الشيخ الداعية عدنان حساني حميداوي البجعة

clip_image001_3e575.jpg

(1943- 2020م)

هو الشيخ الداعية أبو خباب عدنان محمد ذاكر حساني حميداوي الملقب بالبجعة، الذي ينتمي إلى أسرة كريمة في مدينة دير الزور، ويعد من جيل الرواد في الدعوة الراشدة، امتاز بعلاقاته الاجتماعية الواسعة حيث كان منفتحاً على الجميع، ومحبوباً من الجميع، فمن هو ؟ وما هي سيرة حياته؟ وما هي أبرز صفاته وأخلاقه؟ هذه الصفحات كفيلة.

مولده، ونشأته:

ولد الشيخ الداعية أبو خباب عدنان محمد ذاكر حساني حميداوي البجعة في دير الزور شرقي سورية في 15 / 11/ 1943م، ونشأ في ظل أسرة كريمة عريقة في الحسب والنسب والعلم والدين.

فوالده محمد ذاكر الملقب بالشيخ الحج حميداوي شيخ عشيرة المعامرة.

وأما أمه فهي السيدة الفاضلة زكية الدخيل من العوجا في ريف دير الزور.

تتكون أسرة المرحوم من /8 / إخوة، وهم: الحاج محمد ويس، وعبد الله، والحاج مصطفى، ومحمود، وداود، وإبراهيم، وعبد الرحمن، وجميعهم من أهل الفضل والالتزام بالصلاة وأركان الدين الحنيف.

دراسته، ومراحل تعليمه:

clip_image003_76cb9.jpg

درس الشيخ عدنان مراحل التعليم المختلفة في مدارس دير الزور حتى أكمل الدراسة الثانوية في مدارس مدينته دير الزور، وكانت له مواقف وآراء مشهودة في فترة شبابه، ولم يكمل دراسته في سوريا، فتوجه إلى العراق، فلم يستطيع التسجيل في جامعاتها، فتوجه إلى حلق العلم ودروس المساجد، حيث تلقى الشيخ عدنان حساني بجعة العلم على أيدي ثلة مباركة من العلماء الأبرار، واتصل بهم، وحضر دروسهم، ومن أبرز أولئك الشيوخ:

1-             الشيخ قطب الدين الحامدي: حضر درسه بين المغرب والعشاء، وقرأ عليه التفسير، وجواهر البخاري، وعمدة الساري.

2-            والشيخ أحمد السراج: حضر دروسه، ولازم حلقته، ونهل من علمه الغزير.

3-             وحضر دروس أبو الفضل عبد الجبار الرحبي قرأ عليه متن الآجرومية بين المغرب والعشاء.

وكان يحضر معه في دروس المشايخ الأستاذ أبو حيدر فاضل السراج، والأستاذ طارق غريب.

4-            الشيخ صالح يساوي.

وكان الشيخ عدنان يتردد على مدينة حلب، ويحضر دروس العلماء منهم:

5-            الشيخ محمد خير زيتوني: صاحب كتاب كفاية المصلي.

6-             والشيخ عبد الله علوان: من العلماء الأعلام في مدينة حلب، وصاحب المواقف، والكتب المشهورة.

أعماله، ومسؤولياته:

عمل الشيخ عدنان بجعة معلماً في مدرسة مصطفى الأمين، وإعدادية الثورة في دير الزور.

وبعد هجرته إلى اليمن عمل إماماً في مساجدها العامرة سنة 1983م.

وفي سنة 1984م عمل مدرساً عند قبائل لكر وحاشد في اليمن.

ثم انتقل إلى صنعاء العاصمة فعمل مدرساً في معهد صنعاء العلمي في الصباح وأما في المساء فكان يدرس القرآن الكريم.

وكان يعمل ستة أشهر في اليمن وستة أشهر في مكة المكرمة، واكتشفت زوجته السيدة عائشة أنه كان يعمل أعمالاً كثيرة في سبيل الله، ويساعد الحجاج، فكان الكثير من الناس يرغب بالحج معه، ويحبونه.

ثم هاجر إلى عمان في الأردن، وعمل مندوب مبيعات في معارض الكتاب العربي التي كانت تقام في صنعاء والأردن ومصر، وعمل مع دار عمار في الأردن، ودار السلام في مصر، ودور نشر أخرى في بلدان أخرى.

ثم عمل في إدارة عدة مطاعم وفي التجارة، ومن المطاعم التي عمل فيها: مطعم الهادي في ريف رأس العين، كما عمل في بيع الخضار والفواكه.

ثم فتح مصبغة مع أولاده المهندس هشام وخباب وحسن..

هجرته، ورحلة الغربة:

خرج الشيخ من سوريا قسراً بعد أن حوصر وسجن، وتعرض لتعذيب شديد حيث كسر قفصه الصدري، وحقق معه (عبود قدح)، وأبلغه المحققون بأنه لا شيء عليه، وطلبوا منه الخروج من البلد، لا لشيء إلا لأنه كان يعلم القرآن في المسجد، فهاجر الشيخ عدنان خارج دير الزور بعد صلاة الصبح في 10 / 11 / 1980م، إلى السعودية، ثم هاجر إلى اليمن، وكان -رحمه الله تعالى- يعمل في المعهد العلمي في اليمن، ثم هاجر إلى الأردن، ثم استقر في مدينة استانبول بتركيا، وأصيب بالمرض ليلقى الله بعد هجرة دامت أربعين عاماً، .. وهكذا قضى الشيخ حياته مجاهداً مكافحاً يتنقل بين البلدان.

أخلاقه، وصفاته:

كان -رحمه الله تعالى- طيب القلب، لطيف المعشر، سخياً كريماً، لا يكاد يخلو بيته من الضيوف، بعضهم يعرفه، وبعضهم لا يعرفه، وكان حكيماً متزناً يساعد في فض الخصومات، وإصلاح ذات البين، يحبه جميع الناس، ويألفه كلّ من عرفه عن قرب، دائم الابتسامة والبشر، زاهداً في الدنيا قنوعاً، وكان يكرر مقولته الشهيرة: لقد طلقت الدنيا ثلاثاً ..

يشهد له الناس بالعفة والزهد، والصدق والأمانة والبعد عن حب الشهرة، وكان باراً بوالديه، رحيماً عطوفاً على إخوته.

أحواله الاجتماعية، والأسرية:

تزوج الشيخ عدنان من السيدة الفاضلة (عائشة حسن)، وكانت معلمة مربية ذات خلق ودين، فكانت نعم المعين له رغم قسوة الغربة في هذه الدنيا، وقد رزق منها بعدة أولاد، (3) ذكور، و(5) بنات، وأولاده هم: هشام (مهندس في الطاقة الكهربائية)، وخباب، وحسن، وأما بناته الفاضلات فهن: الدكتورة صفية، وزكية، ورضية، وخير البرية، ودانية، ...واستطاع الشيخ رحمه الله تعالى أن يترك أثراً إيجابياً على أولاده، فكان يربيهم بالقدوة، والترغيب والترهيب، ويصحبهم إلى المسجد حتى كوّن منهم أسرة متعاونة متكاتفة، ملتزمة بأحكام ربها، وشريعة دينها، وسنن نبيها عليه الصلاة والسلام، وقد تعلموا من والدهم الراحل – رحمه الله-  قول الحق دون أن يخشوا في الله لومة لائم.

من أقوله، ومواقفه – رحمه الله -:

clip_image005_a0146.jpg

وكتب الشيخ عدنان حساني حميداوي بجعة يقول على صفحته في الفيسبوك:

1- يا شباب الإسلام:

ميدانكم الأول أنفسكم، فإذا انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر، وإذا أخفقتم في جهادها كنتم عما سواها أعجز. فجربوا الكفاح معها أولاً، واذكروا أن الدنيا جميعاً تترقب جيلاً من الشباب الممتاز بالطهر الكامل، والخلق القوى الفاضل، فكونوا أنتم هذا الشباب، ولا تيأسوا، وضعوا نصب أعينكم قول الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم-: ( اضمنوا لي ستاً من أنفسكم، أضمن لكم الجنة اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم، وأدوا إذا أؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم، وكفوا أيديكم، واعلموا أن أقل مراتب الأخوة..سلامة الصدر وأعلاها.. الإيثار، ثم انظروا، هل أنتم كذلك ؟

2-وقال: ارتكزت جمهورية حافظ أسد على المؤسسة الأمنية متعددة الرؤوس، والتي لا يعرف أطرافها ما يدور عند الآخر، فجمع بيده وحده إدارتها وقيادتها، وكان منها يقود الجيش القادم هو منه ومصدر خوفه الأكبر لأنه خبر الانقلابات، وكيف تدار ؟ .. وما طلاس، وخدام، والأحمر، وبقية الجوقة السنية إلا أدوات، وشركاء بجزء كبير من المسرحية .. التي استخدم فيها كل الممكنات للاحتفاظ بالسلطة، وتحويل سوريا بكل مؤسساتها التي صنعها خصيصاً لهذه المهمة إلى مزرعة يعود جل ريعها له على شاكله اقتصاديات ما قبل الدولة أو نمط الانتاج الخراجي .. محاولة تصنيع رجال دين تحت السيطرة يشتركون جزئياً بقسم من الكعكة، ولكنه لم يفلح كثيراً في إبقاء المجتمع تحت السيطرة ..

وأهم تراكم أودى بنظام أسد .. الفساد الذي نتج عنه انعدام التنمية .. وتركيز الثروة بشكل فظيع بأيدي فئة قليلة من الناس .. وعدم قدرة المؤسسة الأمنية على أن تكون أقل عنفاً بعد أن تحولت لجزء من الاستثمار الاقتصادي .. عبر لبنان، والعراق، وتركيا، والأردن .. العصبية الطائفية لدى أسد كانت انتقائية، وتخدم الهدف الأساسي وخصوصاً أن غالبية الطائفة ما زالت تقبع تحت خط الفقر، وتدير أعمالاً زراعية بسيطة بعد تقلص الملكيات نتيجة إعادة اقتسامها بعد قانون الإصلاح الزراعي، وعجز القطاع العام الذي لجأ إليه كثير من الطائفة للتوظيف .. عن التقدم والربح بعد تشكل طبقة بيروقراطية فاسدة حولت القطاع العام إلى مصدر إثراء غير مشروع عبر النهب المنظم ..

وجب علينا أن نحارب النظام بيد .. ونضبط أمن الشعب بيد أخرى ... ندافع بيد عن أهلنا .. وندافع باليد الأخرى عن مبادئنا وأهدافنا الثابتة .. وعلينا جميعاً أن ندرك أن أي تطرف موجود فهو من صنيعة النظام .. ومن نتائج ظلمه واستبداده ... وكذلك الفساد واللصوصية والتخريب.. وغير ذلك .

فدعونا نحاربها، ونشدُّ على يد من يحاربها .. فالسارق سارق، واللص لصّ، والمتطرف متطرف، دون تجميل وتزيين..

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت        فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا

3- البوطي كما عرفناه:

(محمد سعيد رمضان البوطي: شاب نشأ في بيت محافظ، ووالده الشيخ ملا رمضان البوطي، هو علم من أعلام الإسلام أخد العلم عن والديه، وعن المشايخ في دمشق، وحصل على شهادة الليسانس في جامعه دمشق،  ثم حصل على الماجستير والدكتوراه من الأزهر، فكان داعياً متميزاً يصول في المساجد لإلقاء الدروس والموعظة وخطب الجمعة المتميزة، فكان بالفعل داعياً لامعاً جدًا، واستطاع أن يكتسب موافقه كثير من الشباب رأى حافظ الأسد من هذا الشاب المتميز المملوء فقهاً وعلماً وأدباً وخلقاً، فنصب له شباك ليصطاده، وبالفعل قد تمكن من صيده وعلى ما أذكر كان والده الشيخ رمضان صائماً في رمضان، ولم يحضر ابنه محمد سعيد إلى البيت إلا بعد الإفطار فسأله: يا بني أين كنت لقد انتظرتك على الإفطار طويلاً ؟ فقال: لقد أفطرت عند الرئيس (حافظ الأسد)، فقال الشيخ الجليل ملا رمضان: كان الواجب عليك أن تتقيأ هذا الطعام !!

كم سمعت منك يا شيخ محمد سعيد الآية الكريمة: (ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) ؟ وكم شرحتها!!، وتقول: إن الشيطان يخطو خطوة بعد خطوة، وهكذا فعل معه الكافر (حافظ الأسد) حتى تمكّن منه، فكان يحضر إلى مجلسه، ونسي حديث النبي - عليه الصلاة والسلام- الذي كان يذكرنا به دائماً في الدروس (بئس العلماء على أبواب الأمراء)، وهكذا سيطر عليه رغم أن البوطي كان يتحدث عن الظلم، وعن الأمراء الفاسدين، والحكام الظالمين ولكن وقع في هذا الشرك كان يخاصم في الله، ويناظر العلماء، ولكن بخصام شريف كما تناظر مع الدكتور مصطفى السباعي المراقب العام للإخوان المسلمين، وكان السجال بينهما شديداً، ولكنه كان ضمن الشرع.

وقد تناظر مع السلفية، ويمثلهم الشيخ الألباني، ولم يؤثر على شعبيته.

فالإخوان المسلمون كانوا يوجهون شبابهم إلى حضور مجلسه يومي الاثنين، والخميس، وكنت لا ترى في مسجد السنجقدار، وبحضور إمام المسجد الشيخ هاشم المجذوب (العالم العلامة، وفقيه الشافعية) إلا شباباً في مقتبل العمر، وقسم منهم أطباء، وصيادلة، ومهندسين، وهناك المتخرجين من بعض الكليات الأخرى الذين حضروا ؛ لتلقي العلم في جامعه دمشق، فكانت هذه الدروس ملتقى للشباب، ويتم فيها التعرف على بعضهم البعض، ولكن البوطي أخطأ الهدف فانضم انضماماً  كاملاً إلى زمرة حافظ الأسد، ودافع عنه كثيراً، وقال عن الكافر باسل وحافظ: إنهما يرتعان في الجنة، ونصب العداء للثورة في أيامها الأولى.

اعلم أن الله رب العالمين سوف يسألك: ماذا قلت في جريمة حماة في أيام الثمانين ؟ وماذا قلت في شهداء سجون تدمر ؟، وما هو موقفك من باقي سجون الزبانية حافظ الأسد، وبشار الأسد.

سمعت بعض الكلام أنه قد اغتالته يد السلطة؛ لأنه أراد أن يغير موقفه هذا الكلام، الله سبحانه أعلم به، وليذكر ما كان يقول عن الشيخ شلتوت في دروسه.

لقد وقع في نفس الكلام الذي تكلمه في حق الشيخ شلتوت.

وقال البعض ممن يبرر له: إنه يخاف من القتل، أو التشريد، وهذا عكس ما سمعناه منه في حديث الحمزة – رضي الله عنه-، وكان يتحدث به عن (سيد الشهداء، ورجل قام إلى سلطان جائر، فأمره ونهاه، فقتله)، والجميع يذكر هذا الحديث.

لقد أفضى البوطي إلى ربه، وحمل كتابه، وسوف يقف أمام محكمة العدل الإلهية.

ومن أقواله أيضاً: لا أعلم ما يكتب الله لنا، لكنني أرضى بما كتبه الله لي منذ أن تعرفت عليه، وقد أحببتُ بلدي سوريا، وأعشق دير الزور إلى درجه الإيمان.

clip_image007_c40d7.jpg

وله رثاء لعدد من الشهداء الأقرباء والمعارف في دير الزور مثل الشهيد محمود، والشهيد أحمد السيد، وتحدث عن الأحداث السياسية في حماة قديماً، وفي الثورة السورية الحالية، وفي الدعوة والحركة والعلم والدين، وأرجو من أولاده أن يحفظوا ما جاء على صفحته كجزء من تاريخ وتراث الوالد الراحل الكريم.

clip_image009_0f2e3.jpg

مرضه الأخير:

وفي عام 2015م هاجر الشيخ إلى تركيا، وعاش الشيخ آخر حياته في مدينة استانبول فكان الأتراك يتباركون به، وينادونه بالشيخ، وبعد أربع سنوات أصيب بمرض شديد (جلطة دماغية) عام 2019م، وأدخل المشفى، فكان الأطباء يحبونه، ويجلونه، وكان أثناء مرضه صابراً محتسباً، دائم الرضا، والابتسامة لا تفارق وجهه، وكان قلبه معلقاً بالمسجد حريصاً على الطهارة، فقد كتبت ابنته (صفية عدنان بجعة) تقول: ( والدي الحبيب عدنان بجعة. من محافظة دير الزور.. الحبيبة.

لا يسعني إلا أن أدعوا الله لك أن تنعم في الصحة والعافية التي لطالما سخرتها في خدمه الدين ورفع رايه لا إله إلا الله، خرجت من سوريا الحبيبة بالقوة، وعشت تنتظر اللقاء وأن تعود إلى أهلك ومنزلك وأحبابك في حي الشيخ يسن عند تكية الراوي، وجامع الراوي، وستعود بإذن الله إلى موطنك وإلى نشأة خلقك معافاً يا رب.

والدي حبيبي أنت ووالدتي وإخوتي علمتوني كيف هو طريق الحب: حب الله ورسوله وحب العلم، وحب المسامحة، وحب التضحية، وحب الانتصار، وعدم الخضوع، كما تعلمت منكم حبّ الصدق، والإخلاص في القول والعمل، فكونوا دائماً شمعة في حياتي كما كنتم كي استمر في رحلة بحثي العلمي، فآخر ما توصلت له أننا لا نستطيع أن نصل إلى النتيجة في أي عمل أو جهد إلا بالتقوى التي ربيتني عليها أنا وإخوتي، وكما تقول كنت تقول دائماً: (أوصيكم بتقوى الله).

إن شاء لله تتعافى قريباً؛ لأنه ما زال هناك أمور لم ننهيها بعد، وعلينا أن ننجزها، وكنت لنا، ولسوريا، وللمسلمين فخرا ً كبيراً، وكنت، وما زلت أنت ووالدتي، وإخوتي داعمين لي في أبحاثي العلمية وسأستمرّ؛  لأنه عطاؤكم الذي يتجدد في شفاء كل طفل يعاني من المرض

أنت الآن تعيش أضعافاً  كثيرة، فتحس أن كل طفل هو يزيد في عمرك، وعمر كل شخص ساعدني في رسالتي العلمية.

أحبك في الله، وأحبكم جميعاً، والله يجمعنا على طاعته..).

clip_image011_ff668.jpg

كما كتب الأخ الداعية أبو المقداد (عامر البوسلامة) في وصف مرضه، وطلب الدعاء له، فقال: ( الدعاء الدعاء للشيخ الحبيب أبي خباب عدنان بجعة من المربين الكبار من الذين لا يتخلفون عن الجماعة في أقسى الظروف من الذين أوذوا في الله غاية الأذية، وهجروا، وصبروا، وجابوا البلاد، ونفعوا العباد، وهو من خلص أصدقاء سيدي الوالد  -رحمه الله-، وكان سيدي الوالد يزورهم في بيتهم أواخر الستينات الميلادية، وفي السبعينات، وللشيخ عدنان أخ أكبر منه اسمه هشام، ويكنى بأبي ربعي يحدثنا عنه سيدي الوالد -رحمه الله-، ويعتبره صديقاً وموجهاً اعتقله نظام المجرم حافظ أسد، وقضى في سجونه رحمه الله

اللهم رب الناس اذهب الباس، وشاف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاءً لا يغادر سقماً).

وفاته:

كان الشيخ عدنان حساني حميداوي البجعة يتمنى أن يموت، وأن يدفن في سوريا، ولكن هيهات بعد أن عاث فيها المجرمون، حيث لقي وجه الله الكريم، فتوفي يوم الأحد 19/1/ 2020م، ودفن في دار هجرته في حي (أرناؤوط كوي) في استانبول في تركيا.

رحمه الله رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته مع النبيين، والصديقين، والشهداء، والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً.

أصداء الرحيل:

وكتب الأستاذ الأديب الداعية زهير سالم يقول: ( عايشناه سنين طوالاً على درب دعوتنا وهجرتنا وغربتنا، وما عرفناه - يا رب - إلا صادقاً وفياً، وعالماً عاملاً ، صابراً محتسباً ..وقد فارقنا اليوم - يا رب – إليك، فاجعل قراه منك الجنة . اللهم اغفر له، وارحمه، وأحسن نزله، وتقبل منه، وضاعف له، واغفر له ..

اللهم وارحمنا إذا صرنا إلى مثل ما صار إليه .. وما الدنيا إلا آجال تطوى، وأنفاس تعد وشقي من الناس وسعيد اللهم اكتب أخانا أبا خباب من السعداء والصالحين ..

وباسم كل الإخوة الذين عرفوا الأخ أبا خباب، وألفوه، وأحبوه أتقدم بخالص العزاء لأسرة الفقيد أنجاله وبناته وأصهاره وإخوانه ومحبيه ..

عظم الله أجركم جميعاً.

وإنا لله، وإنا إليه راجعون ..

زهير سالم: مدير مركز الشرق العربي.

وكتب رفيق دربه الأستاذ الداعية أبو محمد الدخيل يقول في نعيه: ( من المشايخ الذين درس عندهم المرحوم (أبو خباب عدنان بجعة) في دير الزور:

الشيخ قطب الدين الحامدي، الشيخ أحمد السراج، الأستاذ عبد الجبار الرحبي أبو الفضل.

- ولعل من أهم ما اتصف به فقيدنا الغالي الإخلاص، والشهامة، والكرم، والثبات على الحق، وكان مخلصاً لدينه ولإخوانه، له شخصية وحضور طيب، وجاذب لكل من جلس معه، حباه الله همة عالية يعجز عنها الشباب، عشت وبعض الأخوة معه كأخ كبير لنا يهتم بنا، وينصت لأسئلتنا، ويناقشنا بود وبالوسطية التي عرف بها، كان يدرسنا القرآن تفسيراً وتجويداً، والفقه، والحديث، ويتابعنا في حفظ سور القرآن، ويشجعنا، له دور كبير في تعريف وتحبيب الناشئة بدينهم، يقابل الإساءة بالعفو والصفح، ويغضب لله، ويحب في الله، يتفقد إخوانه دائماً، ويسر لسرورهم، ويحزن لحزنهم، حقاً  كان قدوتنا الطيبة السمحة، جزاه الله عنا كل خير، وجمعنا به في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ....آمين ).

فقيدنا الغالي: (الشيخ عدنان الحاج حميداوي يرحمه الله):

وكتب الشاعر الإسلامي (شريف قاسم) قصيدة في رثاء الشيخ عدنان الحاج حميداوي - رحمه الله- مهد لها بقوله:

أجل ... مات أخونا الشيخ عدنان أبو خباب ابن مدينة دير الزور المنكوبة، فدمعت العيون، وحزنت القلوب، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا سبحانه وتعالى، فإنا لله، وإنا إليه راجعون، ومات الكثير الكثبر من الأرحام والأحباب والجيران، ومات الكثير الكثير في سوريا وفي غيرها من بلاد المسلمين على أيدي أعداء الإسلام، ويعيش الكثير الكثير في ظلمات الغربة في مشارق الدنيا ومغاربها.

وموت هذا الأخ الحبيب كان فاجعة لها طعمها الخاص لدى مَن يعرفون أهله وإخوانه في دير الزور، فهم ــ ولا نزكي على الله أحدا إلا بما رأينا بأعيننا، وعايشنا أخلاقهم ومزاياهم ــ والحديث عنهم ذو شجون ــ كما يُقال ـــ ففي هذه الأسرة المباركة شهداء، ومنهم معتقلون ومنهم مَن يعيش الغربة التي يعيشها الملايين من أبناء بلاد الشام. ولن أفيض في الحديث عنهم، وأورد ما كتبه بعض محبي هذه الأسرة حيث قال: ( هوى اليوم فرع كبير من فروع الشجرة المباركة الطيبة التي استظل بظلها كثير من الشباب المؤمن المخلص ( منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلاً )، أقصد هذه الدوحة الظليلة شجرة (حج حميداوي) من منا لا يذكرها، ولا تسيل دموعه ... لذكرياتها وذكرى طيف جميل محبب، وكأنه لازال يرشف من كأس تدار عليه، وعلى الحضور، ببسمة الشهيد هشام (أبو ربعي)، وتألق الشاهد عدنان (أبو خباب)، ورعاية الرجل الكريم عبد الله (أبو هاني وأبو غسان ) وسلام (أبو خليل)، وإطلالة الشهيد محمود...هي الشجرة المباركة التي يمتد ظلها ببراعم أبنائها الباقين... خير خلف لخير سلف، جبر المولى مصابنا جميعاً، فكلنا يوجه إلينا العزاء: (أعظم الله أجركم، وغفر لميتكم )، وبقي للحديث بنان تكتب لعدد من محبي أخينا الراحل عدنان الحاج حميداوي تغمده الله بعفوه ورحمته، وقد دُفِن في مدينة إسطنبول، حيث شيعه إلى مثواه جمع غفير من الناس، بعد أن وقف فضيلة الشيخ وجدي غنيم ــ حفظه الله ــ يدعو له الدعاء المأثور، ويسأل الله له الرحمة والمغفرة، وأن يجعله في عليين مع عباده الصالحين، وقد أمَّ المصلين ابن الفقيد هشام عدنان الحاج حميداوي  ...

عــدنـانُ: فـــزْتَ الــيـومَ يـا عـدنـانُ     ...      هـــــذا الـــرجــاءُ يَــزفُّــه الإيــمــانُ

أَمْـضَـيْـتَـهُ عــمــرًا يُــجــدِّدُ ســيــرةً     ...      لـلـصَّـالـحـينَ ونــفـحُـهـا الــريـحـانُ

الــحــبُّ لــلـدِّيـنِ الــقـويـمِ شـربْـتَـه     ...       صــفــوًا قــــراحُ كــؤوسِــه الــقـرآنُ

والــسُّــنَّـةُ الـــغــرَّاءُ نــهـجُـكَ إنَّــهــا     ...   أغــنـتْ خـصـالَـكَ إذْ هــي الـعـنوانُ

آثَــرْتَــهـا مُــتَـأَنِّـقًـا بــصـفـاتِ مَــــنْ     ...       لــجــمـالِـهـا وجـــلالِــهــا مِــــعـــوانُ

الــجـودُ والأدبُ الـرفـيعُ وزهْــوُ مــا     ...    لــلـشَّـرعِ مــــن قــيــمٍ بــهـا تـــزدانُ

لقد كان الشيخ الحبيب كريماً رفيع الأدب، عاشقاً للشريعة، مدافعاً عن حرمة الدين، ويتكلم الشاعر شريف قاسم عن أصله الكريم وأسرته التي قدمت الكثير من التضحيات، فيقول:

مــن دوحــةِ الـرجـلِ الـكريمِ أبـيكُمُ     ...  مَـــن لـــم يَـنَـلْـهُ إن سـعـى خِــذلانُ

وثــمــارُهـا الأبـــــرارُ مــــن أبــنـائِـه     ...     مـنـهـم هــشـامُ الــفـارسُ الإنــسـانُ

ومـضـى شـهـيدًا دونَ شِـرعـةِ ربِّــه     ...    يـخـشـى زئــيـرَ صــمـودِه الـبـهـتانُ

وأخـــوه مـحـمـودُ الأبـــيُّ بـصـدقِه     ...    قـــد نـالـهـا وهـــو الـفـتـى الـطَّـعَّانُ

هي دوحةٌ فيحاءُ في ( دير الهدى )     ...شـهدت لـها الأشـياخُ والولدانُ ( 1)

هـــذا (أبـــو هـانـي) أيــا ذاك الــذي     ...         ديــــوانُــــه لــلــقــادمـيـن أمـــــــانُ

ورثَ الـشـهـامةَ عــن أبـيـه فـصـانها     ...    وبـنـو الـفـراتِ شـهـودُها الـشـجعانُ

مــا فـارقَ الـصـلـواتِ يـرجـو رحـمـةً     ...        إذ جـــامــعُ الــــراوي لــــه مــيــدانُ

أهـــلُ الـمـآثرِ والـنُّـهى عـاشـوا كـمـا     ...      عـــاشَ الــكـرامُ الـصـيدُ والـفـرسانُ

أمــــا فـتـاهـم ذا أبـــو خــبَّـاب قـــد     ...            دانـــــى الــعــلـى وكــأنــه كــيــوانُ

بــيـديـهِ دعــوتُــه الأثــيــرةُ بـنـدُهـا     ...            عـــــالٍ، وروحُ جـــهــادِه نـــشــوانُ

فـي الـشَّامِ رفَّ بـما لـديه من الهدى     ...     ومــــن الـيـقـيـنِ وأهــلُــه مـا هـانـوا

أحـيـا كـإخـوتِه الـثَّـباتَ فـلم يـعشْ     ...        إلا وصــــوتُ نــفـورِه غـضـبـانُ (2)

لقد عاش أبو الخباب طيلة حياته مجاهداً مناضلاً، حريصاً على الدعوة، والهدى، وامتاز بالثبات على المبادئ والمواقف فلم يغير منذ أن هداه الله إلى دعوة الحق، ويتابع الشاعر في وصفه، فيقول:

لـــم يـــرضَ لــلإسـلامِ أن تـغـتـالَه .     ...     . الأضــغـانُ والـسـفـهاءُ والــعـدوانُ

الهجرة في سبيل الله:

تعرض الشيخ للسجن والتعذيب والأذى في بلده فما كان منه إلا أن يهاجر في بلاد الله الواسعة يبتغي الأمان، ويسعى لرفع راية الإسلام في كل مكان...

ومـضى إلـى الـيمنِ الـمجاهدِ حـقبةً     ...     ولـــــه بـــهــا مــا يــؤثـرُ الأخـــــدانُ

مـــن لـهـفـةٍ ومــودةٍ تُـزْجَـى شــذىً     ...        يــخــضـرُّ مــنــهـا لــلـوفـاءِ مــكــانُ

ذكــــرى بـصـنـعاء الأســيـرةِ زانَــهـا     ...        نـــــورٌ لــحـكـمـةِ أهــلِــهـا و بـــيــانُ

ورفـيفُ روحِـك يـا أخـي فـي أُفقِها     ...      لـــمَّـــا يـــــزلْ  وســحـابـهـا ريَّـــــانُ

إنْ كـانَ لـلوَدْقِ الـذي يـسقي الـثَّرى     ...     أَثَــــرٌ فـسُـقـيـا روحِــــكَ الـتـحـنـانُ

فـكـم ارتــوتْ مـنـها قـلـوبٌ أقـفرتْ     ...        لـــمَّــا قَــدِمْـتَ فــأزهــرتْ أفــنــانُ

وتــقـودُك الأقـــدارُ  يـــا بــطـلاً رأى     ...         أنَّ الـــحــيــاةَ مـــهــنَّــدٌ ولــــســـانُ

قـــد جـئـتَ لــلأُردنِّ تـسـعى بـالـذي     ...        مــا يــرتـضـيـه الـــبـــارئُ الـــدَّيَّـــانُ

ومـكـثتَ والـعـزماتُ تُـنْـشَأُ بـالـتُّقى     ...    قــد ضــلَّ عـنـها فـي الـورى عـميانُ

تـحـلو لـيـالي الـنـاسِ بـالـنعم الـتـي     ...          هـــــي زيـــنــةٌ وتــفـاخُـرٌ وجُــمَــانُ

لـكـنَّـها لــم تَـحْـلُ عـنـدَكَ يــا أخــي     ...        إلا بـــمــا أوحـــــى بـــــه الــرحـمـنُ

فـنـفـحْـتَـها حُـــبًّــا لــربِّــكَ عــنـدمـا     ...      أغـــرى الـسُّـمُـوَ شـبـابُـك الـمـزدانُ !

فـسـلِ الـطـلولَ ( بـديـرِنا ) إذْ نـابَـها     ...   صــرفُ الـزمـانِ وأُحــرقَ الـبستانُ !

كُـــنَّــا لأربُــعِــهـا الـجـمـيـلةِ فــتـيـةً     ...          نــــشـــدو لـــهـــا فَــتُــشَـنَّـفُ الآذانُ

أمــسـت يـبـابًـا مـوحـشـاتٍ بـعـدما     ...      ذبــلــتْ مـغـانـيـها وعــــاثَ دخـــانُ

لــــم نــنـسَ يـا عـدنـانُ إذ أشـواقُـنـا     ...     مـا كان يُطفئُ وَهْجَهَا الحدثانُ (3)

كــنـا ومـــا زلــنـا ســحـابَ شـريـعـةٍ     ...         تــهــفـو لـــبــوحِ ربـيـعِـنـا الــبـلـدانُ

ومـضيْتَ بعدَ الوعكةِ اغتالتْ خُطَىً     ... لــفــراشِ مُــكْـثٍ مــلـؤُه الـشـكـرانُ

لـكـنَّ صــوتَ الـروحِ لـم يـخمدْ ولـم     ...  يــقــدرْ عــلــى إخــمــادِه الـطـغـيانُ

أبـــدًا فـــروحُ الـمـؤمنِ الأتـقـى لـهـا     ...      أشــواقُـهـا لــــم يــطـوِهـا خِــــذلانُ

لم تفارق الأشواق قلب شيخنا طيلة عمره المبارك، فصورة الوطن دائماً ماثلة في قلبه، وفي مخيلته، ولكن شاءت الأقدار أن يموت في استانبول في تركيا:

فـبـأرضِ (إسـطـنبول) واراكَ الـثرى     ... ومـشـتْ بـطـيبِ حـديـثِك الـركـبانُ

وتـركـتَ أسـرتَـك الـكـريمةَ: دارُهــا     ...  مـــن حُــسْـنِ مـسـعاكم لـهـا أركــانُ

فَــــــلِأُمِّ خـــبـــابٍ مـــآثـــرُ جـــمَّــةٌ     ...        وهـــي الأثــيـرةُ زادُهـــا الإحــسـانُ

وهــي الـعزاءُ لـكلِّ مَـن يـبكي عـلى     ...   والٍ تــهــلــلَ وجـــهُـــه الـــجـــذلانُ

ولـهـا الأُمـومـةُ لـيس تُـغْضِي عـينُها     ...  إن قـــلَّــتِ الأخــــواتُ والإخــــوانُ

تـحـيـا وجـيـرتُـها الـفـضـائلُ عـذبـةً     ...      ولــهــا الــهُــدَى ومــتـونُـه ســلــوانُ

واللهُ لــــن يــنـسَـى عــبــادًا آمــنـوا     ...        وســتــجــفــلُ الآلامُ والأحــــــــزانُ

وبــقـيـةُ الأخــــواتِ والأبــنــاءِ مـــا     ...       ذبـــلــتْ لــديـهـم لــلأســى أفــنــانُ

فـأبـوهُمُ قــد نّـضَّـرَ الـمـسعى هُـدَىً     ...    فَــأُنــيـرَتِ الــطــرقـاتُ والأعـــنــانُ

وجـــلا الـيـقينُ قـلـوبَهم مــن هِــزَّةٍ     ...      كــــادتْ تــنــوءُ لِـحَـمْـلِـهَا الأبــــدانُ

ورحــلْـتَ يا عـدنـانُ حـيـثُ تـركـتَنَا     ...    تـنـتـابُـنـا الــحـسـراتُ والأشــجــانُ

ويـلـوكُـنـا شِـــدقُ الـمـكـارِهِ عُــنـوةً     ...        وفــــؤادُنــــا لــلــقــائـكـم لـــهــفــانُ

ســتــزولُ دنــيـانـا ويــغـلـقُ بــابُـهـا     ...       ويُــصَـفَّـدُ الــطـاغـوتُ والـسـلـطـانُ

وهـنـاك لــم تـنـفعْ زعـامةُ مَـن بَـغَوا     ...     أو مـــالُ مَـــن قـــد غـــرَّه الــرَّنَّـانُ !

فَــتَــدَارَكَـنْ ربــــي عــبــادَكَ إنَّــهــم     ...  يـجـتاحُهم فــي ذا الـمـدى طـوفـانُ )رسائل من أولاده، وأسرته بتاريخ: ( 30 كانون الثاني 2020م).

2-             رسالة من صديقه جاسم الدخيل.

3-             رسالة من الشاعر الداعية شريف حاج قاسم.

4-             رابطة أدباء الشام- التي يديرها الأديب الأريب د. عبد الله طنطاوي.

5-             قصيدة شريف حاج قاسم منشورة في رابطة أدباء الشام - وسوم: العدد 860

وسوم: العدد 862