مفخرةُ حماة وعالمها الشَّيخ محمَّد بن محمود الحامد رحمه الله تعالى

clip_image002_32dfb.jpg

الشَّيخ زهير الشَّاويش بصحبة العلَّامة محمَّد الحامد رحمهما الله تعالى

إمامٌ اغترفت من بحر علمه علماء الأمصار، وهُمامٌ اعترفت بفضائله ذوو البصائر من الأفاضل والأبصار، مفخرةُ حماة وعالمها، وحاملُ لواءَ الشَّريعة بها وخادمها، العلَّامة المُصلح الفقيه الشَّيخ محمَّد بن محمود الحامد، رحمه الله تعالى

يقول العلَّامة الحامد عن نفسه :"وإنِّي أحمدُ الله على توفيقه وتيسيره إيِّاي للتَّوسع العلمي، ووضعه الشَّغف به في قلبي، حتى إنِّي لأوثر العلم على اللَّذائذ الماديَّة التي يقتتلُ النَّاسُ عليها، ولو أنّي خُيِّرت بين المُلْكِ والعلم لاخترتُ العلمَ على الملك والسُّلطان.. "، وقد رحل في أيَّام طلبه إلى حلب الخسرويَّة ثمَّ مصر القاهرة، وجاور في أزهرها ذي المنقبة الفاخرة، وحضر دروس العلماء الأفاضل، إلى أن صار معدودًا  من الأوائل، متخصِّصًا بالقضاء الشَّرعي، ثم رجع إلى حماة بعد بلوغ آماله، ونجاح مقاصده وأعماله..

حاز عِلمًا فماله من مساوٍ ... فيه من عالمٍ ولا من مُسامِ

أدركَ من العلوم حظًّا، وكادَ يستوعب آثار الفقهاء ومذاهبهم حفظًا، إذا تكلَّم في التَّفسير فهو حاملُ رايته، أو أفتى في الفقهِ فهو مُدرك غايته، أو ذاكر بالحديث والسِّير والمغازي فهو ذو روايته، فكانت حافظته عجيبة الاستحضار للفروع الفقهيَّة والعقليَّة والنَّقليَّة..

وارتقى منابر الخطابة فكان ينكرُ من المنكرات كثيرًا، ويأمرُ بالمعروف فيوقدُ به سراجًا منيرًا، يبهرُ الحاضرين، ويبهتُ المبطلين، وله قوَّةُ جنَان، وفصاحةٌ في البيان، وهيبةٌ وجلالة، وأبَّهةٌ في النُّفوس تزيِّن خِلاله، وقلوبٌ على مودته متطابقة، وألسنٌ بالثَّناء عليه ناطقة.

وأمَّا منهجه في الإجابة على الفتاوى فما كان يكتفي بأجوبته الشَّرعيَّة في بيان الأحكام فقط على المذهب الحنفي والفقه المقارن، وإنَّما كان يذكرُ معها أدلَّتها وبراهينها، حيثُ أدركَ أنَّ غالبيَّةَ النَّاس في عصره لا تقتنع بالحُكم المجرَّد عن دليله وبرهانه، لهذا كان يعتني بفقه الدَّليل ويدعو العلماء للعناية به ومدارسته وتدريسه، والأخذ بقواعد التَّرجيح اتِّباعًا للدَّليل، مع اصطحاب حال المفتي الخوف من الله والتَّقوى، والاستقامة في السِّرِّ والنَّجوى..

من كتبه ورسائله الكثيرة :

كتاب: "نظراتٌ في اشتراكيَّة الإسلام" ردًا على كتاب :" اشتراكية الإسلام" للدكتور مصطفى السِّباعي.

(ردودٌ على أباطيل) في جزئين وهو مجموعة رسائل، ومقالات، ومجموعة أسئلة فقهيَّة وأجوبتها،

(التَّدارك المعتبر لبعض ما في كتاب القضاء والقدر) .

(حكم الإسلام في الغناء) .

(حكم اللِّحية في الإسلام) .

(القول في المسكرات) .

(حكم الإسلام في مصافحة المرأة الأجنبيَّة).

(نكاح المتعة حرامٌ في الإسلام) .

ولم يزل الشَّيخ على حالته الرضيَّة وطريقته السَّنيَّة، مع ما لازمه من العللِ المُوهيةِ لصفات قوَّته، وهو مع ذلك يتجدَّدُ نشاطه على العبادة كأنَّها بعض فطرته، إلى أن أذوى المرضُ زهرته الغضَّة، وجعلَ الدّْموع من الحُزنِ عليه مرفضَّة، وتوفِّي رحمه الله تعالى عام تسع وثمانين وثلاثمائة وألف هجريَّة، عن عمر قارب ستِّين سنة قضاها في ميادين العلم والتَّربية والدَّعوة والجهاد، وتقنُّعِ الزُّهد والكفاف، وارتداء الصَّون والعفاف، فرحمَ الله روحَه، ونوَّر بالمغفرة ضريحَه.

وسوم: العدد 875