غياب المستشرق روتر

محمد هيثم عياش

[email protected]

برلين /‏27‏/06‏/10/ غيب الموت الذي كتبه الله على عباده بمدينة  ستاديه القريبة من مدينة هامبورج أحد عمالقة الاستشراق في المانيا ألا وهو جيرنوت روتر عن عمر يناهز الـ 69 عاما  بعد مرض السكري الذي انتصر عليه بالرغم من جهود روتر التغلب على هذا المرض .

وقد شغل المستشرق روتر رئاسة معهد جوتيه للغة والأدب الالماني في بيروت ودمشق لمدة تصل الى حوالي 15 عاما استظهر القرآن الكريم وقام بترجمة معانيه الى اللغة الالمانية كافضل ترجمة نزلت الى اسواق الكتب العلمية وضع كتبا عن الاسلام منها سيرة الرسول محمد صلى الله عليه وترجم سيرة ابن اسحاق الى اللغة الالمانية كافضل ترجمة يشار لها بالبنان .

وبالرغم من أن روتر لم يعتنق الاسلام الا انه كان بقول عن نفسه بأنه نصف مسلم وقد بقي حتى قبيل وفاته وبالرغم من مرضه وبتر سابقه نشيطا يشارك بمؤتمرات وندوات حول الاسلام والسياسة ومقارنة هذا الدين بالأديان الاخرى . الا أنه كان لا يحب الحركات الاسلامية كما كان في الوقت نفسه أحد المنافحين عن الاسلام بالرغم من كراهيته للفكر الاسلامي الذي يدعو الى العنف وهو أحد الذين فضحوا اولئك الذين يدعون بأنهم خبراء في الاسلام فقد وضع كتابين أحدهما / السيف الصارم على خبراء الاسلام / و / المحتالين على الله / أحدثا ضجة واسعة في الأوساط العلمية في هذا البلد اذ استطاع من خلال كتابيه المذكورين كبح جماح اولئك الذين يدعون خبرتهم بمنطقة الشرق الاوسط والدين الاسلامي من خلال كتبهم التي وضعوها تبين فيما بعد  عدم معرفتهم بتلك المنطقة التي لم يقوموا بزيارتها  قط واكثر ما وضعوه عن الاسلام والعرب مصدرها الصحف الشعبية مثل الـ / بيلد / و / الاكسبرس / وغيرها  .

وكما كان روتر لا يحب الحركات الاسلامية الا أن الغرب لم يخلو من انتقاداته فهو يؤكد في كتاب / حوار مع المستشرقين /  / لصاحب هذه المقولة / أن الغرب مريض نفسانيا ، فهو ينظر الى الرئيس الامريكي / السابق / جورج بوش بالقديس لأنه يريد العودة الى الحروب الصليبية ووقف المد الاسلامي مثل ما ينظر الغرب الى كل من  كارل مارتيل الذي أوقف زحف المسلمين الى غرب اوروبا في معركة بواتييه التي تسمى ايضا ببلاط الشهداء والامير ايجون النمساوي الذي استطاع  انهاء حصار العثمانيين للعاصمة فيينا ، معتبرا التدخل العسكري لحلف شمال الاطلسي / الناتو / في افغانستان ووقوع العراق تحت الاحتلال الامريكي مقدمة لحرب ضروس بين الاسلام والمسيحية  قد تقع في المنطقة لا محالة.

درس روتر الذي ولد عام 1941 اللغة العربية ومادة الاسلام في جامعة بون وتوبينغين والتاريخ الاسلامي وخاصة حقبة بني أمية اذ يعتقد روتر مثل المستشرقيْن / الفرنسي / دو ساسي / والالماني ماكس فون اوبنهايم ان دولة الخلفاء الراشدين والدولة الاموية كانتا أقوى دول الاسلام على الاطلاق  ولم يعرف العالم الاسلامي التمزق والذل الا عندما استلم الفرس مقاليد الخلافة العباسية بالفعل وبقي الخليقة العباسي اسما فقط . ويعتبر هذا المستشرق احد شهود مذبحة صبرا وشاتيلا التي تمت على يد الكيان الصيوني وحزب الكتاب اللبنائي فقد كان ايام الاجتياح الصهيوني للبنان مديرا لمعهد الشرق ببيروت  الذي أطلق عليه فيما بعد بمعهد جوتيه فقد احتجزه الكتائب مع زوجته عندما القوا القبض عليهما في مخيم شاتيلا  وبذل وزير الخارجية الالماني السابق هانس ديتريش جينشر جهودا مضنية للافراج عنه .

وكما كان روتر لا يحب الحركات الاسلامية الا انه كان ينظر الى حركة الامام محمد بن عبد الوهاب / رحمه الله / وجماعة الاخوان المسلمين نظرة إكبار وينظر الى الاحزاب القومية مثل حزب البعث والقومي السوري نظرة ازدراء كنظرته الى النازية الالمانية والعنصرية الاوروبية . وقد تبنى روتر طفلين من مخيم شاتيلا قتل والداهما أمام عينيه عند مباغتة الكتاب وفرقة من جيش الكيان الصهيوني المخيم المذكور .