القاضي المستشار الدكتور علي محمد جريشة

sdgsg1036.jpg

(١٩٣٥_ ٢٠١١م)

هو القاضي المستشار؛ والعالم الداعية الإسلامي .

 وأستاذ بكلية الشريعة بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة وله العديد من المؤلفات.

المولد؛ والنشأة:

بدءًا من مولده في إحدى قرى ديرب نجم بالشرقية عام 1935م؛ حيث الأجواء الريفية التي تعرَّف خلالها على جوالة الإخوان المسلمين بعد أن بلغ العاشرة من عمره.

الدراسة؛ والتكوين:

بعدها ينتقل إلى القاهرة ليدرس الثانوية العامة نظام الـ5 سنوات.

ثم يتخرَّج في كلية الحقوق ليعيَّن وكيلاً للنائب العام في السويس.

الوظائف؛ والمسؤوليات:

ثم يعمل بمجلس الدولة لمدة 4 سنوات.

  ويتزوج وهو في الثامنة والعشرين بعدها أدخله الزمان إلى مرحلةٍ مغايرةٍ تمامًا.

  حيث اعتُقل في السجن الحربي لمدة 8 سنوات ما بين 1965م، و1973م، وهي الفترة التي يُطلق عليها (البعثة)؛

ليسافر بعدها إلى السعودية ليعمل أستاذا بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة - كلية الشريعة.

حيث كانت السعودية محطة انطلاقٍ له ليجوب أكثر بلاد العالم؛ وعلى رأسها أمريكا التي له فيها ذكريات رمضانية،

أبرزها إلقاؤه خطبةً باللغة الإنجليزية في أول جمعةٍ لشهر رمضان في مسجد الأمم المتحدة بنيويورك.

اعتقاله:

حكم عليه في قضية تنظيم 65 ب 12 سنة؛ وكان عمره حينها 30 سنة؛ وكان يعمل نائب بمجلس الدولة.

من مؤلفاته:

١_الإعلام والدعوة الإسلامية.

٢_الإيمان الحق.

٣_المبادئ الخمسة.

٤_الاتجاهات الفكرية المعاصرة.

٥_اساليب الغزو الفكر للعالم الإسلامي.

٦_منهج التفكير الإسلامي.

٧_الأساليب التبشيرية في العصر الحديث.

٨_عندما يحكم الطغاة.

وفاته:

توفي د. علي محمد جريشة يوم 27 أبريل 2011

رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.

أصداء الرحيل:

القاضي الجليل د. علي جريشة.. في رحاب الله

    

الخميس 26 مايو 2011 م

  كتب د. عصام العريان يقول:

عاش غريبًا، ومات غريبًا، بعيدًا عن مصر التي سكنت قلبه، وأشرب حبها، فضحَّى في سبيلها، وعاش لله تعالى مجاهدًا لإعلاء شأنها؛ ليعود العرب والمسلمون تحت راية المشروعية الإسلامية العليا، التي أوضح معالمها في السفر الكبير الذي أعده في رسالته وأطروحته للدكتوراه، ونشرها في عدة كتب عقب خروجه من السجن والاعتقال في السبعينيات.

  عرفت الفقيد الغالي مبكرًا في حياتي، عن طريق كتاباته أولاً، فقد اقتنيت معظمها عند ترددي على مكتبة "وهبة" لصاحبها الحاج حسن وهبة، وأولاده حسن وحسين، والذي كان بمثابة أب لنا جمعًا، يدلنا على الكتب المهمة، ويرشدنا ويوجِّهنا في قراءاتنا أثناء فترة النشأة والتكوين.

  ثم التقيت به ولا أذكر متى وأين وكيف كان اللقاء الأول، ورغم أن الثورة المصرية العظيمة أعادت لي قدرًا كبيرًا من الذاكرة؛ إلا أنني أجد صعوبةً في تذكرة اللقاء الأول مع الأعلام الذين عرفتهم وتشرفت بالتتلمذ عليهم، وأيضًا لأن الفقيد كان كثير الترحال، وعمل في بلاد عديدة؛ أهمها المملكة العربية السعودية في فترة السبعينيات بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ثم انتقل للإشراف على المركز الإسلامي بميونخ بألمانيا الغربية، ولعلي التقيته في المدينة المنورة؛ لأنني زرت السعودية معتمرًا عام 1974م، ثم حاجًّا عام 1975م وأنا طالب، وكانت لنا زيارات ولقاءات للتواصل مع معظم المغتربين هناك في مكة والمدينة المنورة وجدة.

  ثم توثقت صلتي به عندما أقام بمصر فترةً قصيرةً عاد بعدها إلى السعودية؛ ثم اليمن؛ حيث أحب اليمن وأهلها؛ تطبيقًا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "الإيمان يمان، والحكمة يمان" بعد وفاة زوجته، فانتقل إلى رحاب الله في إحدى مدنها العامرة، وصلى عليه ثوار اليمن؛ حيث دفن هناك.

  حضرتُ عزاءه الذي ودَّعه فيه كبار رجال الدعوة والفكر والقانون، واستمعت إلى التعريف به وبإنجازاته على كلِّ المستويات، لكن الذي لم يتطرق إليه أحد هو الدور الذي قام به من وراء الستار، وتاريخ حياته الحافلة في الدعوة والحركة والاتصالات السياسية مع رموز وساسة ورجال دولة ورجال أمن في معظم البلاد التي تنقَّل بينها، وأدعو أولاده هشام وهاني؛ للبحث في أوراقه غير المنشورة لعلهم يجدون وثائق وكتابات تلقي الضوء على فترة مهمة وخطيرة من حياة الدعوة الإسلامية وحركة الإخوان المسلمين، ويكفي أن اللواء فؤاد علام، أحد أبرز من تولى التحقيقات وأشرف على تعذيب الإخوان المسلمين، بل هو متهم بالتسبُّب في استشهاد الأخ الكبير كمال السنانيري الذي كان معنا في سجن الاستقبال بطره في عام 1981م ثم استدعي للتحقيق الذي كان تحت إشراف ومباشرة فؤاد علام، وعاد إلى زنزانته جثة هامدة ليتم تصوير الوفاة على أنها انتحار في ماسورة حوض الزنزانة، وهي قصة سخيفة لا تنطلي على أحد، وأعتقد أن التحقيقات بعد الثورة ستتولى كشف كلِّ الملابسات المتعلقة بكثير من الجرائم التي ارتكبها المجرمون في عهد مبارك، الذي ذهب غير مأسوف عليه، وينتظر المحاكمة العادلة.

  وقد قرأت للأخ العزيز صلاح عبد المقصود أن الفقيد الراحل سلَّمه مخطوطتين قبل وفاته لنشرهما، أحدهما هي مذكراته، والأخرى تفسير القرآن، ولعل هناك أوراقًا أخرى.

  كان كثيرًا ما يطلبني إلى لقاء خاص ليسر إليَّ برسائل معينة، أحملها إلى قيادة الدعوة أو ينبهني إلى أمر مهم وخطير، أو للنقاش الموسع والهادئ حول قضية من القضايا التي تتعلق بالبلاد أو الحركة أو الجماعة.

  كان بمثابة أخ أكبر واسع الصدر، يستمع إلى الرأي المخالف، ولكنه كان يتحلى بطباع القاضي الذي لا بد أن يصدر في النهاية أحكامًا، ولم يتولَّ أي مواقع دعوية في مؤسسات الإخوان، فظل مستشارًا أمينًا لكلِّ قيادات الدعوة وكل مرشدي الجماعة، بدءًا من الراحل الجليل الأستاذ عمر التلمساني، نهايةً بالأستاذ محمد مهدي عاكف؛ الذي تولى الإشراف على المركز الإسلامي بميونخ بعد أن تركه الفقيد الغالي، حيث كانوا يقدرونه ويحترمون رأيه.

  عندما شاركنا في جنازة زوجته الوفية منذ سنوات وجدت رجلاً أثقلته السنون والأيام، وأرهقته الأحداث التي مرَّت به وعاصرها منفعلاً بها مشاركًا فيها.

  من المفارقات التي صَاحَبَت حياته أن القاضي الذي حكم له بتعويض هائل بعد خروجه من السجن وسطَّر في الحكم أقوى إدانة لعصر بكامله انتهكت فيه حقوق الإنسان شاركه في مكتب المحاماة الذي أنشأه بعد خروجه من المعتقل، وتركه لشركائه بسبب سفره الطويل.

  كان _رحمه الله _ مشغولاً بالدراسات والفكر قدر انشغاله بالدعوة والنشاط، فأهدى المكتبة الإسلامية العديد من الكتابات، أشهرها: سلسلة المشروعية الإسلامية العليا، ودعاة لا بغاة، وأساليب الغزو الفكري، والاتجاهات الفكرية المعاصرة.

  رحم الله أخي الدكتور د. علي جريشة، وألهم أهله الصبر والسلوان، وعوضنا عنه خيرًا، وأسكنه فسيح الجنات.

  كان رجل القضاء والدعوة والحركة والتدريس والتأليف.

----------------

نائب رئيس حزب "الحرية والعدالة"

مصادر الترجمة:

١_ الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين في مصر.

٢_ الموسوعة التاريخية الحرة.

٣_ إخوان أونلاين.

٤_ علماء ومفكرون عرفتهم: محمد المجذوب.

٥_ مواقع إلكترونية أخرى.

وسوم: العدد 1036