أبو فراس النطافي

أحمد الجدع

واحد من المشاريع التأليفية التي أنوي تنفيذها –إن شاء الله – تصنيف الشعراء العرب منذ الجاهلية حتى العصر الحديث، ثم ترتيبهم حسب منازلهم في الشعر العربي.

ولعلي لا أخالف نقاد الشعر ودارسيه حينما أضع المتنبي على رأس الشعراء العرب، ويليه في الأهمية أحمد شوقي ثم امرؤ القيس الكندي... وتستمر القافلة، ومن رجال هذه القافلة الشعرية العربية يأتي أبو فراس الحمداني، فارس الشعر العربي...

وانتماء لهذه القامة الشعرية الباسقة، وإعجاباً بها، اتخذ الشاعر الفلسطيني البارع الأستاذ الدكتور محمد ذيب النطافي كنيته: أبو فراس النطافي.

والنطافي الشاعر ينتسب إلى قريته نطاف بفلسطين، وهو رجل عصامي حدثني عن نشأته وسيرته التي تدعو إلى العجب والإعجاب، وعند سماعك لسيرته لا تملك إلا أن تَعجب منها (بفتح التاء) وعندما تستمع لشعره لا تملك إلا أن تُعجب به (بضم التاء).

عرفت أخي الأستاذ الدكتور محمد ذيب النطافي من خلال الندوات التي تعقدها رابطة الأدب الإسلامي العالمية بفرعها في عمان، ثم أخذ يتردد على دار الضياء مستعينا بها لتنضيد ديوانه "النطافيات" بجزأيه ، وطبع هذا الديون في دار البشير بعمان عام 1417هـ 1997م. وأهداني نسخة منه، وإذا قرأت الديوان وجدت الشاعر فلسطيني الهوى، عربي الانتماء،استمع إليه وهو يهدي ديوانه:  

لا تقولي شغلت شعرك عني
رددي يابنة العروبة شعري
قد تجلت على لسان محبٍ

 

بفلسطين، لم يثرك غرامي
فقوافيّ في فم الأنسام
بهوى العرب مغرم مستهام

أقول: ما أجمله لو تقدم خطوة أخرى فقال: بهوى الدين مغرم مستهام.

ثم إنه بعد أحد عشر عاماً أصدر ديوانه الثاني: رحيق العذاب ( 1429-2008) وأهداني نسخة منه.

ولأن الشاعر يعيش العصر الجبري ويحس به، وغيره يعيشه ولا يحس به،فإنه يرسل إضاءة في هذا الديوان ويقول:

هبة من الرحمن جل جلاله 
لتزيد من عصف النوائب في دمي
فالقهر، والألم المصفد في الحشا
فلقد ملأت من المرارة والأسى
وإذا العواصف جانبتني مرة

 

راشت فؤادي بالأسى القتال
وتفجر النيران في أقوالي
ينبوع إلهامي، وبحر خيالي
كأسي، ومن شوك الفناء سلالي
أخشى على روضي من الإمحال

ولا يفوتني أن أقول هنا أن شاعرنا أبا فراس النطافي رائع الإنشاد، فإن شعره يزداد تألقاً عندما تسمعه وهو يلقيه في ندوة من الندوات التي تيقمها رابطة الأدب الإسلامي العالمية،  وفي غيرها من المحافل، أما أنا فلم أسمعه يلقي شعره إلا في الرابطة.

أنا كدارس للشعر الإسلامي المعاصر مهتم بهذا الشاعر الصديق وبشعره، وقد ترجمت له في كتابي معجم الأدباء الإسلاميين المعاصرين، واخترت له مقطوعة من شعره في كتابي الأمالي في العشر العربي المعاصر، وأنا بصدد دراسة إحدى قصائده في الجزء الرابع من كتابي: أجمل مئة قصيدة في الشعر الإسلامي المعاصر.

الأستاذ الدكتور أبو فراس النطافي أحد شعراء فلسطين البارزين، وهو أيضاً شاعر يحب العرب ويثق برسالة الإسلام، ومن هنا كان لشعره قيمته التاريخية بالإضافة لقيمته الفنية.