الشيخ العلامة المحدث صبحي السامرائي

fghgdxfg996.jpg

(1356- 1434هـ /1936-2013م)

   قد فجع العالم الإسلامي بموت عالم محدث مسند محقق جليل (في 15شعبان 1434هـ)، - وقد سبقه من قريب الشيخ زهير الشاويش، فكلاهما اتخذ بيروت موطناً بعد أن فتن في دينه -، ذلكم هو:

الشيخ المحدث الحسيب النسيب أبوعبد الرحمن السيد صبحي بن السيد جاسم بن حميد بن صالح بن مصطفى بن حسن بن عثمان ينتهي نسبه إلى علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو شريف النسب هاشمي الأب والأم أيضاً.

مولده، ونشاته العلمية:

ولد الشيخ صبحي السامرائي الحسيني ببغداد قرب محلة العمار جانب الرصافة عام 1936م.

وكانت بدايته في طلب العلم في الكتاتيب على عادة الناس في إرسال أبنائهم إلى الكتاتيب لحفظ القرآن ومبادئ العلوم الشرعية، وكان يرتاد المساجد يتلقى فيها العلم عن المشايخ، وكانوا متوافرين حينذاك، ثم إنه بالتالي صار ممن يدرس في المساجد ويلتقي فيها الطلاب.

أبرز مشايخه:

   تلقى العلم على عدد من المشايخ منهم شيخان من الشيخلية الأول:

كاظم الشيخلي الحنفي، وقرأ عليه في المذهب الحنفي ولازمه.

ثم إنه التقى المحدث الشيخ عبد الكريم الشيخلي الملقب بأبي الصاعقة (1285-1379هـ)، وتأثر به ولازمه إلى وفاته.

واستفاد من الشيخ المحدث عبيد الله بن عبد السلام المبار كفوري (ت1414هـ).

والشيخ المحدث حبيب الله الأعظمي (ت 1412هـ).

والعالم الشاذلي النيفر التونسي (ت1418هـ).. وغيرهم وتبلور منهجه فصار من المنا فحين والمدافعين عن السنة تحقيقاً وتدريساً.

الوظائف التي شغلها:

شغل عددا من الوظائف تدل على علو همته في نشر السنة وعلوم الشريعة وكذلك الإمامة والخطابة وغير ذلك، نأخذ منها ما يأتي:

  • درس الحديث في جامع الآصفية حيث تولى التدريس بعد وفاة شيخه أبو الصاعقة، فدرس البخاري وعمدة الأحكام وكتاب التوحيد وعلوم الحديث للحاكم وأتم عليه طلبة شيخه.
  • درس الحديث في المسجد الحرام بمكة المكرمة درس البخاري والترمذي.
  • حاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود في مخطوطات الفقه وأصوله على مذهب الحنابلة.

درس في جامع 12 ربيع الأول بالرصافة الكتب الستة والموطأ ومختصر خليل ومتن الغاية والتقريب للنووي ومختصر الخرقي وزاد المستقنع وشرح منتهى الإرادات والمحلى لابن حزم وشرح الواسطية والطحاوية وكتب المصطلح مثل نزهة النظر ومختصر ابن كثير وتدريب الراوي والنكت على ابن الصلاح، مما يدل على إحاطته بالمذاهب الأربعة علما وتعليما وقل من يضبط ذلك، عدا عن علم الحديث رواية ودراية.

  • إمام وخطيب في عدد من المساجد في بغداد وقطر والسعودية.
  • تدريس الحديث وعلومه في عدد من الجامعات في بغداد والسعودية والهند وباكستان.
  • إسماع الحديث مع السند والإجازة في الكويت ولبنان والبحرين .

أبرز مؤلفاته:

له مؤلفات كثيرة وتحقيقات في علوم السنة تصل إلى حوالي 45 مؤلفاً من أصول الإسلام منها المطبوع والمخطوط نذكر بعضها مثل:

1-الخلاصة في أصول الحديث للطيبي.

2-علل الترمذي الكبير بالاشتراك.

3-شرح علل الترمذي لابن رجب.

4- مجموعة رسائل في الحديث: تسمية فقهاء الأمصار من الصحابة والطبقات للنسائي.

5- مختصر نصيحة أهل الحديث.

6- والرحلة في طلب الحديث للخطيب.

7- المدرج للسيوطي.

8- تاريخ الثقاة لابن شاهين.

9- الكامل في الضعفاء لابن عدي.

10- تهذيب الأجوبة لابن حامد.

11- سؤالات المروذي والميموني وصالح للإمام أحمد.

12- ذيل على ميزان لأبي الفضل العراقي.

13- سؤالات إسحق الكوسج لأحمد.

14-اختلاف الفقهاء لأبي نصر المروزي.

15- كتاب الأشربة للإمام أحمد.. وغير ذلك مما يدل على غزا رة علمه وتضلعه في علم الحديث والفقه أيضاً.

أخلاقه، وسجاياه:

أبرز ما شهدته في الشيخ صبحي أنه متواضع متبسط في كلامه وهيئته، وصفه من لازمه بأنه كريم جواد لا يبخل بعلمه ولا بمكتبته على طلاب العلم بما فيها من نفائس المخطوطات والمصورات حتى أن بيته وصف بأنه مكتبة عامة لطلبة العلم.

لقاء الشيخ صبحي:

كان اول لقاء مع الشيخ في لبنان في صفر 1431هـ (28/1/2010م) مع الأخ الشيخ فيصل يوسف العلي في منزل الشيخ أمين الكردي نائب المفتي الذي أحسن في إكرامنا، والتقينا هناك الأخ الشيخ محمد زياد التكلة - وكان لقاء جميلا محفور في وجداننا وذاكرتنا - حيث قرأنا عليه كتاب التوحيد وعمدة الأحكام ومعرفة علوم الحديث وغير ذلك، كما إننا اجتمعنا به مرة أخري في منزل شيخنا زهير الشاويش وقرأنا عليهما أكثر من عشرين رسالة.

ومما سمعته منه، وسجلته بقلمي:

  • أنه أقرأ الكتب السبعة في لبنان ومن أبرز من قرأ عليه الشيخ أمين الكردي نائب المفتي والأخ المهذب عارف الحسن الذي كان يرافق الشيخ دائما.
  • قرأت على الشيخ محمد الحافظ التيجاني بمصر موطأ مالك وجمل من الكتب الستة.
  • قرأت أيضا على الشيخ محمد الحافظ التجاني القاهري الفقه المالكي يمكن دليل السالك أو أقرب المسالك للدردير، وكان الشيخ التيجاني يقول لي: أنا لست طرائقياً كما يظنون اتخذت هذا الاسم لأصرف المباحث عني!
  • قرأت على الشاذلي النيفر التونسي الموطأ والبخاري.
  • قرأت الفقه كله لكن السنة همي.
  • ذهبت إلى مصر وتونس والمغرب وباكستان قرأت وأقرأت.
  • توفي الشيخ الصاعقة عام 1959م وقد تخطى المائة ولم ينس حرفا واحدا.
  • قرأت على شيخي الصاعقة في المذهب الحنبلي الخرقي والمقنع قراءة مضبوطة مطولة مع الشرح، والمنتقى وفيه حوالي 5000 حديثا أمضيت عاما ونصف أقرأها على الشيخ الصاعقة، وقد نشر مجلة أسماها الصاعقة لقب فيما بعد باسمها وقرأت عليه كتب التوحيد كان موحدا ويبجل الإمام احمد التوحيد.
  • قرأت الفقه الشافعي مغني المحتاج والعربية على الشيخ شاكر البدري.
  • قرأت الفقه الحنفي على الشيح كاظم الشيخلي والشيخ محمد فؤاد الألوسي قرأت عليه الهداية للميرغيناني.
  • قرأت المذاهب الأربعة والمذهب الظاهري قرأت فيه رسالة صغيرة.
  • قرأت كتاب التوحيد لما سكنت السعودية على أحد أحفاد الشيخ محمد بن عبد الوهاب يمكن اسمه حسن.
  • جئت إلى لبنان منذ أربع سنين وأول من جاءني للقراءة أمين الكردي، وقال الشيخ صبحي بأن الشيخ عبد القيوم أخبره أنه من حوالي ستين سنة لم يقرا علي احد - يشير إلى قلة المعتنين بالحديث رواية ودراية.

مختارات من تعليقاته أثناء القراءة عليه من (كتاب التوحيد):

أتناء القراءة على الشيخ من كتاب التوحيد للإمام ابن عبد الوهاب سجلت بقلمي بعضا من تعليقاته:

الباب الأول، المسألة السادسة: "أن دين الأنبياء واحد"، قال الشيخ صبحي: للشوكاني رسالة أن دين الأنبياء واحد.

الباب الثالث، من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب: فنظرت فإذا سواد عظيم فقيل لي هذه أمتك ومعهم سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب"، قال الشيخ صبحي: السبعون للكثرة والعرب تقوله للكثرة أي هم اكثر من ذلك!

الباب الخامس: الدعاء إلى شهادة ألا إله إلا الله: فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة ألا إله إلا الله.. "قال الشيخ صبحي": فيه التدرج في التشريع.

الباب الثامن: ما جاء في الرقى والتمائم، وفيه:... من تعلق شيئا وكل إليه، قال الشيخ صبحي: التعلق أعمق من قول علق، تعلق تعني اعتقاده بها.

الباب الثالث عشر: من الشرك الاستعاذة بغير الله، وفيه:...أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق..، قال الشيخ صبحي: كلمات الله ليست مخلوقة وفيه رد على من قال أن الشجرة هي التي تكلمت في قوله تعالى: إنك في الوادي المقدس طوى الآية.

ومن تعليقاته على كتاب (عمدة الأحكام، للحافظ عبد الغني المقدسي ):

  • كتاب الطهارة: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إنما الأعمال بالنية...الحديث رواه البخاري ومسلم، قال شيخنا صبحي: كتاب الطهارة أي النظافة والمقصود الطهارة الشرعية، وحديث: إنما الأعمال بالنيات، يدخل في سبعين بابا من أبواب العلم.
  • باب الاستطابة: عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقبرين: فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، وفيه: فأخذ جريدة رطبة فشقها نصفين، وقال: لعله يخفف عنهما مالم ييبسا رواه البخاري ومسلم، قال شيخنا صبحي: خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وبعضهم قال عامة والنبي - صلى الله عليه وسلم - علم هذا، وما علم أنه فعل ذلك في غيرهما.
  • كتاب الصلاة: باب المواقيت، عن أبي عمرو الشيباني حدثني صاحب هذه الدار وأشار بيده إلى دار عبد الله بن مسعود رضي الله عنه سالت النبي - صلى الله علبه وسلم - أي الأعمال أحب إلى الله "قال: الصلاة لوقتها.. الحديث رواه مسلم والبخاري، قال شيخنا صبحي: وفي لفظ: الصلاة لأول وقتها، وأعل هذا الحديث، ووجد له طرق أخرى فصار حسناً.
  • كتاب الصلاة: باب المواقيت، من حديث ابن مسعود رصي الله عنه: حبس المشركون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاة العصر... وفيه: شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر.. الحديث رواه مسلم، قال شيخنا صبحي: وفي قول ان الوسطى هي المثلى ونزلت في وقت العصر فسميت بها.
  • باب المرور بين يدي المصلي، حديث ابي جهم الأنصاري رضي اللخ عنه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لو يعلم المار بين المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين.. الحديث، قال شيخنا صبحي: مذهب ابن عباس أن المار بين يدي المصلي لا يقطع الصلاة.

اللقاء الثاني بالشيخ صبحي في الكويت:

زار الكويت بدعوة رسمية بإشراف الشيخ فيصل العلي بتاريخ 30 جمادى الأولى 1431هـ ولمدة أسبوع حيث قرئ عليه البخاري في مسجد الدولة الكبير وأجازنا رحمه الله.

اللقاء الثالث بالشيخ صبحي في الكويت:

وزار الكويت أيضاً بدعوة رسمية بإشراف الشيخ فيصل العلي في شوال وذي القعدة 1431هـ حيث قرئ عليه صحيح مسلم والموطأ مع الإجازة.

زياراته للكويت: كانت معتادة:

أخبرني شيخنا صبحي بأنه كان يزور الكويت مراراً، وقال كنت أحب زيارتها، وكانت الزيارة سهلة حينذاك، والتقيت أناسا كثيرين، وقال له الأخ الشيخ فيصل العلي: كانت أول الدعوات الرسمية لمشروع سماع الكتب السبعة أول ما وجهت إليك قبل الأخرين ! لكن ما قدر أن تتيسر إلا الآن.

وفاته:

توفي الشيخ صبحي السامرائي الحسني في صباح يوم الثلاثاء في   16شعبان /1434هـ/ الموافق 25/6/2013م.

رحم الله الشيخ المحدث الفقيه المحقق السيد صبحي السامرائي الحسني، وأسكنه فسيح جناته، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

أصداء الرحيل:

هيئة علماء المسلمين بالعراق تنعي الشيخ المحدث صبحي السامرائي

نعت الأمانة العامة الشيخ المحدث (صبحي جاسم البدري السامرائي) الذي توفي يوم أمس في العاصمة اللبنانية بيروت عن عمر ناهز77 عامًا، وفيما يلي نص النعي:

تنعى هيئة علماء المسلمين في العراق الشيخ المحدث (صبحي جاسم البدري السامرائي) الذي توفي يوم أمس في العاصمة اللبنانية بيروت عن عمر ناهز 77 عامًا.

وللفقيد جهود كبيرة في نشر العلم وتعليمه؛ حيث ساهم في تحقيق ونشر الكثير من المخطوطات لكتب علوم الحديث النبوي الشريف، وتتلمذ على يده جمع غفير من طلاب العلم في العراق وغيره من البلدان العربية والإسلامية.

وتسأل الهيئة الله - عز وجل - أن يرحم الفقيد ويغفر له ويجزيه خير الجزاء على ما قدم لدينه وأمته، وأن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه ومحبيه الصبر الجميل.

﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾

الأمانة العامة

17شعبان /1434هـ

26/6/2013م

وفاة السيد صبحي بن جاسم البدري السامرائي الحسيني

  • توفي صباح اليوم الثلاثاء 16 شعبان 1434هـ.
  • في بيروت بعد معاناة طويلة من المرض.

وعُرف الفقيد بجهوده الكبيرة في تدريس الحديث ونشر تراثه والعناية بمخطوطاته وبذلها في بلده وخارجها، وإقراء أمات كتب الحديث في عدة دول، وتلمذ عليه جم غفير.

امتحن آخر حياته إثر تسلط الرافضة في بلده، وخرج من بلده، واستقر في بيروت، حيث وافته المنية، وهو في الثمانين من عمره، صلي عليه قبل قليل صلاة الظهر في جامع الخاشقجي، ودُفن في المدافن الجديدة قريبا من قبر رفيقه الشيخ زهير الشاويش رحمهما الله.

غفر الله له، وتقبله بأحسن قبول، وأحسن عزاء أسرته وتلامذته ومحبيه.

وستكتب عنه شبكة الألوكة كتابة وافية بإذن الله.

﴿ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 156].

مواقف مع المحدث صبحي السامرائي:

كتب الشيخ عماد الجنابي يقول:

هذه بعض المواقف التي أذكرها، وحصلت مع شيخنا وأبينا الشيخ المحدث صبحي السامرائي رحمه الله تعالى رحمة واسعة، واسكنه فسيح جناته.. آمين.

وتبدأ القصة في تسعينيات القرن الماضي حينما حضرت أول درس على شيخنا صبحي في جامع بيت (بُنيّة) في منطقة العلاوي ببغداد بعد صلاة العصر، فدخلت إلى غرفة الدرس فهابني المنظر لوجود العشرات من الطلبة فيها حتى أن الغرفة أكتظت بهم فجلسوا عند الباب ومنهم من كان يجلس خارج الباب، وكان الطلبة يتكلمون ويتدارسون ما أخذوا في الدرس السابق، حتى جاء رجلٌ يرتدي جبة وعلى رأسه طربوش أحمر تعلوه هيبة ووقار أبيض الوجه مشربٌ بحمرة، فعلت الأصوات: وصل الشيخ، وصل الشيخ، ففسح له الطريق ودخل الى الغرفة وجلس بعد أن سلَّم على طلابه، ثم بدأ المجلس بالقراءة عليه وكان وقتها يقرأ عليه علوم الحديث للحاكم وسنن الدارقطني، وكان القارئ الشيخ منذر الأزجي وكان يجلس بقرب الشيخ، فكان الشيخ منذر يقرأ والشيخ يعلق على بعض فوائد الحديث أو على بعض رجالات الإسناد خاصة إذا كان الراوي ضعيفًا، وكان يتناوب على القراءة مع الشيخ منذر أخي وحبيبي الشيخ محمد غازي القرشي، فقلت في نفسي ((متى أكون مثل هؤلاء أقرأ على الشيخ؟؟))

فما هي إلا سنة واحدة بعد ملازمتي لدروس الشيخ - رحمه الله - بدأت أتقرب إليه وأجلس بقربه ثم إن أمرًا خدمني وهو أن الشيخ - رحمه الله - كان لا يكل ولا يمل عن إعطاء الدروس فكان يقول (هيؤا لي سيارة وانا اذهب معكم الى الدرس في أي مكان)) فكان أحد الإخوة لديه سيارة وكنا قد أتفقنا معه على أن نذهب إلى بيت الشيخ في منطقة (زيونة) لنأتِ به إلى الدرس فكانت هذه الفرصة الذهبية لي، فكنت أذهب مع هذا الأخ في سيارته وكانت المسافة بين الجامع وبين منزل الشيخ بعيدة نوعًا ما، وكان من حرص الشيخ وطلابه أن الشيخ محمد غازي كان يرافقنا في السيارة فكان يقرأ على الشيخ بعض الأجزاء الحديثية والرسائل وكان الشيخ يعلق له على ما يقرأ فبدأت أقترب من الشيخ حتى يسر الله لي أن أقرأ عليه في جامع برهان الدين الملا حمادي بعد أن أتفقت مع أخي الشيخ محمد غازي، وكان الدرس قراءة بلوغ المرام، فقال الشيخ من يقرأ؟ قلت: أنا، قال ((توكل على الله، ثم قال: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله حدثنا بكتاب بلوغ المرام شيخنا عبد الكريم السيد عباس الشيخلي - رحمه الله - في جامع المهدية، ثم قال: أقرأ أبوية)...

ومن يومها وأنا أتقرب الى شيخي وقرة عيني - رحمه الله - وأقرأ عليه متناوبًا مع أخي الشيخ محمد غازي، أما في جامع (بيت بنية)، فكانت القراءة للشيخ منذر والشيخ محمد غازي.

وكان الشيخ يتفقد تلاميذه كأنهم أولاده ويسأل عن الغائب عنهم، وكان في نهاية كل مجلس يكتب لنا الإجازة في نهاية الكتاب ويثبت لنا السماع والقراءة ثم يأتي لنا بالأسانيد في الدرس القادم مع الشيخ محمد غازي.

ومن المواقف التي حصلت بحضوري: إنه في التسعينيات كثر اللغط على شيخنا الألباني - رحمه الله - في مسألة تناقضاته في التصحيح والتضعيف والكلام على صحيحي البخاري ومسلم، فكان أحد الطلبة غير المعروفين جالسًا في الحلقة وبعد انتهاء الدرس قال هذا الأخ: يا شيخ ما تقولون في ما يصنع الشيخ الالباني؟؟ فغضب الشيخ غضبًا أحمر له وجهه وقال له: أولا: إذا أردت أن تتكلم فلا تسمي بالأسماء هكذا، وثانيًا: هو عالمٌ بالحديث لا غبار عليه ولا أقبل أن يتكلم أحد على أهل الحديث في مجلسي أبدًا.

ومن المواقف: أن الشيخ حضر يومًا الى الدرس وكان متعبًا فجلس على الكرسي وخلع طربوشه وأشرق وجهه، فكان أحد الإخوة طلب أن يقرأ عليه في مختصر علوم الحديث للحافظ ابن كثير، فإذن له، فكان الاخ يقرأ وأنا انظر الى الشيخ وقد أغمض عينيه، فأقول في نفسي هل أخذته سنة واغفائه؟ فإذا بالأخ يخطأ في القراءة فيصحح له الشيخ ما أخطأ فيه، فقلت سبحان الله! والله إنه لأنبه مني في المتابعة، فكان - رحمه الله - مغمض العينين واعي القلب.

ومن المواقف: أنه كان إذا مر ذكر الروافض أو سورية كان يقول هؤلاء(بوَّم) جمع بوم هؤلاء نصيرية كفار ليسوا من الاسلام في شيء، وكان يرعد ويزجر في الكلام عليهم.

ومن المواقف: أنني بعد ملازمته لأربع سنوات التفتَ إليَّ يومًا وقال لي: هل أعطيتك الإجازة العامة؟

فقلت له: لا يا شيخي، وكنا نهاب أن نطلب منه الإجازة العامة، ليس كما يحدث اليوم أن الإجازات تتناثر هنا وهناك والله المستعان حتى لم يبق لها قيمة.

فقال لي بهدوء: الأسبوع القادم "أجيبلك" الإجازة.

فما فرحت بشيء فرحي بهذه البشارة، ولم أستطع الانتظار فكانت الأيام كالسنين تمر، أريد أن يُقبل الأسبوع لأنال الإجازة العامة من شيخي، وكان قبلها قد أعطاها للشيخ عريبي أبي محمد فقلت للشيخ عريبي: هنيئًا لك الإجازة فقال: يوم إلك، قلت له: سمع الله دعائك واجاب دعوتك فإذا بالدعوة تتحقق، ولله الحمد والمنة.

ومن المواقف: أن أخًا جزائريًا كان يدرس الماجستير في العراق فكان يحضر درس شيخنا صبحي ويقرأ عليه، وقرأ عليه يومًا مختصر خليل في الفقه المالكي، فكان في المقدمة كلامنا عن كشوفات وأمور صوفية وغير ذلك، فقال له الشيخ: نجاوز هذه الصفحات والترهات، وهذا من شدة وسلامة عقيدته.

ومن المواقف: قبل سقوط النظام في العراق، قصفت الطائرات الامريكية منزلنا فقتلت والدتي بالقصف وأنا حصلت لي إصابة بالغة في ظهري وساقي وركبتي من شظايا القصف العنقودي، وكنت قد انقطعت عن الدرس، وسأل عني الشيخ فأخبروه بالأمر.

فعقد الشيخ درسًا في جامع الكوثر في منطقة البياع الذي كان فيه الشيخ محمد جدوع إماماً راتبًا، وكنت أنا وأخي الشيخ وليد الخالدي، بدلاء له إذا ذهب إلى مكان معين أو سافر، فسمعت بحضور الشيخ إلى الجامع وأنه يقرأ في مختصر تفسير ابن كثير، فأمرت أخي أن يحملني إلى المسجد لأسلم على شيخي، فلما حضرت إلى المجلس وكنت أتكأ على عصا، قام وقبلني وحمد الله على سلامتي، ثم عزّاني في أمي، ونظرت في عينيه التي رقرقت بالدمع؛ وهو يقول لي: أصبر، ولو أن الأم ما تتعوض بفقدها.

ومن المواقف: أن الشيخ - رحمه الله - كان على أغلب ظني يأمر أخونا الشيخ محمد غازي أن ينظر هل في الطلبة من هو محتاج ماديًا فيقوم بمساعدته من غير أن يعلم أن الشيخ هو الذي يساعده.

ومن المواقف: إنني كنت اتصل عليه بعد أن سافر إلى لبنان واتفقده فكان يسألني عن طلابه واحدًا واحدًا، وكان أكثر ما يسئل عن الشيخ محمد غازي لأنه قد انقطعت أخباره، وفي يوم اتصلت به، وأخبرته أن محمد غازي بخير، وقد علمنا أخباره، ففرح فرحًا كبيرًا وقال الحمد لله، "خلي" يتصل عليّ قلت له يا شيخ أخي محمد لا يستطيع الاتصال، فقال إذن أبلغه سلامي كل ما أتصل بك.

ومن المواقف: أن شيخنا بهجت الآلوسي ذكر لي موقفًا مع شيخنا صبحي وأنه وجد في نفسه شيئًا، فلطفت الجو بعبارات محبة بينه وبين الشيخ ثم اتصلت بالشيخ وقال إن الشيخ بهجة أخي فطلبت منه أن يرسل له إجازة، فأرسل لي إجازة لاخيه الشيخ بهجة الآلوسي حملتها إليه مسافرًا الى داره في مدينة "هيت"، فقال الشيخ بهجة: والله إني أحب صبحي كثيرًا بس تدري هذا الشيطان ملعون، ثم ضحك.

ومن المواقف: إنني أرسلت إلى الشيخ قبيل رمضان عام 1430 هـ (خصافة تمر خستاوي)، و(باميا عراقية) مع أحد الإخوة من أهالي الفلوجة كان يذهب إلى لبنان بشاحنته، فأكرم الشيخ الأخ وطلب منه أن يأتي إليه ثانية، فلما حضر إلى الشيخ أعطته زوجته الأم الغالية (أم عبد الرحمن) قميصًا وساعة، وأمرته بإبلاغ السلام لنا.

فلما اتصلت على الشيخ لأطمئن أن الأغراض وصلت، ردت علي الأم الغالية (أم عبد الرحمن) فقالت من؟

قلت عماد الجنابي من الفلوجة.

قالت: أهلاً أمي "شلونك" إن شاء الله بخير؟

قلت لها الحمد لله بخير، هل وصلت الاغراض؟

قالت بالهجة البغدادية: أي وصلت جزاك الله خير ووزعنا من التمر إلي أرسلته إلى كل العمارة، وأنوب اسميك عماد خستاوي؛ الله يوفقك أمي، هذا عمك وياك.

فسلمت على الشيخ واطمأننت عليه ثم ودعته.

ومن المواقف: أنني اتصلت يومًا على الشيخ، فردت الأم الغالية (أم عبد الرحمن)، وكان الشيخ مريضًا، فسلمت عليها وقالت لي: أمي أحجي وية عمك خلي يكعد شوية يرتاح.

فسلمت على الشيخ وقال لي: سمعت خالتك شتكول، تكولي أكعد أرتاح.

أبوية هو مو بكيفي اذا مو هو يكعدني ( يعني رب العالمين) ما اكعد بكيفي.

وهو ما عهدناه من شيخنا فانه كان لا يكل ولا يمل في إعطاء الدروس في أي وقت وفي أي زمان.

ومن المواقف: أني أرسلت له كتابًا ليقرضه فما تأخر وكتب لي مقدمة عليه بل وقد أجاز زوجتي وأولادي بثبته نعمة المنان غجازة خاصة وبعموم مروياته.

وذكر لي أحد الأخوة (الشيخ عمر رحال) أن الشيخ يوم حضر الى المدينة ليقرؤا عليه مسند الإمام أحمد، سأله بعض المشايخ عن طلابه في العراق، وسألوه عن بعض الأسماء، فقالوا له: هل تعرف عماد الجنابي؟ فقال هذا أبني ومن أحسن طلابي.

وكذلك أخبرني الشيخ أحمد العنقري والشيخ قاسم ضاهر أن الشيخ كان دائم الثناء على العبد الفقير.

وكذلك من المواقف: أنني يوم قدمت إلى مدينة الفلوجة بعد أن تركت بغداد يوم أن حرق الروافض مسجدي، طلب مني أحد الإخوة بعد أن علم أنني من طلاب شيخنا صبحي أن أعطيهم دروسًا وأجيزهم.

فقلت له: كيف هذا وشيخي لا يزال حيا؟!!

هذا ليس من الأدب.

فألح الأخ وجاء معه مجموعة من الإخوة، فقلت طيب أمهلوني.

فاتصلت على الشيخ وأخبرته بالأمر، فأذن لي بالتدريس وأن أجيز عنه، وقال لي: أبوية يجوز أحنة بعد ما نكدر نرجع أنتوا إن شاء الله تكفون عني، ولا تخلون هذا العلم يضيع.

فقمت بالتعاون مع ديوان الوقف السني بفتح دورات في السنة النبوية (المصطلح ورواية كتب السنة) وتخرجت أول دورة علمية في عام 2009 فقمت بتصويرها وإرسال القرص إلى شيخي وقلت له إن هذه الحسنة هي من حسناتك، ففرح الشيخ بهذه الدورات فرحًا شديدًا وأثنى عليها، ولا أزال منذ ذلك الوقت إلى لحظة كتابة هذه السطور على هذه الدورات وسوف تتخرج عندنا دورة بعد أيام قلائل في (علم الفرائض ومصطلح الحديث واحكام التلاوة وقراءة عاصم براوييه شعبة وحفص) فنسقت مع مديرية أوقاف الفلوجة أن تسمى هذه الدورة بدورة (الشيخ المحدث صبحي السامرائي رحمه الله) هو من باب الوفاء لشيخنا - رحمه الله تعالى - وسأرفع صور هذه الدورة - إن شاء الله - على حسابي في الفيس بوك.

هذا ما أتذكره الآن وما لم أتذكر فهو كثير.

ولعل أخي الشيخ محمد غازي والشيخ بسام الأزجي لهما من المواقف ما يذكرانه لنا وللإخوة بارك الله فيهما.

رحم الله شيخنا رحمة واسعة، وأدخله فسيح جناته ورفع درجته في المهديين، وحشره مع زمرة النبيين إنه سميع مجيب الدعاء

يوم الاثنين 18 شعبان 1434 من الهجرة

محدث العراق، ومسندها العلامة صبحي السامرائي

(1355هـ - 1434هـ)

وكتب محمود بن محمد حمدان يقول:

وفي وفاةِ العُلماء، وذهاب الأئمة الفضلاء، قال إمامُ الأنبياء- صلى الله عليه وسلم-:

«إِنَّ اللَهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ الْعِبَادِ؛ وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا -يبقَ عالمٌ- اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤوسًا جُهَّالًا؛ فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا» رواهُ البُخاريُّ، ومُسلمٌ.

   فأيُّ مُصيبة تَرزَأُ بها الأُمم، وأيُّ ثُلمة أعظمُ مِن موت العُلماء ذوي الهمم؟!

وصدقَ وبرَّ الإمام الحَسن البَصري -رحمه الله-: (موتُ العَالِـم ثُلمةٌ في الإسلام لا يَسُدُّها شيء ما اختلف الليل والنهار!).

فعلُوّ كعبهم في البلاد والأقطار، وسامقُ فضلهم في الأَمصار؛ كالشَّمسِ في رائعة النَّهار؛ يكفيهم مِن ذلكَ قَول ربَّهم -جلَّ جلاله-: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾ [المجادلة: 11]. قال ابنُ عبَّاس -رضي الله عنهما-: العُلماءُ فوق المُؤمنين مائة درجة، ما بين الدَّرجتينِ مائة عام!

بل إنَّ اللَّـهَ -تقدَّست أسماؤه- بدأَ بنفسه –العَلِيَّة-، وثنّى بملائكته –العُلويَّة-، وثلَّثَ بنُجوم السَّماءِ المُضية (أهلِ العلم)، فقال -سبحانه-: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾ [آل عمران: 18] وهم كالشمسِ للحياة، والعافيةِ للبدن، بل الأقمار بين النُّجوم،!، قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: «.. وإنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَواتِ، وَمَن فِي الأَرْضِ، والحِيتَانُ في جَوْفِ المَاءِ، وإنَّ فَضْلَ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ لَيْلةَ البَدْرِ عَلَى سَائِرِ الكَواكِبِ، وإنَّ العُلَماءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا، إِنَّما وَرّثُوا العِلْمَ، فَمَن أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» رواهُ التّرمذي. فهل بعد ذا الفضلِ من فضل؟!

ونحسبُ شيخنا ومُجيزنا أبا عبد الرحمن صبحي السامرائي –رحمهُ الله- مِن أُولئك، فهو مِن أوائل المُحقِّقين النَّاشرين لتُراث سلفنا الصَّالحين؛ قضى في صِنعة التَّحقيق ما نَاف على نصف قرن! أخرجَ لنا بها دُرر الأسلاف، ومُصنَّفات الأئمة وكُتبتهم التي لم ترَ النُّور إلا على يديْه!

ومَن خَبَرَ مكتبته علمَ أنَّها كانت مَوْئِلًا للباحثين وطلبةِ العلم، ومُخطوطاته الخاصَّة كانت مُباحةً مُتاحة -حِسْبَةً لله تعالى-؛ بل إنَّ خيرَه وصل السِّند والهند!، قال الشَّيخ الدُّكتور عبد العليّ بن عبد الحميد حامد -مُحقق شعب الإيمان- مُزجيًّا الشُّكر والامتنان - قبلَ ثلاثةِ عُقود -: (.. وكذلك أشكرُ الأُستاذَ الفاضل صُبحي السَّامرائي - حفظه الله - الذي تكرَّم بإهداء صُور «الجامع المصنف لشعب الإيمان» من مكتبته الخاصَّة، كما زوَّدنا بكتُب أُخرى هامَّة؛ استفدنا منها في إخراجِ هذا الكتاب) ا. هـ (مُقدِّمة الشُّعب).

دع عنكَ تدريسه -رحمهُ الله- وإفتاءه، وتعليمه للتوحيد، ونشره السُّنَّة في (بغداد) السَّلام، وإسماعَه لحديث النَّبي -صلى الله عليه وسلم- في الأقطار والأمصار: (العراق، والكُويت، والبَحرين، والسعودية، وقطر، والأُردُنّ، ولبنان، وغيرها)[1](الذي انتَشَرَ ذِكرُ -مجالِسِه فيها- وذاع، وملأ البقاع والأصقاع، فخرَّج كوكبةً من أفاضل طُلاب العلم وحُذَّاقِهِ، مِنهم: الخطيب، والمُحقِّق، والباحث، والدَّاعي، والمُسنِد.

ولستُ في هذا المَقام أُترجم للشيخ!، فقد كفى المُؤنة طُلابُه، ومُحبّوه، ومَن رام التَّوسع فلينظر فيما كتَبَه تلميذه الوَفِيّ محمد بن غازي القُرَشيّ: (نعمة المنان في أسانيد شيخنا أبي عبد الرحمن) -وهو أوسع ما كُتبَ في ترجمته وذكر أسانيده-، وكذا ما كتبه د. عبد القادر المُحمَّدي: (أعلام المدرسة الحديثية البغدادية المُعاصرة).

ولعُلوِّ إسناده وواسع روايته خرَّجَ له شيخُنا بدر العُتيبي ثَبَت: (إتحاف السَّامع والرَّائي بأسانيد الشيخ صُبحي السَّامرّائي)، وخرَّجَ مُجيزُنا وحبيبنا الشيخ محمد زياد التُّكلة: (اللُّمعة في إسناد الكُتُب التِّسعة) من رواية الشيخ -غفر الله له-.

ولمَّا كانَ الحالُ كما وصفتُ من أمرِ شيخنا وأنَّه مِن أفراد الطَّبقة الأُولى في زماننا؛ سعيتُ مع شيخنا -وتلميذه البارّ- محمَّد زياد التُّكلة لاستضافته في بلدنا (غزَّة)، وإقامةِ مجلس سماع للصحيحين، وكانَ مِن شيخنا أبي عُمر التُّكلة أنْ كلَّمَ مُرافقي الشَّيخ الذين تحمَّسوا للأمر - جزاهُم الله خيرًا - لكن! «قَدَرُ اللَّـه، وما شاءَ فَعَل»!، وما ذلك إلا لأنَّ (العلماء هم ضالتي في كل بلد، وهم بُغيتي إذا لم أجدهم، وجدتُ صلاح قلبي في مجالسة العلماء) -كما قال ميمون بن مهران –رحمه الله-.

ولكن حسبي أنّي تشرَّفتُ بسماع الحديثين: (المُسلسل الأولية) و(المحبة) -بشرطيهما- مُهاتفةً، وتشرفتُ –قبلُ- بإجازةٍ خطيَّةٍ أثناء أحد مجالس الكُويت، بسعي من أخينا ناجي المِشعان الكُويتي -أكرمه الله-.

وداعاً يا مَعينَ العلم حقّاً  وداعاً يا وحيداً في الصُّمُودِ

لك الله عراقنا؛ عامٌ أفلَ نجمُ أكابر عُلمائك (شيخنا العلامة حمدي السَّلفي، وشيخنا السَّامرائي)، ولله درُّ خطيبها البغدادي -رحمه الله-حينَ قال:

(العراقُ سُرّة الدنيا.. وفيه بغداد صفوة الأرض ووسطها) [تاريخ بغداد 1/320].

مُصابٌ جَلَّ عن وصْف القصيدِ  وفَاقَ مَرَارةَ الأمر الشديدِ

والحمدُ للَّـهِ ربّ العالمين

جهود الشيخ المحدّث صبحي السامرائي رحمه الله في مقاومة التشيع في العراق:

وكتب عبد العزيز بن صالح المحمود ـ وعبد الله بن عبد اللطيف الكرخي مقالاً خاصاً بالراصد:

فُجع العراقُ خاصةً والعالمُ الإسلامي عامةً في يوم 16 شعبان 1434هـ (25 حزيران 2013) بوفاة محدث العراق ورافع راية السُنة الشيخ صبحي جاسم البدري السامرائي في بيروت وقد دفن بجوار الأستاذ الشيخ زهير الشاويش رحمه الله، بعد أن غادر بلده بغداد، شأنه شأن كثير من نخب أهل السنة والجماعة هربا من طواغيت الشيعة، بعد أن أمضى 80 سنة من عمره (77 سنة ميلادية) خدمةً لحديث المصطفى ودفاعاً عن السنة الغرّاء، ومقاومة التشيع وفضحه وبيان خطره، ولا نُريد أن نَتكلّم عن حياة الشيخ فليس هذا محله، ولكن حسبنا أن نسلط الضوء على موقفه من الشيعة والتشيع وإيران.

هذا الرجل قال عنه العلامة ابن باز عليه الرحمة والرضوان: (هو من بقايا أهل الحديث في العراق) وصدق الشيخ فقد ندر هذا العلم في بلد الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله.

جاء في مقال (جهود المحدّث حمدي عبد المجيد السَّلفي في مقاومة التشيع في العراق)([1]) أنه "اشتهر رجلان فيه - العراق- بهذا العلم هما: الشيخ صبحي السامرائي والشيخ حمدي عبد المجيد السلفي، وكلاهما يملك من معرفة التشيع ومقاومته الكثير؛ لأنّ أهل الحديث امتداد لأهل السُنة والجماعة، وهم من أعرف الناس بالتشيع"، لكنّ بُعد الشيخ حمدي عن عاصمة العراق وعيشه بعيدا عن المركز وشخصيته الكردية القوية جعلته يصدع ضد التشيع، أما الشيخ صبحي السامرائي فكانت الضغوط عليه كبيرة من قبل البعثيين وسياسة الحكومات العراقية بالتهادن الفكري مع الفكر المنحرف الشيعي والشعوبي، مما حرمنا من جهود كثيرة للتعريف بالتشيع ومخاطره على المجتمع العراقي، لكن هذه المعارف التي يملكها الشيخ صبحي عن التشيع لم تبقَ طيَّ الكتمان، بل نشرها هنا وهناك في مجالسه ودروسه حتى غدت ثقافةً لدى جميع طلبته ومن يحاضر بهم، ومردُّ هذه الثقافة عدة أمور، منها:

أن الشيخ صبحي من تلامذة شيخ العراق ومحدثها الشيخ عبد الكريم الصاعقة، وهيبة الشيخ وجلالته وصلابته على الشيعة والمبتدعة معروفة عند جميع البغداديين.

أن الشيخ كان كثير المجالسة للشيخ كمال الدين الطائي معتمد جمعية الآداب، والشيخ الطائي من المعروفين أنه من أشد المتيقظين لخطر الشيعة وخبثهم، يقول الأستاذ كاظم المشايخي رحمه الله: (تهجّم النائب الشيعي عبد الرزاق الظاهر على مدير الأوقاف العامة وغمز علماء السنة، فثارت ثائرتهم وقدّموا مذكرة احتجاج فأرسل النائب عبد الرزاق الظاهر رسالة إلى الشيخ أمجد الزهاوي (مفتي بغداد) يعتذر ويدعي أنه لم يقصد بكلامه الإساءة إلى أحد كما أنه لم يقصد التهجم على أحد، فقال الشيخ أمجد: لقد اعتذر ولم يَبقَ موجِب للكلام! لكنّ الشيخ كمال الدين الطائي لم يقبل هذا الاعتذار، لعلمه بتقيّة الشيعة) ([2]).

هذه المعارف عند الشيخ لم تكن من هذين العلمين وحسب، بل إنّ الشيخ تبنى قضية بيان خطر التشيع وإيران والشعوبية، أكثر منهما وساهم عملياً بذلك، فمن يعرف الشيخ عن كثب يعرف جهوده في هذا الميدان منذ الستينات يوم كان الشيخ في بداية عطائه العلمي بعد وفاة الشيخ الصاعقة وتأسيس الدعوة السلفية على يد تلامذة الشيخ عبد الكريم الصاعقة وتلاميذ تلامذته، وكان عند بعضهم رغبة بتأسيس تنظيم سلفي، وآخرون آثروا التوسع الأفقي الدعوي، كان منهم الشيخ صبحي السامرائي، وكان معه الداعية المخضرم عبد الحميد نادر، وكانت الدعوة السلفية في العراق منقسمة إلى قسمين:

الأول: نشاط دعوي منظم غير حزبي عرف باسم جماعة الموحدين. وهؤلاء لم يهتموا كثيرا بالشأن الشيعي والإيراني.

الثاني: نشاط دعوي رفض العمل الجماعي وبقي يعمل بشكل فردي؛ منهم عبد الحميد نادر، والشيخ عدنان الأمين القحطاني، والشيخ نوري أحمد القاسم التميمي، والمحدّث الشيخ صبحي السامرائي، وهم من اهتمَّ بالتشيّع أكثر من غيرهم من السلفيين.

كان الشيخ صبحي مهتماً في مجالسه في جامع الآصفية بالحديث وتدريسه، وفي غيره من المساجد، وكذا في السفر خارج القطر بالبحث عن المخطوطات في مكتبات العالم، علماً بأن الشيخ كان ممن التحق بكلية الشرطة منذ شبابه سنة 1951م إلى إن تقاعد سنة 1977م وهو برتبة عقيد، وقد أخذ دوره تدريجياً في بث علمه، وتميز الشيخ بمعرفته بمعالم بغداد والأنساب، فقد كان عضوا فاعلا في نقابة السادة الأشراف الهاشميين في العراق والعالم الإسلامي، كما أنه تابع مؤلفات الشيعة النادرة في وقتها كالكافي للكليني، ومؤلفات الطوسي وابن بابويه القمي وملا باقر المجلسي وغيرها، مما جعل الشيخَ ومكتبتَه العامرةَ قبلةً للباحثين والدارسين لأحوال الفرق المنحرفة كالشيعة وأضرابهم.

وممن كان يزور الشيخ في منزله: الأستاذ إحسان إلهي ظهير رحمه الله، وقد أخبر الشيخُ بعض تلامذته ممن كان يدرس عنده في بيته قائلاً: تعرف! كان الأستاذ إحسان إلهي ظهير يجلس على موضع جلوسك في الأريكة هذه لساعاتٍ يطالع ما شاء من كتب الشيعة في مكتبتي، وربما باتَ عندي، فآتيه لأوقظه لصلاة الفجر، فإذا هو على هيئته يقرأ ويكتب ويقيد ما يطالعه من كتب القوم، من غير ملل ولا كلل.

لقد كان الشيخ عارفاً بأعلام الشيعة ومثقفيهم، ويرقبهم عن كثب، ويعرف ألاعيبهم وحِيَلهم، وكيف يستعملون التقية في الكذب وتحريف الأماكن والاستحواذ على أموال الناس بالباطل.

فقد عرف الشيخ أنساب هؤلاء وكيف ادّعوا زورا وبهتانا أنهم من أهل البيت، فقد كشف حقيقة نسب محسن الحكيم، بواسطة علاقاته مع ضباط الجنسية العراقية وكان فيهم ضابط من مدينة سامراء فضح له حقيقة هؤلاء وأنهم من عائلة من بلغاريا وأن جدهم عمل بالطب (الحكيم) وأسلموا وتشيعوا في إيران وقدموا للعراق وسُموا بآل الحكيم زورا نسبة إلى عائلة الحكيم الشيعية المعروفة.

كما كان يشير إلى كثير من القبور المفتعلة للشيعة كالخلاني (السفير الثاني للمهدي عند الشيعة) وهو في الحقيقة قبر الإمام شيخ الحنابلة عبد العزيز غلام الخلال الحنبلي (ت: 363هـ) في مقبرة الخلالة (مقبرة الفيل)، وفي الخمسينات أخذه الشيعة ([3]).

وقد حاول الشيخ كثيراً استردادَ هذا المسجد المغتصَب إلى حاضنته السُّنّية، لكن الموقف الحكومي آنذاك لم يكن مؤيداً لهذا التوجّه.

وكان يشير إلى فساد كثير من القبور المنسوبة إلى علماء الشيعة، وأنها غير صحيحة.

كما كان يشير مراراً إلى قبر تزوره الشيعة افتُعل في نهاية السبعينات واشتهر في الثمانينات في بغداد الرصافة قرب مستشفى الجملة العصبية يدعى (حمد الله) وكان سَمّاكاً ثم أصبح الشيعة يزورون قبره زرافات وجماعات، والشيخ يحدثنا عن هذا الرجل أنه كان يبيع السمك ولا يصلي، وأن قبره كان مكانا للزناة، ويتعجّب كيف تحول هذا المكان إلى موقع يزوره الشيعة!

ومن ذلك أيضاً تهكّمُه على دعوى أن قبر الكليني مجهول لأنه مات، ولم يُعرَفْ مكانُ دفنِه، فكان يقول: كيف يجدون له قبراً وقد دخل بغداد بلباس يشبه لباس العلماء فجلس إليه الناس فرأوا منه سباً وشتماً وقذفاً لأم المؤمنين، فما كان من الحنابلة إلا أن أخرجوه من المسجد ركلاً بالأقدام والأحذية حتى الموت، ثم قذفوه على مزبلة من مزابل نهر دجلة، فكان الشيخ رحمه الله يطلق عليه لقب: "شهيد النِّعِل!!" وما أشبه اليوم بالبارحة!

ومما يذكره الشيخ السامرائي عن الشيخ كمال الدين الطائي أن المرجع الشيعي محمد باقر الصدر كان يأتي في شبابه لدعوة السنة للتقريب في مسجد المرادية، وكانوا يطلبون منه - إن كان صادقا- أن يزوجهم أخته متعة، فيرفض، ويغادر المحل هارباً، ويقول الشيخ كمال الطائي انظر، كيف أن علماء الشيعة يرضون للعامة من الشيعة ما لا يرضونه على عوائلهم وبناتهم.

وتلامذة الشيخ ومن يجالسه كانوا هم من يعرف مؤلفات محب الدين الخطيب في العراق؛ كالخطوط العريضة للأسس التي قام عليها دين الشيعة الإمامية الإثني عشرية، والعواصم من القواصم لابن العربي المالكي، ومختصر التحفة الإثني عشرية لمحمود الألوسي، وجهود الأستاذ محمود الملاح في التصدي للتشيع، وكان كثيراً ما يوصي تلاميذه بقراءة كتاب منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية، ويثني عليه ويديم النظر فيه، إضافة إلى نقده لبعض الكتب الهزيلة في نقد الشيعة ككتاب الصواعق المحرقة، فقد ذكر بعضُ طلابه أنه سمعه يقول: هذا كتاب سيء، أراد مؤلفه أن يُحرقَهم فأحرقنا! أسأل الله تعالى أن يجعلني أقف حجيجاً له لكثرة ما احتجَّ به من الأحاديث المنكرة والموضوعة.

وكان طلاب الشيخ ينقلون عشرات الأشياء والمعلومات النادرة عن واقع الشيعة في العراق.

الشيخ صبحي كان صاحب مكتبة كبيرة بالمخطوطات الحديثية، ولكنه استطاع أن يصور أكثر المؤلفات المخطوطة في المكتبات العراقية حول الشيعة ويشير لها، ويعطيها لمن يريد تحقيقها، ونشرها، وهو الذي أرشد الشيخ حمدي لهذه المخطوطات لينشرها فيما بعد تحت عنوان (رسائل في الرد على الرافضة) سنة 1997م في كردستان العراق.

وكان يحدثنا عن كتاب إبراهيم فصيح الحيدري (عنوان المجد في أخبار بغداد والبصرة ونجد) ويقول إن فيه تاريخ تشيع العشائر العراقية في الجنوب.

ونتيجة لسطوة حزب البعث بعد ثورته سنة 1968م وتشديدهم على العلماء، قللت هذه الظروف من نشاط الشيخ صبحي، تجاه الشيعة إذ أن هذه الثورات والتوجهات القومية أغبى ما تكون في فهم التشيع وخطره بل كانت حربا على الدين وأهله ومنع الشيخ من مزاولة أي نشاط كما أخبر بعض الفضلاء بذلك، واكتفى الشيخ بجلسات في جامع المرادية مساء، مع خواصه وتلامذته، ولم يتنفس الشيخ الصعداء إلا عندما ذهب إلى السعودية في بداية الثمانينات كمدرس في الحرم وكمحاضر في جامعة الإمام محمد بن سعود في علم المخطوطات والمكتبات وأصوله، وكذا حاضر في جامعة الملك عبد العزيز، وهناك ألقى أشهر محاضراته في علم الحديث عند الشيعة.

ومن الطرائف أن الشيخ يذكر أنه عند سفره وجد رجلاً ممسوساً فقام برقيته، واكتشف أن الجني الذي تلبسه كان شيعياً رافضياً عراقياً من مدينة شيعية معروفة وقال له: (ما الذي أتى بك إلى هنا؟) أو كما قال.

عاد الشيخ إلى العراق في الثمانينات وعُيّن في جامع 12 ربيع الأول في جانب الرصافة في حي المهندسين بشارع فلسطين، وهناك كانت جلساته الحديثية ودروسه التي خرج منها تلامذته (الطبقة الثانية)، وهناك كذلك عرف من جالسه كيف كانت حميته على السنة وبغضه للرافضة؛ فما أن يذكر الرافضة حتى يترك درس الحديث بالكلية ويستمر الحديث على الرافضة بفورة وغضب، والشيخ مطّلع على أسرار الشيعة في العراق وخارجه فعندما صدر للتونسي المتشيع محمد التجاني السماوي كتاب (ثم اهتديت) وغيرها وذُكرت للشيخ صبحي، تابع الشيخ الموضوع ثم ذكر أن هذه الكتب لم يؤلفها هذا التونسي الدعيّ بل أُلفت له في إيران من قبل (الأوخندية) على حد تعبير الشيخ صبحي؛ وتعني هذه الكلمة (الملالي) في الفارسي.

إن جهود الشيخ في تعريف الشباب بخبث التشيع شيء غير خاف ولا ينسى.

كما لا يفوتنا أن نذكر أن الشيخ درّس في جامعة العلوم الإسلامية (جامعة صدام) وفي كلية الشريعة بجامعة بغداد، وكان يصدع هناك بذم التشيع، نقل ذلك عدد من طلابه الذين درسوا على يده في الجامعة.

كما أن الشيخ لم يكن يكتب عن التشيع شيئا وسببه الخوف من السلطة الغاشمة في العراق وسطوتها إلا ما كان في تحقيقه لكتاب (أحوال الرجال) لأبي إسحاق إبراهيم بن يعقوب الجُوزجاني وفيه مقدمة في إثبات عدم نسبة النصب إلى المؤلف رحمه الله، وذكر حاشية مهمة في اعتراف الشيعة ومنهم الكشي في كتابه (الرجال (بوجود عبد الله بن سبأ؛ لأنه بدأت تظهر مؤلفات شيعية واستشراقية تنكر أن يكون عبد الله بن سبأ موجودا.

واستمر هذا الأمر إلى سنة 1990 م يوم أن دخل العراق في حصار ظالم بعد دخوله الكويت بدا أثر ذلك واضحا على حياة الشيخ صبحي، فالشيخ لم يكن يملك سوى التقاعد دخلا له، وتنوعت محاضرات الشيخ وكثر محبوه وتلامذته من السلفية وطلبة الحديث.

في بداية الحصار دخل رجل سوري سيء الصيت هارباً من السعودية ألا وهو عداب الحمش النعيمي هذا الرجل بعد أن كان يتملق لعلماء السعودية غدا حرباً على أهل السنة والحديث وعلى السلفيين، ويتزلف إلى الحكومة العراقية ببغض الحكومة السعودية والوهابية! ويتزلف للصوفية الذين كان نائب رئيس الجمهورية عزة الدوري يدعمهم، ودعم عداب الحمش، قام عداب بكتابة رسالة للدكتوراة في (الوحدان في البخاري) وكان طعن فيها بأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها وطعن بشكل واضح بصحيح البخاري، وفي مناقشة الرسالة وقف له ثلة من العلماء والأساتذة لمناقشتها ودحضها منهم الدكتور هاشم جميل، والدكتور حارث الضاري، وامتنع الشيخ صبحي السامرائي رحمه الله من حضور مناقشة رسالته مخافة أن يرتكب بحقّ عداب ما لا تحمد عقباه!! وبقي موجوداً في إحدى قاعات الدراسة منتظراً ومترقباً لنتيجة المناقشة، فلما قررت اللجنة رفض الرسالة ما كان من الشيخ صبحي إلا أن سجد شكرا لله تعالى، لكن بتدخل من عزة الدوري سمح له برسالة ثانية لينال الدكتوراه، ويومها تأذى الشيخ صبحي من هذا الخبر، ومن هذا الدعم من قبل الحكومة، وكان هذا سنة 1999م.

وفي سنة 2003 م احتُلّ العراق، وعرف الشيخ صبحي أن الشيعة قادمون لحكم البلاد فشرع بترتيب أموره خارج البلاد فسافر إلى الأردن حيث يقطن بعض أولاده، ثم إلى سوريا وكان يحذرهم من حكم النصيرية ويقول: هؤلاء كفّار ليسوا على الإسلام. واستقر الأمر به في لبنان. وفي لبنان عرفه أهلها، وأقبل بعضهم على الشيخ ينهل من علمه وروايته لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فبقي الشيخ على نهجه في التحذير من الشيعة، وربما يذكر لنا أهل لبنان شيئا من تحذيراته من حزب الشيطان.

رحم الله الشيخ صبحي وأجزل له المثوبة وأنزل عليه شآبيب الرحمة والمغفرة؛ فقد كان قلما للسُنة وأهلها يدعو لها ويذود عنها، وسيفاً وحرباً على الرفض وأهله.

مصادر الترجمة:

1- لعبد العزيز بن صالح المحمود، الراصد العدد 114.

2 - الشيخ أمجد محمد سعيد الزهاوي عالم العالم الإسلامي /كاظم المشايخي / ص 206 /ط 2 /2003م.

3- الموسوعة التاريخية الحرة.

وسوم: العدد 996