المجاهد مصطفى السباعي

الشيخ حسن عبد الحميد

عمالقة في زمن النسيان

       " مئوية السباعي 2015 - 1915 " 

أستاذي وشيخي رحمه الله .. 

رجل من الطراز الفريد ..

كان سياسيا ومربيا وصحفيا ..

 وخطيبا مفوها وقائدا مجاهدا ...

عذب النفس .. رقيق الحاشية .. مرهف الذوق ، صافي النفس ، شهم اﻹخاء ، سريع النجدة ، علم من اﻷعلام ، ومجاهدا من كبار المجاهدين عرفت فيه الصدق واﻹخلاص .. والصراحة ومضاء العزيمة .. واﻻندفاع في سبيل العقيدة والمبدأ ..

كانت له قدم صدق ويد بيضاء في خدمة القضايا اﻹسلامية والعربية وفي مقدمتها قضيتا سوريا وفلسطين .. 

فكان على رأس كتيبة مجاهدي اﻹخوان دفاعا عن بيت المقدس ..

 رأيته باللباس العسكري على درج السراي 

في مدينة الباب .

من مواليد حمص 1915 .. حفظ القرآن الكريم قبل التحاقه بالمدرسة ..

 قاد المظاهرات ضد المحتل الفرنسي

 وهو في السادسة عشر .

في سنة 33 ذهب إلى مصر للدراسة

 باﻷزهر ونال شهادة الدكتوراة ورافق اﻹمام حسن البنا رحمه الله ..

عالما وفقيها ومجاهدا .. 

جاهد في كل مجاﻻت الحياة .. مؤسس الجماعة في سوريا .. وأول مراقب عام لجماعة الإخوان المسلمين 45 .

نادى باﻹصلاح السياسي والكفاح الوطني ورفع المظالم .. وإنشاء المدارس والمعاهد واﻷندية ومراكز الفتوة ..

حج بيت الله الحرام سنة 44 وأنشأ جريدة المنار 47 وعطلها حسني الزعيم بعد اﻻنقلاب العسكري الذي قاده بتدبير ودعم من اﻷمريكان سنة 49 .

قاد كتيبة من المجاهدين وانطلق بها إلى القدس واشترك في معركة الحي اليهودي بالقدس ومعركة القدس الكبرى .. 

وأعلنت الهدنة ..

 وعاد إلى سوريا 48 يصب جام غضبه على المأجورين والعملاء .. 

ويفضح خطط المتآمرين  ويكشف عمالة اﻷنظمة .. ويكشف قضية اﻷسلحة الفاسدة التي زود بها الجيش المصري ..

 ويشرح ماجرى من مهازل القادة العسكريين الذين كانوا تحت إمرة الجنرال كلوب اﻻنجليزي ...

وأن جيش اﻻنقاذ الذي ألفته الجامعة العربية لم يكن إﻻ جيشا لتسكين شعور العرب ولم يستطع الذود عن مدينة واحدة .. 

وأن قيادة هذا الجيش لم تخض معركة واحدة جدية في فلسطين .. 

وأن مهمة هذا الجيش ( تحطيم منظمة الجهاد المقدس ) 

ولوﻻ جهاد المتطوعين من الفلسطينيين والمصريين والسوريين واﻷردنيين من اﻹخوان لما وجد ثمة قتال حقيقي ضد اليهود ..

 بل هدنة ثم هدنة لتمكين اليهود من العرب .. وإمدادهم باﻻسلحة اﻷوربية واﻻمريكية والمقاتلين اﻷجانب لترجيح كفة اليهود على الفلسطينيين .. 

ثم تسليم البلاد وتهجير أهلها واعتقال المجاهدين المتطوعين في سبيل الله للذود عن ديار المسلمين المقدسة .

وانتهت الحرب بهزيمة الجيوش العربية .. واعتقال المجاهدين من إخوان مصر والزج بهم في السجون .

وعندما اندلعت معارك القنال بمصر طلب السباعي من الحكومة السورية سنة 52 السماح بمشاركة اﻹخوان في سوريا وأن ينضموا إلى إخوانهم في مصر في كفاحهم ضد اﻹنجليز فصدر اﻷمر باعتقاله..

 وحل اﻹخوان في سوريا من رئيس الحكومة أديب الشيشكلي وصدر اﻷمر بفصله من الجامعة السورية وإبعاده عن سوريا إلى لبنان .

عاد السباعي إلى سوريا ليخوض الحرب .. ﻻصلاح الفساد في الداخل وتربية اﻷمة من جديد على منهج اﻹسلام الصحيح .. 

فعمل على إدخال مواد التربية اﻹسلامية إلى المناهج التعليمية وأنشأ كلية الشريعة .. وشرع إلى إنشاء موسوعة الفقه الإسلامي .

واختارت دمشق الدكتور السباعي نائبا .. وسرعان مالمع نجمه كبرلماني شعبي متفوق يصدع بالحق وﻻيداري .. 

ويقارع الباطل وﻻيهادن .. 

ويترفع عن المكاسب والمغانم وﻻيساوم .. 

فاتجهت إليه اﻷنظار والتفت حوله القلوب وانتخب نائبا لرئيس المجلس .. 

وبذلت له العروض باغراء للدخول في الوزارات فرفضها مؤثرا العمل الشعبي والعيش مع مشكﻻت الجماهير .. 

قاد معركة القرآن تحت قبة البرلمان ..

 وقاد المظاهرات في دمشق من أجل الدستور وتمكن مع إخوانه من استبعاد الطابع العلماني عن الدستور ..

 وفرض الطابع اﻹسلامي على معظم

 أحكامه اﻷساسية .

في سنة 50 عين السباعي أستاذاً في كلية الحقوق وفي 51 حضر المؤتمر اﻹسلامي العام في باكستان .. 

وفي 52 طلب المشاركة كما ذكرت في حرب القنال في مصر فاعتقل وابعد عن سوريا .. في 53 حضر المؤتمر اﻹسلامي في القدس .. في 54 وقعت المحنة التي تعرض لها اﻹخوان في مصر بعد حادثة المنشية وأدخلوا السجون والمعتقلات .. 

في 55 أسس مجلة ( الشهاب ) اﻹسبوعة واستمرت بالصدور إلى قيام الوحدة .. 

وفي نفس العام حصل على ترخيص إصدار مجلة ( المسلمون ) الشهرية بعد توقفها في مصر وظلت تصدر في دمشق إلى عام 58 حيث انتقلت إلى صاحبها سعيد رمضان المصري في جنيف بسويسرا ..

 فأصدر السباعي بديلا عنها مجلة ( حضارة الإسلام ) الشهرية وظل قائما عليها حتى توفاه الله .

في 57 ذهب السباعي مع عمداء الكليات إلى روسيا بدعوة من جامعة موسكو والتقى اساتذة الدراسات الشرقية والتاريخية وناقشهم وفند مقوﻻتهم وأبطل مزاعمهم الخاطئة عن اﻹسلام والمسلمين .

وأصيب بالمرض .. 

وفي يوم السبت 1964/10/3 انتقل السباعي إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بالجهاد المتواصل .. 

وشيعت دمشق جنازته في احتفال مهيب وصلي عليه بالجامع اﻷموي .. 

وفقد العالم اﻹسلامي عالما من علمائه اﻷجلاء .. 

وأستاذا من اساتذته الفضلاء .. 

وداعية من دعاته البلغاء .. 

رحمه الله .

من كتبه : 

جهادنا في فلسطين - أخلاقنا اﻹجتماعية  - المرأة بين الفقه والقانون - هكذا علمتني الحياة - الدين والدولة  - السنة ومكانتها في التشريع اﻹسلامي - عظماؤنا في التاريخ .. وغيرها من المؤلفات .

رحمه وأسكنه فسيح جناته في مقعد صدق عند مليك مقتدر ..

 والله أكبر ... ولله الحمد .

    فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم 

                        إن التشبه بالرجال فﻻح 

( في الصورة السباعي باللباس العسكري ومعه اﻹمام حسن البنا وشاعر اﻹنسانية المؤمنة عمر اﻷميري رحمهم الله )

*******************

قالوا عن الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله تعالى

1 - قال عنه الشيخ أبو زهرة لما زار دمشق :

( إني لم أر في بﻻد الشام أعلى من السباعي همة .. وأعظم منه نفسا .. وأشد منه على اﻹسﻻم والمسلمين حرقة وألما ) .

2 - وقال عنه العﻻمة الفقيه الكبير الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله : 

( الفقيه الصابر المجاهد .. صاحب الروح المشرقة .. والبيان العذب والعقل الناضج ..

قاوم أعداء السنة فأسكتهم .. ودعاة العلمانية فأفحمهم .. كان رجﻻ في أمة .. وكان زينة الدعاة في عصره .. وقرة عين ديار الشام وابن حمص التي تفخر به ) .

3 - رأيته في فندق شبرا في مكة المكرمة مع شاب ألماني دخل في اﻹسﻻم حديثا وجاء لمكة حاجا برفقة الدكتور حسان النجار ابن مدير مدرسة قتيبة الباهلي ياسين النجار رحمه الله طلب الشيخ السباعي من حسان أن يترجم للشاب قوله : ﻻتدقق عند أخطاء يقع فيها حجاج من 40 دولة في العالم ومن أجناس مختلفة .

4 - كان رحمه الله يدرسنا مادة قاعة البحث في الفسحة سمعت صوت رصاص وجموع تتدافع فهمت أن صداما بين العلمانيين واﻹسﻻميين .. خفت على شيخنا وكان جالسا يصلي المغرب .. استمع إلي فلما انتهيت رفع يديه وقال الله أكبر .. ودخل في لقاء مع الله .

5 - لما حضر إلى مكة 64 حمله الشباب على المحفة وطاف محموﻻ على اﻷكتاف .. وتذكر من قراءته أن نوعا من عجوة المدينة المنورة فيها شفاء .. بعث فجلبها وأكلها معتقدا صدق رسول الله وانفعل واهتز .. ثم طلب من الشباب أن يأخذوه إلى الحرم .. فطاف طواف الوداع على رجليه رحمه الله .. ﻻيملك إﻻ من رآه إﻻ أن يقول الله أكبر .. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد هذه قصة ليست رواية عن عوام .. بل أنا شاهد عيان .. 

طواف القدوم محموﻻ وهو المصاب بالشلل النصفي الذي أعجز كل أطباء العالم .. وأسالوا الدكتور حسان عن ذلك فقد كنت معه لما زرنا الشيخ السباعي في فندق شبرا بمنطة أجياد بمكة المكرمة .

 - من أقوال السباعي .. رحمه الله :

1 - ما أكفره من طبيعة الإنسان - إلا من رحم الله - أن يطالب بالحريه والعدالة والكرامة حين يكون ضعيفا مضطهدا .. فإذا قوي وتحكم كان طاغيه جائرا .. مذلا الكرامات الرجال . 

ما رأيت سياسيا لا يكذب .. ولا عسكريا لا يتغطرس .. ولا غنيا لا يبطر .. ولا حديث نعمة لايسخف ..

2 - ماعجبت لشئ .. عجبي من يقظة أهل الباطل واجتماعهم عليه .. وغفلة أهل الحق وتشتت أهوائهم فيه ..

3 - وقال : إذا لم يحسن الأخيار طريق العمل سلط الله عليهم الأشرار ..

4 - وقال : من أطمأن إلى القوة فهو مغلوب ...ومن أطمأن إلى الجاه فهو مخلوع .

5 - وقال : لاتتأخر عن كلمة الحق بحجه أنها لا تسمع .. فما من بذره طيبه إلا ولها أرض خصبه .. 

ليس عليك أن يقتنع الناس برأيك الحق .. ولكن عليك أن تقول للناس ماتعتقد أنه حق .

6 - إن للحق جنودا يخدمونه ... منهم الباطل .

7 - لو أيقين الظالم .. أن للمظلوم ربا يدافع عنه لما ظلمه ..

 فلا يظلم الظالم إلا وهو منكر لربه .

8 - رثاه الشاعر الأديب محمد الحسناوي رحمه الله بقصيدة رائعة منها : 

كم جاء يخطب كل عمﻻق ودا

                      دك بالمنى واﻷصفر الرنان 

كم دولة كبرى دعتك فما استجبت 

                        لغير صوت الحق واﻹيمان

ومشيت إذ قعد  الورى 

              لتغيث أرض اﻷنبياء بغيثك الرباني 

بكتائب الرحمن تجتاح اليهو

                      د تذود عن دين وعن أوطان 

فيك اﻷبوة والقيادة والتقى 

                        والعلم واﻹخﻻص للرحمن 

فيك الجهاد شجاعة وريادة 

                        لله كم أصفاك من إحسان 

أو لست من هز المنابر والعرو

                     ش وزلزل الطاغوت باﻹيمان

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته في مقعد صدق عند مليك مقتدر .

وسوم: العدد 654