أنا والعسال.. رحلة كفاح

الحاجة يسرية الزفتاوي

تعرفت على الدكتور أحمد العسال حين كان موظفًا في الأزهر وكان صديق أخي الباشمهندس محمد الزفتاوي – عليه رحمة الله – ثم تزوجنا.

وقد نشأت في أسرة متوسطة الحال متدينة ووالدتي كانت مثقفة وذكية عليها رحمة الله تعالى، أما والدي فكان تاجرًا معروفًا في طنطا.

بعد الزواج ذهبت معه إلى قطر وعشت في عاصمتها الدوحة منذ 1961م وحتس 1965م كان يسكن في الشقة المجاورة أخي في الله الشيخ يوسف القرضاوي وزوجته الفاضلة السيدة إسعاد وهي من أسرة متدينة أيضًا، وكنا متلازمين ولم أشعر بالغربة.

عملت مدرسة حساب في مدرسة ابتدائية حوالي سنتان ونصف في قطر.

في صيف 1963م ظللنا في الدوحة وذلك لأن زوجي عمل مع مجموعة من الأساتذة في تأليف كتب للمواد الدينية لتبسيطها وتسهيلها للطلبة في المرحلة الابتدائية وحتى الثانوية العامة.

ذهبنا إلى إنجلترا في 10 أكتوبر 1965م، وذلك لكي يدرس زوجي أحمد العسال الدكتوراة في كامبردج وحصل عليها في يونيه 1968م.

كانت فترة كامبردج تعتبر فترة جهادية حيث كان على الدكتور أحمد أن يتقن اللغة الإنجليزية في السنة الأولى ليستطيع أن يكتب بها رسالته، ولكي يتقن اللغة كان علينا أن نستمع الـ "B.B.C" وكان بها دروس للمبتدئين والمتقدمين باللغة الإنجليزية.

وكان علينا أن نصادق بعض الإنجليز سواء عائلات أو طالبات ونتزاور معهم لكي نتكلم اللغة.

وكان علينا أن نشتري الجرائد على الأقل جريدة يومية لقراءة الأخبار، وكذلك مشاهدة التليفزيون وأحيانًا كنا نذهب للسينما وذلك لكي نتعايش مع اللغة.

وكان على الدكتور أحمد أن يأخذ دروسًا خصوصية في اللغة مع إحدى الإنجليزيات وكنت أذهب معه في منزلها لأخذ الدروس والحمد لله أتقن اللغة في فترة وجيزة بعد إتمام الشهادة. ذهبنا للترويح عن أنفسنا في تركيا وتقابلنا هناك مع الشيخ يوسف القرضاوي وعائلته وقضينا مدة شهرين في تركيا والعجيب أن الإنسان إذا زار بلدًا إسلاميًا بعد وجوده في بلد غير إسلامي يشعر كأن كل فرد في هذا البلد الإسلامي أخوه أو أبيه أو ابنه أو ابنته يشعر بأخوة الإسلام وكنا فرحين جدًا بسماع الأذان بعد فترة 3 سنوات في كمبردج.

في أكتوبر 1968م عمل في الجامعة فترة بسيطة. ثم ذهبنا إلى لندن في 1969م وبحثنا عن بيت للمسلمين وأسسه هو وبعض إخوانه واسمه دار الرعاية الإسلامية، وهو قريب من محطة مترو بوسط لندن والآن له أكثر من 20 فرعًا، وتصلى الجمعة فيه مرتين من كثيرة عدد المصلين.

فترة السعودية:

في أكتوبر 1970م ذهبنا للرياض عاصمة السعودية ليعمل كأستاذ مساعد وأسس قسم الثقافة الإسلامية وعمل كرئيس للقسم وأعد مناهجًا لدراسة المادة لمدة أربع سنوات في جميع أقسام الجامعة.

في السنة الأولى: مدخل للثقافة الإسلامية.

الثانية: الإسلام وبناء المجتمع.

الثالثة: أسس الاقتصاد الإسلامي.

الرابعة: حاضر العالم الإسلامي.

في أواخر عام 1981م قدم استقالته للجامعة وعاد إلى مصر لحاجة العمل الإسلامي له. ثم أصدر الرئيس السادات قرارًا باعتقال الإخوان إلا أن الله نجاه من ذلك.

في 1982م ذهبنا ثانية للرياض للعمل في المعهد العالي للدعوة الإسلامية – جامعة محمد بن سعود بالرياض.

وفي أواخر سنة 84 أو 85 دعانا د. حسن حامد حسان رئيس الجماعة الإسلامية العالمية بباكستان لزيارة الجامعة وفي السنة التالية ذهبنا إلى إسلام آباد باكستان للعمل هناك.

فترة باكستان:

عمل كنائب رئيس الجامعة للشؤون الأكاديمية ثم عمل رئيسًا للجامعة، والآن يعمل مستشارًا للجامعة.

في هذه الفترة كبرت الجامعة وكثر عدد طلابها بين المئات إلى الألوف – ثم بناء الجامعة في المقر المالي والرئيس – قسم للبنات وداخلي للبنات وكذلك للطلبة، وقد أخذ ذلك جهدًا كبيرًا من د. أحمد وزملائه وهو عند الله، وكان يستعين على ذلك بأهل الخير من البلاد العربية والبترولية، كـ السعودية، وقطر، والبحرين، ودبي، والكويت، وغيرها، وكذلك بعض الجامعات ساعدته في ذلك مثل جامعة الرياض.

كان عليه أن يعمل طوال أيام الأسبوع وأحيانًا كان عليه أن يخطب الجمعة حسب جدول معين بينه وبين بعض الخطباء في جامع الملك فيصل رحمه الله في إسلام آباد وهو الجامع الرئيس في إسلام آباد.

من أسباب نجاح الجامعة:

أولاً: كان على كل من يعمل بالجامعة أن يكون قدوة حسنة، وأن يعمل لله.

ثانيًا: كان على المسؤولين أن يحسنوا اختيار الأساتذة وأظن أن أساتذة الجامعة كانوا وما زالوا من أكفأ أساتذة مصر إذ كانوا يدققون كثيرًا في اختيارهم.

ثالثًا: تواضع المعلمين وخدمتهم للطلبة ومساعدتهم وخاصة أن اللغة العربية كانت تعتبر أجنبية عليهم وكان على الطلبة أن يتقنوا اللغة حتى يعرفوا دينهم وثقافتهم والحمد لله كان وما زال بالجامعة أساتذة أكفاء في تعليم اللغة العربية لغير العرب.

لو عاد بي الزمن إلى الوراء لم أكن أستدرج شيئًا إذ كنت أفعل كل شيء حسبة لله عز وجل وأسأله القبول.

من الظروف الصعبة التي واجهتني أنه اعتقل في صيف 1962م حينما أزور أهلي بطنطا وذهبت إلى القاهرة إلى سجن القلعة حيث قالوا لي: إن جميع سجناء مصر يسجلون هناك، ولكن للأسف لم أعلم مكانه فذهبت إلى سجن طره وإلى السجن الحربي ولكن لا حياة لمن تنادي، وبعد خمسين يومًا أفرج عنه، فكان الشعور بالظلم قاسيًا بالنسبة لي.

أما عن الدكتور العسال فهو إنسان ممكن التفاهم معه رقيق لطيف المعشر. يحسن الصلة بأهله وإكرامهم وتلبية رغباتهم قدر الإمكان، وكذلك يحسن الصلة برحمه وقد يساعد الكثير من الشباب والشابات في عائلته على تيسير مصاريف زواجهم ونسأل الله القبول.

أما بالنسبة للقرآن فهو دائم الذكر لله وقراءة القرآن في بيته وخارج بيته وله خاتمة خاصة به. أما بالنسبة لي فخاتمتي حسب القدرة.

وأحمد الله أن رزقني السيد الأستاذ أحمد العسال العالم الفاضل وقد رزقه الله عقلاً حكيمًا راجحًا، وقد جاهد في تزويد نفسه بالعلم حيث كان لا يتوانى في شراء الكتب مهما كان ثمنها حتى يستزيد من رحيق الإيمان، وأنصح زوجات الداعية أمثاله بالصبر ومساعدة زوجها قد الإمكان على تهيئة مكان عمله – وكذا تهيئة المنزل لاستضافة ضيوفه في أي وقت أي يكون المنزل مستعدًا للإمداد بالطعام لأي فرد ممكن يصل في أي وقت وأن تحمد الله على نعمة الإسلام وعلى أن زوجها عالم فأفضل شيء في هذه الدنيا أن يعرف الإنسان دينه وعلى أية وجهة يتجه وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

وسوم: العدد 647