الزعيم الوطني المصري سعد زغلول

محمد فاروق الإمام

الزعيم الوطني المصري

سعد زغلول

محمد فاروق الإمام

[email protected]

يعتبر سعد زغلول أكبر وأقوى زعيم مصري التف حوله الشعب بأكمله من الإسكندرية إلى أسوان في وقت لم تكن هناك أجهزة ووسائل اتصال أو إعلام ومعظم الشعب أمي لا يقرأ الصحف وكان قائد ثورة الشعب عام 1919

ولد سعد في تموز عام 1860م في قرية إبيانة التابعة لمديرية الغربية (سابقًا - محافظة كفر الشيخ حاليًا)، وكان والده رئيس مشيخة القرية حين توفي عندما كان سعد يبلغ خمس سنوات فنشأ يتيماً هو وأخوه أحمد فتحي زغلول، فتعلم في كتّاب القرية القرآن والحساب، ودخل الأزهر سنة 1873م، فمكث نحو أربع سنين، واتصل بالسيد جمال الدين الأفغاني، فلازمه مدة، واتصل بمحمد عبده الذي اصطفاه ثم عينه محرراً (بالوقائع المصرية) في عام 1880م عندما رأس الشيخ محمد عبده تحريرها، وفي أيار عام 1882م عمل معاوناً بوزارة الداخلية ثم نقل لعمل قانوني بمحافظة الجيزة.

ونشبت الثورة العرابية سنة 1881م، فكان ممن اشتركوا بها. فقبض عليه سنة 188م بتهمة الاشتراك في جمعية سرية (جمعية الانتقام). قيل: إنها تسعى لقلب نظام الحكم، فسجن شهوراً، وأفرج عنه مبرءًا. فاختير قاضياً فمستشاراً. ودرس الفرنسية ونال شهادة الحقوق، وتزوج من ابنة مصطفى فهمي رئيس الوزراء. عرف منذ شبابه بعدائه للاستبداد.

تولى وزارة المعارف (التربية والتعليم حالياً) في تشرين الأول عام 1906م (بعد حادث دانشواي)، فعارض سياسة الإنكليز وأسلوبهم في التعليم، وزاد ترقية المصريين بالوظائف، وأنشأ مدرسة القضاء الشرعي، وأسهم في إنشاء الجامعة المصرية عام 1907م. وعدّل في كثير من المناهج وجعلها بالعربية مرة أخرى. ثم نقل وزيراً للعدل في شباط عام 1910م، وتفاقمت خلافاته مع الخديوي وساءت مع الإنكليز، فاستقال في نيسان عام 1912م.

رشح سعد زغلول نفسه في انتخابات الجمعية التشريعية في عام 1913م فنجح في دائرتين من دوائر القاهرة الأربع، وانتخب وكيلاً للجمعية التي تبنت دعوته للنظام النيابي ضد سلطة الخديوي الفردية. بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى ذهب إلى المندوب السامي مع عبد العزيز فهمي وعلي شعراوي للمطالبة برفع الحماية الإنكليزية عن مصر، وآلت إليه رئاسة الوفد عند نشأته وزعامة ثورة عام 1919م.

تشكل الوفد المصري الذي ضم سعد زغلول ومصطفى النحاس ومكرم عبيد وعبد العزيز فهمي وعلي شعراوي وأحمد لطفي السيد وآخرين.. وأطلقوا على أنفسهم (الوفد المصري).

وقد جمعوا توقيعات من أصحاب الشأن وذلك بقصد إثبات صفتهم التمثيلية وجاء في الصيغة: "نحن الموقعين على هذا قد أنبنا عنا حضرات: سعد زغلول و.. في أن يسعوا بالطرق السلمية المشروعة حيثما وجدوا للسعي سبيلاً في استقلال مصر تطبيقاً لمبادئ الحرية والعدل التي تنشر رايتها دولة بريطانيا العظمى".

اعتقل سعد زغلول ونفي إلى جزيرة مالطة بالبحر المتوسط هو ومجموعة من رفاقه في 8 آذار عام 1919م فانفجرت ثورة 1919م في مصر التي كانت من أقوى عوامل زعامة سعد زغلول والتمكين لحزب الوفد.

اضطرت إنجلترا إلى عزل الحاكم البريطاني وأفرج عن سعد زغلول وزملائه وعادوا من المنفى إلى مصر. وسمحت إنجلترا للوفد المصري برئاسة سعد زغلول بالسفر إلي مؤتمر الصلح في باريس، ليعرض عليه قضية استقلال مصر. لم يستجب أعضاء مؤتمر الصلح بباريس لمطالب الوفد المصري فعاد المصريون إلي الثورة وازداد حماسهم، وقاطع الشعب المصري البضائع الإنجليزية، فألقى الإنجليز القبض علي سعد زغلول مرة أخرى، و نفوه مجدداً إلي جزيرة سيشل في المحيط الهندي في أيلول عام 1921م، ثم إلى جبل طارق، فازدادت الثورة اشتعالا، و حاولت إنجلترا القضاء على الثورة بالقوة، و لكنها فشلت، فأطلقت سراح سعد زغلول ورفاقه.

اكتسح الوفد برئاسة سعد زغلول انتخابات عام 1923م وشكل وزارته البرلمانية في كانون الثاني عام 1924م. ثم استقال في تشرين الثاني  بعد مقتل (السير لي ستاك)؛ وانتخب رئيساً لمجلس النواب الجديد سنة 1925م، فحل المجلس في اليوم نفسه، ائتلف مع الأحرار الدستوريين ضد الملك في عام 1926م، وانتخب رئيساً لمجلس النواب الائتلافي حتى وفاته في 23 آب عام 1927م.

انفرد سعد زغلول بقيادة الحركة الوطنية وتنظيمها ما بين سنتي (1919 – 1927م) فكان رجل مصر، ولسانها، وموضع ثقتها، وقبلة أنظارها. وعمل المحتلون البريطانيون على إبعاد الجمهور المصري عنه، ففشلوا، وخالفه أنصار له، وعارضه آخرون، فما ازداد إلا شدة وقوة. وهو أول سياسي مصري أسمع الغرب صوت (الجامعة العربية) فقال – وهو بلندن – يهدد الإنكليز: (إن مصر تملك زراً كهربائياً، إذا ضغطت عليه لبَّتها بلاد العروبة جميعاً،) وكان يحسن الفرنسية، تعلمها كبيراً، كما فعل أستاذاه جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده، قبله، وله إلمام بالألمانية والإنكليزية، وألف في شبابه كتاباً في (الفقه الشافعي).

من أشهر أقواله (الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة). ومن أشهر أقواله أيضا (إن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية). 

أسس وزارة الشعب في عهد الملك فؤاد الأول وعندما مات خلفه مصطفى النحاس باشا في رئاسة الوفد المصري و أسس النحاس باشا أول وزارة له عام 1928م ثم عام 1930م ثم عام 1936م.