي يفتح صدره للدنيا كلها، ينشر فيها الخير والحب.

وأضاف مخاطبا نجيب محفوظ: هذا حدث بفضل الكتاب الشرفاء امثالك، وهم الذين علمونا هذا اللين والاعتدال).

تحدث الروائي يوسف القعيد مؤكدا أنه التقي الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح ثلاث مرات في مكتب الأستاذ محمد حسنين هيكل وهو وجه مستنير، ولكن هناك فيما يبدو 'صقور' داخل الإخوان، وهناك أشخاص متعصبون لذلك فزع المثقفون العرب من نتائج الانتخابات الأخيرة خوفا علي الثقافة والأدب. وأضاف القعيد أن نجيب محفوظ قال في حوار أخير معه أن الإخوان يجب عليهم أن يطوروا أنفسهم حتي يلتقوا مع الواقع.

أوضح أبوالفتوح أن أعجب كثيرا بما قاله نجيب محفوظ عن دمج الإخوان في العملية السياسية وفي المجتمع لأن هذا كفيل بأن يساعدهم علي التطوير. من أكثر الأشياء والتي أثرت علي تطوير حركة الإخوان في السبعينيات أنهم عزلوا عن المجتمع، وحينما يعزل أي إنسان عن مناخه الطبيعي وعن بيئته الطبيعية فمن الصعب أن تطلب منه أن يطور نفسه ويكون أيضا من الظلم أن نستنكر عليه فكرة متطرفة أو رأي غريب: فالواقع هو الذي يطور الإنسان لا العزلة، فالحقيقة أن من أجمل ما قرأت ما قاله الأستاذ محفوظ بأن يعطي الإخوان حقهم من العمل العام، ويخطئوا ويصيبوا ويصطدموا بالواقع، وجيلنا الذي يسمي جيل السبعينيات حينما فتح لنا السادات أبواب الدخول إلي الساحة العامة وفي اتحادات الطلاب، واصطدمنا بالأخوة الشيوعيين واصطدموا بنا وكنا في وقت من الأوقات لا نتصور أن شابا يجلس ليتحاور مع يساري أو شيوعي، ولكن التجربة أفادتنا، ورأينا أن الحوار يأتي بنتيجة وسمعناهم وهذا ما جعل جيل السبعينيات في الإخوان المسلمين هو الذي يقود الجماعة في اتجاه الاندماج في المجتمع والتواصل مع الآخرين أيا كانوا، وهو الذي ليَّن أفكارنا وجعلها أفكارا واقعية.

والإسلام كله دين واقعي. القاعدة الأصولية هي (أينما تكون المصلحة فثم شرع الله)، وحال الناس كله قائم علي البحث عن مصلحة البشر فحينما تكون في الموضوع الفلاني مصلحة البشر إذن هذا الموضوع من شرع الله سبحانه وتعالي لا أحتاج أحد يقول لي هذه هي الآية أو الحديث، وإنما أثبت لك أن هذا الموقف هو لمصلحة الشعب والناس، إذن هو من الشرع ولا أحتاج إلي دليل يثبته، وهناك الآن، رغم ما حققه الإخوان في المجلس تخوفات هم محقون فيها لأن المفهوم الإسلامي الصحيح كان ضحية بعض الأطراف المتطرفة أو التجمعات المتطرفة وهي قليلة ولا تعبر عن التيار العام، وقد شوهت هذه التيارات صورة الإسلام وأساءت إليه، وصوتها زاعق لكونها متطرفة، في ذات الوقت التيار المعتدل معزول وممنوع، وأنا أتصور أن هذه العزلة ضد مصلحة مصر.

هذه هي الرسائل التي وصلت للمثقفين، وأنا مع احترامي للأخوة في السعودية أنا أسميه الفكر البدو الذي يحرم الغناء والموسيقي. الإسلام لم ينزل ليحرم، القاعدة الأصولية تقول أن الله خلق الإنسان بريء الذمة، أي ذمته خالية من التكليف خالية من أن تقول له هذا حرام وحلال، والشرع جاء بعدد قليل من المحرمات ليحمل ذمة البشر بها.. نحن عانينا من كثرة التحريمات.

نجيب محفوظ علق علي ما قاله أبوالفتوح: النبي صلي الله عليه وسلم أهدي بردته إلي شاعر، وأضاف أبوالفتوح: علي مدار الدولة الإسلامية كلها كان الزنادقة يتحدثون ويجلسون مقاعدهم ويحاورهم الفقهاء والعلماء ويختلفون معهم ولم نسمع عن حاكم مسلم سوي قطع رقاب الزنادقة.. فما بال من يريد ألا يجعلوا للفن والإبداع والسينما وجود. هذا من الذوق العام، يلينه ويجمله ويظل الخطأ خطأ والسيء سيء سواء أكان في الفن أو كان في الطب'.

تساءل الروائي جمال الغيطاني لماذا لايصل هذا الكلام إلي العالم لأن صورتنا في العالم كمسلمين سيئة جدا.

كما تساءل يوسف القعيد أن مؤشرات موقف الاخوان من الأدب والفن: كتاب سيد قطب 'معالم علي الطرق' به فصل كامل عن الموقف من الأدب والفن، وثانيا هناك فتاوي جماعة الاخوان التي كانت تنشر في مجلة الدعوة وثالثا سلوكيات اعضاؤهم في البرلمان وتحركاتهم والقضايا التي كانت تشغلهم، وكل هذه المؤشرات لاتتفق مع ما ذكره الدكتور أبوالفتوح الآن بل تتناقض معه.

قطب.. سيدان

أجاب أبوالفتوح: هناك اثنان 'سيد قطب' الأول قبل (54)، والثاني بعد 54).. الأول لايختلف أحد عليه وعلي تقديره، حتي أن كثيرا من المثقفين لايعرف أن 'في ظلال القرآن' هو عبارة عن خواطر في القرآن الكريم وليس تفسيرا للقرآن، لأنه لم يكن عالما بل أديبا، فكتب 'خواطر' 'في ظلال القرآن' الذي يباع الآن هو الذي كتب بعد (54)... فقبل دخوله السجن كان قد كتب خواطر. حول الأجزاء الأربعة عشر الأولي من القرآن الكريم وأنا ابحث عما كتبه عن هذه الأجزاء، وقد قرأها المستشار مأمون الهضيبي الذي قال لي أن ما كتبه قطب قبل السجن: مختلف عما كتبه 'في ظلال القرآن' قبل .54 فعندما دخل السجن وتعرض للتعذيب استكمل الكتاب، وأعاد كتابة ال (14) جزءا مرة أخري ولكن في ظل حالة خصومة مع الدنيا كلها. وأنا كطبيب لايمكن أن أؤاخذ انسانا في حالة مرضية علي تصرفاته. وأتذكر انني في (79) كنت أجري عملية فتح خراج لمريض، فقام بصفعي علي وجهي، لايمكن أن أغضب أو ألوم هذا المريض علي ما فعل . التعذيب الذي تعرض له سيد قطب جعله في حالة مرضية، وأنا لا أبرر ما كتبه، ولكن التعذيب الذي تعرض له جعله غاضبا من المجتمع كله، وفي ظل التعذيب لايستطع الانسان أن يمتلك من الرشد والحكمة ما يجعله يلتمس العذر للشعب. ومع ذلك ما كتبه قطب في 'معالم علي الطريق' وما خطه أحيانا في كتابه (في ظلال القرآن) يختلف عما كتبه بعد ذلك بعد 54، ويختلف عما كتبه الامام البنا، ويتحمله سيد قطب وليس له علاقة بفكر الجماعة.

تساءل المحامي مجدي سعد هل الأغلبية من الأخوان لديها هذا الفهم المستنير للدين؟! أجاب أبوالفتوح أن الاجيال الموجودة في الاخوان والتي حققت انجازا يحسب لمصر في البرلمان أو في النقابات المهنية أو نوادي هيئة التدريس معظمهم، بل 99 % منهم من الاجيال التي نشأت بعد سنة .1970

وأضاف أبوالفتوح: لدي الاخوان مرحلتان. الأولي مرحلة الامام البنا وهي التي استمرت حتي عام 1954، أما المرحلة الثانية فهي مرحلة ما بعد السبعينيات وهي مرحلة جديدة دخلوا فيها المجتمع واتحادات الطلاب والنقابات والبرلمان، وبالتالي فالاجيال الجديدة التي نشأت في السبعينيات كلها تحمل هذا الفكر وهذه الأراء.

وان كان ذلك لاينفي أن يكون هناك بعض الأفراد يحملون بعض الأفكار المتطرفة فنحن شريحة بشرية، ولسنا 'قوالب طوب'، ستجد بعض الأفراد يمكن أن يكونوا متطرفين ولكن الشريحة العامة في الاخوان المسلمين تحمل هذا الفكر الذي لولاها ما حققت النجاح في النقابات والبرلمانات وعاشت في خصومة مع أبناء وطنها، وما كانت لتقوم بالاعمال الخدمية المتمثلة في المستوصفات والمدارس وماتفعله لمجتمعها. ولكن هذا لايمنع أن يصدر فرد من الاخوان' فتوي' 'معينة، نحن غير مسئولين عنها لأن البعض يتصور أننا كمسئولين عن الاخوان نقبض عليهم بيد من حديد وهذا غير صحيح، هناك 'التزام'، بل ونعتبر أكبر التجمعات السياسية التزاما ونسميه 'سمع وطاعة' وهو لايختلف عما يسميه آخرون 'الالتزام الحزبي'، ولكن يظل أنك تتابع مجموعة من البشر بعضهم يخطيء والبعض يصيب.إسلام الجميع

سأل جمال الغيطاني : هل هناك مشروع ثقافي للإخوان؟!وماهو موقف الإخوان من المثقفين والأقباط؟!

وأضاف أحمد إسماعيل عددا من الاسئلة عن الاتجاه العام للاخوان هل سنأخذ الدولة إلي مأخذ إيران، أم سنكون مثل تركيا ام سيكون لنا هوية خاصة؟!وأوضح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح أنه ينزعج من مثل هذه الاسئلة، لأن الاسلام ليس ملكا للإخوان المسلمين، وليسوا هم المتحدثون باسم الإسلام. بل أن المثقفين حريصون علي الاسلام مثلهم مثل الاخوان بل ربما أكثر، بصفة عامة يجب أن نكون عونا للإخوان المسلمين كتنظيم سياسي مادام يعلن التزامه بالاسلام بأن تقول له:

هذا هو الإسلام الذي يجب أن تلتزم به. الحقيقة أنا أخاف أن يخطف أحد منا الإسلام حتي ولو كان الإخوان المسلمين انفسهم. ونحن احيانا نساعد الأخرين ان يخطفوا من الشعب المصري الإسلام. أنا من الإخوان، ولكن عندما أضع نفسي في موقف المثقف المصري غير المنضم إلي الإخوان سأقول انا حريص علي الإسلام ولن اسمح للإخوان او لغيرهم أن يسيئوا للإسلام او ينحرفوا به هنا او هناك.وهذا هو الخطر ألا 'أنصب' الإخوان باعتبارهم مدافعين عن الإسلام،بل نحن كمثقفين مهما كانت اتجاهتنا لنا دور ولنا مسئولية إلا إذا انكر احدنا­ وهذا حقه­ ايمانه بالإسلام وهذا لاتثريب عليه ، لا أطلب منه أن يدافع عن الإسلام.

قال أحمد إسماعيل إن المشكلة هي تسيس الدين الإسلامي.

تساءل هشام الحمامي عما يقصده إسماعيل بمفهوم 'تسيس الدين'؟!

اجاب إسماعيل : انه يقصد استغلال الدين في خداع البسطاء لغرض الوصاية عليهم سواء من قبل الحكام أو رجال الدين.

وسأل الغيطاني عن موقف الإخوان من الثقافة والأقباط؟

وأجاب أبوالفتوح: لم يكن لدينا أي موقف ضد الإبداع حتي لو سار في طريق الزندقة والالحاد لأن الفكر لايقاوم إلا بفكر، الارهاب المادي والفكري لأفكار الآخرين لايغير منها شيء والإسلام طبعه دين تغيير للخير والصلاح. فإذا لم يعجبك رأي الآخر وثقافته فلا وسيلة في تقديرنا كأخوان إلا أن تغير هذا الذي لايعجبك بالحوار والنقاش ، ولكن القهر لايغير شيئا، بل يحول أصحاب الفكرة إلي تنظيم سري يكون خطرا علي المجتمع، انا أريد ان يخرج الجميع الي النور ليتحاورا ويتناقشوا ومن لايعجبني احاوره، ونحن ضد صدور قرارات إدارية من أي جهة بما فيها الأزهر بمصادره قصص وروايات أو أي إبداع فني، وعلي من لايعجبه أي إبداع فني من أي جهة أن يكتب ضده او يؤلف ضده او يعمل فيلما ضده فيسقطه بالفكرة. وهذا هو الرأي المعلن لنا أي من يكتبون قصصا في الشذوذ الذي لايقبله المجتمع المصري، البديل أن تلجأ إلي القضاء، ولاسبيل غير ذلك، إما الفكر وإما القضاء. وأضاف أبوالفتوح:

أن الامام حسن البنا كان إذا اتي له ضيفا كريما من خارج مصر، كان مما يكرمه به بالذهاب إلي الأوبرا معه وهذا الكلام لا يقال عن الامام البنا، لأن المطلوب أن ينتشر الفكر المتطرف، البدوي الذي يرفضه أي مصري يفهم الإسلام باعتدال.

وفي الثلاثينيات والاربعينيات كان للإخوان فرق موسيقية وتمثيلية تدخل في مسابقات مع بقية الفرق وتقدم ماعندها وتسمع من الآخر وتسمع وتقبل، وهذه هي مصر.

لايجب أن نؤاخذ الإخوان علي فترة التغييب، حينما غاب الإخوان في الخمسينات والستينيات انتصر الفكر البدوي وساد. وقد عشت في اوائل السبعينيات وكانت تأتي كتيبات بمئات الألوف تحمل أفكارا متطرفة لاتمثل الإسلام المصري وتوزع مجانا علي الشباب، وتتناول هذه الكتيبات بعض القضايا التي انتهت مثل 'خلق القرآن' وغيرها ..القرآن وضع قواعد للحوار 'وإنا او إياكم لعلي هدي أو في ضلال مبين'.. الخطاب موجهه إلي الكفار إما أنا 'صح' أو 'خطأ' وهذه دعوة صريحة للحوار. والحوار ينجح عندما يشعر اطرافه بأنهم متساوون. علي نفس المستوي من الحوار.

وأضاف : أما ما قاله يوسف القعيد بأن ذلك يتناقض مع موافقنا العملية. وليمة لأعشاب البحر لم يكن لنا علاقة بها رغم انني معترض عليها، والذي آثار القضية ونقلها إلي طلاب الأزهرالكاتب الراحل عادل حسين في جريدة الشعب، ولم تقدم عنه أي استجوابات في مجلس الشعب، الاستجواب الوحيد قدم في أثناء ازمة الروايات الثلاثة وقدمه الدكتور جمال حشمت وكان السؤال منصب كالتالي: كيف تصرف وزارة الثقافة اموالا علي روايات مختلف عليها ، لم يطالبهم بمصادرتها، ولكن للأسف مانقل بدا وكأن جمال حشمت يطالب بمصادرة الروايات ولم يكن هذا صحيحا، وأنما كان يريد أن يقول أن هذه ثقافة مختلف عليها، قد يراها البعض متطرفة، يمكن يقبلها شخص ويرفضها آخر فلا يجوز أن تنتشر بأموال دافعي الضرائب، ولكن إذا نشرتها دار نشر خاصة ليس من حق أحد مصادرتها ، وإذا رأي شخص أن فيها إساءة فعليه ان يرد عليها بعمل فكري من الثقافة والفن.

أما فيما يتعلق بالأقباط، علي مدار تاريخنا كله لم يؤخذ علينا شيء ضد الأقباط ، بل كانوا معنا، وقد ضم المكتب السياسي للإخوان أيام حسن البنا اثنين من الإقباط. والآن ، يعمل الدكتور كمال حبيب مستشارا للمرشد، ويأتي إلينا اسبوعيا وندير معه حوارا حول العديد من القضايا. وهذا الخلط حدث نتيجة وجود بعض الشباب المتطرف في جماعتي الجهاد والجماعة الإسلام.

قال أحمد إسماعيل ان هذه الجماعات خرجت من عباءة الاخوان المسلمين؟!

أجاب أبوالفتوح : حتي لو خرجوا من عبائتنا فهذا شرف لنا و معناه أن العباءة تلفظ المتطرفين، ومع ذلك لم يكونوا في عباءتنا يوما من الأيام.

مواطنون سأل جمال الغيطاني: ماذا لو وصل الاخوان إلي الحكم.. هل ستعتبرون الأقباط أهل ذمة!؟

أجاب ابوالفتوح: لقد أعلنا من قبل موقفنا من الأقباط بل كل افراد الوطن في 1994 قلنا ان أساس الحقوق والواجبات في الوطن هو المواطنة دون تفريق بسبب الدين او العرق او الجنس، ويستولي الناس علي المواطنة وعندما نقل عن المرشد السابق مصطفي مشهور في الاهرام ويكلي كلام عن 'الجزية'.. كان الصحفي يسأله باللغة الانجليزية، ولغة مشهور الانجليزية ليست جيدة، فحدث سوء فهم من الصحفي. لكن الجزية انتهت، ولا يحق الكلام عنها الان، بعد أن أصبحت الدولة الوطنية موجودة، ووضعت أساسا للحقوق والواجبات.

سأل المحامي مجدي سعد الدكتور أبوالفتوح.. عن رؤيته لتوجه الدولة نحو الاقباط الان؟!

اجاب ابوالفتوح: معاملة الدولة للأقباط منتهي الخطر علي الوطن؟ معاملة الكنيسة علي أنها تنظيم سياسي وأن البابا شنودة هو الرئيس السياسي للأقباط ، فهذا خطر. علي البابا شنودة والكنسية الرسمية أن تظل قيادة روحية للأقباط حيث لايسمح الدين المسيحي نفسه بتجاوز الحد للكنيسة، ويظل رئيس دولة مصر هو رئيس لكل المصريين، واذا ظلم اي فصيل مصري سواء كان مسلما او مسيحيا او أطباء أو مهندسين يثبتوا تذمرهم عند باب القيادة السياسية وليس عند باب الكنيسة أو عند باب المسجد، ولهذا كنت أتمني أن يتظاهر الأخوة الأقباط امام قصر عابدين لا أمام الكتدرائية، أن يتظاهروا أمام مجلس الشعب لا أمام الكنيسة.

أوضح مجدي سعد أنه يقصد بسؤاله: هل تري ان الحكومة تميز بين المسلمين والاقباط؟!

أجاب ابوالفتوح: النظام القانوني والتشريعي المصري لايحدث هذا التميز لكن اثناء التطبيق قد يأتي وكيل وزارة افقه ضيق مسلم فيتصور جهلا وخطيئة أن حبه للإسلام يمنعه من ان يعين مسيحيا مديرا لمكتبة، وهذا يحدث نتيجة جهل، وقد يحدث العكس ايضا فيتصور مسيحي انه يتقرب إلي المسيحية بأنه يشيل مدير مكتبة المسلم وهكذا.

الأمر الثاني الذي أرفضه في تصرفات الدولة أن يتم اقصاء بعض الاخوة الأقباط من بعض المناصب وبعض المؤسسات السيادية بدون أي سبب، أنا ضد هذا لأن الدولة بذلك تعمق الطائفية والإحساس بالظلم وهذا ليس لصالح الوطن وهذا اتهام حتمي من الدولة بأن الأقباط ليسوا مخلصين، وكما أن هناك أيضا أقباط مثل ذلك، اذن لايجب ان يكون المقياس حسب الدين وانما حسب الاخلاص للوطن.

كان الأستاذ نجيب محفوظ يستمع إلي مايقال ، وعلق قائلا : ' كلام جميل إن شاء الله ينفذوه'

فسأله الغيطاني : هل لديك أي مخاوف ؟! أجاب : لا أنت عارف رأيي

فقال يوسف القعيد : لكن محفوظ أكد من قبل أنه ضد الدولة الدينية .

فقال عبد المنعم أبوالفتوح : ونحن ضد الدولة الدينية .. أحيانا كثيرة يحدث ربط بين ما ننادي به نحن كإخوان مسلمين ويتصور البعض أننا نريد أن ننشئ حزبا دينيا ، نحن ضد الدولة الدينية وضد الأحزاب الدينية ، وانما نريد أن يتحول الأخوان المسلمين إلي حزب مدني سياسي مرجعيته التي لا يجب أن يناقشنا فيها أحد واعني تماما كما يجب أن لا يحاسب أحد علي كونه شيوعيا ، قد ترفضها ، ولكن لايجب أن تقضي لكوني شيوعيا أو إسلاميا ، أو قوميا . لا يجوز من باب احترام حريات البشر أن تقصيهم بسبب فكرهم . الحزب الديني ليس مطروحا عندنا ، وكذلك الدولة الدينية التي يحكمها رجال دين ، بمعني أنها الدولة التي يحكمها رجال دين لا يمكن أن تراجع رأيهم ، نحن نعرض فهمنا البشري للإسلام ، وهذا الفهم قد يرفضه أحد ، وقد يقبلة آخرون.والإسلام الذي قبل التعددية الفقهية أولي به أن يقبل التعددية السياسية التي هي أهم في حياة البشر في التعددية الفقهية واتمني أن يكون هناك أكثر من حزب له مرجعية إسلامية ، وأنا لا استطيع أن اجرد الحزب الوطني مع خلافي معه من كونه حزب ذو مرجعية إسلامية ، عندما ترفض الأغلبية في مجلس الشعب اصدار قانون لأنه ضد الشريعة ماذا سنقول عن مرجعيته. المهندس عماد العبودي سأل انه هناك اتجاهين الان في جماعة الاخوان، يمثل الدكتور عصام العريان وعبدالمنعم ابوالفتوح اتجاها وخطابا سياسيا جديدا يجعلهم اكثر التحاما بالشارع.. ولكن ماهو حجم هذا التيار داخل الجماعة؟!

أجاب أبوالفتوح اجبت علي السؤال من قبل وقلت ان معظم الاجيال التي ظهرت بعد السبعينات تحمل هذا الفكر الجديد ويكفي ان تعرف انه في اوائل السبعينيات كان البعض يري ان دخول مجلس الشعب منافي للتوحيد وألفوا كتاب 'القول السديد في أن دخول مجلس الشعب منافي للتوحيد'.. التغير يمكن ملاحظته من خلال هذا العدد الذي ساند الاخوان في مجلس الشعب واضاف ابوالفتوح:

الاخوان اصبحوا الان يمثلون الفكرة الاسلامية الوسطية المعتدلة التي تعتمد العمل السلمي لتحقيق اهدافها في التغيير، وهذه الفكرة اصبحت منتشرة في العالم كله، لانها زاحمت الفكرة المتطرقة والعنيفة والتي تستخدم الدم والقتل من اجل الدفاع عن الاسلام بغض النظر عن نواياهم وهذا لمصلحتنا، وانا دائما اقول ان اخطر شيء لمقاومة التيار المعتدل انك تنشيء مناخا للدمويين ولجماعات الظلام والقتلة، ولهذا اغلاق منافذ التغيير السلمي امام الناس هو المناخ الطبيعي لتفريغ جماعات العنف والقتل، لانك تغلق امام الناس منافذ التغيير ولايوجد امامه سوي هذه الوسيلة وحتي الان مازلنا نعاني من تجرية الجزائر، عندما نقول للشباب: نريد ان نغير بالبرلمان يقولون لنا شوفوا عملوا ايه في الجزائر.

سأل الروائي يوسف القعيد ان هناك جريدتين تنتميان الي جماعة الاخوان هما 'أفاق عربية' و'الاسرة العربية' وصفحات الفن والثقافة منهما ليس لهما علاقة بالفن والادب واضاف القعيد ان ابوالفتوح نفسه سيتهم بالكفر والزندقة اذا قال ما قال في هاتين الجريدتين.

قال ابوالفتوح: انا ضد مايكتبه جابر قميحه من شعر وكتاباته ليس لها علاقة بالفن او الثقافة ولكن وصلتا هذه الصفحات الي ماهي عليه بسبب عزوف بعض المثقفين عن الكتابة والنشر في هذه الجرائد سألته: هل توافق علي نشر رواية اولاد حارتنا؟!

قال ابوالفتوح، بالتأكيد يجب ان ننشر، بل ارفض موقف الاستاذ نجيب محفوظ الذي يصر علي موافقة الازهر قبل النشر، أنا اري انه ليس هناك داع للحصول علي هذه الموافقة بل يجب ان ننتقدها واوضح ابوالفتوح انه قرأ اولاد حارتنا منذ فترة طويلة، واضاف: التحدي الحقيقي لنا جميعا هو الفقر وليس الابداع.

وقبل ان يطلب الدكتور ابوالفتوح الاستئذان بالإنصراف اكد انه من الخطر ان يتم اتخاذ الطائفية كذريعة للتدخل الاجنبي الامريكي في مصر، وان قلة من اقباط المهجر يحاولون ذلك، ولكنهم حالات فردية متطرفة لاتغير.

وبعد انصرافه قال نجيب محفوظ: الكلام جميل جدا، والزيارة تحية طيبة لم تكن متوقعة ولكن ما اخشاه ان يكون ماقيل رأي فردي ولايعبر عن رأي الاخوان