الرئيس التركي المحبوب عدنان مندريس

في ذكرى مرور 62 سنة على أول انقلاب في تركيا

الرئيس التركي المحبوب عدنان مندريس

الذي أعاد لتركيا هويتها الإسلامية

حياته وأهم إصلاحاته وأعماله

*اسمه ونسبته:

هو علي عدنان أرتكين مندريس. السياسي البارز ورئيس الوزراء التركي الشهير والمحبوب من قبل الشعب التركي، وقد كان أيضا محاميا مشهورا، وخطيبا مرموقا، كما يقول الأستاذ مصطفى الزين.

*يعد الزعيم عدنان مندرس أول زعيم سياسي ديمقراطي منتخب في تركيا، وهو مؤسس "الحزب الديمقراطي" رابع حزب معارض في تركيا، وهو آخر زعيم سياسي تركي يعدم بعد انقلاب عسكري، كما أنه يُعدُّ أحد قادة سياسيين ثلاثة في الجمهورية التركية يبنى لهم ضريح تشريفا لهم، وهم: كمال، وأوزال، ومندرس.     *والده: أدهم.         *والدته: توحيدة.

1

*ولادته: ولد في "آيدين" غرب تركيا، في عصر الدولة العثمانية، وكان من الأذكياء الفُطَناء.

*نشأته: نشأ ودرج في أسرة ميسورة غنية، وصار من كبار المُلَّاك الأثرياء ومزارعي القطن في ضواحي إزمير.

*دراسته وتعليمه:

*التحق بـ "المعهد الأمريكي" في "إزمير، ثم درس الحقوق في "جامعة أنقرة، وحصل على شهادتها.

*بعد إنهاء دراسته ووفاة والديه وشقيقته انتقل إلى مزرعة في قرية "تشاكير بيلي" التي ورثها عند جده.

*حياته السياسية:

*كان مندريس عضوا في "حزب الشعب الجمهوري" الذي أسسه مصطفى كمال، وأضحى نائبا عن الحزب بالانتخابات المبكرة عام 1931م.

*ثم أصبح نائبا عن مدينته "آيدين" وتولى مهامَّ برلمانية في انتخابات سنوات: 1935، 1939، 1943م.

*في عام 1945م ألغي نظام الحزب الواحد، فقرر مندرس مع 3 نواب آخرين الانفصال عن "حزب الشعب"، وأسس "الحزب الديمقراطي".

*وفي عام 1945م قدم مندريس و3 نواب آخرين من "الحزب الجمهوري" قدَّموا اقتراحا إلى الكتلة البرلمانية لإلغاء المواد المعارضة للديمقراطية في "نظام الحزب الأساسي؛ التقرير الرباعي".

والنواب الثلاثة الذين وافقوا مندريس هم:

1- فؤاد كوبريلي. 2- جلال بايار.   3- رفيق كورالتان.

2

*في 21/9/1945م قرر "ديوان الحزب الجمهوري" – برئاسة رئيس الوزراء يومذاك "شكري سراج أوغلو- قرر طرد مندريس وكوبريلي من الحزب؛ لدفاعهما عن الديمقراطية في البلاد؟!

ثم طُرد كورالتان لاحقا لانتقاده قرار إبعاد مندرس وكوبريلي، كما استقال بايار احتجاجا على رفض مقترح تعديل المادتين (17 و 50) المقيدتين لحرية الصحافة في تركية.

*في 7/1/1946م أسس "الحزب الديمقراطي" على أيدي جلال بايار، وعدنان مندريس، ورفيق كورالتان، وفؤاد كوبريلي.

*في العام نفسه وعقب فوز حزب الشعب الجمهوري في الانتخابات النيابية لم يحصل مندريس إلا على 62 مقعدا، كما فاز منها هو – حينذاك- بمقعد نيابي عن ولاية "كوتاهية".

*في 14/5/1950م فاز "الحزب الديمقراطي" حزب مندريس ورفاقه فوزا ساحقا في الانتخابات بـ 53% من أصوات المقترعين، ونالوا 84% من مقاعد المجلس النيابي التركي، من ضمنهم مؤسسو الحزب الأربعة.

*عقب ذلك اختار مجلس النواب التركي "جلال بايار" رئيسا للجمهورية التركية، و" عدنان مندريس"رئيسا للحكومة؛ "رئيسا لمجلس الوزراء".

*وعد مندرس شعبَه الوفيَّ فوفى له:

هذا وقد كان الرئيس مندرس وعد الشعب التركي المسلم في حملته الانتخابية -إن انتخبوه وفاز- أن يُلغي الإجراءات العلمانية الشديدة والصارمة المخالفة للإسلام، والتي سادت زهاء ربع قرن، وهي:

1- منع الأذان باللغة العربية، وجعله باللغة التركية.

2- منع قراءة القرآن بالعربية، وجعله بالتركية.

3- إغلاق المدارس الدينية "الإسلامية".

3

*فرح الشعب التركي بإصلاحات مندرس وحكومته:

فرح مندرس ورفاقه بهذا الفوز المبين، وعبَّر عن فرحته الغامرة قائلا: "سيُذكر يوم 14/مايو دائما بِعَدِّه يوما تاريخيا استثنائيا، أنهى حِقبة، وبدأ حقبة جديدة، سنذكر هذا اليوم على أنه يوم نصر ليس لحزبنا فحسب، ولكن للديمقراطية التركية".

*كما فرح الشعب التركي فرحا غامرا بهذا الفوز الرائع، وتنفس الصعداء وتنسم رائحة الحرية، وبدأ مرحلة حيوية جديدة، وعاد إلى تركيا وجهها الإسلامي المُشرِق بعد تغييبه رَدَحًا من الزمان.

*أهم إصلاحات مندرس وأعماله؛ النهضة الشاملة في تركيا:

أ- عودة الأذان باللغة العربية في المساجد بعد غيابه زهاء 18 سنة؟!

ب- السماح بتعليم القرآن الكريم في المدارس والمساجد، ومنها: "مراكز تعليم القرآن"، وفتح أول معهد ديني عال في تركيا.

ج- السماح بإقامة الصلاة داخل المساجد باللغة العربية.

د- السماح ببث القرآن من الإذاعة التركية 3 مرات في الأسبوع.

هـ- السماح ببناء المساجد في القرى وغيرها.

و- السماح بتعليم مادة "التربية الدينية الإسلامية" من الصف 4 الابتدائي.

ز- السماح بالسفر للحج إلى بيت الله الحرام.

ح- إلغاء تدخل الدولة في لباس المرأة المسلمة.

ط- إعطاء الحرية للناس في ممارسة شعائرهم وعباداتهم.

ي- إعادة إحياء "النهج الإسلامي الصوفي المُعتدل".

 

4

ك- ثناء مندرس على محاسن الإسلام وفضائله، للحد من انتشار الشيوعية والإلحاد في تركية في مدنها وقراها وأريافها، بعد انتهاء الحرب 1945م.

ل- سياسة التقارب مع البلاد العربية والإسلامية، وتقليص العلاقة مع الكيان الصهيوني "دويلة إسرائيل".

م- حملة تنمية شاملة في تركيا شملت تطوير الزراعة، وافتتاح المصانع، وتشييد الطرق والجسور والجامعات.

ن- خطة تنمية اقتصادية كبيرة، شهدتها تركية، بانتقالها إلى اقتصاد السوق الحرة، ورفعت لذلك كل القيود على الواردات، وخفضت نسبة "الفائدة"؛ لتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار.

س- تقلص البطالة، وتحرر التجارة.

ع- تحسين أوضاع الفلاحين بالقرى: بمدّهم بالتقنية بإرسال الجرَّارات والحصَّادات إليهم، وتوزيع الأسمدة عليهم، ومدِّهم بِمُرشدين زراعيين.

ف- إنشاء العديد من السدود الكبيرة، بمعدل سَدٍّ لِجُلِّ المناطق.

ص- إنشاء العديد من المعامل والمصانع خاصَّةً في إسطنبول وإزمير؛ للنسيج، والإسمنت، ولوازم البناء، والفواكه، والأدوية، والأحذية، ودباغة الجلود، والأسمدة الكيميائية، والصابون ... .

ق- ازدهر الاقتصاد التركي بعهد مندرس ازدهارا كبيرا حتى سُمِّي "العهدَ الذهبي"، وطالما رَدَّد مندرس: أنه سيوجد مليونيرا صغيرا في كل حي؟!

ر- عاش الناس فترة استقرار سياسي لبضع سنوات.

ش- تراجعت حدة التوتر الذي ساد زهاء ثلاثة عقود بين الدولة والشعب التركي المسلم بسبب الإجراءات التعسفية المناهضة للإسلام ومظاهر تدين الناس، ومنع بعض عباداتهم وفرائضهم.

5

ت- في عام 1956م وبعد العدوان الثلاثي على مصر طرد مندرس السفير الصهيوني من تركيا.

ث- إنشاء 10 آلاف مسجد وجامع، وفتح 25 ألف مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، و22 مدرسة ثانوية لتخريج الأئمة والخطباء في تركيا.

خ- أعاد المساجد - التي كانت تستعملها الحكومات السابقة مخازن للحبوب -أعادها لتكون للعبادة والصلاة وذكر الله تعالى.

*حج مندرس سرا: وفي إحدى زيارات عدنان مندرس إلى دول الخليج العربي، ومنها السعودية قام الرجل بأداء فريضة الحج سرا.

*لم يكن إسلاميا ولم يُعلن ذلك:

كما أن مندرس - لذكائه ودهائه- في إجراء تلك الإصلاحات والأعمال العظيمة، وتجنبا لِلصِّدام مع العلمانيين ومؤيديهم لم يُعلن أنه إسلامي أو مؤيد للإسلاميين؛ بل بالعكس من ذلك؛ فقد كان يُرَدِّد: "لا رُجوع عن فصل الدين عن الدولة؛ إلّا أنَّ تركيا بلد إسلامي، وستبقى كذلك".

كما أنه وضع تركيا في قلب عالم الغرب بضمها إلى"حلف شمال الأطلسي"، وأقام علاقات قوية مع أمريكا.

*في 2/5/1954م جرت انتخابات نيابية في تركيا فاز فيها "الحزب الديمقراطي" حزب مندرس بـ 56% من الأصوات، و93% من مقاعد "مجلس الشعب التركي"، ومحققا بذلك أعلى نسبة فوز في تركيا؟!

*في انتخابات 27/10/1957م تراجع حزب مندرس فحصل على نسبة 30، 47% من الأصوات فقط، بسبب عدم عمل أطر حزبه بالشكل المطلوب، وبسبب أخبار زائفة مشوهة للحزب في بعض وسائل الإعلام.

*في عام 1960م أسس هيئة برلمانية خاصة من أعضاء حزبه "الحزب الديمقراطي؛ 15 نائبا" للتحقيق في أنشطة المعارضة والإعلام؛ فبلغت المعارضة المتزايدة لسياسته قمتها، وتم الانقلاب عليه.

6

*إثرَ تشكيل تلك اللجنة اتهمت قيادة حزب "الشعب الجمهوري" الحزب "الديمقراطي" بتحويل تركيا إلى الاستبداد "الديكتاتورية"؟!!

وعندها قال رئيس حزب الشعب يومذاك "عصمة إينونو" كلمته الشهيرة -المُحَرِّضة على الثورة على حكومة مندرس ومؤيديها- : "أيها الأصدقاء! إن الثورة حق مشروع للشعب عندما تكتمل شروطها"؟!

*مظاهرات واحتجاجات وأحداث شغب وتحريض على مندرس:

*بعيد ذلك حصلت أحداث شغب، ومظاهرات كبيرة في بعض شوارع إسطنبول وانقرة، واحتجاجات طلابية على سياسات مندرس عقب أخبار كاذبة، وكان أكبرها في "ميدان قزل آي - أنقرة" يوم 19/4/1960م.

*في 5/5/ اجتمع الطلاب مجددا في "قزل آي" مُحتجِّين ضدَّ مندرس وكان حاضرا فيها، وحاول شاب منهم خنق مندرس بحجة المطالبة بالحرية؟!!

وفي مظاهرة بـ "جامعة إسطنبول" قُتل شاب برصاص الشرطة.

*كما تناولت وسائل إعلام كاذبة فِرية مفادها: "أن مندرس جمع الطلاب المُتَظاهِرين وفَرَمَهُم في فَرَّامة لِلَّحم، ثم ألقاهم في قارعة الطريق"؟؟!!

مِمَّا أثار ضجة كُبرى في تركيا وبلابل واضطرابات، ولم تُكشف حقيقة هذه الفرية بلا مِرية إلا بعد انقلاب 1960م؟!

7

*الانقلاب عليه في أول انقلاب عسكري تشهده الجمهورية:

*في صباح 27/5/1960م أطاح حكومة مندرس أول انقلاب عسكري في العهد الجمهوري، قامت به "لجنة الاتحاد الوطنية" المُشَكَّلة من 38 فريقا وضابطا من القوات المسلَّحة التركية، بقيادة الفريق "جمال جورسيل" وأعلنت تلك اللجنة وضع يدها على السلطة في تركيا.

*وفي الساعة الرابعة من فجر 27/5/1960م أعلن العقيد "ألب أرسلان تُركِش" عبر الإذاعة التركية عن تولي القوات المسلحة التركية مقاليد الحُكم في البلاد، وفي اليوم عَينِه ألقي القبض على رئيس الحكومة المُنتَخَب عدنان مندرس - وهو يقوم بجولة في ولاية كوتاهية- وبعض أعضاء حزبه، ورئيس الجمهورية "محمود جلال بايار"، وعدد من الوزراء، وأودِعوا لاحقا في "سجن جزيرة ياسِّي" في "بحر مرمرة".

*كما أحيل إلى التقاعد 235 فريقا "جنرال" و5000 ضابط، هذا فضلا عن فصل 147 محاضرا جامعيا؛ منهم العلامة والمؤرخ التركي الشهير د. فؤاد سزكين، و520 قاضيا ؟؟!!

*سُجن مندريس في تلك الجزيرة زهاء سنة و3 أشهر و20 يوما ثم حوكم مُحاكمة صُورِيَّة في محكمة عسكرية، وحُكم عليه بعدها بالإعدام.

ssafadagrt9841.jpg

الفريق جمال كورسل قائد الانقلاب الأول على الحرية والديمقراطية في تركيا ت 1966م، ورابع رئيس لتركيا

*تهم المحكمة لمندرس وحكومته ورفاقه:

لقد اتهمته المحكمة بـ 13 تهمة، أدين مندرس بـ 12 تهمة منها. ومن أهم تلك التُّهَم التي نُسِبت إليه:       1- تعطيل الدستور التركي.

2- قلب النظام العلماني، والسعي إلى تأسيس دولة دينية، وإعادة الخلافة.

3- أداء فريضة الحج.         4- تقييد حرية الصحافة.

5- تأليف حكومة الحزب الواحد.             6- امتهان حقوق الإنسان. 7- محاولة القضاء على "مجلس الشعب" للإبقاء على حزبه الحاكم.

*خلاصة أحكام تلك المحكمة العسكرية:

أولا: حكمت على مندرس و13 آخرين بالإعدام.

ثانيا: وحكمت بالسجن المُؤبَّد على 31 شخصا آخَر.

ثالثا: كما أنها حكمت أيضا على 418 شخصا آخرين بأحكام سَجْنٍ مُتفاوِتة ما بين 6 أشهر و20 سنة.

*لكن المحكمة في وقت لاحق أصدرت عفوا عن كل المحكومين بالإعدام سوى ثلاثة هم: عدنان مندرس ووزيرا خارجيته وماليته؟!!

*وفي الساعة: 1و21 د من ظهر 17/9/1961م نُفِّذ فيه حكم الموت "الإعدام" شنقا، وبعد أيام أعدم وزير خارجيته "فطين رشدي زورلو"، ووزير ماليته"حسن بولاتقان، ودفن الثلاثة في"جزيرة إمرالي - جنوبي بحر مرمرة".

*تولى حكم تركيا بعد مندرس قائد الانقلاب الفريق جمال جورسيل.

*أسرته: تزوج علي عدنان مندريس عام 1928م من "فاطمة برين"، وأنجبت له ثلاثة أبناء؛ هم: 1- يوكسال.       2- مُتلُو.     3- آيدِين.

9

*إعادة أوزال الاعتبار لمندريس ووزيريه عام 1990م:

في 11/4/1990م - وبمساع من الرئيس التركي الأسبق "توركت أزال"-وافق البرلمان التركي على قانون يَرُدُّ الاعتبار لعدنان مندرس ورفيقيه.

*وفي 17/9/1990م وبموجب هذا القانون تم نقل رفاتهم من "جزيرة إمرالي" في بحر مرمرة، إلى مقبرة خاصة أقامتها بلدية إسطنبول في "شارع الوطن" في مدينة "إسطنبول" على تل قريب من "طوب كابِّي"؛ ليدفن ثلاثتهم هناك من جديد، ضمن مراسم رسمية.

*شارك في تلك المراسم الرئيس توركت أوزال ومسؤولين كبار في دولته، وضباط من قادة الجيش التركي، ورؤساء أحزاب، وجماهير غفيرة استقبلت رفات الزعماء قبل دفنهم.

*تكريم مندرس بعد وفاته من أوزال ثم أردوغان:

وبعد إعادة الاعتبار لعدنان مندرس عام 1990م أطلق اسمه على عدد من المناطق والشوارع، وعلى جامعة حكومية في ولاية "إزمير"، وعلى "المطار الدولي" في إزمير أيضا.

*وفي مايو- أيار2021م افتتح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان "جزيرة الديمقراطية والحريات" في إسطنبول، بمناسبة الذكرى الستين لانقلاب 27/5/1960م، وحضر الافتتاح وفد رفيع شمل "مصطفى شنطوب رئيس "مجلس الشعب التركي"، وبعض نواب مجلس الشعب، وزهدي أرسلان "رئيس "المحكمة الدستورية"، و"دولة بهتشلي" رئيس "حزب الحركة القومية"، وقادة من الجيش التركي.

10

ssafadagrt9842.jpg

الرئيس الأسبق توركت أوزال طيب الله ثراه ورحمه

ssafadagrt9843.jpg

11

*قالوا عن عدنان مندرس:

1- قال الشيخ علي بن حسين يعقوب الألباني التركي عنه، بعد أن تحدث عن الصحوة الإسلامية في تركيا في السبعينات الميلادية، قال: "... وقد بدأت هذه الحركة – الرجوع إلى الإسلام- منذ أيام الشهيد عدنان مندريس، وهي مستمرة حتى اليوم ...".

2- وقال الرئيس رجب طيب أردوغان عن أول انقلاب على مندرس، وعن محاكمته الهزلية والصورية تلك، وغير العادلة: "إن يوم انقلاب 27 مايو/أيار كان أحد أسوأ الأيام في تاريخ تركيا، إذ تعرَّضت قيادات الدولة في حينها لأسوأ التصرفات والانتهاكات غير الإنسانية، مضيفاً أن محاكمة مندريس كانت غير شرعية، وكانت محاكمة لشعبنا وتاريخه ولأمتنا، وتلك خطوط سوداء لن تُمحَى من جبين الذين أصدروا قرار الإعدام على مندريس وزملائه."

3- وقال الصحافي التركي اليهودي سامي كوهن: "لقد كان السبب المباشر الذي قاد مندرس إلى حبل المشنقة سياسته القاضية بالتقارب مع العالم الإسلامي، والجفاء والفتور التدريجي في علاقة تركيا مع إسرائيل، والحقيقة ما قتلوه إلا لأنه أعاد الإسلام إلى تركيا"؟!

 

 

 

 

 

 

 

12

ملحق: مقالة مهمة جدا تبين تفاصيل مهمة عن:

يوم وكيفية إعدام مندرس ورفيقيه وإهانتهم؟!

يرويها ضابط إعدامهم بعد 72 سنة؟!!

عدنان مندريس هو رئيس الوزراء التركي (1899م - 1961م)، الذي عزم عقب  فوز حزبه في الانتخابات البرلمانية وتشكيله للحكومة عام 1950م، على استرداد قبس من هوية تركيا الإسلامية التي تم دفنها في التراب.

قرر الرجل إعادة الأذان باللغة العربية، واستعادة المساجد التي تم تحويلها إلى مخازن، وأنشأ مساجد جديدة ومدارس للأئمة والخطباء، وتقارب مع العرب وتباعد عن الكيان الصهيوني، وكل ذلك كان محظورا.

وقد ظلت تفاصيل ما جرى يوم إعدامه في طي الكتمان ولم يعرف بها أحد طوال 54 عاما مضت لكن "مظفر إركان" (72 عاما) الضابط المسؤول عن عملية الإعدام، قرر أخيرًا كسر جدار الصمت وكشف ما رآه بعينه عند أعواد المشانق لمندريس ووزيري خارجيته وماليته "زورلو" و"بولاطكان" فقرر التحدث مؤخرا لوسائل إعلام تركية.

يصف "إركان" جانبا من محاكمة مندريس قائلا: كان الدفتر والقلم لا يفارقان يده، وعندما كان يريد أن يفصح للمحكمة عن أمر ما كان يرفع يده مستأذنا للحديث، وكان المدّعي العام عمر إيجيسيل يصرخ في وجهه بكل فظاظة ويأمره بالجلوس وعدم التحدّث.

كان " إركان " واحدًا من الجنود الأربعة المسؤولين عن نقل مندريس واثنين من وزرائه "زورلو" و"بولاطكان" من جزيرة "ياسِّي أضا" إلى جزيرة "إمرالي" ليتم إعدامهم، كما أنه كان شاهدا على الأحداث التي جرت في ذلك اليوم الذي أُعدِم فيه رئيس وزراء ووزيرين منتخبين من الشعب. وكان دونا عن غيره من العساكر المرافقين إلى جزيرة إمرالي الباقي الوحيد علي قيد الحياة والذي ينقل تفاصيل تلك الذكرى بصورتها الحقيقية.

نترك إركان يروي ما جرى في ذلك قائلا: "تم اختياري من بين 120 عسكريا لأكون شاهدا على عملية الإعدام ولا زلت أتذكر تلك اللحظات المؤسفة... لم يمر علي يوم إلا وتذكرت ما جري في ذلك التاريخ، كل لحظة

من حياتي تذكرني بأجسادهم المعلقة على حبل المشنقة، أراهم في أحلامي وكوابيسي وكأنهم لا يرغبون بأن يتركوني.

بعد إعدام الوزيرين بولاطكان وزورلو انتظرت مع باقي الجنود 45 دقيقة في جزيرة "إمرالي" ثم عدنا إلى جزيرة "ياسّي أضا" وفي الصباح الباكر قبل طلوع الشمس أمرني المدير المسؤول عن المحكومين بالإعدام بالذهاب مباشرة إلى غرفة احتجاز مندريس... كان مندريس لا يزال مرتديا ملابس نومه... كانت أول مرة التي أري فيها غرفة أحد المحكومين فلم يكن مسموحا للجنود رؤية غرف المحكومين... عندما خرج مندريس من غرفته أخبره أحد الضباط بأنه سيتم نقله لفحصه طبيا في إسطنبول ليتم بعد ذلك نقله إلى أنقرة ليرى عائلته وأولاده، لكن ذلك كله كان كذبا… يومها لم يسمح الطبيب بإعدامه لمرضه فلم يوقّع اللواء العسكري على أمر إعدامه قائلا إنهم لا يمكنهم إعدام رجل مريض، و بدلا من نقله إلى مشفى للعلاج تم إحضار طبيب بروفيسور من مشفى أوسكودار دينيز في إسطنبول لعلاجه.

حضر الطبيب ثم أخرج  من جيبه مرهما ووضعه على فتحات أنف مندريس التنفسية ولسانه حتى استعاد مندريس قوته، فوقّع اللواء العسكري بعد ذلك  قرار حكم الإعدام… قبل تنفيذ الحكم كان العسكري محمد بيليتش المسؤول عن تلبية احتياجات مندريس قد حضّر ملابس مندريس كاملة وألبسه تلك البدلة السوداء ذات الخطوط البيضاء وحذاءه الجلدي اللذين لم يُر مثلهما قبل ذلك في تركيا، وربط له ربطة عنقه فظن مندريس أنّه ذاهب إلى إسطنبول. لكن في هذه الأثناء أمر قائد الجزيرة العسكري بنقل مندريس مع طلوع الشمس إلى جزيرة "إمرالي" على السفينة العسكرية J15... كنّا ثلاثة ضباط وأربعة عساكر في قمرة السفينة، وكان الباشوات في قمرة قبطان السفينة وكان ممنوعا عليهم أن ينزلوا للقمرات السفلية التي تضم المحكومين. وكان عدنان مندريس يظن أنه سيذهب إلى إسطنبول ليتم الكشف الطبي عليه هناك.

عند وصول السفينة إلى الجزيرة كانت الطائرات والمروحيات تحلّق فوقها، وكان الجنود ممسكين بأسلحتهم على أهبة الاستعداد، وعند خروج مندريس انصعق من المشهد فقد وجد نفسه واقفا أمام الملازم ثاني كمال واليوزباشي إسماعيل سيدّال، وكان ما يزال لم يخط خطوة واحدة خارج السفينة، وإذ به يرى الملازم الثاني طغرل أيضا. وقبل أن تطأ قدمه الأرض كبّل إسماعيل سيدّال يدي مندريس، وأُرسله بمرافقة العسكر إلى غرفة الضيوف.

كنت واقفا أمام مندريس الذي لم يقل كلمة واحدة. ثم جاء المدّعي العام عمر ايجيسيل إلى الغرفة ليقرأ عليه حكم الإعدام قائلا: "انظر يا مندريس إلى أي حال وصلت الآن وها هو الآن يُقرأ على مسامعك حكم إعدامك"، لم يكن عليه أن يقول له هذه الكلمات احتراما لمنصبه كرئيس وزراء سابق على الأقل. ومع ذلك بقي مندريس منتظرا وصول قادة الجزيرة العسكريين، لمدة 45 دقيقة بهدوء وصمت... على الرغم من جميع المحاولات لإذلال مندريس قبل الإعدام من تحضير الملازمين كمال وطغرل لكفنه أمامه مباشرة، وسخرية طارق جورياي القائد العسكري للجزيرة حين قال له: "مع السلامة يا مندريس". هل يُقال "مع السلامة" لشخص ذاهب للموت؟! وأضاف جورياي ساخرا منه: "سامحني، خرجت منّي بالخطأ!". لكن مندريس حافظ على كرامته إلى آخر نفس.

كانت آخر كلمات مندريس هي: "كنت رئيسا للوزراء لمدة عشر سنوات، وسيكتب التاريخ إنجازات ثمان منها، وسنتين منها قضيتها في المجاملات الرسمية. لقد حلمت دائما أن أعلم ابني يوكسيل في مدارس الدولة، ليصبح قلمه يقطر ذهبا، لأجل ألا يكون أولادنا مثلنا ويعيشوا ما عشناه".

(إن ما كُتِب في الجرائد والكتب والمواقع الإلكترونية عن كلمة مندريس الأخيرة من وداع لأهله وعائلته وشعبه ودولته وتمنّي حياة سعيدة لهم هي كلمات غير حقيقية وغير صحيحة).

قبل تنفيذ الحكم كان مندريس نصف ميّت بسبب مرضه، وعند صعوده لمنصة الإعدام كان جسده يرجف من الألم بسبب مرضه الشديد. حاول منفّذ الحكم مساعدته للصعود، لكنّهم أرادوا إذلاله فجرّوه إلى المنصّة جرّا من كتفيه. حتى أن حبة الدراق التي أكلها قبل الإعدام تقيّأها وملأت كفنه عند إعدامه.

كان الجلاد الذي نفذ الحكم في الثلاثينيات من عمره. اقترب من مندريس واضعا حبل المشنقة حول رقبته ثم قال وهو ينظر إلى حذاء مندريس: "إن هذا الحذاء سيكون لي بعد انتهاء الإعدام!". واستمرت عملية الإعدام خمسا وأربعين دقيقة، كانوا أربعة عساكر وضابطين برتبة ملازم ثاني ويوزباشي وجلّاد ومصوّر وأستاذ، وكان يقف في الخلف ثلاثة أو أربعة حرّاس، وقتها سأل الحراس الواقفين عن مكان الدفن فأشاروا إلى أنّه قد تم تحضير 66 قبرا قبل بداية الإعدامات بل وقبل المحاكمات.

حزنت كثيرا للحال الذي آل إليه مندريس، فلم أستطع وضع لقمة واحدة في فمي بعد إعدامه. ولم أستطع أن أنسى ولو للحظة واحدة ما رأيته بعيني فأصبحت أحداث ذلك اليوم وتلك المحاكمات والإعدامات تلاحقني في أحلامي وكوابيسي.

كان وزيرا "مندريس" حسن بولاطكان وزورلو قد سبقاه لحبل المشنقة. ففي الساعة الثانية فجرا وصل القرار بإعدام بولاطكان وزورلو فقط، وفي الساعة الثالثة فجرا أُخرِجَ حسن بولاطكان من غرفته. وكان عند منصة الإعدام الضابطان كمال وطغرل برتبة ملازم ثاني ومعهم اليوزباشي إسماعيل سيدّال، وكنّا نحن كضبّاط أمن من الدرجة الثانية نقف خلفهم. كان المكان ممتلئا بالعسكر بأزيائهم العسكرية. وتم تجهيز ثلاث منصات للإعدام، عند تنفيذ الحكم على بولاطكان تلا الضابط عليه جرائمه فقال: "وُجِد حسن بولاطكان متّهما بمخالفة القانون وبموجبه يتم تنفيذ قرار الإعدام"، ووضعوا حبل المشنقة حول رقبته، وسُئل عما إذا كانت لديه كلمات أخيرة ليقولها، فتحدّث وكان حديثه يوحي بأنه ما زال متمسِّكا بمبادئه السابقة ضد هؤلاء العسكر، وبينما كان يواصل حديثه قاطعوه وتم تنفيذ الإعدام . هذا المشهد من أبشع المشاهد التي رأيتها في حياتي. لم نكن ننظر لعملية الإعدام من أجل المتعة لكنّنا كنّا مجبرين على إبقاء رؤوسنا ثابتة، فإمالة النظرعن الإعدام كانت تُعَد جريمة، كنّا ننتظر انتهاء الإعدام وأيادينا ترتجف خوفا، فلم يكن الموجود على المنصة أحد البهائم لُيعدم بهذا الشكل، لقد أُعدِم بشكل غير إنساني أبدا."

يواصل إركان شهادته : "في تلك الليلة أخرج الحرّاس زورلو من غرفته ليتم أخذه إلى منصة الإعدام، فقد كانت غرف المحكومين قريبة جدا من منصة الإعدام، لكنهم لم يستطيعوا رؤية بعضهم البعض، فبين غرفة الإعدام وغرف المحكومين ممر وحائط فقط".

بالنسبة لزورلو فقد طلب الإذن ليتوضأ قبل الإعدام ويصلّي ركعتين على المنصّة. وصعدها بنفسه، حتّى أنه قال للجلاد إنه سيعلّق نفسه بنفسه ليكفّرعن أي ذنب قد يكون ارتكبه في الماضي. ولم يتكلّم بكلمة واحدة.  لقد أمسك لسانه داخل فمه. أشفقت علي حاله ولم أحتمل ذلك المشهد وبدأت بالبكاء". للصحافي شعبان عبد الرحمن "ترك برس"، بتصرف يسير جدا

16

المراجع

 

1- الموسوعة العربية الميسرة. لنخبة باحثين مصريين ص: 3226- 3227، بإشراف د. حسين محمد نصار، ط 3 المُحدَّثة، ط 1، صيدا - بيروت، لبنان، 1431هـ - 2010م.

2- مقالة "الذكرى 58 للانقلاب على مندريس .. الرجل الذي أعاد لتركيا هويتها" لـ "آي نور أكيز- وكالة الأناضول" في 27/5/2018م، الشابكة.

3- مقالة "عدنان مندريس: الرئيس التركي الشهيد" في موقع "شبكة أهل السنة والجماعة دليل كل مسلم".

4- مقالة "مندريس رئيس وزراء أعدمه أول انقلاب بتركيا" على موقع "الجزيرة نت"، شخصيات.

5- موسوعة "المعرفة" على الشابكة.

6- مقالة "شهيد الأذان .. الرجل الذي أعاد لتركيا إسلامها". لمحمد عبد العظيم، في "منتدى العلماء" على الشابكة.

7- مقالة "عدنان مندرس .. أول رئيس وزراء تركي منتخب أعدمه العسكر بعد انقلاب 1960م" قناة تي آر تي عربي التركية، على الشابكة.

8- مقالة: "هل تعلم من هو الرئيس الذي أعدم بتهمة أداء فريضة الحج"؟! لطارق داودي، موقع "ثقافة كافيه" على الشابكة.

9- موقع "مجلة المجتمع الكويتية"، مقالة بعنوان: "بضوء أخضر من قوى الهيمنة العالمية، أقامت تركيا أول انتخابات حرة بعد الحرب العالمية الثانية ..."، آراء ومقالات، على الشابكة.

17

10- مقالة "شهيد الأذان مندريس، أعدمه جنرالات عسكر تركيا والسبب الصهاينة" موقع "الإخوان المسلمون" على الشابكة.

11- مقالة: "يوم إعدام عدنان مندريس ... أسرار ما جرى قبل 54 عاما! للصحافي شعبان عبد الرحمن، موقع "ترك برس" في: 28/10/2015م.

12- مقالة "5 انقلابات في 6 عقود .. كيف واجه الشعب التركي الانقلابات العسكرية". قناة تي آر تي العربية على الشابكة في يوم: 26/7/2021م.

13- ذئب الأناضول. لمصطفى الزين، ط1، رياض الريِّس للكتب والنشر، لندن - قبرص، حزيران/ يونيو 1991م.

14- علماء ومفكرون عرفتهم. للأستاذ محمد المجذوب رحمه الله، 3/137، ط 4، دار الشواف - الرياض، 1992م.

18

ssafadagrt9844.jpg

وزير الخارجية فطين زورلو

(1910- 1961م)

الذي أعدم مع مندرس رحمهما الله

ssafadagrt9845.jpg

وزير المالية حسن بولاتكان

(1915- 1961م)

الذي أعدم مع مندرس رحمهما الله

19

 

 

ssafadagrt9846.jpg

ssafadagrt9847.jpg

مشهد إعدام مندرس رحمه الله

وسوم: العدد 984