الشيخ الداعية الدكتور عبد الحميد حسن الغزالي: التأسيس للإقتصاد الإسلامي

sgfdfgsgfff1031.jpg

 (1937 ـ 2011م)

    هو الشيخ الداعية والخبير المصرفي؛ وتنموي مصري وأستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة ومستشار سياسي سابق للمرشد العام للإخوان المسلمين

المولد؛ والنشأة:

  ود. عبد الحميد الغزالي من مواليد 23 فبراير 1937 ـ في الشهداء / المنوفية / مصر. متزوج؛ وله ثُلاث بنات متزوجات؛ وله تسع أحفاد. 

   تعرف على الإخوان كشبل في شعبة الإخوان في الشهداء؛ ثم في بلدته ميت شهالة؛ وهي أيضا بلدة الشيخ عبد المجيد سليم؛ وهو خال والده كان مسئول الطلاب في هذه الشعبة.

  كان عضو مجلس شورى الإخوان؛ ومسئولا عن القسم السياسي قرابة 8 سنوات. 

   ألقى القبض عليه بسبب انتمائه للإخوان ثلاث مرات الأولى سنة 1954؛ وهو في المرحلة الثانوية.

 والثانية سنة 1971 في انتفاضة الطلبة.

   ثم مع مجموعة بحزب الوسط؛ وكان معه المرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين مهدي عاكف؛ وحكم عليهم بثلاث سنوات.

   وشيعت جنازة الراحل د. عبد الحميد الغزالي من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين في محافظة الجيزة عقب صلاة الظهر السبت، {4 يونيو 2011 } ودفن بمقابر الأسرة ببلدته ميت شهالة

المؤهلات العلمية:

  دكتوراه الفلسفة في الاقتصاد ـ اقتصاديات التخطيط ـ المملكة المتحدة 1968م.

الوظائف؛ والمسؤوليات:

  عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ـ جامعة القاهرة، منذ 1968م و حتى وفاته.

  فهو أستاذ الاقتصاد والاقتصاد الإسلامي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة

  مؤسس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى

وكيل نقابة التجاريين.

 رئيس قسم الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى سابقا

  رئيس شعبة الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى سابقا

  مدير المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية بجدة سابقا 1411 ـ 1415هـ.

   مؤسس ومشرف ومدير مركز الاقتصاد الإسلامي التابع للمصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية بالقاهرة سابقا 1985 ـ 1990م

  عضو مجلس إدارة المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية 1980 ـ 1990م.

  مستشار اقتصادي للمصرف الإسلامي الدولي 1985 ـ 1990م.

نائب جمعية الاقتصاد الإسلامي المصرية

عضو مجلس إدارة مركز الشيخ صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر سابقا.

  خبير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بدولة اليمن سابقا.

خبير برنامج الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بدولة الكويت سابقا.

مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية سابقا

رئيس لجنة تنسيق البحوث بين البنوك الإسلامية 1991 ـ 1995م.

أستاذ زائر ـ معار ـ جامعة أم درمان، جامعة الكويت، جامعة الملك عبد العزيز، جامعة أم القرى.

 أستاذ زائر في العديد من الجامعات العربية والإسلامية

عضو العديد من المؤتمرات السياسية والاقتصادية في داخل مصر وخارجها

إحصاءات عن الإخوان:

  يقول د.عبد الحميد الغزالي المستشار السياسي للمرشد أن عدد الإخوان في مصر وصل إلي 15 مليون إخواني منهم 10 ملايين يسمون إخوان عاملين والخمسة مليون الآخرون مؤيدون لأفكارها وذلك في حوار له مع صحيفة المصري اليوم بتاريخ 29 أكتوبر 2009م :«نحن في مصر، والحمد لله، وصلنا إلى رقم 15 مليون إخوانى، حيث يوجد 10 ملايين يسمون «إخوان عاملين» في الجماعة، بينما الخمسة الآخرون مؤيدون لأفكارها، وهذه ليست أمانى ولكنها إحصائيات، أما عن عدد الإخوان خارج مصر فلا أعرف الرقم بالضبط.»

المؤلفات:

الإنتاج العلمي في مجال المصرفية الإسلامية

دراسة جدوى المصرف الإسلامي 1978م.

الأرباح والفوائد بين التحليل الاقتصادي والحكم الشرعي 1990م

حول أساسيات المصرفية الإسلامية، 2001م.

   وله العديد من المقالات في مجال المصرفية الإسلامية.

  الإشراف على العديد من الدراسات في مجال المصرفية الإسلامية كصادرات مركز الاقتصاد الإسلامي بالقاهرة، وللمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب بجدة.

  الإشراف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراه في مجال المصرفية الإسلامية.

  الإشراف على تنفيذ برامج تدريبية لرفع كفاءة العاملين في بالمصارف الإسلامية.

الاشتراك في العديد من الندوات وورش العمل 

والمؤتمرات حول المصرفية الإسلامية.

الدكتور عبد الحميد الغزالي أبو الاقتصاد الإسلامي:

   فارقت روح الدكتور عبد الحميد الغزالي الخبير المصرفي التنموي الشهير, وأحد أهم أعلام الاقتصاد الإسلامي في العالم الحياة بعد أن فارقت روح مصر اليأس من التغيير..

  حيث رحل الفقيد عن عمر ناهز 71 عاما بعد مرض قاس ألم به في السنوات الأخيرة حيث اشتغل الغزالي بالتدريس والتأصيل لنظريات المصرفية الإسلامية ومحاولة إيجاد اقتصاد إسلامي مواز للصيرفة التقليدية.

  ولد الدكتور عبد الحميد حسن الغزالي في 23 فبراير 1937م بقرية ميت شهالة التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية.

  كان الغزالي عضوًا بمجلس شورى الإخوان, ومسئولاً عن القسم السياسي قرابة 8 سنوات ثم عمل مستشارًا سياسيًّا للمرشد العام للإخوان المسلمين.

  وقد ألقى القبض عليه بسبب انتمائه للإخوان ثلاث مرات الأولى سنة 1954م وهو في المرحلة الثانوية والثانية سنة 1971م في انتفاضة الطلبة ثم مع مجموعة ما يسمى بحزب الوسط وكان معه المرشد السابق للإخوان محمد مهدي عاكف وحكم عليهم بثلاث سنوات.

  حصل الغزالي على دكتوراه الفلسفة في الاقتصاد في المملكة المتحدة 1968م, وعضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية ـ جامعة القاهرة, منذ 1968م حتى وفاته كما كان عضوًا بالمكتب الفني واللجان العلمية برابطة الجامعات الإسلامية.

  كما عمل أستاذًا زائرًا في العديد من الجامعات العربية والإسلامية وشغل العديد من المناصب الاستشارية في مصارف عربية وإسلامية.

  كما أسس وأشرف على مركز الاقتصاد الإسلامي بالقاهرة 1985م ـ 1990م وكذلك عمل مديرًا للمعهد الإسلامي للبحوث والتدريب ـ البنك الإسلامي للتنمية 1411هـ ـ 1415هـ.

  وكان رئيسًا للجنة تنسيق البحوث بين البنوك الإسلامية 1991م ـ 1995م.

  وشارك في العديد من الندوات وورش العمل والمؤتمرات حول المصرفية الإسلامية.

  كما أشرف على العديد من رسائل الماجستير والدكتوراة في مجال المصرفية الإسلامية.

  وقد أثرى الغزالي الملقب بـ" أبو الاقتصاد الإسلامي" المكتبة العربية والإسلامية بالكثير من المؤلفات المتفردة في الاقتصاد الإسلامي, ومن أبرزها: الأرباح والفوائد بين التحليل الاقتصادي والحكم الشرعي, حول أساسيات المصرفية الإسلامية.

  وكانت للفقيد الراحل آراؤه المتميزة إبان الأزمة المالية العالمية منذ ثلاثة أعوام من ضرورة اللجوء إلى حل الاقتصاد الإسلامي بدلاً من النظام المصرفي التقليدي الذي أدى حسب رأيه إلى حدوث تلك الأزمة التي عصفت بكبريات الاقتصاديات العالمية..

  وقد كتب الدكتور عصام العريان عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين ونائب رئيس حزب الحرية والعدالة مقالاً ينعي فيه الدكتور عبد الحميد الغزالي جاء فيه:

  لم يكن رحيله مفاجئًا, فقد عانى في السنتين الأخيرتين من مرض عُضال -لم يقعده عن المشاركة في النشاط العام- وكانت مشاركته وفرحته بثورة مصر 25 يناير, والحرية التي تمتع بها شعب مصر, هي آخر السطور التي سطرها في تاريخ مصر والمصريين والاقتصاد المصري, أستاذًا أكاديميًّا, وباحثًا اقتصاديًّا, وراعيًا لمراكز الدراسات والبحوث في البنوك الإسلامية, وناشطًا سياسيًّا في رحاب دعوة الحق والقوة والحرية.. دعوة الإخوان المسلمين.

  عرفت أ. د. عبد الحميد الغزالي -في شهادة الميلاد "عبد المجيد" عن قرب- ثلاث سنوات في سجن المزرعة وملحق المزرعة بطره, عندما التحق بنا بعد عامٍ ونصفٍ, وتركنا بعد قضاء السنوات الثلاث كاملة, وهو أستاذ الجامعة الذي تتلمذ على يديه كثير من رجال الحكم, ولم يشفع له علمه, ولا سنه, ولا مكانته العلمية.

  كُنَّا نُشفق عليه أثناء فترة السجن, وعلى آخرين, خاصة هؤلاء الذين لم يسبق لهم دخول السجن, ولم يخطر على بالهم أحيانًا هذا الاحتمال, وبعضهم تعوَّد على حياة رغدة؛ بسبب المكانة الاجتماعية أو العلمية.

  كان صادقًا مع نفسه, ونحسبه صادقًا مع الله, مخلصًا له وجهه, متواضعًا رغم علمه, صارمًا في نظام حياته.

  كُنَّا نتضاحك معه عندما يشترك في مجموعة خدمة المسجونين من الإخوان, ففي مجموعة الطعام يُصرُّ على تسمية الوجبات "بالمينيو" -أي قائمة الطعام- ثم يتحدث عن طبق اليوم, وفاكهة الموسم.

  وكانت إحدى الأزمات التي غضب فيها هو وأهله أثناء زيارته في السجن, هي زيارة محجوزة عند "باب الجبل", وهو أول أبواب منطقة سجون طره (ب), وعندما ذهبتُ إلى مأمور السجن وضابط المباحث لأستطلع سبب غضب أهل د. عبد الحميد وأشقائه الذين قدموا من "الشهداء- منوفية" كان السبب مضحكًا؛ لقد أحضر الزوار "شوالاً" من الفول السوداني وزنه ثقيل, ولا يُسمح للزيارات إلا في حدود الاستخدام الشخصي أو ما يزيد قليلاً.

  نجح تدخلنا في إنهاء المشكلة؛ حيث تمَّ توزيع الكمية على مجموع الزيارات في ذلك اليوم -حل وسط- لا بدَّ من الإبداع فيها حتى لا يتحمل الضباط والسجانة المسئولية عندما ينتقل الخبر إلى الجهات العليا؛ فيقال: هل هم مسجونون يتم عقابهم أم هم مبسوطون لدرجة التسلية بالفول السوداني, ومما يجب أن يعلمه القارئ؛ أن المسئول الذي قرر حبس مُعارِض يتابع حالته باستمرار, ويتدخل لاتخاذ القرارات البسيطة أحيانًا والخطيرة دائمًا في حياته لدرجة: كيف ينام؟ وأين ينام؟ وهل يتم نقله للعلاج إلى الخارج؟ والزيارة ومدتها؟.. إلخ.

  وكُنَّا نتندر- أنا وأخويَّ الكريمان د. عبد المنعم أبو الفتوح, ود. إبراهيم الزعفراني- بسبب تأخر وصول الأسِرَّة المقررة لنا لمدة سنتين, ننام فيها على البلاط, رغم كل الموافقات, بأن السيد الرئيس لم يُعط التأشيرة بعد, وسيوقع عندما لا يتبقى من المدة إلا شهور قليلة!!.

  وعندما خرج د. إبراهيم الزعفراني, ود. محمد وهدان وآخرون بعد قضاء 3 سنوات كاملة يوم 22/1/1998م, جلسنا ننتظر الأخبار, وكيف سيتم التعامل معهم؟ فكانت النتيجة عجيبة.

  عادوا إلينا جميعًا بعد 24 ساعة, فقد احتجز وهدان بمقرِّ مباحث أمن الدولة بالإسماعيلية؛ ليعيده إلينا في الصباح دون رؤية أهله وأولاده.

  أما د. الزعفراني, فقد صرفه الضابط قبيل صلاة المغرب في رمضان, فأفطر مع زوجته وأولاده, ثم صلى العشاء والقيام بالمسجد, وألقى كلمة في الحضور, ثم فوجئ بتليفون قبيل السحور بساعتين يطلب منه سرعة الحضور إلى المباحث من جديد؛ لأن التعليمات تغيرت, والضابط يخاف على نفسه من المسئولية, ولماذا تَصَرَّفَ من تلقاء نفسه؟ فأجابه الزعفراني بحسم: لن أعود إلا بعد تناول السحور مع أولادي الصغار وصلاة الفجر ووداعهم لأشرح لهم الموقف؛ لئلا يصابوا بصدمة عصبية ونفسية, وكان له ما أراد, ثم عاد إلينا سريعًا ضاحكًا مبتسمًا متهللاً كعادته, وسط وجوم الجميع, رغم محاولات التباسط, لكي تبدأ التحليلات الأمنية والسياسية التي توقفت كلها عند مشغولية الرئيس مبارك الذي لم يجد وقتًا للتأشير على قرارات الإفراج النهائية, وعندما علم مساعده ويده اليمني طالب بإعادة الوضع إلى ما كان عليه حتى يقرر الرئيس.

  وخرج الزعفراني بقرار بعد أيام, أما د. وهدان فبقي حتى 18/3/1998م؛ لأن قرار اعتقال كان قد صدر له, وتمَّ تعذيبه ببشاعة على يد الضابط تامر عبد الوهاب قبل الخروج لأولاده.

  كان برنامج الفقيد الراحل محددًا, وأبرز ما فيه هو الحرص الشديد على طابور الرياضة الصباحي, الذي يتضمن 3 فقرات ساخنة:

الأولى: طابور جري لمدة نصف ساعة تقريبًا.

الثانية: ألعاب سويدي شاقة لا يستطيع أحد أن يجاريه فيها, وفق نظام صارم لتدريب كل عضلات الجسم, من الرقبة حتى أصابع اليدين.

الثالثة: "ماتش إسكواش", وحتى لا يسرح بك الخيال لتتخيل أن هناك ملعب إسكواش بطره, سوف يستمتع به الرئيس السابق المُغرم بالإسكواش قبل المرض الخطير-شفاه الله- فقد كان الموجود فقط المضارب و"الكور", أما حائط الصد فكان حائط السجن دون ملعب.

  المهم أنه كان يعود بعد ساعة ونصف تقريبًا في غاية النشاط والإقبال على البرنامج اليومي الذي يتضمن الإفطار, وجلسات الحوار, والصلوات, والفترات الحرَّة للقرآن والتسبيح والقراءة الحرَّة.

  من اللطائف التي أذكرها لأخي الحبيب: موقفه في لجنة الامتحان الأولية للالتحاق بمعهد القراءات القرآنية بالأزهر الشريف, كان الامتحان في القرآن كله تحريريًّا, وفوجئت أنا ومحسن راضي بالدكتور يغادر حجرة الامتحان سريعًا دون إكمال الامتحان.

  سألته بعدها فأجاب بصدق: كنت أتصور الأمر سهلاً, وقد حفظت القرآن هنا في السجن, وأكملته على يد الأخ الكريم الراحل العزيز م. محمد العدوي, الذي كان يقول بضحك: من لم يأخذ مني ختم الختم للقرآن لن أعترف بحفظه, وكانت المفاجأة أن الوحيد الذي اجتاز الامتحان هو من لم يأخذ منه الختم الرسمي, ورسب الآخرون.

  خرج د. عبد الحميد من السجن ليتسلم مسئولية القسم السياسي, تحت إشراف المستشار محمد المأمون الهضيبي رحمه الله, ومعه فريق عمل متميز من أساتذة الجامعة والصحفيين والمتخصصين, ومعه الراحل الكريم الأخ العزيز عبد المنعم سليم جبارة كمساعد له.

  عندما خرجت بعد سنة ونصف في يناير 2000م؛ التقيت الأستاذ المأمون والحاج مصطفى مشهور فسألني: أين أريد أن أعمل؟ وهل أعود إلى القسم السياسي؟ كنت أول الشباب الذين التحقوا باللجنة السياسية عام 1984م, ثم بالأمانة الفنية المساعدة للكتلة البرلمانية مع المغفور لهما فؤاد حجاج وكيل وزارة, ورشاد نجم الدين وكيل وزارة, وكان معي في اللجنة شباب واعد, أذكر منهم الآن مع حفظ الألقاب: حامد عبد الماجد القبيسي, ود. إبراهيم البيومي غانم, وهشام جعفر, وأحمد عبد الله, وياسر عبده, والأخير هو الوحيد الذي استمر في القسم, كباحث اقتصادي, ومفكر سياسي في الزهد والتواضع.

  التحقت بالقسم عضوًا عاملاً, ثم نائبًا لرئيس القسم, ثم رئيسًا للقسم بعد اعتذار د. عبد الحميد الغزالي عام 2004م, والتحاق د. محمد مرسي- النائب الثاني لرئيس القسم- بمكتب الإرشاد, ووفاة الأخ العزيز عبد المنعم سليم جبارة.

  كانت طريقة د. الغزالي يَغْلُب عليها طابعه الأكاديمي, وطريقة الاقتصاديين, وتبنيه لمفاهيم الاقتصاد الإسلامي, الذي كان من أبرز رواده, وسيُكتب اسمه في سجل الذين نظَّروا للنظريات الاقتصادية بمرجعية إسلامية, ودَرَست كتابه عن "النقود والبنوك", وتتلمذت على يديه في حوارات معمقة حول المشكلات التي تعاني منها البنوك الإسلامية, والمشاريع الاقتصادية الإسلامية وهي كثيرة, واختلفنا كثيرًا.

  عمل د. عبد الحميد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أستاذًا حتى وصل إلى درجة أستاذ متفرغ, أشرف فيها على مئات الدرجات العلمية للماجستير والدكتوراة -حصل على الدكتوراه في الاقتصاد من لندن على يد أكبر الأساتذة- وخرج إلى الميدان العملي ليعمل في مراكز الدراسات والبحوث في البنك الإسلامي للتنمية بجدة لسنوات طويلة, ثم أسس مركز دراسات للمصرف الإسلامي الذي شارك فيه بالقاهرة.

  لم يعمل-فيما أعلم- في مجال الفتاوى بالبنوك, ولكن تخصصه كان في مجال الدراسات والبحوث.

  لن أستطيع أن أوفي أخي د. عبد الحميد حقه في هذا المقال, الذي طال أكثر مما ينبغي, وخرج عن طبيعة المراثي, وأدعو إخوانه وأصدقاءه وتلاميذه إلى الكتابة عنه, وعن الجوانب المختلفة في حياته.

  عزائي لأهله جميعًا.. بناته وأزواجهن وأولادهن, ولإخوته الكرام, ولأهل "ميت شهالة" بالشهداء جميعًا, الذين أحاطوه بالحب والتأييد عندما تقدم للترشيح للنيابة عنهم وتمثيلهم في المجالس النيابية, وعندما تقدم للترشيح في دائرة المنيل بالقاهرة كان عقابه أن يتم إدراجه في قضية "حزب الوسط" الشهيرة ليحصل على ثلاث سنوات بعد محاكمة عسكرية, بينما خرج وكيل المؤسسين, ولا يعرف أحد لماذا حُوكِم هؤلاء, ولماذا سُجن منهم من سُجن, وبعضهم كالحاج محمود أبو ريا, أو د. محمود العريني كانا فوق السبعين, ثم بُرِّئ من بُرِّئ كعصام حشيش وأبو العلا ماضي, وهما في سن الشباب, الله يخلق ما يشاء ويختار.

  رحمك الله رحمة واسعة يا أخي وصديقي وأستاذي.. عبد الحميد الغزالي, عرفتك في أحوال شدتك: السجن والمرض, فكنت الصابر المحتسب الراضي بقضاء الله تعالى, الزاهد المتواضع, الخدوم لإخوانك, الواثق في رحمة الله وفرجه.

  كانت وطأة المرض عليك قاسية, لم تتوقعها وأنت الرياضي الذي تمتع بصحة وعافية حتى سن الخامسة والستين, وزرتك بالمستشفى عندما بدأ العلاج الكيماوي تحت إشراف الأخ الحبيب أ. د. أحمد سليم, وسافرت إلى فرنسا وصحبك طبيبك أحمد سليم, وعدت واثقًا بقدرة الله على الشفاء, ولم تتأخر-رغم مرضك- عن مواصلة العمل والدعوة, وحضور مجلس الشورى, وزيارة مكتب الإرشاد, والكتابة للمجلات والصحف, والإشراف على الرسائل العلمية.

وداعًا يا أخي في الله..

وإلى اللقاء.. إخوانًا على سُرر متقابلين.. في جنات النعيم.

برحمة من الله ورضوان. آمين.

د. عبد الحميد الغزالي.. التأسيس للاقتصاد الإسلامي

    

   منذ أعلن الإمام البنا في الناس أن الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعًا، ومنذ صرَّح بضرورة الاستقلال الاقتصادي وقال: "لن يستشعر أحد العزة والكرامة، ويتذوق طعم الحياة الكريمة إلا إذا شبع بطنه، واستغنى عن غيره، وتوفرت له ضروريات حياته".

   ومنذ وضع الإمام البنا- رحمه الله- رسالته الشهيرة "مشكلاتنا في ضوء النظام الإسلامي"، وتناول فيها الأوضاع الاقتصادية في مصر وبيَّن مشروع النهضة الاقتصادية كما وضعه الإسلام.

  ومنذ أقرَّ أن الإخوان هي شركة اقتصادية؛ لأن الإسلام يعني بتدبير المال وكسبه من وجهه.

   منذ ذلك كله والإخوان يعملون على النهوض بالأمة في جميع نواحيها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والفكرية والتربوية والثقافية، ويقدمون الدراسات والأبحاث، ويعقدون الندوات والمؤتمرات، لنشر الوعي، وتصحيح المفاهيم، وتقديم الرؤى والمشروعات البناءة والفاعلة.

   ولقد برزت أعلام كثيرة من الإخوان المسلمين في جميع المجالات والأنشطة الاجتماعية والمدنية والأدبية والثقافية والحقوقية والعلمية والأكاديمية.

  من هؤلاء الأعلام العالم الاقتصادي، والخبير المصرفي والتنموي الأستاذ الدكتور عبد الحميد الغزالي- رحمه الله- الذي اشتغل بالتدريس والتأصيل لنظريات المصرفية الإسلامية، محاولاً إيجاد اقتصاد إسلامي موازٍ للصيرفة التقليدية.

مولده؛ ونشأته:

  ولد الدكتور عبد الحميد حسن الغزالي في 23 فبراير 1937م في قرية ميت شهالة، مركز الشهداء، محافظة المنوفية بمصر، في أسرة عريقة، فكان خال والده فضيلة الشيخ عبد المجيد سليم أحد علماء الأزهر الشريف، اهتم والده بتعليمه؛ فألحقه بكتاب القرية؛ ليتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ثم التحق بالتعليم الابتدائي.

معرفته بالإخوان:

  تعرف الدكتور الغزالي على الإخوان؛ وهو في المرحلة الابتدائية، حتى ملأت الدعوة جوانب حياته في شعبة الإخوان في الشهداء، وكان مسئول الطلاب في هذه الشعبة في شبابه، ثم عضو مجلس شورى الإخوان ومسئولاً عن القسم السياسي قرابة ثمان سنوات، والمستشار السياسي للمرشد العام للإخوان الأستاذ مهدي عاكف.

  كما أتاح له موقعه بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة الإشراف على نشر دعوة الإخوان المسلمين في جامعة القاهرة، وإعداد الكوادر الطلابية، وقد تربَّى على يديه كثير من شباب الحركة الإسلامية في السبعينيات في ذلك الوقت.

بلاؤه وجهاده:

  نال الدكتور الغزالي نصيبًا مفروضًا من التضييق والحرمان والاعتقال من قِبَل أجهزة أمن الدولة، وذلك في عهود رؤساء مصر الثلاثة؛ عبد الناصر، والسادات، ومبارك، فتمَّ اعتقاله بسبب انتمائه للإخوان المسلمين ثلاث مرات؛ الأولى في عهد جمال عبد الناصر سنة 1954م وهو في المرحلة الثانوية، والثانية في عهد أنور السادات سنة 1971م في انتفاضة الطلبة، ثم في عهد حسني مبارك في عام 1995م مع مجموعة ما يسمى بحزب الوسط، وحكم عليه بثلاث سنوات.

  كما تعرض الدكتور الغزالي رحمه الله إلى التضييق، ومنعه من السفر وحرية التنقل، والبحث العلمي، وحضور المؤتمرات العلمية والفكرية.

  كما منعت سلطات الأمن بمطار القاهرة الدكتور عبد الحميد الغزالي أستاذ الاقتصاد بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة؛ من السفر للمرة الرابعة عشرة منذ العام 1999م.

  يقول الفقيد الراحل: منذ خروجي من المعتقل في العام 1999م تمَّ منعي من السفر 14 مرة، وسافرت 10 مرات، وفي كلِّ تلك المرات لم تكن هناك قواعد واضحة لمنعي من السفر من عدمه، فالأمر لا يخضع لأية معايير.

  وفي تصرف مستفزّ قامت أجهزة الأمن بإنزال الغزالي من الطائرة؛ حيث كان متجهًا إلى اليمن للمشاركة في ندوة دولية بجامعة "الإيمان" عن الأمن الغذائي العربي؛ والمقرَّر أن يكون الدكتور الغزالي محاضرًا رئيسيًّا لها، كما أنه مشاركٌ في الندوة بثلاث أوراق في الندوة، ويأتي قرار المنع رغم حصول الغزالي على تصريح بالسفر من جامعة القاهرة.

الخبرات والمناصب العلمية:

  شغل الدكتور الغزالي العديد من المناصب الهامة في مجال الاقتصاد الإسلامي، وتنقل بين العديد من الدول العربية والإسلامية والأوربية محاضرًا وخبيرًا ومشرفًا ومستشارًا.. إلخ، فكان مدير المعهد الإسلامي للبحوث والتدريب التابع للبنك الإسلامي للتنمية بجدة سابقًا 1411- 1415هـ، ومدير مركز الاقتصاد الإسلامي التابع للمصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية بالقاهرة سابقًا 1985 ـ 1990م، وعضو مجلس إدارة المصرف الإسلامي الدولي للاستثمار والتنمية 1980 ـ 1990م، ومستشارًا اقتصاديًّا للمصرف الإسلامي الدولي 1985 ـ 1990م، ونائب جمعية الاقتصاد الإسلامي المصرية، وعضو مجلس إدارة مركز الشيخ صالح كامل للاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر سابقًا، وخبير البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة بدولة اليمن سابقًا، وخبير برنامج الأمم المتحدة للتنمية الصناعية بدولة الكويت سابقًا، ومستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية سابقًا، ورئيس لجنة تنسيق البحوث بين البنوك الإسلامية 1991 ـ 1995م، وعضوًا بالعديد من المؤتمرات السياسية والاقتصادية في داخل مصر وخارجها، ورئيس شعبة الاقتصاد الإسلامي بجامعة أم القرى سابقًا، ووكيل نقابة التجاريين بمصر.

  بالإضافة إلى ذلك أشرف على تنفيذ برامج تدريبية لرفع كفاءة العاملين في المصارف الإسلامية، واشترك في العديد من الندوات وورش العمل والمؤتمرات حول المصرفية الإسلامية.

الإنتاج العلمي في مجال المصرفية الإسلامية وغيرها

  أثرى الدكتور عبد الحميد الغزالي المكتبة العربية والإسلامية بالكثير من المؤلفات المتفردة في الاقتصاد الإسلامي؛ حتى لُقِّب بـ"أبو الاقتصاد الإسلامي"، ومن أبرزها:

- دراسة جدوى المصرف الإسلامي 1978م.

- الأرباح والفوائد بين التحليل الاقتصادي والحكم الشرعي 1990م.

- حول أساسيات المصرفية الإسلامية، 2001م.

- مذكرات في اقتصاديات السكان.

- مقدمة في الاقتصاديات الكلية.

- مقدمة في اقتصاديات النقود والتوازن الكلي.

- أزهى عصور السلام.

- أساسيات الأصول النقدية وصفيًّا وإسلاميًّا مع الإشارة إلى الأزمة العالمية.

مع الإخوان:

   اهتم الدكتور الغزالي بإبراز مشروع النهضة الاقتصادية لدى الإخوان المسلمين، وكتب في ذلك بحوثًا ومقالات شتى، ففي دراسة بعنوان "الفكر الاقتصادي عند الإمام الشهيد حسن البنا" أعدها مركز الإعلام العربي ضمن المشروع الإصلاحي للإمام حسن البنا 2007م تساؤلات لقرن جديد" أوضح الغزالي أن الإمام البنا قدم فكرًا ومشروعًا اقتصاديًّا متكاملاً وتطبيقًا عمليًّا لهذا الفكر على أرض الواقع؛ حيث أعاد الإمام البنا المعرفة الاقتصادية إلى مدرسة الاقتصاد السياسي، كأحدث المدارس المعاصرة بديلاً عن مدرسة علم الاقتصاد بتأكيده على التزاوج بين السياسي والاقتصادي، خاصة فيما يتعلق بقضيتي النهضة والتنمية.

يقول الغزالي عن فكر الإمام البنا الاقتصادي:

  لقد حاولت جاهدًا أن أتخفف من عاطفتي تجاه جماعتي ومؤسسها، وأن أتحلى بقدر من العلمية والموضوعية في عرضي لفكر الإمام الاقتصادي تقييمًا لهذا الفكر، وتقويمًا لمدركاته ومفاهيمه ومصطلحاته، فلم أجد سوى نور الإسلام، وفطرة الرسالة، وحكمة الشرع تحكم هذا الفكر، وتؤطره في بساطة عرض، وجزالة لفظ، وعمق تحليل، ودقة وصحة نتائج، وقلت في بداية فحصي: لقد دخل الإمام البنا في فرع من فروع المعرفة، وهو شديد التخصص وشديد التعقيد، وبالذات جانب التنمية منه، وهو- أي الإمام- ليس من أهله، فلعلي نتيجةً لذلك أجد ما أرده وأصححه، وبعد قراءة نقدية فاحصة لم أجد صورًا حِرَفيةً فنية في التناول ومهنية متخصصة في التحليل وعمق وشمول مناسبين في المعالجة واستخدامًا صحيحًا لأصح المصطلحات وأحدثها أفضل مما رأيت عند الإمام البنا.

   كما اضطلع رحمه الله بإبراز أفكار مرشدي الإخوان جميعًا، مؤكدًا التزامهم بفكر الإمام الشهيد حسن البنا، وخطه الإصلاحي العام، فقال عن الأستاذ حسن الهضيبي: بعد استشهاد الإمام سار المرشد الثاني على الدرب نفسه، شديد الالتزام بدعوته، عميق الفهم لعقيدته، حارسًا أمينًا لقوام ووسطية الإسلام، فَتَحْتَ الاعتقال والتعذيب والسجن نادى البعض بدعوى "التكفير"، فرفض المرشد هذه الدعوى الباطلة، وقال كلمته الجامعة: "نحن دعاة ولسنا قضاة"، فأكد طريق الجماعة في الدعوة، وعبر عن منهجها أدق وأبلغ تعبير.

   لقد كان مرشدنا بحقٍّ أمين هذه الدعوة وحارسها، والمحافظ الصلب على قوام منهجها، ووسطية توجهها، واعتدال حركتها.

   وقال عن الأستاذ عمر التلمساني: لقد حمل عبء الدعوة، كما دعا إليها المستشار حسن الهضيبي: إسلامية صحيحة، سلفية العقيدة، عملية التطبيق، روحانية السلوك، محمدية الخلق، عالية المحتوى، حملها مرشدنا بنفس صافية، وسريرة نقية، وكلام طيب، وعرض جميل، وحوار حسن، ومجادلة لا مراء فيها، فتسابق الشباب على الانضمام إلى صفوفها زرافات ووحدانا، فكان بحق داعيةً موهوبًا، تتلمذ على يد الإمام البنا، وتخرَّج في مدرسته، وانتظم في سلك جماعته، متحملاً ابتلاءاتها بنفس مطمئنة، وصلابة وثبات.

   وقال عن الأستاذ أبو النصر: تولى مرشدنا الأستاذ محمد حامد أبو النصر، مسئولية الإرشاد ليتابع بإيمان عميق والتزام شديد مسيرة الدعوة المرتكزة بقوة ودقة على صحيح الإسلام، تستمد منه تعاليمها ونظمها وضوابط حركتها، ووسائلها وغايتها، وله تجاهد، وفي سبيل إعلاء كلمته تعمل، لا تعدل بالإسلام نظامًا، ولا ترضى سواه إمامًا، ولا تطيع لغيره أحكامًا، فكان مثال الدعوة الملتزمة، والرجولة الصحيحة، والأخوة العاملة، المتحلية بالصبر والمثابرة والجد والعمل الدائب، والدائم لنصرة دعوته، ابتغاء وجه الله تعالى، وتحصيل مثوبته ورضوانه.

   ومن كتابه "حقيقة الخلاف بين الإخوان المسلمين وعبد الناصر"، الذي يعد شهادة "عدل وصدق" للتاريخ، لا يرجو من ورائها إلا وجه الله تعالى.

   وذكر أن صاحب "فقه الدعوة" الأستاذ مصطفى مشهور المرشد العام الخامس للجماعة سار على طريق الدعوة، غير مبدل ولا مغير، يكمل مسيرة سلفه من المرشدين السابقين، بكلِّ إيمان وفهم، وإخلاص وتجرد، والتزام وانضباط، وتضحية وصبر، وحلم وتواضع، فكان بحقٍّ نموذجًا للداعية السلفي المستنير، ومثلاً للقدوة المربي المسئول.

   أصدر فضيلته ما يقرب من عشرين رسالة حول الدعوة والداعية، ومشكلات مصر والأمة وكيفية معالجتها، ضمها فيما بعد في مؤلفه "من فقه الدعوة"، وحدد في هذه الرسائل طريق الدعوة وأسسها ومراحلها ومتطلباتها، ودورها في النهضة والبناء، فشكلت هذه الرسائل أساسًا وزادًا لا غنى عنه للدعوة والدعاة، كما عدت تطبيقًا أمينًا، وامتدادًا تفسيريًّا لفكر الإمام الشهيد حسن البنا في أمور الدعوة عامة، وفي مشروع النهضة والتنمية في مصر والأمة الإسلامية بخاصة.

كما قال عن المستشار مأمون الهضيبي:

  اقتفى مرشدنا، المرشد العام السادس للجماعة، المستشار المأمون الهضيبي أثر سلفه المرشدين السابقين على طريق الدعوة، فقاد سفينتها بالتزام وانضباط الجندي، وعمق وشمول الفقيه القانوني، وخبرة ودراية المؤرخ الدقيق، وفهم وحب الداعية المجرب، في إطار صارم من الضوابط الشرعية، المستمدة من الكتاب والسنة، فكان مثالاً في الدعوة لا يعدو عليه تلون ولا غدر، وللتضحية العزيزة التي لا يحول دونها طمع ولا شح، عارفًا معرفة عميقة بالمبدأ، ومؤمنًا إيمانًا خالصًا به، ومقدرًا تقديرًا مسئولاً له، تقديرًا يحول دون الخطأ فيه، أو الانحراف عنه، أو المساومة عليه، أو الخديعة بغيره، كان مثالاً حيًّا لأركان بيعتنا العشرة، سائرًا بفهم عميق للواقع، ومعرفة دقيقة بالتاريخ واستشرافًا بعين الداعية للمستقبل، متمسكًا بأساسيات الدعوة، مؤمنًا بثوابتها، فكان بحقٍّ خير خلف لخير سلف، حيث زادت الجماعة قوة وانتشارًا، ليس على مستوى مصر فحسب، وإنما على مستوى البلدان العربية والإسلامية، والجاليات الإسلامية في بقية دول العالم.

   وأخير قال عن الأستاذ مهدي عاكف: مرشدنا، بحقٍّ، نموذج للرجال الذين تربوا وتخرجوا في مدرسة الإمام حسن البنا، ففي التنظيم، لا تذكر المخيمات العالمية في شتى أنحاء المعمورة لشباب الإخوان، إلا ويذكر اسم الأستاذ عاكف، وفي التضحية في سبيل الدعوة والثبات عليها فهو مثال ناصع لشبابنا، فقد كان مرشدنا، وعدد غير قليل من رجالنا- ومنهم ثلاثة مرشدين سابقين، الأستاذ المستشار حسن الهضيبي، والأستاذ عمر التلمساني، والأستاذ محمد حامد أبو النصر ممن حكم عليهم بالإعدام عام 1954م، وخُفِّف الحكم إلى الأشغال الشاقة المؤبدة- ممن وقفوا أمام الطغيان الزاحف على مصر ليغير وجهها الإسلامي، فعذبوا ونزلوا في كلِّ سجون مصر، فما لانت لهم قناة، وما فترت لهم عزيمة، وأعلنوها مدوية في وجه الطاغية وزبانيته: لن نهادن، ولن نبيع دعوتنا بعرض من الدنيا.

   فكانوا كالجبال الراسيات، إيمانًا بوسطية الإسلام واعتداله، دعاة لا قضاة أمام "فتنة التكفير"، وإيمانًا بدعوتهم، رجالاً صدقوا ما عاهدوا الله عليه أمام "فتنة التأييد"، فلبث مرشدنا في السجن حتى عام 1975م، صابرًا محتسبًا، ثم عاد ليمارس واجبه الدعوي بالهمة نفسها والإيمان نفسه، كأن شيئًا لم يكن، ثم عاد ثانية، ليكمل الابتلاء إلى ما يقرب من ربع قرن، ليقضي ثلاث سنوات أخرى في سجن النظام، في القضية المسماة بقضية حزب الوسط من عام 1996م إلى عام 1999م.

وفاته:

  توفي الدكتور عبد الحميد الغزالي يوم السبت الموافق 4/6/2011م

 وشيعت جنازته من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين، في محافظة الجيزة، عقب صلاة الظهر.

 رحم الله أستاذنا الجليل، وأدخله فسيح جناته، ونفع بعلمه المسلمين.

مصادر الترجمة:

١_ موقع إخوان أونلاين 2023م.

٢_ الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر.

٣_ قصة الإسلام.

٤_ مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1031