اللواء محمود شيت خطاب

توفي في مثل يوم أمس 23 شعبان 1419 المؤرخ العسكري الموسوعي محمود شيت خطاب الموصلي عن 81 عاما رحمه الله تعالى

نشأته:

ولد سنة 1919م بمدينة الموصل، ونشأ في بيت علم يتلى فيه القرآن الكريم صباح مساء، وتقام فيه الصلوات الخمس، ويضم مكتبة عامرة بالمصادر المطبوعة والمخطوطة

قرأ القرآن على أحد الشيوخ وبعد أن ختمه درس مراحل الدراسة الابتدائية والإعدادية، وحج حينما كان طالبًا في الصف الثالث من المدرسة المتوسطة سنة 1935م، فأثر أداؤه لهذه الفريضة في نفسه تأثيرًا عظيمًا. وفي سنة 1937م التحق بالكلية العسكرية ببغداد وتخرج فيها برتبة ملازم، وتخرج في كلية الأركان والقيادة العراقية، وتدرج في المناصب العسكرية، وشارك في حرب فلسطين 1948م، وبقي أكثر من سنة حتى عاد مع الجيش العراقي إلى العراق.

عرضت عليه عدة مناصب حكومية رفيعة، ولكنه اعتذر عن قبولها

مؤلفاته :

تفرغ رحمه الله كليًا للبحوث والدراسات والتأليف والتدريس في المدارس والمعاهد والجامعات العسكرية في أرجاء الوطن العربي، وشغل نفسه في مجال البحوث والدراسات والتأليف والتدريس ضمن محاور عدة من أهمها

1) محور التاريخ العربي الإسلامي من الناحية العسكرية:

وله في هذا المجال من المؤلفات: الرسول القائد، قادة فتح العراق والجزيرة، وقادة فتح فارس، وقادة فتح بلاد الشام ومصر، وقادة فتح المغرب العربي.. وغير ذلك.

وقد كانت المعاهد والكليات العسكرية تدرس المعارك الأجنبية والقادة الأجانب لطلبتها، فكان الطلاب فيها لا يعرفون شيئًا عن قادة الفتح الإسلامي ولا عن معارك الفتوحات الإسلامية، ولا عن غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وبعد مثابرة هذا الرجل لأكثر من أربعين سنة تبدل الحال، فأصبحت المعاهد والكليات العسكرية تعج بنشاطها في دراسة قادة الفتح الإسلامي ومعارك الفتوح، وغزوات النبي صلى الله عليه وسلم.

2) محور اللغة العسكرية:

وله في هذا المجال من المؤلفات: المصطلحات العسكرية في القرآن الكريم. كما اقترح – رحمه الله – توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية، ثم وضع هذا الاقتراح حيز التنفيذ؛ فعين رئيسًا للجنة توحيد المصطلحات العسكرية للجيوش العربية، واعتذر عن قبول منصب وزير المواصلات في العراق من أجل أن ينجز هذه المهمة ؛ فأتمها وأصدر المعجمات العسكرية الأربعة الموحدة، وبعد أن كانت كل المصطلحات في الجيوش العربية فرنسية أو بريطانية؛ أصبحت عربية خالصة بحمد لله تعالى.

3) محور "العدو الصهيوني":

في محاولة أن يعرف المسلمون عدوهم، وخاصة أن سبب هزيمة 1967م الجهل المطبق بالعدو الصهيوني وقلة المعلومات المتيسرة عنه، بعكس اليهود فالمعلومات لديهم غزيرة عن العرب، فكان العرب كمن يقاتل عدوه في ظلام دامس في منطقة مجهولة وهو معصوب العينين.

فبدأ اللواء محمود شيت بإلقاء محاضرات عامة عن عسكرية العدو الصهيوني، وكان أول من ألف هذا الموضوع ؛ فصدر له: الوجيز في العسكرية الإسرائيلية، أهداف العدو الصهيوني التوسعية في البلاد العربية، العدو الصهيوني والأسلحة المتطورة وغير ذلك.

رحم الله هذا الرجل الذي قام بما لم تستطع أن تقوم به مؤسسات و ترك أكثر من مائة وثلاثين كتاباً وبحثاً ، قد أثرت المكتبة الإسلامية بما لا نظير له من جهد مبارك وعمل موسوعي .

كانت له صلة وثيقة بالوزير الصالح أحمد حمزة صاحب مجلة" لواء الإسلام"، وشارك في عدد من ندواتها الشهرية ،ووصفه الأستاذ محمد أبوزهرة في تقديمه لكتاب: " بين العقيدة والقيادة":" القائد العظيم المدرك، والوزير المخلص... وقد جمع الله لصديقنا اللواء خطاب من الصفات ما تسمو واحدة منها عن سفساف الأمور، وتتجه إلى معاليها

أولها : الإخلاص في القول والعمل، وثانيها: الإدراك الواسع والعلم بما حوله،قائد يعرف خصمه، ويدرك مراميه، علم بهجوم اليهود سنة 1967 قبل أن يعلنوه، وقبل أن يقدره الذين كانوا في زعمهم يدبرون الأمور،ويلبسون لكلٍّ لبوسها

وثالثها: إيمان صادق بالله ورسوله. ولذللك يتتبع سير السالفين ويجعل منهم نورا يُهتدى به. ويكمل هذه الصفات همة عالية وتجربة ماضية وخبرة بالعلم والحروب، وخاصة ما كان بين العرب واليهود" انتهى.

وقد أفرد ترجمته الأستاذ الأديب عبد الله الطنطاوي، وتنظر ترجمته الواسعة فيما كتبه أستاذنا الفاضل الدكتور محمد فاروق البطل في تقديمه لكتاب:" قادة فتح الأندلس"51-1:7