الشيخ العلامة المحدث محمَّد أمين سراج

sdgfgsgfsfh1007.jpg

   هو الشيخ العلامة المحدث كبير علماء إستانبول وشيخ جامع الفاتح فيها ومُدرِّسه، ورائد الحركة الإسلامية في تركيا والمستشار الديني لنجم الدين أربكان.

اسمه، ونسبه:

   هو العلامة المسْنِد المعمَّر المنَوَّر الزاهد العارف بالله محمَّد أمين بن الشيخ المقرئ العابد الزاهد مصطفى بن أسعد بن يوسف بن القاضي علي سراج الباطومي أصلاً، التوقادي ولادةً، الإصطنبولي نشأةَ وَتَعَلُّماً وإقامةً، الأزهري دراسة وتخرجاً.

مولده، ونشأته:

ولد الشيخ محمَّد أمين سراج عام 1929م – 1930م في شمال تركيا ببلد العلماء تَوْقَاد (في منطقة البحر الأسود) من تركيا، وتربى في حجر والدَيْن صالحين؛ فأبوه المعلِّم المقرئ الصالح الذي حَفَّظَه القرآن الكريم صغيراً، حيث كان تعليم القرآن والعلوم الشرعية ممنوعاً في وقت حكومة الكماليين (أيام النكبة) سنة 1943م، ويعاقب أشد العقوبات من يمشي في هذا المسلك، لكن أباه لم يكن يترك ولده لظلم الطغاة، فكان يوقظه بالليل حتى لا يراه أحد، ويبدأ معه الدرس ليلاً ويخفي المصحف عن الجنود، لكن اكتشف أمره وأخذه الظلمة وسجنوه وأُوذي في الله، و ولده الشيخ محمَّد أمين مازال في صباه، حتى إذا ما أُفرج عن أبيه، هاجر إلى العلماء في إصطنبول.

يقول شيخنا سراج إصطنبول: « سجن أبي وجدّي بسبب قراءتهم القرآن الكريم وقال سراج: عندما كنا صغارا، كانت قراءة القرآن ممنوعة، أبي وجدي دخلا السجن بسبب قراءتهما القرآن الكريم، فقد مررنا بامتحانات صعبة، ولكن الآن أخرجنا الله إلى النور، فالآن في بلادنا يوجد رئيس جمهورية قارئ للقرآن الكريم ».

   ثم بعد وصوله إلى إصطنبول دخل جامع الفاتح والتقى بشيوخ الجامع وعلمائه، والذي كان يُعَدُّ كالجامعات في زمن الدولة العثمانية؛ وذلك لتواجد كبار علماء المشيخة الإسلامية في هيئة التدريس فيه، ناهيك عن المشايخ وطلاب العلم الشريف.

فتلقى العلم على يد بعض المشايخ والعلماء في هذا الصرح العظيم، كالشيخ محمَّد خسرو أفندي (وهو من كبار مشايخ مسجد الفاتح)، ورئيس القيمين الشيخ سليمان أفندي، والعلامة الشيخ علي حيدر أفندي (من كبار المشايخ في المشيخة الإسلامية في هيئة التدريس والإفتاء)، والشيخ مصطفى لطفي أفندي، وغيرهم من داخل وخارج جامع الفاتح، وقد تلقى منهم وعليهم علوم الآلة من العلوم الشرعية والعربية، كالفقه (الحنفي):

   مراقي الفلاح، ومتن القدوري والهداية، وتفسير البيضاوي، وإحياء علوم الدِّين، والشفا للقاضي عياض، وصحيح البخاري، والترمذي.

   وفي سنة 1950 رحل إلى مصر للدراسة في الأزهر الشريف، فالتقى ببعض العلماء المهاجرين بدينهم من تركيا إلى مصر؛ كشيخه العلامة الناقد البصير شيخ الإسلام مصطفى صبري أفندي، عندما كان يزور الشيخ الكوثري، فخصص له بعض الدروس في يوم الخميس، ووكيله في مشيخة الإسلام العلَّامة الشيخ محمَّد زاهد الكوثري أفندي، والذي خصص له – أيضاً – بعض الدروس يوم الجمعة؛ لحبه له.

وقبيل وفاة شيخه الإمام الكوثري بعشرين يوماً أجازه بما في ثبته «التحرير الوجيز فيما يبتغيه المستجيز» خاصة، وبما يجوز له عامة.

كما حضر عند جملة من كبار علماء مصر في الأزهر يومئذٍ، منهم:

الشيخ حسنين محمد مخلوف، وعيسى منون، والشيخ أحمد فهمي أبوسنة، وعبد الوهاب البحيري، وغيرهم من العلماء.

   ثم بعد أن سعد بالعِلْم وتحمَّله عن أهله، وتخرج في كلية الشريعة بالأزهر الشريف عام ١٩٥٨م..

   رجع الشيخ محمد أمين سراج قافلاً إلى إصطنبول عام 1958م، وقد حمل في جنباته العلم النافع والسر الرافع، وذلك بعد صحبة للأخيار الربانيين دامت ثماني سنين.

ومما يجدر ذكره: أن الشيخ دَرَسَ سنة كاملة في القضاء الشرعي، لكنه لم يكمل إلى نيل درجة العالمية فيه ...وكان من زملائه في مصر الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، والشيخ محمد علي الصابوني، والتقى بالشهيد سيد قطب وأعجب بفكره وكتاباته..وترجم تفسيره في ظلال القرأن إلى اللغة التركية في ١٦ مجلدا.

رحلاته، وتطوافه في البلاد:

كانت أول رحلاته خارج تركيا إلى الأزهر الشريف، وكانت 1950م؛ والشيخ بعمر العشرين (تقريباً)، ودامت نحواً من ثماني سنوات، ثم توالت الرحلات إلى البلدان العربية والإسلامية، وخاصة للحج والعمرة وحضور المؤتمرات فيها، كمؤتمرات رابطة العالم الإسلامي والمجامع الفقهية.. فزار خلالها: بلاد الحرمين الشريفين والشام الشريف، والهند ...وغيرها.

أما دمشق: فقد زارها أكثر من مرة، بدعوة من صديقه محدِّث الشام العلامة الشيخ نورالدِّين عتر، والتقى بعدد من علمائها، منهم: علامة الشام الشيخ عبد الرزاق الحلبي، والعلامة الشيخ وهبي سليمان غاوجي الألباني، والعلامة الشيخ محمَّد ديب الكلاس ... وغيرهم.

ومن هذه الزيارات زيارة تحدث عنها العالم الفاضل الشيخ محمَّد فاتح قايا: قال فيها: كنا مع شيخنا قرابة خمسة من المشايخ الكرام، منهم: حمدي أرسلان، ومحمَّد فاتح قايا، ومحمَّد بيلار، وعلي يوركون، ومحمود آي ...وغيرهم.

ثم قال: وبقينا في دمشق نحو خمس ليال، ذهبنا فيها إلى نوى (بلدة الإمام النووي) لزيارة الإمام النووي، وبعد الرجوع من الزيارة دعانا الشيخ محمِّد كريم راجح (شيخ قرَّاء الشام) -حفظه الله- لتناول الطعام في مزرعة أحد طلابه المحبين، واسمه محمَّد، وكانت على طريق نوى دمشق، فاستقبلونا أكرم استقبال، وأضافونا خير ضيافة، وبقينا فيها نحواً من ثلاث ساعات.. حتى قال الشيخ فاتح: كان يوماً مشهوداً

ثم زاروا مسجد سيدنا زيد بن ثابت، حيث الشيخ سارية بن الشيخ عبد الكريم الرفاعي - حفظه الله وشفاه- وبقوا في ضيافته في المسجد المذكور مدة.

ثم زاروا في هذه الرحلة أيضاً: العلامة الشيخ محمَّد ديب بن أحمد الكلاس، وحصل فيها من السرور والبركة الكثير الطيب، واستجاز الشيخ السراج، والشيخ حمدي الشيخ أديباً، فأجاز الجميع، وكتب بذلك.

ثم زاروا العلامة الشيخ وهبي سليمان غاوجي الألباني، وبقوا في ضيافته مدة.

ثم زاروا - ليلاً - العلامة الشيخ نور الدِّين عتر، وأُقيم في هذه الليلة قراءة للمولد النبوي الشريف، حضره الجميع إلا الشيخ فاتح قايا؛ فقد حصل عنده عذر منعه من تلك الزيارة.

ثم دعاهم الشيخ حسام الدِّين محمَّد صالح الفرفور، فذهب اليه الشيخ محمَّد أمين سراج فقط.

أعماله، وتدريسه:

تصدَّر الشيخ محمد أمين سراج للتَّدريس في جامع الفاتح، حيث كانت دراسته ودراسة شيوخ الإسلام مِن قبل وتدريسهم، وكان أيضاً مرتع طلاب العِلْم وموئلهم، بل كان إحدى الجامعات التي تفخر الدولة العثمانية بتخريج طلابه..

فكان مدرساً فيه لعلوم الشرع الشريف، كالقرآن الكريم وتفسيره، والحديث الشريف وأصوله، والسيرة والشمائل، والفقه الحنفي، والأخلاق والرقائق، وبعض الكتب العلمية القديمة، وغيرها.. وبقي على هذه الحالة نحواً من ستين سنة، وذلك من عام 1958م حتى سنة 2018م / 1440هـ، ولم يتوقف درسه في الأحداث التركية المتتالية - من قبل الكماليين - التي مرت على البلاد عامة وإصطنبول خاصة، رغم محاربتهم للإسلام بكل وسائل السطوة والتشويه والتعذيب!

فدرَّس أول أمره في سُدَّة المُؤَذِّن، وبقي يدرِّس فيها سنوات متطاولات، ثم انتقل درسه إلى غرفة الإمام، وبقي الدَّرس فيها إلى أن أقعده كبر العُمُر مصحوباً بالمرض عن همة التدريس ونشاطه، فلله درُّهم من رجال تَعلَّقت قلوبهم بالمساجد.

وكان مما درَّسه:

رواية حفص عن عاصم وعلومها (من تجويد و وقف وابتداء ووجوه اللغة فيها)

   والتفسير: تفسير القاضي البيضاوي وغيره.

والحديث: الكتب الستة والموطأ.

وفي الشمائل: درَّس سبع مرات كتاب الشفا للقاضي عياض.

وفي الفقه: متن نور الإيضاح للشرنبلالي، ومتن الإمام القدوري، وملتقى الأبحر للبرهان الحلبي، والهداية للإمام المرغيناني.

وأعطى دروسا في الأخلاق والتزكية: من كتاب إحياء علوم الدِّين، وبعض كتب الشيخ عبد الله سراج الدِّين .

مؤلفاته:

لم يهتم الشيخ بتأليف الكتب اهتمامه بتأليف طلاب علم وعلماء وتأليف القلوب على الله، وذلك للحالة التي العصيبة التي كانت تمر بها تركيا؛ من انحلال الفكر والأخلاق وبُغضٍ للإسلام وأهله، بل وحتى مظهره، فوجب هنا على الداعية الحكيم أن يعمل على إصلاح القلوب والعقول بحنكته وحكمته، فبدأ الشيخ بالشباب من الأقارب والأحباب والجوار، فجمع الكثير ممن كاد أن يكون لقمة سائغة للكمالين من العلمانيين، وألف قلوبهم بحول الله تعالى وقوته وصيَّرهم بين طالب علم وشيخ حافظ وعالم جليل، ومن عرفه أو زاه رأى بعض آثاره.

نعم ترجم مع بعض إخوانه المشايخ الأتراك بعضاً من الكتب الإسلامية إلى اللغة التركية، وخاصة بعد استشهاد الشيخ سيد قطب، حيث ترجموا كتابه في التفسير: « في ظلال القرآن » في ستة عشر مجلداً، واستغرق هذا العمل مدة سبع سنوات، كما اشتغل بعض تلاميذه بكتابة ما يقرره في دروسه ويذكره من فوائد ومسائل، جُعِلَت على شكل كناش أو مذكرة.

من مواقفه الصادعة بالحق:

في عام 1989 أصدرت مجموعة من صفوة علماء العالم الإسلامي فتوى بتحريم التنازل عن أي جزء من فلسطين، وكان من بينهم: الشيخ محمد أمين سراج.

شيوخه الذين أفاد، وتحمَّل منهم، وانتفع بهم:

ذكر الشيخ محمَّد أمين سراج في إجازته المطولة جملة من شيوخه الكرام، ومنهم من صحبه وتحمَّل منه وأجاز له، ومنهم من تحمل منه دون الإجازة، ومنهم من أرشده ولم يجزه، ومنهم من صحبه وأفاد منه كذلك دون يجيزه.

شيوخه المجيزون:

إنَّ الذين أجازوا له جملة من أفاضل العلماء وكبارهم؛ منهم من هو شيخه، ومنهم

من هو صنوه وصديقه، وقد ذكرهم جميهم في إجازتيه (المطولة والمختصرة)، وهم:

- العلامة الشيخ محمَّد زاهد الكوثري؛ وهو عمدته في الرواية.

- العالم الشيخ سليمان بن فضل الرَّقَّه وي الألباني.

- العلامة القاضي الشيخ حسن المشاط المكي.

- العلامة المحدِّث الشيخ محمَّد ياسين الفاداني المكي.

- العلامة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة الحلبي.

- العلامة المحدِّث الشيخ محمَّد عبد الرشيد النعماني الباكستاني.

- العلامة الداعية الشيخ أبو الحسن علي الندوي الهندي.

- العلامة الشيخ عبد الرزاق الحلبي.

- العلامة الشيخ محمَّد ديب بن أحمد الكلاس.

تدبجه مع العلماء:

منهج شيخنا في الإجازة كمنهج باقي المشايخ الأتراك فيها، ورغم هذا تدبَّج مع بعض المشايخ العرب فيها، ولكن ليس حباً في جمع الإجازات ونهماً، إنما تبركاً من البعض وحياءً من الآخرين.

وكان ممن علمته تدبج معه:

- الشيخ محمَّد عوامة الحلبي.

- المحدِّث السيد إبراهيم بن عبد الله خليفة الأحسائي.

- مفتي العراق الشيخ رافع طه العاني الرفاعي.

- الشيخ محمَّد أبصار الحق بن محمَّد أسرار الحق القاسم الهندي..

شيوخه الذين صحبهم، وتحمَّل منهم، ولم يجيزوه:

وممن حضر عندهم الدروس، وتحمل منهم، ولم يجيزوه:

العالم الفاضل محمد خسرو أفندي (من كبار مشايخ المسجد)

والعالم الفاضل رئيس القيمين الشيخ سليمان أفندي السِّلِسْتَرَوي.

والعارف بالله الزاهد علي حيدر أفندي الأَخِسْخَوي (عضوالمشيخة الإسلامية).

وشيخ القرَّاء الشيخ عمرالقصطموني.

والشيخ مصطفى لطفي أفندي (الملقب بالمكتبة السَّيَّارة).

يقول الشيخ السراج عن شيخه الأخير (مصطفى لطفي أفندي): كان يلقَّب بالمكتبة السَّيارة، أي: الماشية؛ وذلك لكثرة قراءاته ومطالعاته (حباً لها)، حتى إنه قرأ مكتبة جامع الفاتح مرتين، وهذه المكتبة تحتوي على اثني عشر ألف كتاب!

ويعلل سبب ذلك شيخنا السراج قائلاً: كان يعتكف في مكتبة مسجد السلطان محمَّد الفاتح من الصباح إلى المساء؛ لأنه كان عزباً، ثم قال: وكان لا يركب واسطة نقل، إنما يكون ذهابه وإيابه ماشياً.

وممن لازمه، وأفاد منه أيضاً:

مفتي أمين أوني بإصطنبول، والعالم الصالح علي يكتا أفندي (والد زوجته)، والعالم المدقق الشيخ عمر نصوحي الحسني أفندي مفتي إصطنبول، والعالم الأديب بكر خاكي أفندي مفتي إصطنبول، العالم الفاضل فؤاد أفندي بشيك تاش باصطنبول.

وممن أفاد منهم سنين:

عضو هيئة كبار العلماء الشيخ محمَّد عبد الوهاب البُحَيْري، دفين البقيع في المدينة المنورة، (وكان يدرسنا صحيح البخاري في بيته، وأفدنا منه كثيراً وأثر فينا روحياً وهو رجل فاضل مبارك)، والعالم الفاضل أحمد فهمي أبو سنَّة، ومفتي الديار المصرية حسنين محمد مخلوف، عضو هيئة كبار العلماء الفقيه عبد الرحيم كِشْكِي، وعضو هيئة كبار العلماء الفقيه محمود شوكت العدوي، وشيخ الأزهر الشيخ محمود شَلْتوت، والمحدِّث المحقق عبد الوهاب عبد اللطيف، والعالم الفاضل إحسان أفندي اليُوْزَغَادي، وآخر شيوخ الإسلام في الدولة العثمانية مصطفى صبري أفندي (صحبه في قاهرة مصر قرابة أربع سنوات).

وممن أفاد منهم التوجيه والإرشاد:

والده الحافظ الزاهد الشيخ مصطفى بن أسعد السراج، العارف بالله محممود سامي رمضان أغلو الآضْنَه وِي النقشبندي، العارف بالله محمَّد زاهد قُوْتقُوْ البُورْسَوِي، والعلامة المرشد علي حيدر أفندي النقشبندي.

أقرانه في الدراسة من العلماء المشهورين:

   ومن أقرانه في دراسته الأولى العامة عند العلماء الأتراك:

   العلامة المربي المعمَّر الشيخ محمود بن علي الأوفي النقشبندي، الشهير بـ (الشيخ محمود أفندي).

أقرانه في دراسته الأزهرية:

الدكتور نور الدين عتر الحلبي، والدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ نور الدِّين بويجيلار القونيوي، والشيخ محمَّد علي الصابوني..

من مسموعاته، ومقروءاته:

   قرأ الشيخ محمد أمين سراج على بعض علماء الدولة العثمانية آنذاك (من بقي في تركيا ومن هاجر منها إلى مصر)، كما قرأ على مشايخ الأزهر الشريف حال دراسته هناك....

   وكان ممن قرأ عليه شيخه الإمام الكوثري، وكانت لجملة من الكتب؛ بعضها تامًا وبعضها لبعضه، وهذا بحسب ما يأمر به الإمام الكوثري، فقد صحبه وتتلمذ عليه نحواً من أربع سنين.

   ومما قرأه عليه من ثبته «التحرير الوجيز فيما يبتغيه المستجيز » أوله وآخره، والمسلسل بـ (كتبته فها هو في جيبي) بشرطه.

والإمام الكوثري ذكر سند هذا المسلسل في ثبته: «التحرير الوجيز».

أبرز تلامذته:

وتلاميذ الشيخ سراج منقسمون إلى طبقات، منهم من أدركه حال شبابه، ومنهم من أدركه بعد الخمسين، ومنهم من أدركه بعد السبعين، وهذا الوصف كحال كثير من شيوخ العلم، لكن للمسندين طبقة أخرى زيادة على هذه، وهي: طبقة المستجيزين في أخريات حياة الشيخ المجيز، وهم يُعَدُّون من تلاميذه (إلحاقاً لأجل الإجازة).

   ومن أبرزهم:

الدكتور أحمد طوران أرسلان (عميد جامعة الفاتح في إصطنبول)، فقد تعرف به عام 1965 (1).

والشيخ حمدي أرسلان.

والشيخ الدكتور خليل إبراهيم قوتلاي.

والشيخ مصطفى ديميرقان، والشيخ محمد فاتح قايا.. وغيرهم.

طبقة المجازين:

   وأكثر من استجازه من العرب؛ لشهرة أمر الإجازة عند أهل العلم منهم، ومن مشاهيرهم:

تلاميذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، ومن أبرزهم: الشيخ محمَّد عوامة (وقد مرَّ ذكره)، وأبناؤه الكرام.

والشيخ محمَّد عبد الله آل رشيد، وقد قدَّم لكتابه الإمام الكوثري وجهوده في رواية الحديث.

والشيخ مجد أحمد مَكِّي، وكان دائم الزيارة واللقاء به، وحبه الشيخ سلمان أبو غدة.. وغيرهم.

   ومن أهل المدينة المنورة:

   والشيخ يحيى الغوثاني، والشيخ أحمد عاشور، والشيخ سعيد طوله ...وغيرهم ممن كان يلقاه في الحرمين الشريفين.

   كما كان لبعض باحثي الشام، ومصر، والمغرب نهاية تسعينيات القرن الماضي زيارات إلى تركيا بقصد البحث العلمي، فكانوا يجتمعون به، ويحضرون بعض مجالسه، ويستجيزونه، كالشيخ نظام يعقوبي، والشيخ محمَّد وائل الحنبلي، والشيخ خالد مختار السباعي، والشيخ إياد الغوج، (وقد خرَّج بأسانيده أربعين حديثاً).. وغيرهم.

وممن أجيز منه أيضاً: الشيخ محمَّد أبو بكر باذيب، وقد أسند رسالة تبسيط الفقه الأكبر من طريقه، والشيخ محمَّد ححود التمسماني، وقد خرَّج بعض الأحاديث بأسانيده للشيخ نظام يعقوبي في فضائل القسطنطينية، والشيخ شعيب أحمد والشيخ موتمباي رجب والشيخ محمَّد أشرف الأفريقيون، والشيخ عمر موفق النشوقاتي، والشيخ عيد وفا منصور، والشيخ محمَّد سعيد منقارة، والشيخ بلال آلتين، والشيخ عبد المجيد التركماني والشيخ علي السامرائي، والشيخ عبد الله العبيدي، والشيخ قتيبة العزي.. وغيرهم مما لا يعرف لهم عدَّ ولا يَصل إليهم حدّ.

وممن صار وكيلاً في إجازته: الشيخ محمَّد وائل الحنبلي الحنفي الدمشقي؛ ليجيز من لا يستطيع الوصول إليه من أهل العلم والفضل، والشيخ عبد الأحد الفلاحي الهندي؛ ليجيز أهل الهند دون غيرهم.

وفاته:

بعد تجاوز   الشيخ محمد أمين سراج التسعين (في آخر سنتين من عمره الشريف)، اعتزل المجالس العامة وقلل المجيء إلى جامع الفاتح، ثم قبيل سنة اعتزل الناس، وتفرَّغ للذِكر والعكوف على العبادة، وكان أهل بيته يتشددون في أمر صحته، فلا يخرج إلا لأمر مهم، حتى اجتاح العالم داء العصر الشهير بكورونا، فأصيب به رغم شدة حرص أهل بيته، ونقل بعد تفاقم أمره إلى المستشفى.. فتعافى منه، وبدت صحته جيدة، لكن لم تدم هذه الفرحة إلا أياماً؛ حيث اختاره الباري لجواره في يوم الجمعة لسبعة أيام مضت من شهر رجب الأصم من عام 1442هـ عند أذان العشاء الآخرة، فلبى نداء الحق بنفس مرضية وروح طيبة، عن عمر تجاوز التسعين، قضاه بين تعلُّم وتعلِيم، فضَّجت بخبر أصقاع الدنيا، وحضر جنازته العلماء وطلاب العلم ووجهاء الدولة ورجالها، يتقدمهم رئيس الجمهورية والكثير من المحبين.

فشيعوا جثمانه إلى مثواه الأخير في التربة التي عاش في مسجدها عشرات السنين خادماً للعلم وأهله، وقد حلَّ فيها ضيفاً بجوار المبَشَّر المظفَّر السلطان محمَّد الفاتح في مقبرته، والتي ضمَّت سادات بني عثمان وأفاضل العلماء وصالحيهم.

وقد نعاه العلماء والفضلاء (من مخالف له ومؤيد)، وصار حديث المجالس، ووسائل التواصل، فمنهم راثٍ بشعره ومنهم ناعٍ بنثره، حتى نسي الناس أوجاعهم وموتاهم.

أصداء الرحيل:

"قبلة هداية".. علماء الأمة يرثون عالم الحديث التركي محمد سراج

- صدرت بيانات نعي ورثاء للراحل من علماء بارزين منهم القرضاوي والقره داغي والددو والندوي- نعت الراحل جهات ومؤسسات إسلامية منها "رابطة علماء فلسطين" وحركة "حماس" جماعة "الإخوان المسلمين" والجالية المصرية في تركيا- أثنت بيانات النعي والرثاء على سراج معتبرة أنه كان "بحرا في العلوم الإسلامية" و"أحد أئمة الهدى في الأرض" و"قبلة هداية" و"رجل التعليم والتربية والإصلاح" (إضافة نعي رئيس "رابطة العلماء السوريين" السابق الشيخ محمد علي الصابوني).

مركز الأخبار

    

تسابق علماء الأمة وجهات إسلامية عدة، السبت، على نعي ورثاء عالم الحديث التركي البارز محمد أمين سراج الذي وافته المنية عن عمر ناهز 90 عاما قضاه في خدمة الإسلام.

وبتوصيفات تشيد بسيرته العطرة، أثنت بيانات النعي والرثاء على سراج، الذي توفي الجمعة، معتبرة أن الراحل كان "بحرا في العلوم الإسلامية"، و"أحد أئمة الهدى في الأرض"، و"قبلة هداية"، و"رجل التعليم والتربية والإصلاح".

إذ نعاه الشيخ يوسف القرضاوي، الرئيس السابق للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قائلا: "رحم الله فضيلة الشيخ أمين سراج كبير علماء تركيا، وزميل الدراسة القديم، وخريج كلية الشريعة بالأزهر الشريف".

وأضاف القرضاوي في تغريدة عبر "تويتر": "كان الراحل يتوقَّد حيوية وحماسة ونشاطًا في سبيل الدعوة إلى الإسلام".

كما نعاه أمين عام الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، علي القره داغي، قائلا عنه: "في زمن مكفهر حيث يُحارب الإسلام ويلقى الدين وأهله أشد أنواع التنكيل ولد السراج المنير والأمين الطيب".

وأضاف القره داغي في رسالة تعزية عبر "فيسبوك": "لقد عرفت الإمام النقي منذ سنوات طويلة واستفدت منه، كان قبلة هداية ومحور خير ورجل علم (..) جمع بين الشريعة والحقيقة وبين الفقه والفكر، وكان بحراً في العلوم الإسلامية".

أيضا نعى الراحل الأمين العام للمؤتمر الاسلامي الدائم للشريعة والقانون في لبنان رئيس جامعة طرابلس رأفت محمد رشيد الميقاتي، قائلا: "كان رحمه الله من أئمة الهدى في الأرض، وكان موئل أفئدة أهل الدين وطلبة العلم الشريف".

وأضاف الميقاتي في بيان: "لقد رحل أحد كبار المرشدين الربانيين المعاصرين الذين تركوا بصمة واضحة في تركيا، تربية وتعليما، دعوة وإرشادا، بل كان مرجعية الجماهير الإسلامية الواسعة على اختلاف مشاربها، ممن يؤمنون بأن الدين عقيدة وشريعة وسلوك، ودين ودولة".

ومن موريتانيا، قدّم العلامة المعروف الشيخ محمد الحسن الددو تعازيه لتركيا والعالم الإسلامي بوفاة سراج.

وقال الددو، وهو أيضا رئيس مركز تكوين العلماء في موريتانيا في رسالة تعزية نشرها عبر "تويتر": "نسأل الله أن يكتبه في عليين وأن يرفع درجاته في الصالحين ويرزقه مرافقة النبيين والصديقين والشهداء، وأن يبارك في أهل بيته وطلابه ومحبيه أجمعين".

ومن سوريا، نعى رئيس "رابطة العلماء السوريين" السابق الشيخ محمد علي الصابوني، سراج، قائلا: "تودع أمتنا الإسلامية اليوم علما من أعلامها، وطودا منيعا من أطوادها، وركيزة شامخة حولت وغيرت وصنعت في تركيا عزة الإسلام، فكانت خير الداعي وخير الموجه".

وأضاف في بيان عبر "فيسبوك" مشيدا بخصال الراحل: "تعلَّم وعلَّم، وتأدب فأدب، وتخرَّج وخرَّج، حتى أضحى كالشمس في رابعة النهار".

** تعازي من الهند وجنوب إفريقيا

ومن الهند، قال الداعية سلمان الحسيني الندوي أحد كبار علماء ومفكري الهند في تسجيل مصور: "تلقينا نبأ مفجعا بوفاة العالم الجليل والداعية المجاهد والمحدث والمفسر الكبير والفقيه الأصيل الشيخ محمد أمين سراج".

وأضاف الندوي: "إنا لله وإنا إليه راجعون، كان سراج صاحب همة عالية ورجل التعليم والتربية والإصلاح".

ومن جنوب إفريقيا، قال محمد سلوجي، الذي يعمل في قسم الاستشارات الشرعية بـ"البنك الوطني الأول" (مقره جوهانسبرج)، ناعيا الراحل، إن "سراج عمل على تدريس صحيح البخاري ومختلف كتب الحديث لعقود".

وأضاف في بيان عبر "فيسبوك": "كان لنا حظ لقائه بانتظام، والاستفادة من تواضعه وعلمه"، واصفا الراحل بأنه كان صاحب "شخصية رائعة ومميزة ودافئة وحنونة"، داعيا الله أن "يتوج جهده بالقبول وان يرزقه درجة عالية في الجنة".

** تعازي من مؤسسات إسلامية:

بيانات التعازي والرثاء لم تقتصر على علماء الأمة البارزين، بل تعدتها إلى جهات ومؤسسات إسلامية حرصت على رثاء الراحل.

إذ قالت "رابطة علماء فلسطين"، في بيان: "نتقدم من الأمة العربية والإسلامية عامة، ومن الشعب التركي خاصة، بأحر التعازي بوفاة فضيلة العلامة الكبير محمد سراج".

وأضافت الرابطة: "أفنى سراج، وهو أبرز علماء الأمة والشعب التركي، حياته من أجل خدمة الإسلام والمسلمين، ومن أجل الدعوة إلى الله ونصرة دينه وخدمة القضية الفلسطينية".

كما قدمت حركة "حماس"، "وافر العزاء لتركيا، قيادة وشعبا، بوفاة العام الكبير محمد سراج".

وقال القيادي في الحركة، سامي أبو زهري، في تصريح مقتضب نشره عبر "تويتر"، إن "سراج من أبرز علماء الحديث، وهو ممن أفتوا بتحريم التنازل عن أي جزء من أرض فلسطين، رحم الله الشيح ونفع الأمة بعلومه".

ونعت جماعة "الإخوان المسلمين" كذلك سراج قائلة: "نتقدم بخالص العزاء والمواساة لدولة تركيا وشعبها وللرئيس رجب طيب أردوغان وإلى أسرته الكريمة وذويه وإخوانه وتلاميذه و محبيه حول العالم".

وأضافت الجماعة، في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني: "يعد سراج أبرز علماء تركيا، وتوفي بعد حياة حافلة بخدمة الإسلام والدعوة إلى الله وتربية الأجيال، ودعم ومناصرة قضايا المسلمين في كل مكان وفي مقدمتها القضية الفلسطينية".

" الجالية المصرية في تركيا" أيضا أصدرت بيانا نعت فيه الراحل، مشيرة إلى أنها "تلقت ببالغ الحزن نبأ وفاة الشيخ الإمام القدوة محمد أمين سراج الدين عالم الحديث الكبير".

وأضافت الجالية أنها "إذ تنعي الإمام الفقيد فإنها تتقدم بخالص العزاء والمواساة إلى أسرته الكريمة وعائلته المبجلة والى الشعب التركي والرئيس التركي".

ومساء الجمعة، توفي سراج عن عمر ناهز 90 عاما.

وبدأ سراج حفظ القرآن الكريم في السادسة من عمره في بيت جده.

وبين أعوام 1940 ـ 1943 درس في مسقط رأسه بولاية طوقات التركية، ثم أرسلته أسرته إلى إسطنبول لمواصلة تعليمه.

وفي إسطنبول درس علمي التفسير والحديث، وحصل على أول إجازة في الحديث عن سلسلة المحدث الحاج فرحات ريزوي على الشيخ سليمان أفندي.

وفي 1950، هاجر إلى مصر لمواصلة تعليمه، وسجل في الثانوية الأزهرية.

وتلقى التعليم على يد محمد زاهد الكوثري، وحصل على إجازة من جامعة الأزهر.

إسطنبول تودع أمين سراجها:

- بوفاة الشيخ العالم الجليل محمد أمين سراج، انطفأ سراج من سرُج العلم في تركيا والعالم الإسلامي..

- يوم الأحد اكتظت شوارع منطقة الفاتح بإسطنبول، بآلاف المصلين المشيعين لجنازة الشيخ أمين سراج

مساء الجمعة الماضي، انطفأت إحدى منارات العلم في إسطنبول والعالم الإسلامي، عندما توفي العالم الكبير، والداعية الجليل المجاهد، المعلم مربي الأجيال، الشيخ محمد أمين سراج عن عمر مبارك ناهز الثالثة والتسعين عاما.

الشيخ محمد أمين سراج هو آخر تلاميذ الإمام زاهد الكوثري، وكان تلميذا للعلامة المحدث الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وقد تشرفت بلقائه في مطلع الثمانينيات، في سكن طلاب جمعية نشر العلم، حيث كنت مقيما فيه، وكان للشيخ درس أسبوعي هناك.

ثم جرت العادة على زيارة الشيخ أمين كل عيد، مع الأخ غزوان مصري وثلة من الشباب، بعد الانتهاء من حفل المعايدة واستقبال الضيوف في وقف دار السلام.

وكان الشيخ أمين يفرح بزيارتنا فرحا كبيرا، ويظهر بهجة خاصة بلقائنا، ويعرفنا لضيوفه وزواره بقوله: "هذا حلبي حنفي".

هو العلامة الشيخ المحدث الفقيه محمد أمين سراج بن الشيخ مصطفى بن أسعد بن يوسف بن علي السراج.

ولد في شرقي تركيا في أول يوم من شهر رمضان المبارك سنة 1348 هـ، عام 1929م، وتعلم القرآن الكريم على يد والده رحمه الله، وأكمل حفظه للقرآن الكريم وهو ابن عشر سنوات .

ثم تلقى العلم على يد بعض مشايخ مسجد الفاتح في إسطنبول: الشيخ محمد خسرو أفندي، وهو من كبار مشايخ مسجد الفاتح، والشيخ سليمان أفندي، وكان رئيس قيمي المسجد، وقد حضر عليه قراءة مجلدين من صحيح البخاري، وأجازه إجازة خطية.

   ومن شيوخه أيضا: العلامة الكبير الشيخ محمد زاهد الكوثري رحمه الله، وقد أجازه بمروياته ومسموعاته، والشيخ علي حيدر أفندي من كبار المشايخ في المشيخة الإسلامية في هيئة التدريس والإفتاء.

والعلامة الشيخ مصطفى لطفي أفندي، وكان يلقب بالمكتبة السيارة لكثرة قراءته ومطالعته، فقد كان يعتكف في مكتبة مسجد السلطان محمد الفاتح من الصباح إلى المساء، وكان يوجد فيها اثنا عشر ألف كتاب .

وقد استعرض مكتبة مسجد السلطان محمد الفاتح مرتين، وكان يمشي على قدميه ولم يركب سيارة ولا حافلة.

أما العلامة الشيخ مصطفى صبري (شيخ الإسلام في الدولة العثمانية)، فالتقى به في مصر عندما كان يزور الشيخ الكوثري .

وللعلامة الكبير محمد زاهد الكوثري أكبر الآثار عليه حيث درس عليه في بيته لمدة أربع سنوات، فناوله ثبته (التحرير الوجيز فيما يبتغيه المستجيز) مناولة مقرونة بالإجازة قبل وفاته بعشرين يوما.

وأجازه أيضًا الشيخ الفقيه محمد حسن محمد المشاط، وشيوخنا الشيخ المسند محمد ياسين الفاداني، والإمام أبو الحسن الندوي، والعلامة عبد الفتاح أبو غدة، والعلامة محمد عبد الرشيد النعماني، والفقيه العالم عبد الرزاق الحلبي، والفقيه محمد ديب الكلاس، رحمهم الله تعالى.

رحلته في طلب العلم:

عندما بلغ الخامسة عشر من عمره، وكان قد حفظ القرآن، وتلقى العلم على يد والده الشيخ مصطفى سراج، قال له والده: "هيا يا ولدي .. لقد حان وقت سفرك لطلب العلم". يومها كان هناك حافلة واحدة في الأسبوع من توكات إلى أنقرة، ومنها إلى إسطنبول.

ولما حان وقت السفر، حملته والدته حقيبة السفر، وودعته عند باب الدار، ثم شيعه أبوه إلى رأس الحارة، وقال له أكمل طريقك إلى مكان انطلاق الحافلة.

وصل الشاب أمين إلى إسطنبول، وذهب إلى حيث أمره أبوه، عند الشيخ خسرو أفندي، الذي استقبله وأمن له سكنا مع طلاب العلم.

مضت ثلاثة أشهر دون أن يكتب أمين لأهله رسالة كما جرت العادة في تلك الأيام، ناداه شيخه وسأله قائلا: "أرى أنك لم تكتب رسالة لأهلك لماذا؟ .. فأخبره بأن والده ووالدته ودعوه من باب الدار ولم يرافقوه إلى مكان انطلاق الحافلة كما يفعل بقية الأهالي، فابتسم الشيخ وقال له : "أخبرني والدك بأنه اتفق مع والدتك على ذلك، لكي لا تشتاق إليهم سريعا، فتعود وتترك طلب العلم".

سافر إلى مصر عام 1950، ومكث فيها تسع سنوات، وتخرج من كلية الشريعة بجامعة الأزهر عام 1958م.

في مصر، التقى العلامة الشيخ مصطفى صبري (شيخ الإسلام في الدولة العثمانية) وكان يزور الشيخ الكوثري، وتلميذه العلامة الحلبي الشيخ عبد الفتاح أبو غدة .

عمله ودروسه:

بدأ بتدريس العلوم الشرعية للطلاب متطوعا في جامع السلطان محمد الفاتح من عام 1958، منذ قرابة اثنين وستين عاما، ودرس عددًا كبيرًا من الطلاب في مسجد الفاتح، وبعد صلاة الصبح في شهر رمضان، واستمر إلى آخر أيام حياته، وقد درس عليه عدد كبير من الطلاب، صاروا أساتذة في الجامعات، مفتين، واعظين، معلمين، مديرين، أئمة ودعاة، رؤساء بلديات، نوّابا في البرلمان، وتجارا.

وكان يوصي طلابه بتعلم اللغة العربية، ويمنحهم الأمل بالتغيير قائلاً: "ها قد أصبح لديكم رئيس جمهورية يقرأ القرآن.

في وداعه وكرامة دفنه:

يوم الأحد اكتظت شوارع منطقة الفاتح بإسطنبول، رغم الحظر الصحي المفروض بتركيا، وامتلأت ساحات جامع الفاتح، بآلاف المصلين المشيعين لجنازة الشيخ أمين سراج، يتقدمهم رئيس الجمهورية التركية رجب طيب أردوغان، الذي ألقى كلمة وشارك في حمل النعش، وشارك نائب الرئيس، ورئيس البرلمان، وعدد كبير من رجال الدولة، وجمع غفير من طلبة العلم والمواطنين.

حدثني من أثق به من أهل العلم أن القبر الذي دفن فيه الشيخ أمين سراج في مقبرة جامع الفاتح، كان قد جهز قبل ستين عاما لدفن شيخه علي رضا أفندي. لكن طغمة العسكر يومها منعت دفنه هناك، فقيض الله لتركيا رئيسا مؤمنا صالحا، هيأ الظروف لدفن الشيخ أمين سراج فيه، وهذه كرامة للشيخ أمين وللرئيس أردوغان إذ لولا أوامره لما تم الأمر، والله أعلم.

وبوفاة الشيخ العالم الجليل، انطفأ سراج من سرُج العلم في تركيا والعالم الإسلامي.

رحيل الشيخ محمد أمين سراج:

درس في الأزهر، ولقّب بآخر العلماء العثمانيين

عالم الحديث التركي محمد أمين سراج يعد من أشهر علماء الحديث في العالم الإسلامي (الأناضول)

19/2/2021

توفي في إسطنبول الشيخ محمد أمين سراج، كبير العلماء الأتراك المختص بعلم الحديث، عن عمر ناهز 90 عاما، بعد مدة من إصابته بفيروس كورونا، وقد نعاه كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونائبه فؤاد أوقطاي ورئيس البرلمان مصطفى شنطوب.

ولد أمين سراج في قرية تابعة لولاية توقاد شمال الأناضول قرب البحر الأسود، لعائلة معروفة بعنايتها بالعلوم والمعارف الدينية، وتعلم القرآن مبكرا وبدأ التلاوة في عمر السادسة، في حقبة كان تدريس القرآن فيها ممنوعا.

حُكم على والده حافظ مصطفى أفندي بالسجن 6 أشهر لأنه درّس أبناءه القرآن واللغة العربية، وبعد مدة أرسلته أسرته ليدرس 3 سنوات في ولاية مرزيفون بدءا من عام 1940، ولاحقا ذهب إلى إسطنبول ورعاه إمام جامع الفاتح عمر أفندي مدة، قبل أن يذهب إلى مدرسة كاراجومرك ويدرس صحيح البخاري على الشيخ سليمان أفندي الذي أعطاه أول إجازة في علوم الحديث.

وحتى عام 1950، كان الفتى يدرس العلوم الدينية والحديث الشريف في إسطنبول، وقد درس سنن الترمذي ومراقي الفلاح وصحيح مسلم وغيرها من كتب الأحاديث والتفسير، ثم ذهب إلى مصر ليدرس في الأزهر الشريف.

وروى الشيخ الراحل رحلة "الهجرة" الصعبة، إذ لم يكن الوصول إلى مصر سهلا كما كان يعتقد، ولم يتمكن من الحصول على جواز السفر المطلوب بسبب ظروف تلك المرحلة، وقد حاول أن يشق طريقه عبر بغداد.

استقل القطار إلى ديار بكر، ثم ذهب إلى ماردين ولكنه لم يستطع إكمال الرحلة، فعاد إلى مسقط رأسه ثم إلى إسطنبول مرة أخرى، وتمكن لاحقا من استخراج جواز سفر بمساعدة صديق لجده، وسافر أخيرا إلى مصر حيث درس على يد شيوخ وعلماء الحديث، وتعرف إلى كبار علماء مصر وبلاد الشام.

في مصر، تعرف سراج على مصطفى صبري أفندي التوقادي (1869-1954) الذي ينتسب لتوقاد أيضا، والشيخ محمد زاهد الكوثري (1879-1952) الذي درس أيضا في جامع الفاتح بإسطنبول في نهاية زمن الدولة العثمانية، وبسبب معاناته مع سياسات حزب الاتحاد والترقي خلال حقبة الحرب العالمية الأولى وموقفها السلبي من العلوم الدينية، ركب الكوثري باخرة إلى الإسكندرية عام 1922، وعاش بين مصر والشام، ثم استقر في القاهرة وعمل على ترجمة الوثائق من اللفة التركية إلى العربية في دار المحفوظات بالقاهرة، وألّف عشرات الكتب المعروفة في علم الكلام والعقيدة والفكر الإسلامي.

تخرّج سراج من الأزهر نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، بتشجيع من أستاذه علي حيدر أفندي، وعاد بعد ذلك إلى تركيا ليتزوج ويخدم المعارف الدينية وعلوم الحديث في بلاده وفي جامع الفاتح لأكثر من 60 عاما.

   أكمل الشيخ أمين سراج خدمته العسكرية الإجبارية خلال فترة الانقلاب عام 1960، وفور الانتهاء من خدمته العسكرية خضع لاختبار التعيين، حيث أصبح شيخا رسميا في الدولة، لكنه أراد البقاء في إسطنبول والتدريس فيها بشكل مستقل عن الوظيفة.

استقال من الأوقاف وذهب للحج، وبعد عودته بدأ إلقاء المحاضرات العلمية في الأوقاف والجمعيات التعليمية.

عرف عن الشيخ الراحل اهتمامه بتلاميذه أكثر من عنايته بالتأليف والكتابة، فقد اعتنى بتكوين أكثر من ألفي طالب، وترجم على مدى سنوات -مع مترجمين أتراك آخرين- كتبا عربية إلى اللغة التركية، من بينها "في ظلال القرآن" لسيد قطب، وغيره.

في وداع العالم والداعية والموجِّه الشيخ محمد أمين سراج رحمه الله

وقد كتب الشيخ العلامة د. يوسف القرضاوي:

   بلغني منذ أيام نبأُ وفاة أخينا الحبيب وصديقنا القديم الجديد فضيلة العالم الداعية، الموجِّه الكفء، الشيخ محمد أمين سراج رحمه الله تعالى، كبير علماء تركيا، ومربِّي الأجيال.

وصلتي بالشيخ سراج قديمة، من أيام دراسته بالأزهر في الخمسينيات، فقد كان طالبًا في كلية الشريعة، وكنتُ طالبًا في أصول الدين، ثم بحثت عنه في زيارتي الأولى لإستانبول سنة 1967م، وتجددت صلتي به، وأحسن استقبالي، واحتفى بي، وتفرَّغ لتعريفي بعدد من علماء تركيا ودعاتها.

   وهكذا كلما زرت إستانبول حرصت على لقائه، أو سعدت باستقباله أو مهاتفته والحديث معه، والاطمئنان عليه.

وحين أسَّسنا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، كان الشيخ أمين سراج من أول من تلقَّينا موافقته من العلماء الأتراك على المشاركة في الاتحاد، والإقرار بمبادئه وأهدافه، فهو من الأعضاء المؤسسين للاتحاد، وإن لم يحضر الاجتماع التأسيسي في لندن، لمشكلة في التواصل، ثم كان للشيخ حضور ومشاركات وكلمات في اجتماعات الاتِّحاد التي عُقِدَ أغلبُها في مدينة إستانبول.

وهكذا كان الشيخ الحبيب العالم محمد أمين سراج رحمه الله، ما دُعي إلى أمر يتَّصل بدعوة الإسلام وقضايا الأُمَّة إلَّا كان أوَّل المبادرين والمُشَجِّعين.

   وقد كتبتُ في مذكراتي "ابن القرية والكُتَّاب" قصَّة زيارتي الأولى لتركيا في إجازة صيف سنة 1967م، ودور الشيخ محمد أمين في صلتي بعدد من العلماء والدعاة والجمعيات العلمية والتربوية، فقد كان من أهم ثمرات زيارة مسجد الفاتح، لقاء زميلنا وأخينا الكريم، خريج كلية الشريعة بالأزهر الشريف، الشيخ أمين سراج، أحد مدرِّسي مسجد الفاتح، وقد سُرَّ بلقائنا غاية السرور، ورحَّب بنا كل الترحيب، وجدَّدنا الذكريات القديمة حين كان يدرس في الأزهر، ويتميَّز بطربوشه التركي الذي كان يلبسه في الكلية، ثم غادر القاهرة، بناءً على طلب السلطات المصريَّة، بتهمة أنَّه كان متعاطفًا مع دعوة الإخوان المسلمين.

وكان الشيخ أمين يتوقَّد حيويَّة وحماسة ونشاطًا في سبيل الدعوة إلى الإسلام، وإحياء الأمل في عودة الحياة الإسلامية إلى بلد الخلافة.

وقد كان الشيخ أمين همزة وصل بيننا وبين عدد من الجهات الإسلامية، فقد وَصَلنا بإخواننا الطلبة العرب -وخصوصًا الإسلاميين منهم- الذين يدرسون في جامعات إستانبول.

كما عرفنا الشيخ أمين سراج بالإخوة النُّوريِّين، أتباع الشيخ المُجدِّد المربِّي الكبير بديع الزمان النورسي، الذي أقام جماعة صوفية تتميَّز بالإيجابية، والعمل الهادئ لتغيير المجتمع من داخله بتغيير ما بنفسه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ} [الرعد: 11]. وكان الإخوة النوريون يقتصرون على النشاط الرُّوحي أو الديني، ولا يتدخلون في السياسة، وكأنهم يعلمون أن هذه الطريقة الهادئة الطويلة النفس، هي الجديرة بتغيير المجتمع على المدى البعيد؛ دون إعلان ولا ضجيج.

كما عرفنا بعدد من الإخوة الأتراك الذين لهم اتصال بالدعوة الإسلامية، ولهم لقاءاتهم وموجِّهُوهم، منهم الأستاذ ماهر إيزْ، والدكتور مصطفى بِـلْــكَه، وغيرهما. وقد نظم الشيخ سراج لي محاضرة عن «الزكاة»، حضرها عدد جيد من المشتغلين بالعلم والفكر الإسلامي.

وهكذا كان طَوَال حياته همزة وصل بين العلماء والدعاة العرب وإخوانهم في تركيا، وشعلة نشاط في الدعوة إلى الله، وتجميع العناصر الصالحة خاصة من الشباب، وربطهم بالله ورسوله وكتابه ودينه، ووصلهم بالعلماء العاملين والدعاة المخلصين، وبث الأمل في نفوسهم بانقشاع هذه الغمة، رغم التضييق الشديد على الدعوة وأهلها، وممَّا أذكره في هذا المقام: أنه بعد أن قويت الدعوة الإسلامية في تركيا، وتفوقت بجهود الشيخ محمد أمين سراج وإخوانه، استطاعت الصحوة الإسلامية بقيادة الرجل الصلب المحنك الناضج الدكتور نجم الدين أربكان أن تهز قوائم العِلمانيَّة المتسلِّطة على تركيا، والَّتي يسندها جيش فُرِّغ زمنًا طويلًا من كل العناصر الإسلاميَّة والتوجهات الإسلاميَّة.

وفي أواخر رحلاتي إلى اسطنبول أصبحت ألبس الزِّي الأزهري، والعمامة الأزهرية، فذكرني الشيخ سراج في مرَّة من هذه المرات بما كان عليه الحال يوم أن كنت آتي متخفيًا، ألبس البدلة الإفرنجية، وكانت الندوات والمحاضرات تعقد للخاصَّة من الشباب المتديِّن في جوٍّ من التكتم، حامدًا الله على نعمائه، مبشرًا لي بأن المستقبل لهذا الدين، وقد حقق الله بشارته، وقد مد الله في عمره ليرى تركيا وهي تعود إلى تعاليم دينها وأحضان أمتها، ويعود مسجد الفاتح – كما كان منذ فتح إسطنبول - مسجدًا جامعًا، تقام فيه الجمع والجماعات.

وقد لازم الشيخ "جامع الفاتح" منذ عودته من مصر سنة 1958م، واستمرَّ يعقد فيه حلقات العلم والتربية متطوعا مدَّة تزيد على اثنين وستِّين عامًا إلى قبيل وفاته بقليل.

وجامع الفاتح هو منارة علميَّة كبرى في إستانبول، وكانت معاهده لا تقل عن الأزهر في فترة من الفترات، ودرَّس فيه كبار علماء تركيا.

ومن إسهامات الشيخ سراج رحمه الله أنه ترجم مع اثنين آخرين بعض الكتب الإسلامية إلى اللغة التركية، ككتاب (في ظلال القرآن) للشهيد سيد قطب رحمه الله، في ستة عشر مجلدًا، واستغرق هذا العمل مدة سبع سنوات.

وقد ترك الشيخ سراج خلفه أجيالًا من العلماء والدعاة البررة الواعين الصادقين المخلصين، ربَّاهم على الإسلام وتعاليمه، وانتفعوا بعلمه وتوجيهه، وهم خير خلف له، صار أكثرهم أساتذة في الجامعات، ومفتين، وواعظين، ومعلِّمين، وأئمَّة، ودُعاة، ورؤساء بلديات، ونوَّابًا في البرلمان، سيحملون الراية من بعده في العلم والدعوة إلى الله، وتربية الأجيال التربية الإسلامية الصالحة، والتواصل مع العالم العربي والإسلامي، وخدمة قضايا الأمَّة.

ولم يكن رحمه الله منعزلًا عن الشأن العام، بل كان يتعاون بحكمة مع كل عامل للإسلام، لذا لا عجب أن يحتشد لجنازته الآلاف المؤلفة من الأتراك والعرب والمسلمين، وأن تمتلئ الصفحات برثائه من علماء الأمة الإسلامية وشبابها في العالم كله.

ولا عجب أن تحتفي به الحكومة التركية ممثلة في شخص رئيسها الرئيس أردوغان ليكون أول المُشَيِّعين له، ويلقي كلمة مؤثِّرة يُعَدِّد فيها مناقبه وأثره الكبير عليه، ويقرأ القرآن الكريم عند قبره بعد الدفن، وهذا يدلُّ على مكانة العلم والعلماء في هذه الدولة المسلمة الحبيبة إلى قلوبنا التي أصبحت مدافعة عن قضايا الإسلام والمسلمين، وملاذًا وموئلًا للمستضعفين.

اللهمَّ تقبَّل عبدك محمد أمين سراج في الصالحين، وارفع درجته في المهديِّين، واخلفه في عقبه وتلاميذه في الغابرين، واغفر لنا وله ولكلِّ مُحِبِّيه يا ربَّ العالمين، وافسح له في قبره، ونوِّر له فيه.

وعظِّم اللهم أجر أبنائه وأهله وتلاميذه ومُحِبِّيه وأجر جميع المسلمين فيه.

اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله.

يوسف القرضاوي

الثلاثاء 11 رجب 1442هـ، الموافق 23 فبراير 2021م

موقع الدكتور يوسف القرضاوي 2022

تركيا تودِّع شيخ جامع الفاتح محمد أمين سراج:

أصدر المجلس الإسلامي السوري بيان تعزية بالشيخ (محمد أمين سراج) أحد أبرز العلماء في الجمهورية التركية، الذي وافته المنية يوم أمس الجمعة.

وقال المجلس في بيانه: “نتقدم بخالص العزاء إلى تركية حكومة وشعبًا ولأسرة الفقيد وطلابه، سائلين المولى أن يعوض الأمة الإسلامية خيرًا، ويحفظ علماء المسلمين ويبارك بأعمارهم.”

وعزَّى به المستشار التركي يوسف أقطاي قائلاً: “عالم آخر يرتحل اليوم من هذه الدار إلى الدار الباقية، نتمنى الرحمة من الله عز وجل لمعلمنا السيد أمين سراج الذي كرَّس حياته للعلم والتربية”.

من هو الشيخ محمد أمين سراج؟

وُلِد فضيلة العالم (محمد أمين سراج) في قرية تابعة لولاية (توقاد) شمال الأناضول وتعلم ونشأ في عائلة تعنى بالقرآن الكريم وعلومه.

وبدأ بتعلم القرآن الكريم بعمر السادسة في فترة كان تعلمه ممنوعًا في تركيا، فقد حكم على والده (حافظ مصطفى) بالسجن ستة أشهر لتعليم أبنائه القرآن واللغة العربية.

وتابع مشواره بالعلم في مدينة إسطنبول برعاية إمام جامع الفاتح (عمر أفندي)، ثم في ولاية (كاراجموك) التي نهل منها علم الحديث على يد الشيخ (سليمان أفندي) ليحصل على إجازة في علوم الحديث.

اقرأ أيضاً: لماذا تطالب إسرائيل روسيا بالكشف عن صفقتها مع الأسد؟

ثم تابع بفترة الخمسينات دراسته في جامعة لأزهر الشريف بمصر متخرجًا منها عام 1958 ثم عاد إلى تركيا بعد أن تعرف إلى كبار علماء مصر والشام، ليتابع تقديم خدماته في دار المعارف الدينية وعلوم الحديث في جامع الفاتح لمدة تجاوزت 60 عامًا حصل خلالها على جائزة الشرف للحديث والسيرة النبوية عام 2011.

من مساهماته ومناقبه:

ساهم العالم الشيخ (محمد أمين) في تكوين أكثر من ألفي طالب علم بتفضيله تدريسهم على التأليف والكتابة، ولُقِّب بآخر مشايخ العثمانيين، وذلك عبر مشاركته بالترجمة مع مترجمين أتراك لكتب عربية إلى اللغة التركية من بينها (في ظلال القرآن) للسيد قطب، و(ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين) لأبي الحسن الندوي، وغيرها من مؤلفات العلماء الكبار.

وكان من الموقعِّين على فتوة تحريم التنازل عن أي شبر من الأراضي الفلسطينية التي وُقِّعت عان 1989.

من مشايخه وتلاميذه وأصدقائه خلال حياته:

تتلمذ الشيخ (محمد أمين) بحسب ما رُوِي على يد الشيخ (أبي الحسن الندوي، وعبد الفتاح أبو غدة) وصاحب في حياته الشيخ (نور الدين عتر، ومحمد زاهد الكوثري، ومصطفى صبري).

وحاز على إجازة منه كل من الشيخ المحدِّث شعيب الأرناؤوط، والمحدِّث محد عوامة، والدكتور يوسف القرضاوي، والشيخ سلمان بن عبد الفتاح أبو غدة، وغيرهم الكثير من طلاب العلم إلى أن توفِّي أمس عن عمر ناهز 90 عامًا.

صحيفة حبر

وزير مصري سابق: "سراج" يمثل علماء المسلمين في العالم صلاح عبد المقصود قال:

   إنه قابل عالم الحديث التركي الراحل الشيخ محمد أمين سراج عدة مرات، ولمح في وجهه المنير الورع والتقوى....

   قال وزير الإعلام المصري السابق صلاح عبد المقصود، إن عالم الحديث التركي البارز الراحل محمد أمين سراج، كان يمثل علماء المسلمين، وإن له تلاميذ كُثْرُ في العالم.

   جاء ذلك في تصريحات لموقع "ترك برس" الإخباري التركي، الأحد، عقب مشاركته في جنازة الشيخ سراج بـ"جامع الفاتح" بإسطنبول، حيث وافته المنية، الجمعة، عن عمر يناهز 90 عاما، قضاها في خدمة الإسلام.

وشدد عبد المقصود، على أن سراج ليس شيخ تركيا فحسب بل يمثل علماء المسلمين في العالم، وله تلاميذ كُثْرُ في مصر والخليج والقارة الهندية والشام وفي كل بلاد الله، لأنه اهتم بتكوين العلماء والشيوخ ونقل العلم.

وقدم عبد المقصود وهو قيادي بارز بجماعة "الإخوان المسلمين" ومتواجد في تركيا، تعازيه إلى الرئيس رجب طيب أردوغان، وأسرة سراج وتلاميذه ومحبيه.

وأشار إلى أنه قابل الشيخ سراج عدة مرات، مضيفا: "لفتني وجهه المنير وورعه وتقواه".

والسبت، نعي الرئيس أردوغان وعلماء مسلمون وجهات عدة، بينها الإخوان، عالم الحديث التركي الراحل.

   وأثنت بيانات النعي والرثاء على سراج، مشددة على أنه كان "بحرا في العلوم الإسلامية"، و"رجل التعليم والتربية".

والأحد، شارك الرئيس أردوغان في صلاة الجنازة على سراج، وحمل نعشه، حيث دُفن الراحل في مقبرة المسجد.

وأفاد الرئيس أردوغان أنه تعرف على الشيخ الراحل، وأنه كان يزوره، ويستفيد كثيرا من نصائحه.

وبدأ سراج حفظ القرآن الكريم في السادسة من عمره في بيت جده، وبين أعوام 1940 ـ 1943 درس في مسقط رأسه بولاية طوقات شمالي تركيا، ثم أرسلته أسرته إلى إسطنبول لمواصلة تعليمه.

وفي إسطنبول، درس علمي التفسير والحديث، ​​​​​​​وفي 1950 هاجر إلى مصر لمواصلة تعليمه وحصل على إجازة من جامعة الأزهر.

المصادر:

١- موقغ رابطة العلماء السوريين: عدة مقالات.

٢- موقع منتدى العلماء.

٣- الموقع الرسمي لوكالة الأناضول.

٤- موقع الجزيرة نت.

٥- الموسوعة التاريخية الحرة.

٦- موقع رابطة أدباء الشام.

٧- موقع د. يوسف القرضاوي.

٨- مواقع الكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1007