عالم المذاهب والأديان والفرق أبو الفتح الشهرستاني

أبو الفتح الشهرستاني هو أحد علماء مذهب الأشاعرة الذين كان لهم بعض المؤلفات المشهورة في التراث الإسلامي.

الشهرستاني هو أبو الفتح تاج الدين عبد الكريم بن أبي بكر أحمد المشهور بالشهرستاني، والشهرستاني منسوب إلى شهرستان وهي بلدة في خراسان الإقليم المعروف في إيران. وقد اتفق المترجمون على أن أصله أعجمي أباً عن جد من مدينة شهرستان.

اتفق الباحثون على مكان ولادة الشهرستاني ووفاته ولكنهم اختلفوا في زمانها، وإن كان الخلاف في الولادة أقوى من الاختلاف في الوفاة، ورجحوا أن تكون وفاته في عام 548هـ/1153م.

توجه الشهرستاني إلى طلب العلم وهو صغير السن، وكان أول توجهه لطلب العلم كان نحو العلوم الشرعية: القرآن وتفسيره والحديث والفقه، فكان أول ما تلقاه هو القرآن وتفسيره، وسمع الحديث وهو في سن الخامسة عشرة من أبي الحسن المديني بنيسابور خارج بلده شهرستان.

كان يوصف بدماثة الخلق وطيب الصفات ولين الجانب وطيب العشرة وأدب الحوار وحسن اللفظ والعبارة والخط، وهذا ما تشهد به مؤلفاته، وما ورد عنه من مناظرات ومحاورات، فلم تحفظ عنه كلمة نابية أو معاملة سيئة، ولا ما ينبئ عن سوء خلق أو قبح لفظ، وإن كان ينتقد بعض الأفكار ويعيبها ويناقشها، ولكن بأسلوب مقبول في الجملة.

كانت دروسه ومواعظه بعبارات خفيفة وأسلوب سهل ميسر مما لقي قبولاً واستحساناً لدروسه لدى عامة الناس، وهذا ينبئ عما يتمتع به المؤلف من العلم وحسن الإلقاء وجودته.

كان الشهرستاني مقبولاً أيضاً عند السلاطين والولاة والوزراء والوجهاء، فقد كان مقرباً لدى السلطان سنجر بن ملكشاه، وكان مقرباً من الوزير أبو القاسم محمود بن المظفر المروزي.

كانت مكانة الشهرستاني كبيرة عند العلماء فقد لقبوه بعدة ألقاب منها : الفقيه - المتكلم - الأصولي - المحدث - المفسر - الرياضي - الفيلسوف - صاحب التصانيف، وقد أطلق عليه الحافظ الذهبي لقب ( العلامة ).

لم يكن الشهرستاني مجرد عالم في الشريعة ولكنه كان يتقن اللغات، ومن اللغات التي أتقنها : اللغة العربية واللغة الفارسية.

رحل الشهرستاني في طلب العلم وهو في سن الخامسة عشرة إلى بلاد كثيرة منها : مدن خراسان وخوارزم ومكة المكرمة وبغداد.

كان الشهرستاني مشهوراً بالبراعة في التأليف وحسن التصنيف، وقد ألف في فنون العلم المختلفة التفسير والفقه وعلم الكلام والفلسفة وتاريخ الفرق والأديان، وقد بلغ عدد مؤلفاته ما يزيد على عشرين مؤلفاً، ومن هذه المؤلفات :

- الملل والنحل : وهو أشهر كتبه.

- نهاية الإقدام في علم الكلام: في النهي عن الاشتغال بعلم الكلام والفلسفة.

- مصارعة الفلاسفة: في الرد على الفلاسفة.

- مجلس في الخلق والأمر: باللغة الفارسية.

- بحث في الجوهر الفرد: وهو بحث فلسفي بحت.

- شبهات أرسطو وبرقلس وابن سينا: كتاب في الرد على الفلاسفة.

مذهب الشهرستاني العقائدي هو مذهب الأشاعرة، وقد صرح بذلك هو بنفسه في بعض كتبه، وهذا ما يكاد يجمع المترجمون له عليه، بل إن أشهر كتبه ( الملل والنحل ) يدل دلالةً واضحةً على ذلك، وشيوخه هم من الأشاعرة، بل وكتابه ( نهاية الإقدام في علم الكلام ) ينصر المذهب الأشعري بأدلته وحججه ويناقش الآراء المخالفة له ويرد عليها.

كان الشهرستاني شافعي المذهب، ويدل على ذلك أن شيوخه كانوا من المتعصبين للمذهب الشافعي، وقد اعتبره السبكي الابن في كتابه ( طبقات الشافعية الكبرى ) من رجال المذهب الشافعي، وكذلك الأسنوي في كتابه ( طبقات الشافعية ).

وسوم: العدد 815