الشيخ الداعية محمد نعسان عز الدين عرواني

الشيخ الداعية محمد نعسان عز الدين عرواني

عضو مكتب الإرشاد الدولي لجماعة الإخوان المسلمين.

(1342ه/1924م = 1434ه/2013م)

clip_image001_21fe6.jpg

هو الشيخ الداعية الإسلامي، والمراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريّة، رئيس مجلس شورى الجماعة، وعضو مكتب الإرشاد الدولي لجماعة الإخوان المسلمين (2007 ـ 2010)... الذي كان مثالاً عالياً في الأدب، وحسن الخلق، وسلامة الذوق، رحل عن هذه الحياة الفانية غريباً كما عاش غريباً، فطوبى للغرباء.

المولد والنشأة:

ولد الأستاذ محمد نعسان عرواني في مدينة حماه، ونشأ في أسرة متدينة توقّر الدين وأهله، وكان أبوه معلم مدرسة يتنقّل بين بلدة الرستن وقرى حماه.

دراسته، ومراحل تعليمه:

حضر محمد نعسان عرواني دروس الشيخ محمد الحامد، وعلماء حماه أمثال: الشيخ محمد أديب الكيلاني، والشيخ محمود الشقفة، وكانت حماه تغصّ بالأسر العلميّة أمثال آل المراد.

وأكمل عرواني مراحل الدراسة الثلاث في مدينته، ثم التحق بكليّة الآداب بجامعة دمشق، ونال الإجازة في التاريخ، واشتغل بالتعليم الثانوي في محافظات الجزيرة السوريّة، ثم استقرّ في مدينته.

والتقى بتلاميذ الإمام حسن البنا، والدارسين في مصر من أبناء جيله في مدينة حماه، أمثال:  عبد الكريم عثمان، ومصطفى الصيرفي، وعدنان سعد الدين، وكانوا يتوقّدون حميّة ونشاطاً.

وكانت قضيّة سقوط الخلافة، تأخذ جانباً كبيراً من أحاديث الناس واهتمامهم، في تلك المرحلة التاريخيّة...

وعاش طفولته في عهد النضال ضدّ الفرنسيين المستعمرين، وشهد ثورة حماه، وشارك في المظاهرات الشعبيّة ضد الوجود الفرنسي في العشرينات، وكان يتهيّأ للانخراط في صفوف المجاهدين في فلسطين لولا الهدنة النكراء التي عقدها حكام العرب.

وكان يرعى أنشطة الطلاب ومخيماتهم، وأنديتهم الرياضيّة، وفرقهم الكشفيّة، ويترأس الرحلات المدرسيّة.

حمل أفكاره ومبادئه في حلّه وترحاله، فكان ينتقي إخوانه من خيرة تلاميذه، ويعطيهم عناية خاصّة، واستطاع أن ينشر دعوة الإخوان في صفوف الطلاب على نطاق واسع، ويوجههم نحو الفضائل وحب الوطن والدفاع عن حياض الإسلام.

وكانت زوجته الفاضلة الأديبة الإسلاميّة (نعماء بنت الشيخ محمد المجذوب) خير معين له في نشاطه الدعوي، تقف معه، وتشدّ أزره، في سجنه وغربته وشيخوخته.

اشتغل في جامعة الإمام محمد بن سعود في المدينة المنوّرة، وتعاقد مع وزارة المعارف القطريّة مدرّساً ومفتّشاً، ولقي الفضلاء.

وصفه الشيخ يوسف القرضاوي في مذكراته، فقال: مدرّس التاريخ وزميلنا في قطر عدّة سنوات محمد نعسان عرواني، كان مثالاً عالياً في الأدب وحسن الخلق، وسلامة الذوق، وحسن التعامل مع إخوانه.

أحبّه إخوانه بسبب بعده عن مواطن الجدل والخلاف، وكان داعية إصلاح ومحبّة ووفاق أينما حل. 

وشارك في الانتخابات البرلمانيّة التي جرت في حماه، عندما نزل على رأي إخوانه، في قائمة الوجيه الحموي عبد الرحمن العظم، مع الأستاذ مصطفى الصيرفي، ضدّ قائمة أكرم الحوراني، ونال أعلى النتائج في المدينة، فلمّا جاءت نتائج الريف انقلبت المعادلة لصالح القائمة المنافسة، التي صاغ قادتها قانون الانتخاب في فترة الانفصال.

وفي عام 1978، عندما عاد القيادى الإخوانى نعسان عرواني من السعودية، واستلم رئاسة مركز حماة في الجماعة، طلب من الشقفة  العودة إلى العمل مع التنظيم في محافظته (حماة)، وأطلعه على الخطة الجديدة للجماعة، وكانت الأحداث قد بدأت تتسارع، ولم يجد محمد رياض الشقفة غير العمل معهم.

بعد أشهرٍ عدّة، تعرّض بعض أعضاء إدارة مركز حماة للاعتقال، فكُلِّفَ عضواً في الإدارة، وبعد عدة أشهرٍ أخرى، اعُتقِلَ رئيس المركز (نعسان عرواني)، فكُلِّفَ الأخ محمد رياض شقفة برئاسة إدارة مركز حماة.

وكان اعتقال أبي العزّ عام 1979م، فلم يزده السجن إلاّ إصراراً على الحقّ الذي آمن به، وكرّس وقته وجهده من أجله، وذكر من رافقه في السجن حبّه لإخوانه وخدمتهم وعطفه عليهم، وكان يخفّف عنهم حزنهم وقلقهم، ويملأ نفوسهم بالأمل.

ولمّا صدر أمر الطاغية بالإفراج عن 400 رجل من أبناء الجماعة المعتقلين، رفض أن يفرج عنه حتى آخر رجل منهم، فكان له ما أراد.

أدرك طبيعة النظام الأسدي، وتغوّل طائفته منذ اليوم الأوّل لانقلاب الثامن من آذار 1963، ولم تنطل عليه الشعارات الوحدويّة البرّاقة التي رفعها لخداع الجماهير.

وانتقد الفساد، ومصادرة الحريات، والنهب المنظّم لثروة البلاد، ومطاردة الأحرار، ورفع صوته ضدّ تصفية الجيش من خيرة ضبّاطه، وإحلال المعلمين الطائفيين في قيادة الوحدات العسكريّة، وحمّل النظام البعثي وزر هزيمة حزيران 1967.

وسعى بكل ما أوتيه من حكمة، تجنيب الجماعة الانجرار إلى صدام مع النظام لا تحمد عقباه، لكنّ إرادة الله أبت إلاّ أن تزج طاقات الإخوان في معركة ظنّ النظام أنّه كسب جولتها الأولى.

وكان بعيد النظر، واسع الأفق، يحسن ترتيب الأفكار، والتعبير عن القضايا العامّة بطلاقة، خطيباً وكاتباً، ترأس لجنة كتابة تاريخ الجماعة التي كنت أحد أعضائها في مطلع التسعينات، فصدر كتاب صغير للأسر الإخوانيّة بعنوان (تاريخ الإخوان المسلمين في سوريّة) صدّره فقيدنا أبو العزّ بمقدمة ضافية، وكان يودّ تدوين كتاب كبير في تاريخ الجماعة، حالت الأحداث المتسارعة دون إنجازه.

وساهم في بناء مؤسّسات الجماعة في ديار الاغتراب، وترأس لجنة مهمتها دراسة النظام الداخلي للجماعة، وإعداد التعديلات المقترحة لمناقشتها في مجلس الشورى.

زواجه:

تزوج من السيدة الأديبة الداعية نعماء بنت محمد المجذوب (1355/1936 ـ 1435/2014):

هي أديبة إسلاميّة قديرة، من أبرز كتّاب الرواية الإسلاميّة المعاصرة، وكاتبات القصّة القصيرة، وأكثرهنّ فنيّة، وهي كاتبة للأطفال، وشاعرة مقلّة، عضو رابطة الأدب الإسلامي العالميّة، ورابطة أدباء الشام.

ولدت في مدينة طرطوس، نشأت في رعاية أبيها الشاعر الإسلامي محمد مصطفى المجذوب، وكان بيته بيت علم وفضل ودعوة في فترة كانت سوريّة تعجّ بالحيويّة والنشاط الفكري والأدبي، وقضت شطراً كبيراً من طفولتها في مدينة اللاذقيّة تلك  المدينة الساحليّة الجميلة التي تركت في وجدانها أجمل الذكريات وأخصبها.

درست في المدارس الحكوميّة مناهج المراحل الدراسيّة الثلاث، وقرأت الكثير من كتب الأدب والتراث التي كانت مكتبة أبيها تذخر بها، ونالت درجة البكالوريوس في الآداب من جامعة دمشق، والماجستير من الجامعة الإسلاميّة بالمدينة المنوّرة.

تزوّجت في سن مبكّرة بالإسلامي الحركي محمد نعسان عرواني المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في سوريّة، ورافقته إلى مدينة حماه، وبها أكملت المرحلة الثانويّة، وكانت رفيقة دربه وجهاده في سوريّة وديار الاغتراب.

وكانت تقود المظاهرات النسائيّة في مدينة حماه في الخمسينات، وتلقي الكلمات الحماسيّة ضدّ محاولات علمنة الدولة وهي تسدل الحجاب على وجهها.

نشرت روايتها الأولى (مارد في صدري) في عام 2004 وكانت فخورة بها، ثم نشرت روايتها الثانية (الزمن المفقود) في عام 2006.

وعندما صدرت روايتها الأولى كتبت أقول: لست أغالي إذا قلت: إنّ مشاعر الكاتبة المبدعة نعماء محمد المجذوب قد ذابت في هذه الرواية الجديرة بالقراءة، وهي تعبّر بقلمها الساحر عن مشاعر المضطهدين الصامتين، وتقتحم بخيالها المجنّح عالمهم الحزين، وترسم البؤس في وجوههم، وتنطق الكلمات الجامدة في أفواههم، بأسلوب رمزي رفيع، وبلغة سهلة وعبارات جزلة.

وعنيت بالقصّة القصيرة فكتبت  مجموعة (جلنارا وقصص أخرى)، وتضم المجموعة عدداً من القصص الشيّقة، وهي: (مداراة في الغربة)، و(العمّة سكينة) و(البراءة أقوى)، وقصّة (هديّة مباركة)، و(وداعاً للشيطنة)، و(وطن وإن جار) و(غريب)، و(رشفات من الحياة)، (وتأمّل في الطبيعة ...ثمّ) .

وفي مجموعة (تداعيات موقف) نقرأ قصّة: (مطاردة)، و(جحود وعقوق) و(أمنة نعاس)، و(أصوات وأصداء).

ولها مجموعة قصصيّة (هدى وقصص أخرى) باسم القصّة الأولى، وتضم المجموعة ثماني قصص: (هدى) و(ما أعنده) و(معذرة يا شيخنا) (ما أحلى الرجوع إلى الطبيعة !) و(جراح) و(كانت أنيسي) و(سميري في سفري) و(أرض الحلم).

وقدّمت للمجموعة الأديبة عبير الطنطاوي بكلمات رقيقة تحدثت فيها عن شاعريّتها وغربتها، فقالت: رأيت في أحد الأيام ركنها التي تجلس فيه وتكتب كتاباتها، فما رأيت سوى قرآناً كريماً وتفاسير لهذا القرآن العظيم ومجموعة أوراق وأقلام، نظرت نظرة خاطفة سريعة فعرفت كم أنا أمام امرأة عظيمة غزيرة العلم، غزيرة العاطفة.

الأديبة نعماء المجذوب لم تنل حظّها من اهتمام النقّاد المنافقين، ومن رعاية الدولة المشغولة بكبت الحريات وقمع الشعب، وانحازت إلى جانب المعارضة الإسلاميّة في سوريّة منذ مطلع الثمانينات، وإلى قضيّة الحريّة والعدالة الاجتماعيّة، وكان لمجزرة حماه الأولى والثانية، ومصادرة بيتها أثر عميق في أدبها الحزين، وفضّلت أن تسكن الغربة، ولم تكن نادمة.

وكانت رحمها الله امرأة فاضلة شديدة الاهتمام برعاية أسرتها ونظافة بيتها، وتربية أولادها الذين اضطروا للهجرة طلباً للعلم وبحثاً عن العمل والحريّة.

وكان لها درس اسبوعي للنساء في مسجد مجاور لبيتها، وآخر للفتيات في بيوتهن، تفسّر كتاب الله بأبلغ لسان، وتعرب بعض الكلمات، وتجيب على أسئلتهن، وعرف عنها تدينها وحرصا على أداء صلاة الجماعة في مسجد العز بن عبد السلام الذي ساهمت في إقامته تحت العمارة التي تسكن إحدى بيوتها.  

وهي شاعرة مجيدة مقلّة صرفت جهدها في ميدان النثر، ونظمها يدل على امتلاكها ملكة الشعر، ومن جيّدها قصيدة بعنوان: (همسة في أذن بنت العقيدة) مطلعها:

بنتَ العقيدة بنتَ الفضل والأدبِ    سليلةَ المجدِ والتاريخِ والحسبِ

بنتَ العروبةِ والرحمنُ يحفظُها    من كلِّ عادٍ على الأخلاق مغتصبِ

كوني على حذرٍ من كلِّ شائبةٍ    إنَّ الزمانَ زمانُ الشكِّ والرِّيبِ

صوني جمالكِ عن نفس مخادعةٍ    ونظرةٍ من سهامِ الغدرِ لم تخبِ ‍

وتتحدّث الشاعرة المجذوب عن شيطان شعرها في مقالة تحت عنوان: (خاطرة وامضة)، فتقول: شيطان الشعر ما أحمقه!! إن استدعيته عاندني وكابر، وإن أهملته جاذبني ونازل، فأنا معه في كرّ وفرّ، لا يدعني أستريح فوق صخرة شامخة، وإن هربت منه إلى مرج أخضر، وعانقت السنابل الذهبية، وتسلقت الأيكة المروية، وشدتني الأنوار العلوية، وحلقت بين الكواكب المتناثرة، والبروج الدائرة والمتاهات المنسية، فاجأني بركلة قصية، هوت بي في القيعان السفلية.

شيطان شعري، ما أحمقه، ما أعنده!!

ثم تقول: كلمات باسمة يلقيها في خاطري، معطرة، ندية بالحب، غزيرة بالمعرفة، ينثرها على أشلاء أعصابي، فوق بساط مزركش، ألوانها مغرية، أضواؤها باهرة، أشكالها ناطقة، فأقتنص اللحظات، كي ألملمها في خيط وردي، أزين به نافذتي، أو أحبسه بين دفتي دفتري، ويجذبني الأمل، وتعصف في داخلي الهمّة، ثم فجأة تطير المفردات، وتحلق بين جفنيَّ المغلقتين، وتخبو الأنوار، وتتلاشى الرغبات، وتختنق البسمات.

شيطان شعري، ما أغدره، ما أسفهه!!

وكتبت قصّصاً لأحبابنا الصغار، وسيناريوهات للجيل القادم، وأغاني للأطفال، وأعتقد أنّ أديبة مثل المرحومة نعماء المجذوب، تمتلك تراثاً يجب جمعه والمحافظة عليه.

وفاتها:

وبعد شيخوخة صالحة انتقلت إلى الرفيق الأعلى الأخت الفاضلة أم عز الدين الأديبة الإسلاميّة في مدينة عمّان ليلة الثلاثاء الموافق 14/10/2014، وشيّعت في اليوم التالي، وصدف أن توفيت في اليوم ذاته زوجة الشيخ سعيد حّوّى فصلي عليهما معاً في مسجد أّم المؤمنين عائشة بمنطقة عبدون، ودفنتا في مقبرة سحاب الإسلاميّة.

تعزية رابطة العلماء السوريين بأختين كريمتين داعيتين:

تتقدم رابطة العلماء السوريين بالتعزية، بأختين كريمتين داعيتين مربيتين  توفيتا يوم الثلاثاء 14/10/20014، هما :

1 - الأستاذة نعمان محمد المجذوب (1936 - 2014) بنت الأديب الكبير الداعية الأستاذ محمد المجذوب رحمهما الله تعالى ،والأخت أم العز أديبة ولها ستة كتب، وهي مدرّسة ومربية وداعية، وهي زوجة الأستاذ محمد نعسان عرواني،  وقد عانت معه مرارة اعتقاله ثم مرارة اغترابهما القسري، وتنقّلهما في عدد من البلادـ وكان مثواهما في هذه الحياة الدنيا في مدينة عمان- الأردن.

2 - الأخت المربية الفاضلة الأستاذة خديجة شفيق عثمان (1935- 2014)، أم محمد، زوجة العلامة الداعية الشيخ سعيد حوى -تغمدهما الله بفيض رحماته-،        وهي والدة أنجالهما العلماء الدعاة الفضلاء: محمد، وأحمد، ومعاذ حفظهم الله تعالى.

إنّ رابطة العلماء السوريين إذ تعزّي نفسها، وتعزّي أسرتي الفقيدتين وأخواتهما وتلميذاتهما الكثيرات في كل مكان، لترجو الله تعالى أن يتقبّلهما في المربيات الفضليات والمجاهدات الصادقات، ويجعل مقامهما في عليين، جزاء ما قدّمتا  طوال عمريهما المباركين من خير وبر، وأن يعوّض سورية الحبيبة وثورتها المباركة، داعيات مربيات ومجاهدات عاملات، في هذه الظروف الدقيقة العصيبة التي تعصف بوطننا الحبيب، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

الاثنين 26 ذو الحجة 1435 - 20 أكتوبر 2014م

حفل توقيع وقراءات نقدية فـي رابطة الأدب الإسلامي - صحيفة الرأي:

أصدرت الروائية السورية نعماء محمد المجذوب رواية حملت عنوان "مارد في صدري" والقارىء لهذه الرواية يستشف مدى العلاقة الوثيقة التي رسمتها الكاتبة مع البحر من غلاف الرواية الذي يحمل صورة فتاة متأملة ومتصلة بالبحر بأطراف قدمها إلى مفرداتها وتعابيرها (...)

وأقامت رابطة الأدب الإسلامي العالمية حفل إعلان للرواية الأخيرة للكاتبة المبدعة نعماء المجذوب ( الزمن ) حيث قدم الأديب الناقد محمد السيد عرضاً موجزاً للرواية مبيناً دور الكاتب الإسلامي ومسؤولياته في تعميم القيم الإسلامية من خلال إبداعه الأدبي كما فعلت كاتبة الرواية التي وظفت إمكانياتها الأدبية في الرواية بروح إسلامية.

وفي مقالته التحليلية التي حملت عنوان ( وانتشت الكلمات بأمل قد انتصر) قال: إن الكاتبة استثمرت قدرتها اللغوية والأسلوبية فأثمرت سردية نامقة مغدقة بالعطاء والأحاسيس والمشاعر الإنسانية.

وقدم رؤيته في مهمة الرواية الإسلامية قائلاً : إنها تتمثل في سبر غور النفس الإنسانية واكتشاف هواجسها ووصف تعرجات خطوطها عبر الزمن ومن ثم التحول لفك الأزمات التي تنتاب حياة الإنسان خلال دروب الحياة العسيرة نتيجة الأرباك وتحدث السيد عن الحداثة ....

مقدمة الأمسية الأديبة هيام ضمرة ألقت الضوء على الرواية كجنس أدبي وأنه كأي من الأجناس الأدبية الأخرى يحتاج إلى نفسية بنائية متمكنة ولغة قوية وملكة إبداعية عالية وإحساس قوي علماً أن الروائية المجذوب سبق أن نشرت روايتها الأولى ( شيء في صدري) العام الماضي، واتبعته بنشر مجموعة قصصية بعنوان جلنارا ولديها من المخطوطات رواية الزمن الجريح وقصص القرآن، ومجموعة قصصية بعنوان ( هدى ) ومجموعة محاضرات في الأساليب التربوية للمواد التعليمية ومجموعة قصائد في الشعر المنثور ومجموعة من قصص الأطفال .

بشّر بانتصار ثورة الكرامة بعد انطلاقها في 18/3/2011، وعاش فصولاً دامية من كفاح الشعب السوري المجيد، وكان بودّنا نحن تلاميذه ومريدوه وعارفو فضله أنّ يكحل شيخنا العرواني عيناه برؤية نواعير حماه الباكية، وهي تدور ضاحكة بعد هذا الفراق الطويل، وأن يعاد له بيته المصادر، ويطرد المخبر الذي سطا عليه، لكنّ إرادة الله أبت إلاّ أن يلقى وجهه الكريم في الأردن الذي اتخذه داراً.

مؤلفاته:

وكان - رحمه الله- رغم تخصصه بالتاريخ وسعة ثقافته مقلاً في مجال الكتابة والتأليف، فقد ترك عدداً من الكتب:

1-تاريخ الوطن العربي في العصر الحديث- ألفه محمد نعسان عرواني، راجعه أحمد إمبابي سلمان؛ بإشراف عبد العزيز بن مانع، ود. عز الدين إبراهيم.

وهو من الكتب الدراسية، الطبعة 1، تاريخ النشر: 1386هـ، 1966م

الوصف المادي: 155 ص: صور، خريطة؛ 24 سم.

وانطفأ المصباح:

توفي الأستاذ الداعية محمد نعسان عرواني في عمّان، ودفن إلى جوار أخويه في الدعوة الشيخ سعيد حوّى، والأستاذ عدنان سعد الدين طيّب الله ثراهما في مقبرة (سحاب الإسلاميّة) بالعاصمة الأردنيّة في 23 ربيع ثاني 1434 هـ/ الموافق 5/3/2013، محاطاً بإخوانه ومحبيه. 

رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جنانه مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً .

أصداء الرحيل:

يرحم الله أبا العز الأستاذ محمد نعسان عرواني:

clip_image003_b4591.jpg

كتب الشيخ (محمد فاروق بطل): الأمين العام لرابطة العلماء السوريين يقول في نعيه:

قد يكون غريباً أن أزعم أنني أقْدَم للناس صلة بين الأحياء بالعم الكريم والأخ الحبيب الأستاذ أبي العز!! ذلك أن صلتي به تعود إلى أواخر الأربعينيات من القرن الماضي، لستُ في عمره يرحمه الله، والفارق كبير بيننا، لكن كان تجمعني به صلات عائلية ودودة، وذكريات حميمة، ذلك أن والدَيْنا ـ رحمهما الله ـ كانا معاً في مدينة الرستن، والده الأستاذ عز الدين كان مديراً للمدرسة الابتدائية فيها، ووالدي كان موظفاً في مديرية ناحيتها، وكلاهما عليهما الرحمة والرضوان كانا يألفان ويُؤلَفان، شخصيتهما الاجتماعية راقية، وروحهما الخفيفة متقاربة، ورغبتهما في الدعابة بارزة، ثم إنها الغربة قد جمعت بينهما وشملت الأسرتين، والده غريب من حماة، ووالدي غريب من إدلب.

ومن ذكريات طفولتي الجميلة التي لا أنساها أن والدي حين انتقل نهائياً من الرستن متجهاً إلى إدلب عام 1946 ـ وكان لابد أن نمرَّ بحماة  ـ نزلت أسرتنا بكاملها وعددها سبعة أنفار ضيوفاً في بيت والده، ولا زلت أذكر حتى الآن ملامح والده، وطريقة سلامه و ترحيبه، كما أذكر ملامح البيت الكريم، واستمرت الصلات العائلية الودودة بين أسرتينا ولا زالت رغم تباعد الديار.

يعود الفضل للأستاذ نعسان الذي جدَّد الصلات بين الأسرتين، فكان إذا زار حلب لابدَّ أن يزور والدي الذي كان يعتبره في مقام عمه، إضافة إلى إحساسه بواجب الوفاء والبر بأبيه، وهو خلق إسلامي أصيل. طالَبَنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم،  وقال: (أبر البر أن يصل الرجل ودَّ أبيه) أخرجه أحمد ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.

أول مرة تعلق قلبي بالأستاذ نعسان حباً صادقاً ومودة حارة كان عام 1953 حين قدم الأستاذ عدنان سعد الدين من حماة إلى حلب مصَحَحْين للامتحانات العامة، فقد كان الأستاذ أبو العز مدرساً للتاريخ، والأستاذ أبو عامر مدرساً للغة العربية، نزلا رحمهما الله في فندق بجادة الخندق والقريب من باب النصر، ولا زلت أذكر وقد كنت طالباً في الثالث متوسط  في الثانوية الشرعية، أنني زرتهما في هذا الفندق، وطرحت على الأخ أبي عامر بعض الأسئلة المتعلقة بالقضاء والقدر، أضيف إلى هذا أن والدي كلفني أن أرافق الأخ الأستاذ نعسان في جولاته بأسواق حلب، القريبة من الجامع الأموي الكبير، وقد كان قمة في الأناقة والوسامة واللطف والرقة.

زرته في حماة مع الأخ الدكتور محب الدين أبو صالح رحمه الله تعالى حين كنا طالبين في الجامعة عام 1957 شوقاً له ولأهنئه بزواجه من ابنة الأخ الأديب الكبير الأستاذ محمد المجذوب رحمه الله تعالى، وأقام لنا حفل إفطار كبير.

ثم تجددت الصلات بيننا ثانية، حين كنت مدرساً في إدلب عام 1960، حيث زارنا فيها بصفته مندوباً عن وزارة التربية والتعليم مشرفاً عاماً على الامتحانات.

كان الأستاذ نعسان أبو العز شخصية قيادية بارزة في حماة دعوياً وسياسياً واجتماعياً، ففي عهد الانفصال أوائل الستينات من القرن الماضي، تقدم مرشحاً للانتخابات النيابية مع الأستاذ مصطفى الصيرفي حفظه الله تعالى  في قائمة منافسة لقائمة أكرم الحوراني الطاغية الذي صاغ قانون الانتخاب، وضم الريف إلى المدينة، وزَّيف الانتخابات، واستعان بالجيش لانجاح قائمته الانتخابية، وإسقاط الثانية، علماً أن الأصوات التي نالها الأخوان الصيرفي والعرواني كانت الأعلى.

ويشاء الله سبحانه أن يجمعني به في المدرسة اليوسفية في سجن كفر سوسة عام 1979 وفي مهجع واحد، وعلى مائدة واحدة، وفي صلوات واحدة، ولمدة سنة كاملة، تجلَّت فيها أخلاق الأخ أبي العز وسجاياه وصفاته النبيلة التي لم أر مثلها في مثل سنه وقدره، فقد كان ابن خمس وخمسين سنة تقريباً، ولكنه رحمه الله تعالى كان أديباً خلوقاً صبوراً متواضعاً لطيفاً ودوداً رقيقاً، مع الصغير والكبير، مع الشباب والشيوخ، كان قدوة في رعايته لإخوانه وخدمتهم، وترتيب المهجع وتنظيفه، بل وإعداد الطعام!! كنا قرابة أربعين سجيناً، ولكل سجين همومه ومخاوفه وقلقه على أهله وأولاده، فكان رحمه الله يستوعبهم جميعاً بلطفه، وكلماته،  وتوجيهاته، ووجهه البشوش المشرق.

وإنك لتعجب لمثل هذه الأخلاق ا لرضية، من مثل هذا الرجل، وقد تجاوز الخمسين يعيش في كِلْية واحدة، مسؤولاً كبيراً في الإخوان المسلمين بحماة، من كبار المدرسين، ومديراً لأكبر ثانوية في حماة (ثانوية الصديق) نافس في الانتخابات أخبث سياسي في سورية، وأقواهم وأمكرهم، وأكثرهم نفوذاً... مع هذه الصفات... كان الرجل مثال التواضع والأدب والخلق والرحمة والمودة لإخوانه، ولْنتصور كم كان يجهد لإعداد طعام أربعين شخصاً، يأتي الطعام من إدارة السجن كأسوأ ما يكون، فيصلحه ويضيف إليه ما يحسِّنه ويعيد طبخه.

كنا قد رتبنا مهاجعنا... أخ مسؤول عن الطبخ، وأخ مسؤول عن ترتيب المهجع، وأخ مسؤول عن الحمامات، وأخ مسؤول عن النظافة، وأخ مسؤول عن الأذان والصلاة، وأخ مسؤول عن الدروس، إضافة إلى الأخ المسؤول العام انتخاباً... مما لفت نظر أحد السجانين فقال شاتماً: يخرب بيتكم يا إخوان مسلمين!! حوَّلتم السجن إلى جامعة نظيفة منظمة، أذهب إلى مهاجع الشيوعيين فأشم روائح الدخان الكريهة النتنة، وأرى القذارة والفوضى، وأسمع النزاعات والأصوات المرتفعة، والشتائم المقذعة، والكفر بالله، ثم يقول: والله لقد شهيتموني أن أعتُقَل معكم؟!!

وإن تعجب لأخلاق هذا الرجل القائد الفذ أبي العز، فاعجب له يوم صدر الأمر بالإفراج عنه، فأبى الخروج إلا أن يُفرَج عن إخوانه من مدينة حماة، كان ذلك عام 1980 حين كانت مفاوضاتي صحبة الأخ الأستاذ عبد الله الطنطاوي مع العِماد علي دوبا والعِماد حكمت شهابي، بأمر من الطاغية حافظ أسد، إثر حواره مع الأخ الشهيد أمين يكن رحمه الله تعالى، صدر الأمر بعدها بالإفراج عن عدد كبير من الإخوان بلغ عددهم 400 كان من بينهم الأخ أبو العز، لكنه رفض إلا أن يُفرَج عن إخوانه في حماة، فلُبِّيت رغبته ـ رحمه الله تعالى ـ.

افترقنا بعض الوقت... ثم التقينا ثانية في دار الهجرة في المملكة العربية السعودية، هو يدِّرس  في جامعة الإمام محمد بن سعود في المدينة المنورة، وأنا أدرِّس في جدة في جامعة الملك عبد العزيز، وكنا نلتقي في أعمال دعوية وتنظيمية منها لقاءات في مجلس القضاء التابع للجماعة، ونلتقي معاً كذلك في مجلس الشورى في عمان أو في بغداد، كما التقيته أيضاً في المؤتمر العام الأول للجماعة أوائل الثمانينيات في القرن الماضي.

وفاتني أن أذكر أنه كان نائبي في رئاسة مجلس الشورى الذي انتُخِب في الداخل عام 1978 والذي أعقبه سجننا سوياً عام 1979، وكان معظم أعضاء هذا المجلس معتقلين في هذا السجن، فكنت أعقده في داخل السجن، ونمارس صلاحيات المجلس، ونرسل قراراته تهريباً إلى الأخ المراقب العام الأستاذ عدنان سعد الدين -رحمه الله تعالى-.

وافترقنا أيضاً ولبعض الوقت تنظيمياً هذه المرة وليس أخوياً ولا عاطفياً!! فقد اجتهد -رحمه الله تعالى- أن يكون مع الإخوة في الطرف الثاني من الجماعة، واجتهدت أن أكون في الطرف الشرعي، وتولينا نحن الاثنان رئاسة مجلس الشورى في كلا الجهتين، واستمرت صلاتي الوديَّة والأخويَّة مع الأستاذ أبي العز، فعملنا معاً على رأب الصدع، وتوحيد الصف، وجمع الكلمة، حتى آذن الله بالاتفاق ـ وتوقيع وثيقة الوحدة والتي وقعتُها بصفتي رئيساً لمجلس الشورى، ووقعها بصفته كذلك، كما وقعها الأخوان المراقبان العامان السابقان الأخ الدكتور حسن الهويدي، والأخ الأستاذ عدنان سعد الدين رحمهما الله تعالى.

وهكذا استأنفت الجماعة وحدتها من جديد ولا تزال بحمد الله تعالى، جماعة واحدة، وتنظيماً واحداً، ونظاماً واحداً، وقيادة واحدة، ومؤسَّسات واحدة.

وأشهد أن الأخ أبا العز كان حبيباً لجميع إخوانه، براً بجميع إخوانه، لطيفاً مع جميع إخوانه، لم يفتر تنظيمه لخطة واحدة، خلال عمره المبارك الطويل، ومنذ أن انتسب للجماعة في الأربعينيات واجه جميع المحن بصبر ورضىً عن الله سبحانه.

لم يتخلف فيما  أعلم عن اجتماع، ولا عن واجب، ولا عن مهمة، طيلة فترة عمله التنظيمي الطويل، ورغم شيخوخته، كان يسافر هنا وهناك، ليلقى إخوانه في مجلس الشورى، بصفته عضواً دائماً فيه لكونه قد سبق له أن شغل منصب المراقب العام.

ورغم شيخوخته أيضاً فقد كان حفياً بي -رحمه الله تعالى-، فكنت إذا زرت عمان لزمني بوده ووفائه وأخوته، وكان يكرمني بسيارته وقيادته ليوصلني إلى مواعيدي، وليشتري لي حاجاتي المعيشية.

وأخيراً فإن كان لي من نقد عليه والإنسان ليس معصوماً عن الخطأ، فهو أنني حاولت أكثر من مرة أن  أستفيد من اختصاصه في التاريخ، وقد كان مدرساً لهذه المادة سنوات طويلة، لكنه لم يجبني إلى طلبي المتكرر، رغم وعوده، وقد  كنت منذ الثمانينيات في القرن الماضي حريصاً على تدوين تاريخ الجماعة، وبصفتي كنت رئيساً لمجلس الشورى في هذه الفترة شكلت لجنة برئاسته مع مجموعة من الإخوة المختصين لإنجاز هذه المهمة، فلم أحصل على ما طلبت، وفي المهجر كذلك اقترحتُ على الأخ الدكتور فوزي حَمَد رئيس مجلس الشورى يومها أن يتبنى المجلس اقتراحي بتشكيل لجنة لنفس الهدف، وصدرت موافقة المجلس، فأنجز القرار، لكن بشكل محدود، وغير مستوفى، وصدر يومها كتيب صغير باسم تاريخ الجماعة.

ورجوته أن يكتب ذكرياته ومذكراته فهو بشخصه تاريخ، ومختص بالتاريخ، وجزء هام من تاريخ الجماعة، لكنه -رحمه الله تعالى- قصر في ذلك، وأقول: فعلاً قد قصَّر!! لأن المعلومات التاريخية ليست ملكاً لأصحابها، وإنما هي ملك الأجيال وحقها أن تطلع وتعرف الأخبار والوقائع لتستخلص الدروس والعبر، وخاصة حين يكون تاريخ جماعة مسلمة ملتزمة راشدة، تعرضت، ولا تزال، تتعرض لحملات إعلامية قذرة كاذبة، تهدف إلى تشويه تاريخ الجماعة، وهو تاريخ مضيء بحمد الله تعالى، لكنه حقد الصليبية العالمية، ومكر الماسونية الخبيثة، ومخطط الاستعمار البغيض، وخيانة العلمانية التابعة المنفذة لأجندة كل هؤلاء، هل من المعقول أن يكتب أكرم الحوراني مذكراته في خمسة مجلدات يملؤها بالأكاذيب ويشوه تاريخ سورية، ولا يكتب شيوخنا وقادتنا وأساتذتنا مذكراتهم!! والشكر كل الشكر للأستاذين الجليلين العلامة الشيخ القرضاوي مدَّ الله في عمره، والأستاذ عدنان سعد الدين رحمه الله تعالى، وقد أمتعونا بكتابة تاريخ الجماعة في مصر وسوريا، من خلال مذكراتهم وذكرياتهم ومعلوماتهم.

وإذن فلتعذرني أيها القارئ الكريم إن أطلت في كتابة ترجمة الراحل الكريم والأخ الحبيب الأستاذ أبي العز - يرحمه الله تعالى-؛ لأنه تاريخ جماعة، وهذا واحد من روادها وقادتها..

-     الشيخ الداعية محمد نعسان عرواني : المراقب العام الأسبق لجماعة الإخوان المسلمين في ذمة الله ...

وكتب الأستاذ الداعية زهير سالم يقول:

( إنا لله وإنا إليه راجعون:

تنعى أسرة مركز الشرق العربي وفاة الشيخ الداعية محمد نعسان عرواني ابن مدينة حماة البار الذي توفاه الله تعالى في مدينة عمان عشية الثلاثاء 23 / ربيع الثاني / 1434 – الموافق 5 / آذار 2013 م.

كان -رحمه الله تعالى- من الرعيل الأول من العلماء العاملين والدعاة الناشطين الذي حملوا عبء الدعوة إلى الله تعالى في سورية الحبيبة فهما والتزامًا وسلوكاً بهدوء نفس وسعة قلب، ودوداً سمحاً محباً للآخرين جامعاً للقلوب على الحق بنبل أخلاق وسماحة نفس . ...

كما كان الفقيد -رحمه الله تعالى- منذ شبابه ومطلع حياته الدعوية عضواً نشطاً عاملاً مجداً في جماعة الإخوان المسلمين في سورية فسخر وقته وجهده ولسانه وقلمه في خدمة هذه الدعوة الربانية المباركة، وفي الدفاع عن الإسلام وفي نشر روح الوسطية والاعتدال في الفهم والسلوك ..

تسلم مهام دعوية متعددة في جماعة الإخوان المسلمين، وشغل منها موقع المراقب العام في أواخر الثمانينات من القرن الماضي وفي عهده وبمشاركته الإيجابية الطيبة استعادت الجماعة وحدة صفها في مطلع التسعينات. موقف يحسب له رحمه الله، ونسأل الله تعالى أن يجده في صحائف أعماله. كما شغل موقع رئيس مجلس الشورى لأكثر من مرة . ولعل الموقع الأهم الذي شغله الفقيد هو موقعه في قلوب إخوانه ومحبيه ، فقد كان حبيبا إلى القلوب قريبا إلى النفوس لاما للشعث جامعا للمتفرق بمنطق عذب وقلب كبير ..

رحم الله تعالى أخانا الكبير الشيخ الداعية محمد نعسان عرواني وأحسن نزله وتقبله في الصالحين ، وألحقه بالأحبة محمد وصحبه اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله ..

نتقدم باسم أسرة مركز الشرق العربي بأحر مشاعر العزاء والمواساة إلى أسرة الأخ الفقيد وأنجاله وإخوانه ومحبيه . سائلين المولى عز وجل أن يلهمهم الصبر والسلوان وأن يسكب على روح الفقيد شآبيب الرحمة والرضوان

. وإنا لله وإنا إليه راجعون ...

لندن: 24 / ربيع الثاني / 1434ه

6 / 3 / 2013 ..

زهير سالم

مدير مركز الشرق العربي

clip_image005_25b10.jpg

الشهيد الشاب عبد الهادي عرواني:

هو الشهيد الشاب عبد الهادي عرواني المولود في مدينة حماه السورية في عام 1967م، ويبلغ من العمر 48 عاماً، وهو أب لخمسة أطفال، وتزوج من فتاة إسبانية صغيرة تحولت للدين الإسلامي فيما بعد.

نشأته وحياته:

نشأ في مدينة حماة وتلقى تعليمه بها، وشهد مذبحة "حماة" في عام 1982م، وكان يبلغ من العمر 15عاماً، وقد روى بعض تفاصيل المجرزة المروعة في أحد اللقاءات معه، وذكر كيف أُجبر ذوو الضحايا من حماة آنذاك على رفع صورة الأسد في مسيرات جماهيرية بعد ثلاثة أسابيع من ارتكاب المجزرة.

التجربة السياسية:

انضم إلى جماعة الإخوان المسلمين في سن مبكرة من حياته؛ حيث كانت مدينة حماة هي المعقل الرئيسي للجماعة، وبعد مذبحة حماة كان معارضاً للنظام البعثي في سوريا، فسافر إلى الأردن، وأكمل دراسته في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية، ثم سافر إلى العاصمة البريطانية لندن، في عام 2001م وعمل عقب وصوله إلى لندن كعامل دهان، وأقام في حي (أكتون) في غرب لندن الذي يقيم به العديد من الهنود المسلمين، ثم درس في كلية لندن الإسلامية، وفي أكثر من مدرسة دينية في سلاو غرب لندن؛ مما جعله حجة في القضايا المتعلقة بالزواج والطلاق؛ مما جعله يقوم مع 3 من المسلمين في لندن ببناء مسجد "النور" الذي كان مسجلاً باسمه معهم، وأصبح إماماً وخطيباً له، ومارس من خلاله عمله الدعوى والتنظيمي؛ مما جعله يرتبط بعلاقة تنظيمية بالمراقب العام لجماعة الإخوان المسلمون في سوريا صدر الدين البيانوني.

ولكن المسجد سرعان ما ارتبطت به العديد من الحوادث التي اعتبرتها الشرطة البريطانية متطرفة، ومنها:

1-   هرب مطلوب للشرطة يدعى أحمد عبد الله، بعد أن تخفى بزي امرأة في المسجد، وكان أحد الذين يرتادون المسجد منذ عام 2013م.

2-   حرق سيارته بسبب عملية تطليق قام بها في المسجد.

قام الشيخ عبد الهادي بترك الخطابة في المسجد بعد خلافات مع إدارته ولكن رواد مسجد يذكرون عنه أنه كان متواضعاً، ويهتم بالشباب وتعليمهم.

حيثُ يقول محمد دوباد، وهو مهندس كمبيوتر، "إنه شاهد عرواني في المسجد قبل عدة أيام، وإن مقتله صدمة، لقد كان رجلاً طيباً وبسيطاً. وقالت امرأة تتردد على المسجد منذ عام 2011: "كنت أساعد في مكتبه بإحضار مصحفه، وكانت زوجته تدرس اللغة العربية وأحمل ذكريات جيدة عنه، ولا أزال أحاول استيعاب ما حدث".

محمد أحد طلابه السابقين قال: "كان رجلاً محترماً في المجتمع المسلم غرب لندن، فلم يكن ناشطاً سوريا، بل كان قائداً في الجالية، وكان شخصاً تذهب إليه عندما تكون لديك مشكلة، أو تريد سؤاله حول قضية دينية. وكان رجلاً معتدلاً وضد ألوان التطرف كلها، ويهمه أمر الشبان المسلمين".

نشط بشكل كبير عقب قيام الثورة السورية في 15مارس 2011م ضد نظام بشار الأسد، وشارك في التظاهرات المعارضة له أمام السفارة السورية في لندن/ واضطرت الشرطة لاستخدام الدروع الواقية تقدم المتظاهرين الذين استطاعوا الدخول إلى السفارة، واعتقلت 6 أشخاص منهم وقال عرواني في ذلك الوقت للشرطة "هذه البناية (السفارة) هي ملك للشعب السوري، وليس لنظام يقتل أبناء شعبه كل يوم، خلال الأشهر العشرة الماضية".

وفاته:

عثر على عبد الهادي عرواني مقتولاً في سيارته برصاص في الصدر يوم الاثنين 8-4-2015م في منطقة (ويمبلي) شمال غرب لندن، برصاص أطلق عليه في الصدر. ولم تحدد الشرطة بعد هوية القاتل.

وقال محقق شرطة "إن عملية القتل "تحمل بصمات اغتيال مدعوم من دولة وأن وحدة الجريمة والاغتيال في "أسكتلند يارد" طلبت تقديم أي معلومات عن سيارة الفوكس فاجن التي كانت موجودة قبل ساعات من مقتله.

وقال متحدث باسم الشرطة " إنها تلقت بلاغاً من جهاز الإسعاف بوجود رجل ينزف متأثراً برصاصة استقرت في جسده، وذلك عند الساعة 11:15 صباحاً، على أن الرجل فارق الحياة عند الساعة 11:48 صباحاً وأن الرجل الضحية، وهو في أواخر الأربعينيات من العمر، وجد ينزف في سيارة من نوع "فوكسول" داكنة اللون في أحد شوارع منطقة (ويمبلي) غربي لندن، وكان يعاني من جراح جراء إطلاق نار على صدره، وفي هذه المراحل الأولى تبقى الاحتمالات كلها واردة حول دوافع مقتله".

وما تزال شرطة لندن تغلق جزءاً  كبيراً من الشارع الذي تمت فيه الجريمة، وتتحفظ على الجثة في نفس المكان لإجراء المزيد من التحقيقات، فيما تمنع ذوي القتيل من معاينة جثته إلى حين انتهاء التحقيق الجنائي اللازم، في محاولة لكشف الجاني ودوافع الجريمة.

وذكرت عائلة عرواني، إن الشرطة ما تزال تعتبر عملية القتل "جريمة غامضة"، حيثُ لم تعلن بعد عن أسباب الاغتيال، وإن كانت لأسباب سياسية أو عنصرية، أو لأسباب جنائية.

clip_image007_875b8.jpg

وفي الختام:

هذه سيرة موجزة عن حياة هذا الشيخ الداعية محمد نعسان عرواني الذي بذل جهوداً في الدعوة، وجمع الكلمة، ووحدة الصف، وترك وراءه الذكر الحسن والسمعة الطيبة..وسلام على (محمد نعسان عرواني) في الخالدين.

مصادر الترجمة:

1-            الموسوعة الحرة.

2-            الموسوعة التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين.

3-            موقع أدبيات الإخوان المسلمين (15 ديسمبر ٢٠١٥ ).

4-            موقع الغرباء – محمد علي شاهين.

5-            رابطة أدباء الشام – يشرف عليه د. عبد الله طنطاوي.

6-            رابطة العلماء السوريين – يشرف عليه الشيخ مجد مكي.

وسوم: العدد 809