الإمام حسن البنا الفكرة التي قهرت الرصاص

الإمام حسن البنا

الفكرة التي قهرت الرصاص

جمال زواري أحمد ـ الجزائر

[email protected]

في مثل هذا اليوم 12 فبراير من سنة 1949 تم اغتيال وتصفية الإمام حسن البنا رحمه الله برصاصات غادرة أمام مقر جمعية الشبان المسلمين بشارع رمسيس بالقاهرة من طرف أيادي نظام ملكي متهاوي استهتر رأسه في البداية ممثلا في الملك فاروق لما تم تحذيره من حسن البنا قائلا:((ماذا يفعل معلم الصبيان))، ليصل في النهاية إلى قرار ضرورة تصفية معلم الصبيان هذا اعتقادا منه وممن أشاروا عليه بذلك، أن تغييبه سيقبر فكرته ومشروعه معه، وإذا به يكون دمه خير ري وطمي لشجرة دعوته فيكتب لها الانتشار لتصل لكل ربوع العالم وليس مصر وحدها، ولتبقى فكرة حسن البنا حية تتجدد، وشجرة دعوته باسقة في دنيا الوجود، رغم كل الحروب الشرسة المعلنة ضدها، ويطمس التاريخ الذين قتلوه فلا يكاد يذكرهم أحد، ويكرر الطغاة والمستبدون نفس الأسلوب وبنفس الغباء ــ على أساس أن المستبد كالاستعمار تماما تلميذ غبي على حد قول الجنرال الفيتنامي جياب ــ بالحرق والقتل والسجن والقمع، ويتصورون أنهم سيقضون على الفكرة بذلك وهم يعطونها نفسا جديدا، ومشروعية جديدة، وباحثين ومهتمين جددا من شتى بقاع العالم، ولم يدرك هؤلاء الأغبياء أن الأفكار الأصيلة لا يقتلها الرصاص ولا السجن ولا القمع وإنما يزيد ذلك في انتشارها ومعتنقيها، وأنها دائما تقهر الرصاص في النهاية، وأن الاختبار الحقيقي للأفكار هو في أجواء الحرية وليس القمع، وقد أكد سيد قطب رحمه الله هذه الحقيقة بأسلوبه الراقي الشفاف الرقراق وهو يتحدث عن استشهاد الإمام حسن البنا:((ويمضي حسن البنا إلى جوار ربه، يمضي وقد استكمل البناء أسسه، يمضي فيكون استشهاده على النحو الذي أريد له:عملية جديدة من عمليات البناء.. عملية تعميق للأساس، وتقوية للجدران. و ما كانت ألف خطبة وخطبة، ولا ألف رسالة للفقيد الشهيد لتلهب الدعوة في نفوس الإخوان، كما ألهبتها قطرات الدم الزكي المهراق.

إن كلماتنا تظل عرائس من الشمع، حتى إذا متنا في سبيلها دبت فيها الروح وكتبت لها الحياة.

وحينما سلط الطغاة الأقزام الحديد والنار على الإخوان، كان الوقت قد فات. كان البناء الذي أسسه حسن البنا قد استطال على الهدم، وتعمق على الاجتثاث. كان قد استحال فكرة لا يهدمها الحديد والنار، فالحديد والنار لم يهدما فكرة في يوم من الأيام. واستعلت عبقرية البناء على الطغاة الأقزام، فذهب الطغيان، وبقى الإخوان)).

وقد درست حياة الإمام حسن البنا رحمه الله أكاديميا بعيدا عن كل عاطفة أو مجاملة، وأجدني مقتنعا إلى حد كبير بكلمة الأمير المجاهد محمد بن عبد الكريم الخطابي بطل حرب الريف المغربية رحمه الله عندما وصله نبأ اغتيال الإمام حسن البنا:((ويح مصر، وإخوتي أهل مصر لقد قتلوا وليا من أولياء الله، وإن لم يكن البنا وليًّا فليس لله ولي)).

رحم الله الأمام الشهيد حسن البنا على كل ما قدمه وأبدعه وجدده لدينه ولأمته ولدعوته، ولا نامت أعين الجبناء.