الشيخ عيسى آل خليفة

الشيخ العلامة يوسف القرضاوي

صديقنا معالي الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة

عرفناك أيها الأخ الحبيب، والصديق العزيز، والقاضي العادل، والمحامي الصادق، والوزير المخلص: في شبابك، وفي كهولتك، وفي شيخوختك، فكنت شبابك في طاعة الله، وكهولتك في عمل الخير، وشيخوختك في تأييد المناضلين عن الحق، المقاومين للباطل.

بدأت في البحرين، وأكملت في مصر، وتسلمت الراية من مصر، وبقيت في الخليج قمرا منيرا، تضيء لكل الناس، تزرع ليحصد الناس، وتغرس ليجني الآخرون، وتبني ليستظل الكل بظلك. قالوا بأنك من الأسرة الحاكمة. وأنعم بأسرة: أبناؤها علماء عند الحاجة، وزراء عند المشاركة، ومع كل الناس في ساعة المحنة.

رأست نادي الإصلاح أول ما ظهر، ولما تطور إلى جمعية الإصلاح، كنت القائد الذي لا يتخلف، والجندي الذي لا يفري أحد فريَّه. دعوناك للمشاركة في الهيئة الخيرية العالمية بالكويت، فكنت أسرع من لبوا واستجابوا، وحملوا العبء في سكرتارية الهيئة لعدة سنين. وهيأت لنا اللقاء مع أمير البحرين المحبوب الشيخ عيسى بن سلمان رحمه الله. وجندت مكتبك للمحاماة لخدمة الهيئة الخيرية، كما هو لخدمة قضايا الناس.

كنت -رحمك الله-نموذجًا للعمل المخلص والحركة الدؤوبة، والسعي بكل جد إلى كل ما فيه خير ونفع، في عملك في القضاء، وفي توليك وزارة العدل، ثم وزارة العمل، إلى أن ختمت حياتك رئيسا لجمعية الإصلاح المباركة.

لا ننسى تواضعكم الجم حين قلتم: (لسنا نحن من أسس الحركة الإسلامية في البحرين، وإنما كنا على صلة بها). ولا إيمانكم العميق حين قلتم منذ ستين سنة: (أحيانا تحتم علي الظروف أن أقوم ببعض الأعمال تجاه الدعوة التي آمنا بها، ولن يستطيع أي طاغية أو ماجن من خلعها من بيننا، إلا إذا خلع القلوب والأفئدة. ودون ذلك قطع الرقاب).

سيذكر التاريخ كيف كان إصراركم وتمسككم بثوابت الإسلام ودعوته الغراء، وحمل مشروع نهضة فكرية واجتماعية يقوم على فكر مستنير معاصر، ونشر الثقافة الإسلامية التي تعزز نهج الاعتدال والوسطية.

وسيذكر تفانيكم في العمل الدعوي، وكيف جعلتم من جمعية الإصلاح نموذجًا يحتذى في ميدان العمل الخيري، ومثالاً مشرفاً لمؤسسات المجتمع من خلال دعم العمل الخيري وتطويره إلى آفاق أرحب. فلم تكن جمعية الإصلاح مجرد جمعية أهلية، وإنما مدرسة فكرية تقوم على العمل الجماعي المتماسك مع العمل الفردي المخلص.

كل إخوانك في البحرين، وفي الخليج العربي، وفي بلاد العرب، وبلاد الإسلام يدعون لك، ويصلون عليك، ويطلبون لك الرحمة والمغفرة والرضوان. يقولون: هذا رجل عاش لله؛ ومن عاش على شيء مات عليه.

نعزي فيك شعب البحرين، وملك البحرين، وأمراء البحرين، وجمعية الإصلاح. سائلين الله تعالى أن يتغمدك بواسع عفوه ورحمته، وأن يسكنك فسيح جناته، وأن يجزيك عما قدمت لدينك ووطنك وأمتك خير الجزاء، وأن يلهم أهلك وذويك الصبر والأجر، وأن يجمعنا الله بك في جنة الفردوس.

يوسف القرضاوي

رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين

وسوم: العدد 629