محمد عمر الداعوق

مؤسس جماعة عباد الرحمن في لبنان

عمر محمد العبسو

ولادته ونشأته :

ولد الداعية الإسلامي محمد عمر الداعوق عام 1910 م . . ونشأ في عائلة  من العائلات البيروتية المعروفة ، والتي تعود بأصولها إلى المغرب ، ونزحت إلى بلاد الشام بعد موجات الهجرة الأندلسية والمغربية إلى المنطقة ، وقد شارك جد الأسرة الأول في بناء الزاوية المغربية في باطن بيروت ، ونبغ من هذه الأسرة بعض العلماء والسياسيين ، وبعض التجار ورجال المجتمع ، منهم أحمد الداعوق الذي برز في القرن التاسع عشر ، وكان يحمل لقب ( بازار باشي ) ، وعمر الداعوق رئيس بلدية بيروت الذي برز في القرن العشرين وكان رئيساً لجمعية المقاصد الخيرية الإسلامية في بيروت ، كما كان أحمد الداعوق أمين سر الدولة في عهد الانتداب الفرنسي ، فضلاً عن الراحل الجليل والداعية الإسلامي محمد عمر الداعوق .

دراسته :

انتهى به تحصيله العلمي إلى مدرسة الصنائع المهنية ، حيث نال شهادة فنية في الميكانيكا التي برع فيها ، مما يسر له العمل واكتساب الخبرة وثقة الناس ، وأصبح يعرف بالمهندس محمد عمر الداعوق .

شيوخه :

تتلمذ وهو بعد يافع على الشيخ الداعية سعدي ياسين ، فحصّل جانباً من العلوم الإسلامية كما سعى لتثقيف نفسه عبر دراسة الكتب والمراجع الإسلامية .

وكان مما يميزه التزامه وحرصه على تطبيق ما يتعلمه من تعاليم الإسلام .

الهجرة إلى فلسطين :

كانت فلسطين تستقطب اليد الفنية الماهرة ، فتوجه إليها أبو عمر ، وأقام فيها سنوات حيث تزوج وأسس منشأة حديثة للخراطة .

وفي عام 1947 م عندما بدأت تلوح نذر كارثة فلسطين عاد إلى لبنان .

دعوته :

وفي بيروت بدأ أبو عمر دعوته ، فانطلق يحدث الناس ، ويحثهم على طاعة الله والعودة إلى الدين ، ويدعوهم للتضامن والوحدة لئلا يصيبهم ما أصاب أهل فلسطين . وكان يستغل كل مناسبة وكل منبر وكل منتدى للدعوة .

وكانت له دروس منتظمة في مسجدي الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – في الطريق الجديدة ، والمسجد العمري في الوسط التجاري .

أخلاقه وصفاته :

كان – رحمه الله – خلوقاً طيباً صادقاً ومندفعاً ، يتحلى بروح التسامح والشعور العالي بالمسؤولية تجاه المسلمين .

وكانت أحاديثه تتسم بالطابع الروحي والأخلاقي ، وهو في هذا أقرب إلى فكر جماعة الدعوة والتبليغ ، وكانت دعوته تتميز بالحكمة والبساطة والعفوية والاعتدال .

تأسيس جماعة عباد الرحمن في لبنان :

ولما شعر بإقبال الناس وتجاوبهم ، فكر مع مجموعة من إخوانه في بيروت ، فأسس جماعة عباد الرحمن بهدف نشر مكارم الأخلاق وتربية الشباب مبنية على تعاليم الإسلام ، وفي عام 1951م حصل على ترخيص رسمي من الحكومة ، وفتح مركزاً في محلة البسطة الفوقا ، وصار محمد عمر الداعوق رائد جماعة عباد الرحمن في لبنان .

ومنذ ذلك الوقت بدأ شباب الجماعة ينتشرون في مساجد بيروت ، وسائر المدن والقرى يخطبون في الناس ، ويدعونهم للعودة إلى الله ، ويقدمون لهم ما أمكن من الدعم والخدمات الاجتماعية .

وفي فترة الستينات ومع تزايد إقبال الشباب وتعاظم المسؤوليات ترك العمل وتفرغ للدعوة .

وفي هذه المرحلة تضاعف نشاطه في العديد من المجالات سواء الخطابة في المساجد ، أو التحدث في المنتديات وعبر الإذاعات ، أو الكتابة للنشرات ، أو القيام بالرحلات الرياضية والمخيمات الكشفية .

 وامتد نشاطها إلى صيدا وطرابلس ، ثم رأى مجموعة من الدعاة فتحي يكن وإبراهيم المصري أنه قد جاء وقت التغيير حيث مالت ( الجماعة الإسلامية )  إلى خوض العمل السياسي الإسلامي العام في طرابلس ، بينما بقيت الجماعة الأم في بيروت مجرد حركة كشفية دينية تربوية تمارس نشاطا محدوداً برئاسة أمينها الراحل محمد عمر الداعوق .

الهجرة إلى الخليج :

في أوائل السبعينات وتلبية لدعوة أمير الشارقة ، وبعد ما شعر أن إخوانه الشباب قد تمرسوا بالدعوة وقيادة الجماعة ، حطّ رحاله في الخليج ، ليهتم بالوعظ والإرشاد في الإمارة فزارها بصورة متقطعة إلى أن استقر نهائياً فيها عام 1975  وانقطعت صلته بلبنان ، وكانت آخر زيارة له عام 1979

 وأكمل دعوته من هناك محدثاً يومياً عبر إذاعة الشارقة ، ثم مدرساً وموجهاً دينياً عبر دروس تبثها وسائل الإعلام المختلفة ومنها التلفزيون .

وقد لقي الداعية أبو عمر في دول الخليج ما يستحق من حسن وفادة وتكريم ورعاية ، كما اكتسب صيتاً طيباً بحيث كان يرجع إليه لحل كثير من القضايا العائلية والمشاكل الاجتماعية .

وفاته :

توفاه الله فجر يوم الأحد 26 صفر 1427 هـ / الموافق 26 آذار 2006 م بعد عمر حافل بالجد والنشاط والدعوة إلى الله وإلى وحدة المسلمين .

وقد ترك علوماً كثيرة ينتفع بها على شكل محاضرات مسجلة وكتب ونشرات كثيرة ، وترك ذكراً طيباً كما ترك شباباً تحملوا من بعده المسؤولية وما يزالون .

وفود العزاء :

وقد قام وفد من الجماعة الإسلامية ضم ّ أمينها العام المستشار الشيخ فيصل مولوي ، وأمينها العام السابق الداعية الدكتور فتحي يكن ، ونائب الأمين العام إبراهيم المصري ، والحاج غسان حبلص رئيس جمعية التربية الإسلامية ، مع حشد من أعضاء الجماعة ومسؤوليها بتقديم العزاء بوفاة مؤسس جماعة عباد الرحمن في لبنان محمد عمر الداعوق ، وذلك عصر الثلاثاء 28 / 3 / 2006 م بمركز عباد الرحمن في بيروت .

وقد تذاكر الوفد مع الأخوة في عباد الرحمن إنجازات أبي عمر الداعوق ، وما كان يتمتع به من ميزات دعوية ، وأخلاقية ، أسهمت في تأسيس أول حركة إسلامية في لبنان .

يقول عنه الدكتور فتحي يكن :

قرأت عن نشاطه الإسلامي في العام 1953م ، ثم تعرفت عليه عام 1954 م بصحبة فضيلة الدكتور مصطفى السباعي – رحمه الله – حيث كان مدعواً لإلقاء محاضرة في قاعة جمعية مكارم الأخلاق الإسلامية بطرابلس .

وكان اللقاء بداية تعارف وتعاون ، ثم انتماء إلى جماعة عباد الرحمن أولى الحركات الإسلامية التي ظهرت على الساحة اللبنانية .

محمد عمر الداعوق شخصية استثنائية لها الكثير من الخصوصيات قلّ أن تجتمع في واحد من الناس .

فهو بارع فيما يعرف بالخطاب السهل الممتنع حيث نستمع إلى خطابه فتراه سهلاً بسيطاً لا تعقيد فيه ، وإذا جئت تقلده عجزت عن ذلك .

هذا الخطاب الاستثنائي السهل الممتنع اجتذب في مطلع الخمسينات ما يقارب العشرة آلاف من شباب بيروت .

كان بارعاً إلى حدّ الإبداع كمهندس ميكانيكي ، وكانت لديه تجليات في الكثير من المخترعات والصناعات منها تصميمه لأول ماكينة عرض سينمائية 16 ملم .

وكان رياضياً بامتياز في مختلف الميادين والألعاب الرياضية ، ولا ينسى أهل بيروت أنه أول من تمكن من ارتقاء صخرة الروشة ، ورفع عليها العلم اللبناني وعلم عباد الرحمن ، ونصب حبلاً للانتقال بينها وبين اليابسة أشبه بالتلفريك .

كان بارعاً في التمثيل ، لا ننسى مسارح العاصمة والمناطق المسرحيات التي كان يعدها ويشارك ببعض أدوارها شخصياً ...ومنها مسرحية عمر بن الخطاب .

أسس داراً للطباعة كانت مميزة في أدائها .

أسس مصنفاً للمقاعد والألعاب الحديدية على جانب كبير من الجودة والاتقان .

أما الرحلات والمخيمات التي كان ينظمها فقلّ نظيرها ممن سبقوه في هذا المجال من الجمعيات والفرق الكشفية الأخرى ، ولا ننسى كيف كان يرفد المخيمات بالمهارات الرياضية والنشاطات الترفيهية .

خلال سنوات الحرب اللبنانية الداخلية قرر أن تتولى جماعة عباد الرحمن دفن الموتى .

أقدم أبو عمر الداعوق في مطلع الخمسينات على توقيع اتفاق حسن جوار مع بيار الجميل مؤسس ورئيس حزب الكتائب اللبنانية ...هذه  المعاهدة تنص على تعاون المسلمين والمسيحيين في نشر القيم والمبادئ الأخلاقية ورد الاعتداءات الخارجية عن لبنان ، ولاقت هذه المعاهدة معارضة شديدة من الأوساط الإسلامية والمسيحية ، وأدت إلى تراجع من حركة عباد الرحمن .

يصعب أن أعطي الراحل الكريم حقه من الكلام ، وما لا يدرك كله لا يترك جله ، فحسبنا الله ونعم الوكيل ، ولأهله وإخوانه وأمته العزاء .

شهادات :  

وعلى صعيد آخر، فقد تمتع الراحل غفر الله تعالى له بشخصية شفافة ، محبة للخير ساعية إليه ، رقيقة الشمائل ، بعيدة عن الغيبة والنميمة والفاسد من الأقوال والتصرفات . وكان رحمة الله عليه باسماً ، مبتسماً ، مناصراً للحق ، ومشيداً   ومؤازراً للتجربة الوحدوية دافعاً إلى الفخر والاعتزاز بها ..

وهذه بعض الشهادات في حق الراحل غفر الله تعالى له ، من بعض معاصريه ومحبيه الذين ترك لهم إرثاً من مفاهيم الدعوة الإسلامية الجميلة التي ما توانى يوماً عن السعي لتأكيدها والعمل بها والدفاع في اتجاه التمسك بها .

الشيخ عبد الجبار الماجد قال : الداعوق رحمه الله رحمة واسعة وظّف عمره وحياته للدعوة ، وكان يعد قبره بيده وفقا لما قاله لنا، ويتمنى أن يتوفاه الله في عمر 63 عاماً كالرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه ، ولكن الله أفاض عليه بنيته الحسنة ودعوته الداعمة بما يحبه ويرضاه ، وأطال عمره إلى 100 عام ، فضلاً عن تبليغه الدائم ودعوته وإرشاده تمثلاً بالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم في قوله “بلغوا عني ولو آية” كما كان رحمه الله يتدخل لصلح ذات البين في الأسر ، ولا شك أنه بلغ ما عليه ، وأفاض ، وزاد ، وندعو له بالرحمة ، وأن يدعو له من سمعه ، ويتصدق عنه من استفاد من دعوته أو سمعها .

ويروي قصة لقائه الأول بالراحل حين افتتاح تلفزيون الكويت في دبي قبل قيام الاتحاد، إذ كان يشترك في تقديم الأحاديث الدينية ، ويقول : “نشأت بيننا صداقة ، وكنت دائماً أجده كالأخ الكبير العزيز ، دائم النصيحة واللطف ، لم يبغض أحداً ، ولم يخض في عرض أحد ، ولم يتأثر منه أحد إلا في دينه ، وكان يطلب دائماً الحياة الآخرة والخاتمة الحسنة ، وكان الوحيد الذي لم يجادل ، أو يخاصم أحداً رحمه الله وغفر له .

قدوة للشباب :

يقول د. سيف الجابري مدير إدارة الإفتاء والبحوث في دائرة الشؤون الإسلامية والوعظ الخيري في دبي : الشيخ الداعوق رحمة الله عليه من الرعيل الأول الذي اكتسبنا منه العلم والمعرفة من خلال المواعظ والمحاضرات التي كان يلقيها ، والتي كان فيها بمثابة قدوة في جذب الشباب للتمسك بالقيم الدينية ، فضلاً عن ذلك فقد كان رحمه الله بشوشاً باسماً ، حاضراً ، متواضعاً ، واعظاً نبوياً يلتمس الترغيب والتحبيب الى الإيمان ، وكانت مواعظه بمثابة نبراس لمن أراد أن يكون داعياً إلى الله تعالى ، فعلى مدى 35 عاماً ، ونحن نتلقى على يديه المحاضرات والعلم الشريف سواء من خلال المقابلات المباشرة ، أو عبر الاستماع إليه من خلال وسائل الإعلام .

وتحدث عن صفات الراحل فأضاف : هذا الرجل رحمه الله تعالى كان فعلاً مباركاً من كثرة محبيه ، فعلى مدى عمره لم أجد منه ما يذكر بسوء ، فقد تميز بمحبة الجميع ، وكان بالفعل نعمة الرجل وواعظاً محبباً في الإيمان، في ما لم يتدخل في شؤون الفتوى الخلافية ، وكنت على معرفة شخصية جداً معه ، وتأثرت بأفعاله كثيراً ، وأتذكر في عام 1977 - وكنا شباباً في المدرسة ، وكان رجلاً كبيراً أبيض اللحية خفيف الوزن إنه قفز أمامنا من فوق جدار يصل ارتفاعه إلى متر ونصف المتر بدلاً من أن يعبر من الباب ، ثم التفت إلينا ، وقال : “ أريكم يا شباب أننا شباب ، فاحفظوا شبابكم تحفظ لكم كهولتكم ” ، ومعنى ذلك أنه كان يعلم ، ويلقن الشباب العلم من خلال تجارب على نفسه .

واستمر قائلا ً : وكان الراحل نزيهاً تقياً ورعاً ، لا ينم ، ولا يغتاب أحداً مهما اختلف معه ، فجعل لنا قدوة في أن نتعلم منه هذه الصفة ، وهي خلق ديني، إذ كان إذا ذُكر أمامه أحد بسوء يقول : دعه لربك ، عدا ذلك فرحمه الله لم يكن من دارسي علوم الشريعة ، وإنما كان دارساً للفن و الموسيقا ، وأخذ العلم الشرعي رغبة فيه ، كما كان نموذجآً فريداً في هذا العلم حيث كان يتعامل بروحانية الأب المعلم ، وليس الواعظ المتجول الذي يؤدي واجباً فقط ، وكان سبباً في إصلاح كثير من الرعيل الأول ، خاصة الطبقات العليا في توجيهها إلى التمسك بشرع الله

وختم بالقول : أكثر من ثلاثين عاماً تربيت على يديه أخذت منه الحلم والرفق والبسمة الداعمة ، وسأظل أتذكر هذا الرجل الذي كان لا يمل حديثه ، ولا تنتهي بسماته ، كأن الجميع له وهو للجميع ، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته

واعظ الأسرة :

وأشاد الشيخ عيسى عبد الله مانع الحميري عميد كلية الإمام مالك ، ونائب هيئة الوقف في أبو ظبي بالصفات التي كان يتمتع بها الراحل الشيخ الداعوق من الفضيلة والصلاح والطيب والعلم ، وقال : كان يعتبر رحمه الله واعظ الأسرة والمجتمع ، ومثال الأب الداعية المربي ، وكان صاحب فراسة ونكتة وصدر واسع وحكمة وموعظة سديدة وكرم ، ولم نر يوماً عليه سوى الخير إذ كان من الصالحين ، وأتذكر أني التقيته يوماً في إحدى محطات تعبئة الوقود ، فقدم لي حلوى كان يحملها دوماً في جيوبه ، ويقدم منها لكل من يقابله بالتحية ، وهذه من عاداته الجميلة التي لم يتوقف عنها يوماً .

وأكمل : ولم ينس إطلاقاً حين ركوبه السيارة قول : “رب احفظني من بين يدي وعن يمني ، وعن شمالي ، ومن خلفي ، ومن أمامي ، ومن فوقي، وأعوذ بك أن أغتال من تحتي”، ومن صفاته الأساسية تمسكه بالآثار النبوية دائماً وذكر الأذكار النبوية والتقيد بها أثناء خروجه ودخوله ، وكان رجلاً من رجال السلف الصالح في تعامله ، وكثير البكاء ، وجمع بين الأصالة والحداثة ، فيما كان يخاطب المجتمع باللغة المعاصرة مع الالتزام بمذهب السلف الصالح .

أسلوب تشويقي :

ويشير د. حمد الشيباني مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي إلى الأسلوب المتميز للراحل في البرامج التي كان يقدمها ، حيث كان مشوقا في سرده التاريخي الديني ، وارتبطت به فئة كبار السن التي كانت تتابعه ، فيما كانت تعتلي سمات وجهه الوضاءة والبشاشة ، ومن أقواله الدائمة في نهاية أي حديث إذاعي أو تلفزيوني قوله : “أدركنا الوقت” ومعنى ذلك أنه كان حريصاً على إيصال الفائدة بأفضلها لكنه كان يشعر دائماً بأن الوقت ضيق ، عدا ذلك فكان من عاداته ارتداء عقال أبيض اللون ، وتوزيع حلوى يحملها في جيبه على كل من يواجهه بالتحية ، ويقول : تعلمت منه هذه العادة وقلدته فيها ، إذ كنت أضع في درج مكتبي أثناء عملي في المنطقة التعليمية أشياء وهدايا صغيرة أوزعها على أطفال المراجعين .

ويضيف : ولا يمكن أن أنسى أن الراحل العزيز غفر الله تعالى له كان غزير العلم ، يتمتع بأسلوب تربوي اجتماعي مميز .

زاهد في الدنيا :

ولا تذهب من ذاكرة المستشار علي الرضوان رئيس دائرة الأحوال الشخصية في محكمة الاستئناف في الشارقة ما كان عليه الراحل غفر الله له من احترام لذاته والآخرين، وسعي دائم لعمل الطيبات لنيل خير الآخرة التي لم يتوان لحظة عن التفكير فيها، وعن ذلك يقول: كان هذا الرجل الطيب رحمه الله يفكر في الآخرة منذ سنوات طويلة، وعمل لذلك بحفر قبر لنفسه ولزوجته كما كان زاهدا في متع الحياة، لا يفكر في الدنيا، ولا يهدف إلى الحصول على زهوها وأموالها، والدليل على ذلك إقامته في شقة بسيطة منذ وفد إلى الدولة من نحو 40 عاما لم يعمل فيها على تشييد بنايات أو تكوين ثروات وخلافه.

وجاء في جريدة البيان : فقدت الأمتان العربية والإسلامية، فجر أمس علماً من أعلامها وعالماً من علمائها الأجلاء الذين كانت لهم جهود نيرة ومنهج قويم في هداية الأمة والأخذ بيد أبنائها رجالا ونساء كهولاً وأطفالاً إلى الرشاد ، فقد لاقى وجه ربه الكريم قبل طلوع فجر أمس ،فضيلة الشيخ محمد عمر الداعوق الواعظ والمرشد الاجتماعي في دولة الإمارات لما يقارب 40 سنة سابقة

وقد تمتع فضيلة الشيخ محمد عمر الداعوق رحمه الله الذي ناهز مئة عام ، بشخصية رقيقة شفافة محبة لعمل الخير والإصلاح بين الناس وكانت له مواقف مشهود لها في بدايات تأسيس دولة الإمارات العربية المتحدة حيث كان من أشد مناصري التجربة الوحدوية والداعين إلى الاعتزاز بها

واشتهرت الكتب التي ألفها المرحوم بإظهار الحب الخالص لرسول الله صلى الله عليه وسلم والولاء المطلق له، خاصة في كتابه ندوات الأسر في سيرة خير البشر الذي كان بصمة واضحة وعلامة نيرة في كتب السيرة النبوية التي تدخل النفوس بسهولة فتحييها بسبب أسلوبها القصصي الشائق

وبعد :

رحل الداعية محمد عمر الداعوق الذي كان بيته مأوى الضعفاء ، والأرامل واليتامى ، وقبلة للدعاة يأمه أفاضل العلماء ، فقد كانت علاقته ممتازة بالأستاذ أبي الحسن الندوي ، وبالمجاهد مصطفى السباعي ، وكان أستاذاً للداعية فتحي يكن ، وقادة الجماعة الإسلامية في لبنان ، أفاض الخير على الجميع ، أحب بلا قيود ولا تكلف ، فأحبه الجميع ، وبكت عليه العيون ، وحزنت عليه القلوب ، اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده ، واغفر لنا وله .

الله أكبر ولله الحمد .