الشيخ أحمد الطيبي رحمه الله

مع العلماء

ربيع شكير

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وأهله.

أما بعد..

الشيخ أحمد الطيبي رحمه الله[1]

هو الإِمامُ الْمُقْرِئُ الفقيه الشَّيْخُ: شِهَابُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الطِّيبِيُّ، اسمُه: أحمد، ووالدُه أحمد، وله ولدٌ من أهل العلم اسمُه أحمد، وللتفريق بينهم فإنَّ أهل التواريخ يُسَمُّون الأوَّلَ: أحمد الأكبر، والثاني -وهو النَّاظِمُ- أحمد الكبير، والثالث -وهو ابنُ النَّاظِمِ- أحمد الصغير، وكان ثلاثتُهم من العلماء.

وُلِد النَّاظِمُ في دمشق، في اليوم السابعِ من ذي الحجة، سنةَ عشرٍ وتِسعِمِائَةٍ، وقرأ القرآن الكريم والقراءاتِ المختلِفةَ على والده أَحْمَدَ بْنِ بَدْرِ الدِّينِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الطِّيبِيِّ، كما قرأ عليه الفقهَ، وقرأ أيضاً على شمس الدِّين الكفرسوسيِّ، وتقيِّ الدِّين القاريِّ، وتقيِّ الدِّين البلاطُنُسيِّ.

تولَّى إمامةَ وخطابةَ الجامع الأُمويِّ، وصنَّف الخُطَبَ الفصيحة، وتولَّى تدريس المدرسة العادليَّة الصُّغرى، وكان شديدَ الشفقةِ علَى الطلبة وخاصَّةً الغرباء، يتلطَّفُ بهم في التعليم ويُكرمُهم.

جلس لإِقراء القرآن الكريم وتعليمِ التجويد والقراءاتِ العشر، وقد قرأ عليه عددٌ من الأعلام، منهم الشيخُ إسماعيلُ النابُلسيُّ مفتي الشافعيَّة في دمشق والشيخُ عمادُ الدِّين محمدٌ الحنفيُّ، والحسنُ بنُ محمدٍ البورينيُّ، والشيخُ أحمدُ بنُ المرزنات المُقرئُ الصالِحيُّ، وأحمدُ القابونيُّ، وغيرهم.

نظَمَ مناسكَ الحجِّ في رَجَزٍ رائق، ونظَم قصيدتنا هذه: "المفيد في التجويد" وقد شرَحها تلميذُه الشيخُ أحمدُ بنُ المرزنات السالفُ الذِّكر ونظَم بلوغ الأماني في قراءة ورش من طريق الأصبهاني، والزوائد السنيَّة علَى الألفيَّة، والإِيضاح التامّ في تكبيرة الإِحرام والسلام، وصنَّف في أشكال المنطق الأربعة، وله ديوان خُطَب في غاية الحُسن، وقد كان أكثرُ خُطباءِ دِمَشْقَ في عصره يَخْطُبون بخُطَبِه.

ومن شِعره قولُه ناظماً ما رُويَ عن الجُنيد: إنَّما تُطلَبُ الدُّنيا لثلاثةِ أشياءَ: الغِنى والعِزُّ والراحة، فمَن زَهِدَ فيها عَزَّ، ومَن قَنَعَ فيها استغنى، ومَن قَلَّ سعيُه فيها استراح، فقال الطِّيبِيُّ:

لِثَلَاثٍ يَطْلُبُ الدُّنْيَا الْفَتَـى               لِلْغِنَى وَالْعِزِّ أَوْ أَنْ يَسْتَرِيح

عِزُّهُ فِي الزُّهْدِ وَالْقَنْعُ غِنـى          وَقَلِيلُ السَّعْيِ فِيهَا مُسْتَرِيـحْ

كان في آخِر حياتِه قليلَ الأكل، ذَكر ولدُه أحمدُ الطيبيُّ الصغيرُ أنَّ والدَه في آخِر عُمُرِه كان يكتفي ببيضةٍ نصفِ مسلوقةٍ، وله من الدِّين والورع والزُّهد ما لا يُدرَكُ، وكان حالُه يُذكِّرُ بالسلف الماضين.

تُوفِّيَ -رحمه اللهُ- يومَ الأربعاء، ثامنَ عشرَ ذي القعدة، سنة تسع وسبعين وتسعمائة، ودُفنَ في تُربة مرجِ الدَّحداح، ظاهِرَ دمشقَ.

               

[1] -انظر: تراجم الأعيان من أبناء الزمان للبورينيّ 9/1، الكواكب السائرة للغَزِّيّ 114/3.