الشاعر الداعية د. عثمان قدري مكانسي

( 1947م- معاصر)

clip_image002_4f35e.jpg

هو الشاعر الداعية د. عثمان قدري مكانسي الذي تميّز بالعطاء والحيوية والنشاط، وتنوعت أساليبه في التعليم، فهو خطيب مفوّه، وشاعر غزير الإنتاج، ولديه خبرة واسعة في المجالات التربوية والبلاغية والدعوية والتنظيمية، حصل على شهادة الدكتوراه الثانية في فلسفة الأخلاق، وقد تجاوز السبعين من عمره المبارك، وفي هذا تحفيز لشباب الدعوة الراشدة لكي ينطلقوا في العلوم، ولا يستسلموا للدعة والخمول والكسل، ويتابع الدكتور نشاطه العلمي والدعوي والسياسي، فهو ما يزال عضواً في المجلس الوطني، وفي رابطة العلماء السوريين، وفي رابطة أدباء الشام....

مولده ونشأته:

ولد الشاعر الداعية عثمان قدري مكانسي في ( 16/10/1947م ) في حي المغاير في مدينة حلب في سورية، ونشأ في كنف أسرة مسلمة محافظة، فتربى تحت رعاية والده الحاج قدري مكانسي من مواليد 1924م، والذي تعلم مبادئ العربية والحساب، وكان يعمل في تجارة الخيش، وفي عام 1957م انتقل الوالد مع العائلة إلى حي قريب من الجامع الأموي بحلب، وقد توفي – رحمه الله- عام 1985م. وقد رثاه ولده بقصيدة تحت عنوان: ( دمعة على الفقيد) .

وأما الوالدة الفاضلة ( فطوم السيد)، فهي أمية، وربة بيت ناجحة، تتذوق الشعر، وتحفظ الشعر الشعبي، وتردده على أسماع أولادها، توفيت- رحمة الله عليها- عام 2000م...

دراسته، ومراحل تعليمه:

درس عثمان مكانسي مراحل التعليم المختلفة في مدارس حلب، حيث درس الصف الأول والثاني في مدرسة اليرموك للبنات ثم انتقل إلى مدرسة الوحدة بالجلوم عام 1958م، لمدة سنة واحدة، ثم انتقل إلى مدرسة العرفان قرب سوق المحمص أمام جامع العادلية، فدرس الصف الرابع والخامس، ثم انتقل إلى مدرسة الحمدانية، فأكمل المرحلة الابتدائية، ثم درس المرحلة الإعدادية في إعدادية ( اسكندرون) في العقبة، وكان مديرها خليل هنداوي، وهو من أساتذته في الصف الأول عام 1962م وفي المرحلة الإعدادية، وكان من رفاقه في هذه المرحلة أحمد حلمي عتال، ثم درس المرحلة الثانوية، وكان من أساتذته في الصف العاشر عبد الوهاب الصابوني الملقب ( ميرابو)، ثم انتقل في الصف الحادي عشر والبكالوريا إلى ثانوية المأمون، فحصل على الثانوية العامة ( الفرع الأدبي) في ثانوية المأمون في حلب عام 1965- 1966م، وكان في دفعته الأستاذ زهير سالم.

وقد درس في ثانوية المأمون اللغةَ الفرنسية في الفرع الأدبي ودرجَتها من ثلاثين، وكان ينال الثلاثين أو أقل بدرجتين أو ثلاث، أما صديقه (سمير)، فلم يكن يأخذ أكثر من خمس درجات أو أكثر ..لكنه في الامتحان الثالث ( المذاكرة) نال ستاً وعشرين درجة.

ضغط عليه الزملاء، فأخبرهم: أنه أخذ دروساً عند أستاذ المادة (جوزيف)، فأعطاه الأسئلة مع حلّها ..

وفي اليوم التالي قبل دخول المدرس رسم عثمان مكانسي على السبورة علبة اللبن هذه وقال للطلاب: دعوني أمسح السبورة بعد دخول المدرس..

مسح كل شيء حول العلبة، وتلكأ في عملية المسح، حتى بدت العلبة فاقعة على سواد السبورة، ثم التفتَ إلى الأستاذ، واستأذنه في مسح العلبة، فهزَّ رأسه موافقاً ..

لقد وصلته الرسالة ...

حصل عثمان قدري مكانسي على الشهادة الثانوية ( الفرع الأدبي) من ثانوية المأمون عام 1965، 1966م.

ومن شيوخه في الدعوة الذين يفتخر بالتتلمذ على أيديهم: د. محمد فاروق بطل، ومحمد مهتدي كسحة ( أبو الشهيدين غياث وباسل)..

1 – ثم حصل على إجازة في اللغة العربية من كلية الآداب في جامعة حلب عام 1970م، وكان من زملائه الشاعر يحيى حاج يحيى، وزهير سالم، ود . عصام قصبجي، ود. أحمد خراط، ود. أحمد فوزي الهيب ...ونهل العلم على أيدي العلماء والأدباء ومن أبرز أساتذته: الأستاذ عمر يحيى: درس عليه النحو في كلية الآداب عام 1966/ 1967م.

كما درس على د. عمر دقاق: الأدب الحديث، ودرس الأدب الأندلسي على د. نعيم اليافي ( حمص)، وأخذ النحو عن العلامة د. فخر الدين قباوة، ودرس البلاغة والعروض والمكتبات على الأستاذ محمود فاخوري، ودرس فقه اللغة على الأستاذ محمد الأنطاكي...وأخذ علوم القرآن والسنة على العالم المحدث د. نور الدين عتر، كما تعلم مادة الأدب المملوكي على د. بكري شيخ أمين .

2 – ثم حصل على الماجستير في اللغة العربية من جامعة البنجاب – لاهور في باكستان عام   1987م.

3 – ثم حصل على الدكتوراه في اللغة العربية من معهد الاستشراق في باكو، أذربيجان في الأدب العثماني، وكانت الرسالة تحت عنوان:  "الشعر العربي في الفتوحات العثمانية عام 1998.

4-ورغم أعباء الحياة، وظروف الحرب القاهرة في سورية، ورغم قساوة الغربة إلا أن الشاعر الداعية د. عثمان مكانسي واصلَ حياة الجدّ والطلب بالليل والنهار؛ ليكمل دراساته العليا حيثُ حصل عام 2018م على شهادة الدكتوراه الثانية في أصول الدين تحت عنوان:       ( فلسفة الأخلاق في القرآن والسنة) من الجامعة السليمانية في أنطاكيا في تركيا.

clip_image004_87770.jpg

أعماله ومسؤولياته:

عمل في مدارس الحاضر وجبرين إعزاز وحلب حتى عام 1978م، ثم انتقل ليعمل في مدينة بجاية بالجزائر حتى عام 1980م، وبعدها انتقل ليعمل في الأردن حتى عام 1982، ثم عمل في الإمارات العربية المتحدة حتى عام 1998، وأقام في أمريكا داعية لمدة سنتين ( 2001- 2003م ) ، ثم عاد ليقيم في عمان في المملكة الأردنية الهاشمية.

وبعد الثورة انتقل إلى تركيا، وعمل مع دعاة إلى الخير، ورابطة العلماء السوريين يدعو، ويخطب، ويحاضر.

ومن خلال رحلته الطويلة في التدريس والدعوة، فقد تتلمذ على يديه خلق كثير نذكر من أبرزهم: الشيخ مجد مكي، وخلدون مكي، وعبد الخالق ياقتي، ...وغيرهم.

أحواله الاجتماعية:

تزوج د. عثمان مكانسي من الأخت المربية الفاضلة أم حسان (إلهام صبري بيره جكلي) التي تحمل إجازة في اللغة العربية من جامعة حلب، وقضت ردحاً من عمرها المبارك في المطالعة وقراءة الكتب والدعوة إلى الله فهي تعطي دروس النساء بلا كلل ولا ملل، بهمة لا تخبو، وعزيمة لا تكبو، وقد كان زواجه د. عثمان منها عام 1976م، ولم يرزق منها بولد، ونرجو الله أن يعوضه خيراً من المال والولد ومتاع الدنيا الزائل في جنان الخلد. وقد أهدى كتابه من أساليب التربية في القرآن الكريم إلى زوجته الفاضلة أم حسان إقراراً بفضلها:

هذه الدنيا متاع         خيرها الزوج الوفيّة

من إذا ناديت لبّت     تسرع الخطو رضيّة

بسمة الأنس لديها     تجعل النفسَ هنيّة

إن أقل قال الإله           أو نبيّ البشرية

أسعدتني بالتزام          فيه إخلاصٌ ونيّة

ترتجي الرضوان صرفاً  من هدى ربّ البرية

فإذا ما ملتُ نسياً      في الحياة الدعوية

نبّهتني باهتمام          فيه لطف ورويّة

فيه أخلاق حسان      للوصايا النبوية

زوجتي هذا كتابٌ       فيه أفكار سنيّة

صغته لله قربى        أبتغي الدار العلية

لكِ فيه حسن رأي    وانتقاداتٍ ذكيّة

وهو إهداءٌ إليكِ     فاقبلي منّي الهدية

المؤلفات:

كتب الشاعر الدكتور عثمان قدري مكانسي العديد من الدواوين الشعرية والكتب التربوية النافعة:

في الشعر:

1 – ديوان "نبضات قلب"- دار عمار للنشر في الأردن، ط1، 1988م، وهو ديوانه البكر، وقد أهداه إلى أمه:

يامن زرعت الخير في داري

وسقيت بالتحنان أشجاري

ورويت بالإيمان أفكاري

أهديك – أمي – بكر أشعاري

ويقع الديوان في 114 ص من القطع الصغير.

ويضم / 40 / قصيدة من الشعر التقليدي، ولا يوجد بينها أي قصيدة من الشعر الحرّ ( التفعيلة).

2 – ديوان "وميض قلب".

3 – ديوان "دفقة قلب" - غير مطبوع.

4- ديوان الشاعر د. عثمان قدري مكانسي: الأعمال الشعرية الكاملة- تحت الطبع.

في القصة:

1 – "مدفع الإفطار" مجموعة قصصية.

2 – "قصص رواها النبي صلى الله عليه وسلم".

3 – "قصص رواها الصحابة رضي الله عنهم".

4 – في رياض المصطفى صلى الله عليه وسلم".

في التربية:

1 – "التربية النبوية".

2 – "صور من التربية في القرآن الكريم".

3 – "صور من تأذي النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن".

4- تأملات تربوية في سور من القرآن: القصص، يوسف، الإسراء، الكهف، مريم ، طه، القلم، وحوالي 15 سورة.

دراسات:

1 – "الشعر العربي في الفتوحات العثمانية".

2- فلسفة الأخلاق في القرآن والسنة .

أدب الرحلات: مطبوع.

وهناك كثير من المقالات المنشورة في مواقع عديدة، أمثال: المختار الإسلامي، ورابطة أدباء الشام، وموقع جماعة الإخوان المسلمين، وأخبار الشرق، ومركز الدراسات العربية والشرقية، وسورية الحرّة، وجريدتي صوت العروبة، والزيتونة، في الولايات المتحدة الأمريكية.

وهناك زيارات ميدانية إلى: دول أوربا، وأمريكا، وآسيا، وأفريقيا للدعوة والعمل الإسلامي.

أخلاقه وصفاته:

تعرفت على الأخ د. أبي حسان عثمان قدري مكانسي منذ عدة سنوات، فعرفت فيه الإنسان المثقف الخلوق الذي يميل في طبعه إلى المرح والدعابة والفكاهة والطرفة، فإذا جدّ الجدّ، فهو خطيب مفوه، وفصيح لا يتلعثم، وقد زادت خبرته التربوية من خلال دراسته وتدريسه، ثم أصبح عضواً نشيطاً في رابطة أدباء الشام، ورابطة العلماء السوريين، ودعاة إلى الخير، وغيرها من منظمات المجتمع المدني.

وأثنى عليه الأستاذ (أحمد الجدع)، فكتب يقول:

أنا والدكتور عثمان قدري مكانسي نصل حبلنا بحبل شاعر رسول الله، حسان بن ثابت الأنصاري، فأنا، وهو يكنى كل منا بأبي حسان، وأبو حسان عثمان قدري مكانسي شاعر، وأنا أحب الشعر، وأحاول أن أقوله، هو أصدر ديوانين من الشعر الرائق العذب: نبضات قلب (1408هـ 1988م) ووميض قلب (1417هـ 1996م)، وأنا أصدرت ديوانين: الخروج من جحر الضب (1422هـ 2002م) والعودة من حيث المبتدأ (1403هـ 2009م).

تعود معرفتي بالأخ الحبيب إلى اللقاءات في رابطة الأدب الإسلامي، هذه الرابطة المباركة  التي وصلت  الحبال ما بين الأدباء الإسلاميين في مشارق الأرض ومغاربها، وأتاحت لهم أن يعرضوا أدبهم من خلال منابرها في ندواتها الشعرية وفي  اجتماعاتها الدورية وفي مجلتها الفصلية .

ثم إن  أخي عثمان رغب إليّ أن أنشر له كتابه الذي حصل به على شهادة الدكتواره في دار الضياء للنشر والتوزيع التي أملكها، فنشرنا له هذا الكتاب الهام "الشعر العربي في الفتوحات العثمانية" وهو من باب ردّ الروح للأدب العربي، والعودة به إلى جذوره الإسلامية، وربط العربي بالحراك الإسلامي الذي كان آخر من مثله دولة بني عثمان... وبانهيار هذه الدولة دخلنا في العصر الجبري (وأنا أسائل نفسي: ما هي الصلة التي تلمح بين اسم الدكتور وبين الدولة العثمانية).

والحقيقة أن الدراسات في الأدب العربي ذي الصلة بالدولة العثمانية مغيبه تغييباً مقصوداً، وعدونا الرابض على قلوبنا يحرص، الحرص كله، على تقطيع الأواصر بين الدول العربية وبين الدول الإسلامية وعلى رأسها دولة بني عثمان.

وأذكر في هذا السبيل أننا نشرنا للدكتورة زينت بيرة جكلي كتاباً رائعاً في الأدب العربي ذي الصلة بدولة بني عثمان،  وكان  الكتاب في جزأين ، وعنوانه "شعر الثورات الداخلية في العهد العثماني".

ثم تبين لي بعدُ أن مؤلفة هذا الكتاب أخت زوجة الدكتور عثمان، بارك الله في الجنى الطيب الباحث في أدبنا المغيب !

للدكتور عثمان قدري مكانسي كتب كثيرة، كلها مساهمات مقدرة وفاعلة في إنجاح المسيرة المنطلقة لإحياء الخلافة والوصول إلى الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة،  التي بشر بها رسولنا الصادق المصدوق.

يزورني، أخي الحبيب في مكتبي بدار الضياء، ونتجاذب أطراف الأدب، والأدب الإسلامي بخاصة، فكل منا جندي من جنود هذا الأدب؛ لأن كلينا جنديان من جنود هذا الدين العظيم.

هذا عن الدكتور عثمان أديباً، فماذا عنه  إنساناً ؟

ولد في مدينة حلب الشهباء عام 1947، وفيها أتم دراسته الجامعية عام 1987م ثم حصل على شهادة الدكتوراه من معهد الاستشراق في أذربيجان على 1998م.

عمل في مدارس حلب حتى عام 1978م، ثم في مدينة بجاية بالجزائر حتى عام 1980 وفي الأردن حتى عام 1982م، ثم في الإمارات العربية حتى عام 1998، ثم عاد ليقيم في عمان في المملكة الأردنية الهاشمية.

أخي الشاعر والأديب والباحث عثمان قدري مكانسي نموذج من النماذج المثالية للرجل المسلم الفاعل، والمتطلع لشروق إسلامي قريب.

مصادر الترجمة:

1-             معلومات أخذتها عنه مشافهة بتاريخ 2018، 2019م.

2-             رابطة أدباء الشام.

وسوم: العدد 813