الإمام حسن البنا في ذكراه

بين تجدد المشروع أو تجديد جديد

جمال زواري أحمد ـ الجزائر

[email protected]

تمر اليوم 65 سنة على استشهاد الإمام حسن البنا رحمه الله و86 سنة على تأسيسه لجماعة الإخوان المسلمين ، وإذا كان حسن البنا أحد أبرز المجددين في العصر الحديث كما جزم بذلك الشيخ محمد الغزالي رحمه الله ومعه الكثيرون ، وبعد ما تعرض ويتعرض له مشروعه التجديدي من  مد وجزر .

لا يسعنا إلا أن نتساءل : هل استطاع مشروع الإمام البنا أن يصل إلى غايته وأهدافه بعد كل هذه السنين؟؟؟

وإذا ما استحضرنا الغايات والأهداف الرئيسية للمشروع وهي تكوين :

1 ــ الفرد المسلم

2 ــ البيت المسلم

3 ــ المجتمع المسلم

4 ــ الدولة المسلمة

5 ــ إعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية(الخلافة)

6 ــ أستاذية العالم.

وإذا ما اعتبرنا الأهداف الثلاثة الأولى هي من واجبات الفرد إبتداءا ثم الجماعة بعد ذلك كما ذكر الإمام الشهيد وأن نسبة معتبرة منها قد تحققت، فإن الأهداف الثلاثة الأخيرة هي واجبات الجماعة كهيئة : فكم هي نسبة تحقيق هذه الأهداف في أرض الواقع؟؟؟

لأنه ثبت أن أيّ مشروع تجديدي تغييري لا يستطيع أن يؤسس لدولة تحضن هذا المشروع وتمثله وتسنده ، يبقى يراوح مكانه مهما مرت عليه من سنين ، وهو ما لم يستطع الإخوان فعله أو تحقيقه إلى اليوم ولم تتركهم القوى المعادية يفعلونه ويحققونه ولو أرادوا ، لأسباب عدّة لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال، وأتصور يقينا أن الإمام البنا لو لم يصفى ويغتال مبكرا لركز على هذا الهدف ولعمل المستحيل لتحقيقه ولنجح في ذلك ، وأن الذين اغتالوه يدركون ذلك جيدا لذلك عجلوا بتصفيته.

ويعتبر هدف إقامة الدولة الحاضنة للمشروع المقدمة العملية لتحقيق الهدفين الأخيرين : الخلافة وأستاذية العالم ، فإن لم تكن هناك دولة حاضنة أو مجموعة من الدول فإن هذين الهدفين يبقيان خيال وأمنيات بعيدة المنال والتحقيق.

وهذا الأمر لم يقتصر على المشروع التجديدي للإمام البنا بل ميّز كل المشاريع التجديدية السنية تحديدا داخل المدرسة التجديدية الحركية المتكونة أساسا من:

1 ــ مشروع الإمام البنا

2 ــ مشروع الإمام ابن باديس

3 ــ مشروع الإمام المودودي

4 ــ مشروع بديع الزمان النورسي

فالمشاريع الأربعة والتي ظهرت في نفس المرحلة الزمنية تقريبا بقدر ما حققت من نجاحات معتبرة على الكثير من المستويات الفكرية والثقافية والتربوية والاجتماعية والإصلاحية عموما ، لكنها لم تستطع مجتمعة أن تحقق هدف إقامة الدولة الحاضنة للمشروع كما ذكرنا من قبل ، على عكس المدرسة التجديدية الحركية الشيعية مثلا ممثلة في الإمام الخميني ــ مهما اتفقنا أو اختلفنا معها ومعه ــ والتي ركزت على هذا الهدف ونجحت في الوصول إليه وتحقيقه وهو ما ساعدها كثيرا في تحقيق بقية أهدافها .

لذلك فإن المشروع التجديدي للإمام البنا ومعه المشاريع الباديسية والمودودية والنورسية في حاجة ماسة إلى التجدّد وإعادة الصياغة والترتيب والتركيز على هدف الدولة الحاضنة للمشروع ، وإلا ستبقى كل هذه المشاريع تراوح مكانها وتدفع الفاتورة غالية في كل مرة ، وتتعرض للضربات تلو الضربات ، ثم تبدأ من جديد بعد أن يدمر جزء كبير من بنيتها التحتية وهكذا.

وإن كنا ندرك أننا في مستهل قرن جديد هجري وميلادي ، فنحن على موعد مع تجديد جديد بشكل فردي أو جماعي مصداقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه:(( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها))(أبو داود والحاكم وصححه).

و(من) هذه تفيد الفرد كما تفيد المجموع ، وتفيد التجديد في المجال الواحد كما تفيد التجديد في المجالات المتعددة كما ذكر الكثير من شرّاح الحديث.

فإما أن تجدّد المشاريع التجديدية القائمة نفسها بنفسها وفي مقدمتها مشروع الإمام البنا وهو مؤهل لذلك لأسباب موضوعية كثيرة ، وإما أن يحلّ على الأمة ويظهر فيها مشروع تجديد جديد بنص الحديث النبوي سالف الذكر يستوعب كل المشاريع السابقة ويكمل نقصها ويرفع الغبن عن الأمة ويسترجع لها مكانتها وهيبتها وأستاذيتها على حسب تعبير الإمام الشهيد رحمه الله.