الشيخ الداعية الدكتور محمد رأفت سعيد

( 1367 – 1425ه ) / ( 1948 – 2004م )

clip_image002_1f83c.jpg

إن العلماء هم ورثة الأنبياء، وخلفاؤهم في دعوة الخلق، سبيلهم سبيلهم، ودعوتهم دعوتهم، فهم خير الخلق بعدهم وحملة لواء الهداية والنور .. كم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من صريع للهوى أيقظوه، وغارق في بحر المعاصي والشهوات أنقذوه.. وهم أصفياء الرحمن وأولياؤه . من عاداهم آذنه الله بالحرب..  

ومن هؤلاء العلماء والدعاة الأستاذ الدكتور محمد رأفت سعيد رحمه الله ـ نحسبه ـ فقد عاش حياته عالماً جليلاً، وأستاذاً في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية ، وكيلاً لكلية الآداب، وعضواً في المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وفارساً في ميدان العلم والدعوة كبيراً إلى أن توفاه الله.

المولد والنشأة :

ولد فضيلة الشيخ في 25 شوال 1367هـ - 30 أغسطس 1948م في قرية أميوط مركز قطور بمحافظة الغربية، بجمهورية مصر العربية، وتميز بنزعة دينية قوية، ونبوغ مبكر، جعلت الدعوة إلى الله شاغله الشاغل طيلة حياته، فقد كان وهو طفل لم يتجاوز العاشرة يطوف قبل الفجر بكل بيوت قريته، ليوقظهم للصلاة مناديًا "الصلاة خير من النوم" غير عابئ بخلو القرية من الكهرباء لإضاءة الطريق، ولا بكثرة وجود الكلاب والذئاب في طريقه، ثم بدت عليه علامات النبوغ في الخطابة فبدأ يخطب وهو مازال ابن اثنتي عشرة سنة وعرفه الناس بَعْدُ خطيبًا مفوهًا يتلهفون على الاستماع إلى خطبه الرائعة.

دراسته ومراحل تعليمه:

التحق بكلية آداب عين شمس قسم اللغة العربية، وتخرج فيها، وكان الأول على الدفعة، ثم حصل على الماجستير والدكتوراه في كلية دار العلوم .

أعماله ومسؤولياته :

وسافر إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل بجامعة الإمام محمد بن سعود إلى أن وصل إلى أستاذ مشارك، وكان لفضيلته كرسي بالحرم يلقي من عليه دروسه لمدة سبع سنوات، وتتلمذ عليه كثير من شيوخ الحرم كالشيخ السديس وغيره، كما عمل بدولة قطر لسنوات.

ولما عاد إلى أرض الوطن عين أستاذًا للدراسات الإسلامية بكلية الآداب جامعة المنوفية، وشغل منصب رئيس قسم اللغة العربية، ثم وكيل الكلية لشؤون البيئة، وأخيرًا وكيل الكلية لشؤون الطلاب والدراسات العليا، كما كان فضيلته عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ومشاركًا في العديد من المؤتمرات والندوات العلمية.

إيجابية وقدوة حسنة :

كان الشيخ رحمه الله إيجابيًا فعالاً صامدًا رمزًا للتدين الصحيح الذي انعكس على معاملته للجميع، فكان قدوة حسنة أينما حل، ففي إدارته لمناصبه العلمية جمع مرؤوسيه على الحب والتسامح حتى إن أحدهم ليذكر أنه خشي أن تؤدي طيبة الشيخ وحياؤه ونبل أخلاقه إلى تكاسل الموظفين وتراخيهم، فإذا به يجمعهم وينهي ما بينهم من مشاكل، ويحفزهم أن يخلصوا العمل لله تعالى، فإذا بهم يؤكدون أنهم لم يعملوا في حياتهم كما عملوا في فترة رئاسته لهم – رحمه الله – ويؤكدون أنه كان خير الأب والأخ، والصديق عند الشدة.

ويرجع لفضيلته الفضل في إنشاء شعبة للدراسات الإسلامية في الدراسات العليا لقسم اللغة العربية، وكان يرى حتمية وجود دراسات إسلامية في كل الكليات، لأنه بدونها لا ينشأ الشباب، كما يرجو الوطن وتتطلع الأمة، فهي التي تشكل كيانه، وتحفظ هويته، كما كان يحزنه وجود تعقيدات تحول بين عامة الطلبة والبحث في الدراسات الإسلامية.

أما مع طلبة العلم، فقد كان نعم الأب العطوف، ونعم الناصح الأمين، كان يمتاز بالخلق القويم، وكان طودًا علميًا شامخًا، وكان دومًا ينظر لصالح الإسلام أولاً وأخيرًا.

وعلى  الجانب الشخصي فأستاذنا عاش زوجا ما يربو على خمسة وعشرين عامًا، كان فيها متصفًا بسمت الهدوء واللين المعروف عنه، حتى أن السيدة الفاضلة زوجته تؤكد أنه بحق كان حسنة الحياة الدنيا، فلم يحدث مطلقًا أن صدر عنه من قول أو فعل يسبب لها حزنًا أو حرجًا، فقد كان من خير الناس لأهله، كما كان لأبنائه السبعة خير ما يمكن أن يكون عليه الأب المربي الرؤوم ولا تسمع من أقاربه إلا التأكيد على أنهم لم يصادفهم في تاريخ حياتهم شخص بمكارم أخلاقه ونبله وعطائه، كما كان غاية الكرم والحفاوة مع من يعرف ومن لا يعرف، كما يشهد له جيرانه بأنه كان خير الجيران، بل حتى غير المسلمين منهم يؤكدون أنه لم يكن له نظير، وأنهم كانوا يحرصون على الاستماع إلى خطبه من مسجده بطنطا ليتعلموا، ويستفيدوا من القيم العظيمة التي يدعو إليها بعيدًا عن التجريح والطعن في الآخرين.

مؤلفاته :

وإذا كان ابن آدم ينقطع عمله بوفاته فإن أستاذنا العلامة الجليل سيتواصل عمله الصالح بإذن الله تعالى بما خلفه من أبناء بررة، وتلاميذ لا يكفون عن الدعاء له، ونشر علمه، وبما قدمه من صدقات جارية، وعلم ينتفع به، تمثل في الثروة الهائلة من الأحاديث الإذاعية والتليفزيونية والمؤلفات الكثيرة القيمة التي نذكر منها على سبيل المثال:

1- الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم. منهجية في التعليم.

2- كيف ننهض بالمجتمعات المسلمة المعاصرة ؟

3- الأصالة والمعاصرة في الفكر الإسلامي.

4- مرتكزات التضامن والوحدة.

5- المفاهيم الإسلامية بين النظرية والتطبيق.

6- المدخل لدراسة النظم الإسلامية.

7- مشكلة التخطيط الثقافي في المجتمعات المسلمة.

8- الالتزام الثقافي في الأدب برؤية إسلامية.

من الموضوعات المطروحة للبحث، والتي انشرح صدري لمعالجتها موضوع ((الالتزام)) الذي استعمل – في الأدب بصورة موسعة وصل الأمر فيها إلى الزام الأديب بما لا يلزم ولذلك اخترت هذا الموضوع لبحث مفهوم ((الالتزام)) وماذا يلتزم في الأدب؟

9- الداعي إلى الله: صفاته وأسلوبه.

10- هكذا علم الربانيون.

11- المتهم وحقوقه في الشريعة الإسلامية.

12- تاريخ نزول القرآن:

يتناول هذا تاريخ نزول القرآن الكريم ويبدأ بتمهيد هام يقدم لنا التعريف بالوحي، وصور الوحي وما تحقق منها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ورؤية النبي للملك، وصورة مجئ ملك الوحي في هيئة رجل، والنفث في الروع، وينتقل بعد ذلك للحديث عن ما فرض من الله تعالى ليلة المعراج وتنزلات القرآن والحكمة منها وحاجة الأمة للنزول المفرق، وأول ما نزل من القرآن وترتيب الآيات والسور، وغير ذلك من المحاور الهامة التي يتناولها المؤلف بالتفصيل.

13- الإسلام في مواجهة التحديات لـ الدكتور محمد رأفت سعيد

مؤلف الكتاب: محمد رأفت سعيد، قسم الكتاب: الفكر والفلسفة، ناشر الكتاب: دار الوفاء، عدد الصفحات: 146 صفحة

منذ أن سطع نور الإسلام وصدع النبي الكريم صلى الله علية وسلم بأمر ربه والإسلام يواجه بتحديات المغرضين وتحريف المبطلين إلا أن الإسلام المنزل من عند الله المنزه عن الباطل تتهاوى أمامه هذه التحديات رغم قوتها.  ولا يزال الحق والباطل يصطرعان وسيظلا هكذا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فما زال الإسلام مستهدفاً، ولا يزال الباطل متبجحا معاندا رغم زيف منهجه وتهافت يقينه. ولما كانت التحديات مستمرة كان من الخير تتبعها والوقوف على صورها وأسبابها وكيف واجهها رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلفنا من بعده ليكون لنا في مواجهتهم لها أسوة وإرشاد.  وقد وضحت هذه الدراسة صور التحديات قديما وحديثا وكيف كانت خروجا عن المنطق السليم حيث يواجه المعروف بالنكرات ويقابل الإحسان بالسوء. 

14- سورة لقمان بين حكمة التنزيل وتناسب السور - تأليف محمد رأفت سعيد.

15- أسباب ورود الحديث .. تحليل وتأسيس - محمد رأفت سعيد

يقول الكاتب :  لقد شغلت بموضوع أسباب ورود الحديث منذ وقت طويل ؛ يعود إلى مرحلة الدراسة للماجيستر ؛ فقد كانت تتطلب مني تتبع مرويات ((معمر بن راشد الصنعاني)) في كتب السنة، باعتباره من أوائل من جمع العلم، لأتعرف على مصادره، ومنهجه، وأثره في رواية الحديث من خلال هذه المرويات.

وأتاحت لي هذه الدراسة تأمل مرويات كثيرة، وجدت بعضها يرتبط ببعضها الآخر ارتباطا لا سبيل إلى حسن الفهم لها جميعا، إلا بتجميع هذه الروايات في موضع واحد، وفي مصنف واحد.

فهو ارتباط السبب بالمسبب أحيانا، وارتباط العام بمخصصه أحيانا، والمطلق بمقيده، والسؤال بجوابه، والوصف بملابساته وظروفه، والحكم بمقاصده.

واستمر البحث والجمع في هذا، وتأخر إخراج نتائج هذا البحث وصياغته إلى هذا الوقت رغبة في العثور على ما فقد من جهود مذكورة في هذا الموضوع.

ولما استقر الأمر على الجزم (النسبي) بعدم وجود المؤلفات المذكورة اسما وعنوانا، لم أجد مبررا في تأخير إخراج هذا البحث، محللا ما وجدت من مؤلفات في موضوعه، ومؤسسا للمنهج الذي أراه في تقديم مصنفات جديدة، تأخذ بإيجابيات الأعمال السابقة، وتتجاوز ما يمكن الاستغناء عنه من الأمور التي  وجدت في بدايات التصنيف في هذا الموضوع.

ورأيت ضرورة التقديم لهذا بفصل تمهيدي، أعرض فيه أهم الأسس في حسن الفهم للأحاديث النبوية، والتي تقي من الزلل في التعامل معها. وأتناول منها الأساس اللغوي، والتوثيق، والجمع بين الأحاديث ، وإعمال قاعدة النسخ، والترجيح ووجوهه، مع تقديم بعض النماذج التي توضح هذا، لنتناول بعد ذلك بالتفصيل البحث في أسباب ورود الحديث لنتعرف على بداية التأليف في أسباب الورود، وارتباط سبب الورود بسبب النزول، واعتماد النوعين على رواية الصحابي أو التابعي، ومعرفة السببين تعين على إدراك حقيقة السبب وأبعاده، وتزيل الإشكال في الفهم.

وأسباب الورود عند السابقين : البلقيني، والسيوطي، وابن حمزة الدمشقي.

وفي الخاتمة أهم النتائج، وتقديم المنهج لتصنيف.

16- المال ملكيته واستثماره وإنفاقه .

17- جند الله في معارك رمضان .

18- السلم والحرب والعلاقات الدولية في الإسلام .

19- آفاق فكرية في الأمثال القرآنية –  تسجيل صوتي - 7ج ، شبكة الألوكة .

20- الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة – تسجيل مرئي .

21- الهجرة – تسجيل مرئي مع الدكتور محمود محمد عمارة .

وله مؤلفات أخرى سواها.

وفاته : 

clip_image004_43c15.jpg

وبعد هذه الحياة العامرة بالتقوى والحافلة بالعطاء المخلص والجد والعمل ابتلي الشيخ ببعض الأمراض، فقابلها بنفس راضية، وابتسامة صافية، وصبر على قضاء الله من غير تبرم ولا تسخط، حتى وافته منيته، ولقي ربه في يوم الخميس الموافق 13 جمادى الأولى 1425هـ، أول يوليو 2004م،  – رحم الله فقيدنا العزيز، وأعظم أجره، وأثقل ميزانه، وجزاه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وأسكنه فسيح جناته.

المراجع :

1-صوت الأزهر (شعبان 1425هـ) .

2- موقع إسلام ويب .

3- المكتبة الشاملة .

4- موقع مداد .

وسوم: العدد 807